icon
التغطية الحية

مربي نحل سوري يؤسس جمعية لدعم الصحة العقلية لدى اللاجئين في المملكة المتحدة

2022.08.16 | 10:05 دمشق

اللاجئ السوري علي الزين الذي يعمل في مجال تربية النحل لدعم اللاجئين في بريطانيا
اللاجئ السوري علي الزين الذي يعمل في مجال تربية النحل لدعم اللاجئين في بريطانيا
كينت لايف - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

"لماذا لا تربي النحل؟" هذا ما قاله جد علي الزين له ذات يوم، بما أنه كان يطمح ليبدأ من جديد، وذلك عندما شرع بتعلم جميع الأمور الأساسية التي تتعلق بتربية النحل قبل أن يحصل على أول خلية نحل له ليقوم بتربيته في حديقة بيته.

تعود أصول علي إلى سوريا، لكنه يقيم اليوم بالقرب من سيفينأوكس، وقد بدأ هذا الشاب البالغ من العمر 36 عاماً بتربية النحل في لندن ليساعده ذلك على تجاوز أزمات نفسية بما أنه كان يعاني من كرب ما بعد الصدمة، لأنه شهد ويلات الحرب والمآسي في مخيمات اللاجئين، وعن ذلك يقول وهو يتذكر أول يوم له بعد وصول النحلات لبيته: "كان ذلك بمثابة علاج ناجع".

يذكر أن هذا الشاب ترك عمله في مجال صناعة الألبسة وأسس جمعية النحل واللاجئين في شباط 2020، في الوقت الذي بدأت فيه المملكة المتحدة تسجل أعداداً كبيرة من الإصابات بفيروس كورونا، وكان هدف تلك الجمعية تقديم الإغاثة العلاجية للاجئين الذين عاشوا الرحلة ذاتها وتعرضوا للصدمة نفسها التي تعرض لها علي بعد تدمير مدينته الأم.

Ali launched Bees & Refugees in 2020

علي بعدما أنشأ جمعيته في عام 2020

 

يحكي لنا علي عن تجربته فيقول: "كان ذلك أشبه بعلاج شاف، فقد تعودت أن أتناول طعام الإفطار كل صباح بجانب خلية النحل لدي، وأعتقد أن إدراكي بأن الشفاء يتم عبر ذلك كان السبب الذي دفعني لترك عملي، فقد عانيت شخصياً من كرب ما بعد الصدمة، إلا أن الوقت الوحيد الذي أشعر خلاله بالراحة هو ذلك الوقت الذي أمضيه بالقرب من النحلات، فقد تحول ذلك الموقع إلى مكان للتشافي بالنسبة لي".

 

Ali said keeping bees is 'therapeutic'

علي وهو يربي النحل بدافع علاجي

 

يذكر أن الجمعيات التي تقدم الرعاية الصحية مثل مشفى الأمراض العقلية والنفسية المركزي بأيرلندا اكتشف أن تربية النحل تحسن من نوعية وجودة الحياة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مرض نفسي شديد يعيق سير حياتهم، وعن ذلك تقول الدكتورة كارين آلتون من جامعة ساسيكس: "إن الهدوء والتأمل يساعد المرء على تركيز ذهنه من نواح عديدة، وهو وسيلة مفيدة للتخفيف من آثار المشكلات الصحية والنفسية".

إقامة عمل ثم لجوء

كان علي يقيم في دمشق إلى أن بلغ الثامنة عشرة من عمره، وذلك قبل أن يسافر ليدرس تصميم الأزياء في إسبانيا. وفي عام 2010، انتقل إلى المملكة المتحدة حيث أسس هناك مشروعاً تجارياً برفقة أبيه، وعندما اندلعت الثورة في سوريا بعد عام على ذلك، قرر علي إنهاء ذلك المشروع والعودة إلى بلده التي بقي فيها حتى عام 2013.

وعن ذلك يقول: "أمضيت سنة وأنا أعمل كناشط، إلا أن الأمور ساءت إلى حد كبير، فغادرت سوريا في عام 2013، ووصلني عرض عمل من شركة كبيرة في مجال الأزياء في مصر لمدة سنة، فشهدت الانقلاب العسكري الذي تولى أمور الحكم هناك. وبعد ذلك الانقلاب لم يعد بوسع السوريين البقاء في مصر، وكنت على وشك أن أرحل إلى سوريا، إلا أن الحظ حالفني لأن صاحب المعمل تربطه علاقات قوية بوزارة الدفاع المصرية، ولهذا اكتفوا بمطالبتي بالخروج من البلد".

