icon
التغطية الحية

مطاعم دمشق.. فواتير جنونية والغش على عينك يا تاجر

2022.03.26 | 06:57 دمشق

new-project-2-6.jpg
عجز كثيرٍ من السوريين على ارتياد المطاعم والكافتريات التي أصبحت حكراً على الأثرياء فقط - فيسبوك
إسطنبول - هاني العبد الله
+A
حجم الخط
-A

"المطاعم لم تعد لنا".. جملةٌ قصيرة تحمل في طياتها غصةً كبيرة، يُعبّر من خلالها "أبو فواز" من سكان حي الميدان في دمشق، عن عجز كثيرٍ من السوريين عن ارتياد المطاعم والكافتريات، التي أصبحت حكراً على الأثرياء فقط، في ظل الغلاء الفاحش الذي طالها، في وقتٍ كانت فيه تلك الأماكن سابقاً في متناول أغلب فئات المجتمع، وبمثابة فسحةٍ لهم للترويح عن أنفسهم من ضغوطات الحياة.

 

ارتفعت كلفة زيارة المطاعم مؤخراً بشكلٍ كبير، ولاسيما عقب الحرب الروسية الأوكرانية، التي أرخت بظلالها على أسعار المواد الغذائية وعلى رأسها الزيت النباتي، الذي يعتبر مادةً أساسية في المطاعم.

قرر أبو فواز الأسبوع الماضي اصطحاب زوجته الى أحد المطاعم في باب توما، لكن تعرّض لصدمةٍ كبيرة حين طلب قائمة الوجبات (المينو)، حيث قام بعمليةٍ حسابيةٍ سريعة في ذهنه، لتقدير كلفة وجبتي كرسبي مع عصير وبعض المقبلات الخفيفة".

يقول أبو فواز لموقع "تلفزيون سوريا" "اكتشفت أن الغداء لشخصين سيُكلّف مئة ألف ليرة سورية، أي ما يعادل راتب شهر كامل، ولم يكن في جيبي سوى 50 ألفاً، كان موقفاً محرجاً جداً، لذا اتفقت مع زوجتي أن ندّعي أنه حصل معنا ظرفٌ طارئ ومضطرون للمغادرة فوراً. تناولنا سندويش الفلافل الذي أصبح سعره باهظاً أيضاً، لكن يبقى أقل كلفةً من المطاعم التي يبدو أنها لم تعد من حقنا".

"أم فادي" من أهالي حي الزاهرة، صُدمت أيضاً بالأسعار عند زيارتها لمطعم "اليسار" في باب توما، لكنها كانت مضطرةً للدفع كي لا تُحرج أمام صديقاتها، ولاسيما أن هذا الشهر كان دورها في العزيمة.

تقول أم فادي "ذهبت مع صديقاتي الثلاث إلى المطعم، وكل شخصٍ منا طلب طبقاً رئيسياً مختلفاً وهي: وجبة كرسبي (18500 ليرة)، كوردون بلو دجاج (19 ألفاً)، كوردون بلو لحم (25 ألفاً)، وجبة مشاوي

(22 ألفاً)، صحن بطاطا (5 آلاف)، أربعة أكواب عصير (الكوب بـ سبعة آلاف)، أربع زبادي شوربة دجاج (الصحن بـ 7500)، تبولة عدد 2 (6500)، يلنجي (6250)، كبة مقلية عدد 4 (القرص بـ 3 آلاف)، عبوة مياه عدد 2

(2500)، محارم (1500).

تضيف أم فادي "بعد الغداء طلبنا أربعة أكواب شاي (3250 ليرة)، وأربع أراكيل (8 آلاف)، وحين جاء الحساب كانت الكارثة، حيث بلغت الفاتورة 219400، وأضيف لها ضريبة إنفاق استهلاكي بـ 10970 ليرة، وضريبة إعادة إعمار بـ 1097، وضريبة إدارة محلية بـ 548، وبالتالي أصبح المجموع العام للفاتورة، 232 ألف ليرة"، لافتةً إلى أن "فاتورة العزيمة السابقة بلغت 420 ألفاً".

 

44ce0165-5baf-4400-99aa-32ccd17153a5.jpg
فاتورة غداء لشخصين في أحد مطاعم دمشق تبلغ أكثر من 275 ألف ليرة سورية

أسباب غلاء فواتير المطاعم

ارتفاع أسعار المأكولات والمشروبات مؤخراً، طال المطاعم الراقية، إلى جانب مطاعم الوجبات السريعة والشعبية، ولاسيما بعد رفع حكومة النظام أسعار اللحوم الأسبوع الماضي، حيث أصبح سعر الفروج المذبوح والمنظف 9900 ليرة.

أما الشرحات المقطّعة "شيش" 15750 ليرة، لحم الشاورما 14800، صدر بعظمه 11600، فخذ 7500-9900، جوانح 8400، سودا 15300 ليرة.

أبو فريد صاحب مطعم للوجبات السريعة في دويلعة، يُرجع ارتفاع الأسعار إلى عدة أسباب، أبرزها غلاء تكاليف المكونات اللازمة لتحضير المأكولات، وعلى رأسها الزيت النباتي، الذي يشهد ارتفاعاتٍ مستمرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أصبح سعر تنكة الزيت ما بين 400-500 ألف ليرة، إلى جانب غلاء أسعار اللحوم والبطاطا".

