icon
التغطية الحية

مسلسل "اختطاف ـ Hijack".. إدريس ألبا يقود مهمة غير رسمية لإنقاذ طائرة "كينغدوم"

2023.08.21 | 19:46 دمشق

آخر تحديث: 21.08.2023 | 22:13 دمشق

إدريس ألبا
تلفزيون سوريا ـ وائل قيس
+A
حجم الخط
-A

يتمتع  إدريس ألبا بمسيرة مهنية وضعته في خانة نجوم الصف الأول في عالم صناعة الترفيه، لكن هذه المسيرة التي بدأت منذ أكثر من 25 عاماً لم تكن كافية لخلافته دانيال كريغ في الحصول على شخصية العميل البريطاني الشهير جيمس بوند على الشاشة الكبيرة، بعد الأصوات العنصرية التي رفضت تأدية ممثل أسود البشرة لشخصية العميل البريطاني. وفي النهاية قرر ألبا الانسحاب من سباق المنافسة على تمثيل الشخصية سينمائياً.

قد يكون عدم حصول ألبا على دور جيمس بوند ضربة لصناعة الترفيه العالمية في الوقت التي تركّز معظم أعمالها على التنوّع والشمول، بما فيها شركة أمازون الجهة المالكة لشركة إم جي إم صاحبة امتياز سلسلة أفلام جيمس بوند. لكن خدمة البث العالمية آبل تي في بلس كان لها رأي آخر، باختيارها ألبا لقيادة مسلسل الدراما والإثارة الناجح "Hijack" (اختطاف) المكوّن من سبع حلقات (انتهى عرضه مطلع الشهر الجاري، وكان ضمن قائمة المسلسلات الأولى الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة حتى عرض الحلقة الأخيرة.

مسلسل "Hijack" الذي وصل إلى آبل بلس من إخراج جيم فيلد سميث وابتكار جورج كاي، والأخير ذاعت شهرته بعد النجاح الذي حققه مع مسلسل الجريمة الفرنسي "Lupin"، يروي قصة سام نيلسون (إدريس ألبا) الذي يصادف أنه مسافر على متن الطائرة كينغدوم 29 من مطار دبي إلى مطار هيثرو في لندن في رحلة كان من المفترض أن تستمر لسبع ساعات، بعدد حلقات المسلسل، إلا أن مسارها يأخذ منعطفاً مرعباً بعد اختطافها من قبل خمسة أشخاص بريطانيين، تفرض على المسافرين والمسافرات المتنوعين ثقافياً واقتصادياً التعاون معهم للنجاة بأنفسهم من الكارثة التي يجهلون نهايتها.

تلخص الحلقتان الأولى والثانية حقيقة ما يجري على متن الطائرة كينغدوم 29 بعد اكتشاف فتاة مراهقة لرصاصة في مرحاض الطائرة، وتقدم لمحة سريعة عن الحياة الاجتماعية للشخصيات الرئيسية. يواجه سام مشاكل عائلية مع زوجته السابقة أستاذة الفيزياء مارشا (كريستين آدمز)، والتي بدورها تعيش خلاف مع ابنهما المراهق جيمي (جود كودجو) بسبب علاقتها العاطفية مع المحقق دانيال (ماكس بيزلي). وفي السماء يؤدي اكتشاف الرصاصة إلى تغيير في مخطط الخاطفين الذين قرروا تقديم عملية الخطف لساعتين، بعدما كان مقرراً أن تبدأ بعد ثلاث ساعة من إقلاع الطائرة.

أيضاً، تكشف الحلقتان الأولى والثانية أن منفذي حادثة الاختطاف خططوا لكل شيء بحذر ومهارة شديدين، منذ مرحلة عبور نقاط التفتيش وصولاً إلى الطائرة مع ركابها، ومحاولة إخفاء حادثة الاختطاف عن وحدة مكافحة الإرهاب في بريطانيا من أجل الحصول على مطالبهم، لكن هذه المحاولات تصطدم برسالة مشكوك في صحتها تصل من سام إلى مارشا يخبرها باختطاف الطائرة، يتداخل فيها الشخصي مع العام. وفي هذا الجانب تظهر البيروقراطية وسوء التعامل مع مثل هذه المواقف ليس فقط لدى المسؤولين البريطانيين، بل لدى مارشا ودانييل بظنهما أنها مجرد محاولة فاشلة من سام للحصول على اهتمام زوجته السابقة.

