مرسوم المساعد "جميل"

2022.04.02 | 06:18 دمشق

0201606271035871.jpg
+A
حجم الخط
-A

سخر السوريون بقانون تجريم التعذيب الذي أصدره نظام الكبتاغون قبل يومين، وأكثر الساخرين ناجون من الموت تحت التعذيب، لعل صناعة الكبتاغون أثرت في صانعها، فأصدر القانون المذكور، وأجزم أنه اعتراف مضمر بالتعذيب.

وذكر بعض المحللين أسبابا لإصدار القانون المذكور منها التوطئة لعودة سوريا إلى العرب أو انتزاعها من حضن الإيرانيين، عسى أن يكون النظام شفيعا عربيا لدى إيران ووسيطا بين الحوثيين وبين التحالف فقد جعل الحوثيون ليل السعودية نهارا من الحرائق. وكأنّ أصحاب الأحضان العرب لا يعذبون في معتقلاتهم، بل إنّ أسباب عودته إليهم، هو صنائع المعروف التي بذلها في فنون مكافحة "الإرهاب".

ليس التعذيب أو سوء السمعة الدولية ما يعيق عودة نظام الكبتاغون إلى الحضن العربي، من بوابة الإمارات التي رفعت أمس نجمة داوود فوق برجها الأعلى في العالم، وقد اجتمع في الإمارات العربية "الشتيتان"، قد يكون السبب في إصدار القانون أن النظام عاد من الحرب على شعبه منتصرا، ويريد أن يتفرغ للجهاد الأكبر بعد أن دحر الإرهاب وتغلب على 83 دولة تآمرت عليه وكادت له المكائد، فقام بعمل صيانة للمراسيم القديمة المتهالكة، يزيّن بها دستوره.

القانون يضمر اعترافا بالتعذيب، فقد حصل كثير من أهالي المعتقلين على وثائق وفاة ذويهم المعتقلين بالسكتة القلبية، السكتة القلبية كناية عن الموت تحت التعذيب، لعلها أخطاء فردية وقعت فيها الجهات المختصة التي تغار على الوطن قد تتأوّل فتخطئ، أو ينتابها حماس وهمّة فتقتل، هناك أمور تسبب السكتة القلبية في معتقلات النظام، لعل المرسوم صك غفران لكل الجهات المختصة التي أخطأت وقتلت تحت التعذيب.

التعذيب في معتقلات النظام موثق بآلاف الشهادات المصوّرة والصفحات المكتوبة، بل إنّ مسلسلات النظام ومسرحيات ممثليه وفنانيه ومسلسلات بقعة ضوئه ومراياه تقرّ به

وقد صدر "قانون النيل من هيبة الدولة أو قانون بيت العنكبوت" قبل "قانون تجريم التعذيب" أو قانون المساعد "جميل"، ووجد قانون "بيت العنكبوت" فورا طريقه للتطبيق والنفاذ، فأغلق كثير من الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي صفحاتهم حتى أنّ ناشطا مواليا جعله فقدان أولاده لا يخاف الموت، أعلن الكفَّ عن إصدار فيديوهات خوفا من بعبع المرسوم المعدّل، فجلده رقيق ولا يتحمل التعذيب، التعذيب في معتقلات النظام موثق بآلاف الشهادات المصوّرة والصفحات المكتوبة، بل إنّ مسلسلات النظام ومسرحيات ممثليه وفنانيه ومسلسلات بقعة ضوئه ومراياه تقرّ به.  

قد يكون سبب إصداره قانون تجريم التعذيب ليس صحوة ضمير، أو توبة مذنب، أو تشجيع الشعب على النقد وإبداء الرأي، وليس تطعيما ضد الخوف، فقد صدر قانون النيل من هيبة الدولة الموقرة قبل أيام من صدور قانون تجريم التعذيب حتى يحدّه ويصده، لا بأس بتزيين الدستور ببعض الورود الصناعية، ربما يكون تقليم براثن الجهات المختصة التي طالت مخالبها كثيرا سببا، فالتعذيب يسبّب الإدمان.

عندما يتولى الدكتاتور الحكم، ويبطش بأعدائه، يحلم بصفحة جديدة من نور، هكذا كانت ثورة الثامن من آذار التي تذكر في أدبيات البعث وكأنها فجر الخليقة، هي ثورة غامضة قادها مجهولون، وقضت على الإقطاع والبرجوازية، وكذلك كانت الحركة التصحيحية المباركة، البنت الثانية لثورة آذار المجيدة، وقد ابتدع المؤرخون وصف الجمهورية الثانية لولاية بشار الأسد في الألفية الثانية، لكن الدكتاتور غالبا ما يجد أهل المغدورين يسعون للثأر، فيبدأ مذبحة جديدة ويحلم بصفحة جديدة..

أغلب الظن أن الدكتاتور يحلم ببناء مدينة فاضلة، بعد قهر أعدائه والتغلّب عليهم، وقد خلت له الديار، وتجانس شعبه لمدينة السعادة، حيث الحياة شرائط حريرية، وأهازيج أمهات، وزغاريد صبايا.

إبان تولي بشار الأسد "الجمهورية الثانية" وارثا جمهورية أبيه الأولى، وُصف برجل المعلوماتية، في الصحافة المحلية والعربية والعالمية أيضا، ثم ما لبث أن أطلق مشروع التحديث والتطوير، ورسم بعض المراسيم فوجد أنها لا تطبق واعترف بذلك.

المرسوم كمين أيضا؛ أيها العائد إلى حضن الوطن إذا اعتقلت فلن تموت تحت التعذيب

ثمة وقائع جديدة، فقد تجد المراسيم في حلتها الجديدة القشبية طريقها الى التنفيذ بعد معركة التأسيس الجديدة، ولعله يريد تأسيس الجمهورية الثالثة، في كل مرحلة لا بد من معركة تأسيس، وقد وقعت المعركة، والمرسوم هو للشعب الجديد المتجانس أما مرسوم النيل من هيبة الدولة فهو للشعب القديم.

المرسوم كمين أيضا؛ أيها العائد إلى حضن الوطن إذا اعتقلت فلن تموت تحت التعذيب، فالمساعد جميل ازداد جمالا.

 تفضل.. إن لم تمت من الجوع فستموت من القهر.