وأضاف أبو فريد لموقع "تلفزيون سوريا" أنه "نعاني كذلك من صعوبة تأمين أسطوانات الغاز، ونضطر لشرائها من السوق السوداء بمبلغ يتراوح بين 180-200 ألف، فالغاز مادة أساسية كالزيت النباتي لا يمكن أن يعمل المطعم من دونهما، إضافةً إلى مصروف المولدة الكهربائية والضرائب التي تفرضها المالية، والأهم من ذلك ارتفاع الدولار المتواصل، كل تلك الأمور تجبرنا على رفع الأسعار".

وكشفت صحيفة "الوطن" الموالية مؤخراً نقلاً عن مصدرٍ في جمعية معتمدي الغاز في دمشق، عن تأخر تزويد المعتمدين بالغاز من فرع دمشق وريفها للغاز لنحو شهر، مشيرةً إلى وجود نقص في وزن أسطوانات الغاز يصل إلى 400 غرام في كل أسطوانة.

وقبل شهرين أصدرت وزارة المالية في حكومة النظام، قراراً ألزمت من خلاله جميع أصحاب المطاعم باستخدام تطبيق رمز التحقق الإلكتروني للفواتير، أي ربط هذه المنشآت بشكلٍ مباشر مع إدارة الضرائب.

وينص القرار على فرض رسم الإنفاق الاستهلاكي على الزبون الذي سيدفعه مع الفاتورة، ويُقدّر بـ 5-10% من قيمة الفاتورة، بحسب درجة المطعم.

وذكر موقع "الاقتصاد اليوم" الموالي، أن "هذا الإجراء من شأنه رفع أسعار الوجبات الحالية، لكون المطاعم ستعمل على جباية الضرائب من المواطنين لصالح المالية.

 

a51b85d7-13fb-41d5-ac83-0fc8d5ef2198_0.jpg
فاتورة لشخصين من دون طعام غداء أو عشاء تصل أكثر من 161 ألف ليرة سورية

 

احتيال وغياب النظافة

اشتكى رواد المطاعم من حالات غش وإهمال وسط غياب الرقابة، تقول "هبة" طالبة في كلية الحقوق بجامعة دمشق "ذهبت إلى مطعم في البرامكة لتناول الفطور مع زميلاتي، وحين طلبنا الفاتورة تفاجأنا أن هناك أشياءً أضيفت على الفاتورة لم نطلبها، وحين أخبرنا المحاسب عن ذلك اعتذر لنا، وقال إنه خطأ غير مقصود".

تضيف هبة أنه "بعد شهرين ذهبت مجدداً للمطعم ذاته، والغريب أنه تكرر معي الشيء نفسه، كما حصل مع صديقتي مسبقاً، حينها علمت أن صاحب المطعم يتّبع هذا الأسلوب دوماً، ففي حال لم ينتبه الزبون يكون قد نجح في الاحتيال عليه، وفي حال انتبه يعتذر له صاحب المطعم ويُعدّل الفاتورة".

من حالات الغش الغريبة في المطاعم، قصة رواها باحثٌ اقتصادي موالٍ يُدعى "شادي أحمد"، من خلال منشورٍ على صفحته في موقع "فيس بوك" في شباط الفائت.

وذكر شادي أنه قصد مطعماً في باب شرقي، حيث فاجأه النادل (الكرسون) بالسؤال فيما إذا كان سيجلس على الطاولة بمفرده أم بصحبة شخص آخر، وبعد تأكيد "شادي" أنه يعتزم تناول طعامه بمفرده، طالبه صاحب المطعم عند دفع الحساب بتسديد فاتورة عن شخصين!

عمليات الغش والاحتيال في مطاعم دمشق، لم تقتصر على الفواتير فحسب، بل طالت الأكل نفسه، وأفاد عامل في أحد المطاعم، فضّل عدم ذكر اسمه، أنه كان يعمل في مطعم بمنطقة المزة "ورغم أنه مصنّف على أنه أربع نجوم، لكنني صُدمت من حجم القذارة والإهمال عند تحضير الوجبات في المطبخ".

يضيف المصدر ذاته "الطهاة يعملون دون ارتداء القفازات والقبعة، والخضراوات واللحوم والمعدات لا تُغسل أبداً. الروائح كريهة جداً في المطبخ، لكن يتم التحايل في تحضير الوجبات عبر الإكثار من التوابل والخل خاصةً على اللحوم".

كذلك نشرت إحدى الصفحات الموالية، حادثة حصلت مع مواطن تعرّض للتسمم في أحد مطاعم باب توما، وأرفقت مع المنشور اسم المطعم وصورة للتقرير الطبي الذي يُثبت تعرّض المواطن للتسمم بسبب وجبة كباب فاسدة.

وأشارت الصفحة إلى أن المواطن المدعو "محمد طارق الشيخ" قدّم شكوى ضد صاحب المطعم، لكن تبيّن أن الأخير شخص متنفذ، لذلك لم يُتخذ أي إجراء بحقه.

وفي شباط العام الماضي، كشف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك "طلال البرازي"، عن ضبط خمسة أطنان من اللحوم الفاسدة، غير صالحة للاستهلاك البشري في مستودعٍ بدمشق، كان يُخدّم أكثر من 11 مطعماً من أفخم مطاعم دمشق.