يحاول سام استخدام مهارته كمفاوض لجذب اهتمام متزعم عملية الخطف ستيوارت (نيل ماسكل)، كان قد استخدمها في المشهد الافتتاحي بعد إقناعه لموظفة مطار دبي بالسماح لأحد الركاب الذين تأخر عن موعد الطائرة بالدخول طالما يمكنه ذلك، فهو كما تعرف عنه مارشا تقوم الشركات الكبيرة بعد إنهاء عمليات الاستحواذ باستدعائه عند مرحلة التنفيذ "لأنه أفضل من يدير الأمر". هذه المهارة نفسها كانت السبب في نجاة سام خلال الرحلة التي مرّت بمنعطفات صعبة، وتسببت بمقتل موظفيّن إماراتيين في دبي لإخفاء أثار الخاطفين، بالإضافة إلى إحدى راكبات الطائرة، بينما تحاول المحققة في وحدة مكافحة الإرهاب زهار (أرشي بنجابي) التحقق من صحة اختطاف الطائرة.

ينتقل كاي في سرد القصة بين السماء والأرض، إذ فيما يحاول سام السيطرة على الاضطرابات التي تحدث داخل الطائرة بمحاولة التقرب من الخاطفين، والتفكير بطريقة يوصل فيها رسالة تؤكد اختطاف الطائرة، فإن المسؤولين البريطانيين لا يمكنهم تجاوز العوائق البيروقراطية التي تمنعهم من تأكيد ذلك، لكن اتصال من المسؤولة في قسم المراقبة الجوية أليس (إيفلين مايلز) يقطع الشك باليقين بعد اكتشافها لمجموعة رسائل مشفرة يحاول فيها قبطان الطائرة روبن (بن مايلز) إيصالها إلى الأرض.

يعتمد الخاطفون على مضيفات الطائرة لإبلاغ الركاب بطلباتهم التي تفرض عليهم الصمت وعدم التنقل، من المضيفات إلى مساعدة قبطان الطائرة آنا (كيسا هامارلوند)، يظهر جميع أفراد الطاقم كأبطال يحاولون التكيف مع حادثة الاختطاف، وتلبية احتياجات الخاطفين للحفاظ على حياتهم. على الطرف الآخر يحاول سام استخدام لعبة فيديو على أنظمة الطائرة للتواصل مع روبن بغرض معرفة آخر التطورات، وهي فعلاً تساعده على منع قصف المقاتلات العراقية للطائرة بعد دخولها المجال الجوي للدولة الخليجية.

يعيد "Hijack" للأذهان الهجوم "الإرهابي" الذي ضرب برجي مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأميركية في 11 أيلول (سبتبمر) 2001، حيثُ توصلت القوى العالمية بعد الهجوم إلى قرار يلزمهم بقصف الطائرات المدنية التي تمثل تهديداً في السماء. يعلم سام ذلك جيداً نظراً لخبرته كمفاوض، عندما يرفض ستيورات أن يرد روبن على استفسارات الرقابة الجوية لمطار بغداد، يوضح سام خطورة الموقف بالقول: "إذا استشعروا وجود خطب ما، فسيرسلون طائرات حربية. وإذا فعلوا ذلك فسيقذفوننا بالصواريخ".

يكشف كاي من وراء شخصيات "Hijack" عن التعقيدات التي يواجهها الأشخاص للنجاة بأنفسهم في مثل هذه المواقف العصيبة، فقد ذكر في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن فكرة المسلسل جائته في أثناء سفره بالقطار من لندن إلى باريس، موضحاً أنه عندما توقف القطار فجأة في نفق المانش بدأ التفكير حول الطريقة التي سيتعامل فيها المسافرين في المقصورة مع الأحداث الخطيرة في حال حدوثها. تنعكس هذه الطريقة ليس فقط بين المسافرين الذين يفشلون في تنظيم أكثر من محاولة تمرد على الخاطفين، لكن تمتد أيضاً إلى الأرض في طريقة تعامل المسؤولين البريطانيين أنفسهم مع حادثة من هذا النوع، فالأمر في النهاية - كما يرى كاي - محاولة لتقديم مجموعة أفكار حول طريقة تعامل الأشخاص مع مثل هذه المواقف.

تبرز هذه العملية في شخصية سام أولاً، وفقاً لحديث ألبا مع الصحيفة الأميركية نفسها، فإنه لم يكن يرغب بتقديم شخصية "البطل" في "Hijack"، إنما أراد تقديم شخصية "ضعيفة وهشة"، وهو نجح بذلك بتقديمه شخصية تعتمد على القوة الفكرية بدلاً من القوة البدنية، إذ إنه في كل مرة يثبت للخاطفين أنه يتعاون معهم للنجاة بنفسه، أنه تجسيد تام لطبيعة النفس البشرية التي تريد البقاء على قيد الحياة في أشد المواقف صعوبة، ونشاهدها بشكل واضح على ملامح وجه ستيورات عندما أخبره بذلك في الحلقة الأولى، وهي اللحظة التي بدأ ستيوارت يشعر بأنه فقد السيطرة على عملية الاختطاف.