قبل أن تبدأ الحرب، حصل علي على تأشيرة عمل لمدة خمس سنوات في المملكة المتحدة، وعن ذلك يقول: "كان ذلك امتيازاً إذ لم أكن أحتاج إلا لتذكرة طيران، وفور وصولي تقدمت بطلب لجوء، أي إن الأمر كان سهلاً بالنسبة لي، فقد حملت معي مصنفاً كبيراً يشتمل على كل الوثائق التي أحتاجها ومن بينها مقالات صحفية ورد فيها اسمي، وكيف تم اعتقالي وتعذيبي، وهكذا أثبت لهم بكل بساطة بأنني إن عدت إلى هناك فلن أخرج من السجن أبداً".

من الأزياء إلى تربية النحل

بدأ علي العمل مع شركات تحمل علامات تجارية مهمة في مجال صناعة الأزياء بلندن، ومن بينها دولتشي آند غابانا، وبيربيري، وذلك خلال تطوعه للعمل في مخيم للاجئين باليونان وقت فراغه، وعن ذلك يقول: "كنت أحمل مؤهلات أعلى من المطلوب عندما وظفوني لفترة مؤقتة خلال عيد الميلاد، وهكذا صرت مقصداً لشركات مختلفة أخذت توظفني للعمل لديها كل عام، فعملت بجد طوال أربع سنوات لدى علامات تجارية مختلفة في مجال الأزياء، لكني فكرت في نهاية الأمر بأني أريد أن أخرج من مجال صناعة الأزياء، إذ لطالما أحببت الجانب الفني فيها، لكني كنت أكره الجانب المؤسساتي".

أما عن جمعيته فيخبرنا علي بأنها تطورت كثيراً منذ أن أسست فصارت تتعاون اليوم مع المدارس المحلية، وتستهدف الأطفال والمجتمعات الضعيفة في هامرسميث وواترلو، ولهذا يتمنى علي أن تتوسع أعمال جمعيته قريباً لتصل إلى كينت، بعدما وقع عقد إيجار لمزرعة هناك.

Ali and his dog at the farm in Otford

علي برفقة كلبه في مزرعته بأوتفورد

 

إلا أن أهم تحد يواجهه علي اليوم يتمثل في تأمين التمويل، إذ يقول: "في البداية كان من الصعب علي الحصول على تمويل، إذ عندما بدأنا كان كوفيد في بداياته، وهذا ما جعل الأمور تسير بشكل بطيء، إلا أننا عملنا على هذا المشروع طوال عامين، ويتمثل هدفنا بالاستمرار بشكل كامل، إلا أننا مانزال نعتمد على المنح والتبرعات التي لا أعتبرها مثالية، ولهذا ينبغي علينا أن نستمر بمفردنا بأسرع وقت ممكن، وأن نتمكن من دفع الرواتب دون الحاجة لأن نطلب ذلك من أي جهة، إذ عندما نقيم هذه المزرعة،  سيصبح بوسعنا عندئذ ودون أي شك أن نحصّل ما يكفي من الدخل لدعم الرواتب ودفع النفقات التشغيلية لتلك المزرعة"، وذلك برفقة شريكته هيدي سارة آفي.

 

Ali and Heidi

علي برفقة هيدي

يذكر أن الجمعية التي أسسها علي تتعاون مع برامج إعادة توطين اللاجئين في العديد من المناطق ببريطانيا، وعن ذلك يخبرنا علي فيقول: "إن هذا هو الهدف الرئيسي لشركتنا، إذ أقمنا الكثير من العلاقات الطبية مع جمعيات ومؤسسات مختلفة في واترلو وفي هامرسميث وفي شيفيردز بوش، حيث التقينا بكل تلك المؤسسات الرائعة التي تشاركنا القيم الأخلاقية نفسها".

أما هيدي، وهي أول موظفة في تلك الجمعية، فقد بدأت عملها في جمعية النحل واللاجئين منذ نيسان الماضي، ولكنها تعلق بالنسبة لافتتاح هذه المزرعة الجديدة في كينت بالقول: "ستستفيد المجتمعات وجاليات اللاجئين المقيمة في المناطق الريفية أو في تلك الأماكن البعيدة عن مركز لندن أو عن مراكز المدن الكبرى في المملكة المتحدة من هذا البرنامج لأنه برنامج علاجي، ثم إن بناء هذا المجتمع أمر إيجابي ومفيد للبيئة، كما أنه يفيد الناس بصرف النظر عن الصدمات التي تعرضوا لها، ولهذا نرغب بتسهيل أمور وصول الناس إلى هذا المجتمع، خاصة أولئك الذين يقيمون في الأماكن ذات الكثافة السكانية الضعيفة، ولا يستطيعون الحصول على خدمات الجمعيات أو المؤسسات أو المشاريع التي تشبه مشروعنا هذا".

 

 المصدر: كينت لايف