وهذا الأمر لا يقتصر فقط على سام، فنحن نكتشف أن المسؤولين البريطانيين يريدون تحقيق مكاسب سياسية في مناصبهم في حال استطاعوا إنهاء عملية الاختطاف، ويظهر ذلك بوضوح في الصراع بين وزيرة الخارجية لويز (هاتي موراهان) مع رئيسة الوزراء بعدما حاولت لويز حجب حادثة الاختطاف عنها، ولاحقاً في صراعها مع وزير الداخلية نيل والش (نيل ستوك) حول رفضه التفاوض مع الخاطفين، وقصف الطائرة في السماء بعد دخولها الأجواء البريطانية. ومثلها نجد المحقق دانييل يريد استغلال موقف حادثة الخطف لإعادة التواصل مع حبيبته السابقة زهار، وتصحيح العلاقة معها. حتى الخاطفين أنفسهم، ومجموعة صغيرة من الركاب نكتشفها لاحقاً، لديهم أسبابهم التي جعلتهم يوافقون على تنفيذ عملية الاختطاف مدفوعين بحماية أقاربهم من القتل.

ومع ذلك، فإن "Hijack" يقدم مثالاً على نمطية الغرب بشكل عام، والمملكة المتحدة بشكل خاص، في وصف مثل هذه الحوادث الإرهابية، والتي يقدمها كاي في الحلقة الخامسة من خلال الحوار بين وزيرة الخارجية ووزير الداخلية، إذ بينما يصف الأول الخاطفين بـ"الإرهابيين"، فإن الثانية ترفض بحدة هذا الوصف مؤكدة على أنه يجب وصفهم بأنهم "جماعة جريمة منظمة" لأنهم مواطنين بريطانيين. يذكرنا هذا المشهد بالحلقة الحلقة الأولى أيضاً عندما يظن أحد الركاب أن جادن (محمد الصندل) من الإرهابيين الشرق أوسطيين بسبب لون بشرته، قبل أن يتضح أنه بريطاني الجنسية مثل جميع الخاطفين، وهي أفكار نمطية يتم بناء أي تحقيق عليها لمثل هذه الحوادث في حياتنا الواقعية.

بالتأكيد، لا يمكننا تجاهل أن قصة "Hijack" مبنية بحبكة متوازنة وزعت فيها مدة الرحلة على عدد حلقات المسلسل، يرتفع فيها منسوب الأدرينالين والتشويق مع بداية ونهاية كل حلقة. لكن هذا لا يعني وجود بعض الثغرات أو المشاهد التي كان يمكن الاستغناء عنها في مقابل إضفاء المزيد والإثارة على القصة. منها على سبيل المثال لا الحصر، كان يمكن تقديم المزيد من المشاهد التي تدخل سام في مواجهة مع ستيوارت، بدلاً من التركيز على القصص الفرعية التي تحدث داخل وحدة مكافحة الإرهاب في لندن، أو حتى قصة احتجاز الخاطفين لجيمي في منزل والده التي لم تكن مبررة طالما أنه لن يكون هناك خسائر، وانتهت بعملية اعتقال باهتة أو غير مقنعة، على عكس ما حصل مع موظفي مطار دبي الذي انتهى بهم المطاف مقتولين.

على سبيل الخاتمة

إذا كان رامي مالك قد أثبت عندما أدى شخصية سافين في فيلم "No Time to Die" أن الشخصية الشريرة يمكنها الاعتماد على القوة الفكرية بدلاً من القوة البدنية لتحقيق أهدافها، فإن أدريس ألبا يثبت أيضاً في "Hijack" أن البطل يمكنه الاعتماد على طريقة مالك نفسها لإنقاذ ركاب الطائرة كينغدوم 29. فهو من خلال الحوارات المقنعة التي تدور مع الخاطفين - بما فيهم ستيوارت الذي أثبت بعد نهاية كل حلقة أنه غير مؤهل لمثل هذه المهمة - كان يؤكد في كل مشهد يظهر فيه أن كلماته ومقترحاته التي يقدمها للخاطفين، والركاب الذين ظنوا في البداية أنه يتعاون مع الخاطفين، لا يمكن نسيانها أو تجاهلها على الرغم من أنها تعمل من أجل مصلحته الشخصية في البقاء على قيد الحياة.