icon
التغطية الحية

مراكز التجميل في إدلب.. مساحة آمنة للسيدات بعد سنوات من الصراع

2023.08.18 | 11:34 دمشق

مركز تجميل في إدلب
رخصت حكومة الإنقاذ 12 مركز تجميل في إدلب
إدلب ـ عمر حاج حسين
+A
حجم الخط
-A

تشهد منطقة إدلب الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ الواجهة المدنية لـ"هيئة تحرير الشام" إقبالاً متزايداً على إجراء عمليات التجميل، وسط انتشار ما يزيد على عشرة مراكز في مدينة إدلب وريفها الشمالي.

ويشرف على هذه المراكز الخاصّة أطباء مختصّون وعاملون في المجال الطبي وأبرزهم اختصاص "جلدية"، وبرقابة مباشرة من مديرية صحة إدلب التابعة لحكومة الإنقاذ التي يقتصر دورها على وضع معايير فنية وتعليمات تنفيذية تُلزم المراكز باتباعها.

وزادت العمليات التجميلية في منطقة إدلب منذ مطلع عام 2022، وتركزت معظم تلك العمليات على إزالة الشعر والحبوب ونحت الجسم، إذ بات اهتمام كثير من السيدات وخاصّة "العرائس" محصورا في الحصول على جسم مثالي ومظهر لائق.

عمليات التجميل في إدلب

يقول الطبيب "أحمد صطوف" والذي يشغل مدير مركز للتجميل والليزر وطب الأسنان في مدينة إدلب، لـموقع تلفزيون سوريا، إن مراكز التجميل زادت في منطقة إدلب منذ وقف إطلاق النار واستقرار الوضع الأمني في المنطقة منذ قرابة ثلاث سنوات، إذ كان الإقبال عليها ضعيفاً ومحدوداً في البداية، ولكن اليوم بات الأمر منتشراً وخاصّة أن العديد من الشبان والشابات يعانون من إصابات حربية وبحاجة إلى عمليات ترميمية وتجميلية.

وأوضح أن العمليات تتركز في معظمها على تصحيح التشوهات الحربية والخلقية، وزراعة الشعر وإزالته، بالإضافة إلى إزالة الوشم وقص المعدة، وتحسين مظهر الشفاه والصدر.

ولفت إلى أن العمليات التجميلية تتم جميعها في مركز طبي متخصّص بكوادر طبية، إذ تحوي عيادات متخصّصة للإناث وأخرى متخصّصة للذكور، مشيرا إلى أن معظم مراكز التجميل في السنوات الماضية كانت مختصّة بالسيدات فقط، ويطفو عليها المظهر الأنثوي، ولكن اليوم باتت متاحة للجميع.

مراكز التجميل مرخصة

وبحسب الطبيب "صطوف" فإن معظم العمليات التجميلية لا تزال مرفوضة اجتماعياً وتتم بشكل سري ومحدود، وأن "معظم المرضى يطالبون بعدم الإفصاح عن عملياتهم أو البوح بها، لأسباب شخصية باعتبارها عمليات غير مألوفة اجتماعياً بالنسبة لهم، على الرغم من ترخيص المركز من قبل مديرية الصحة".

وإثر حديث الطبيب "صطوف"، تواصلنا مع الطبيب "ملهم غازي" وهو مدير مديرية المستشفيات في وزارة الصحة بإدلب، الذي أكّد لـموقع تلفزيون سوريا أن مراكز التجميل المرخصة في إدلب هي 12 مركزاً، وأن وزارة الصحة وضعت عدّة معايير فنية وتعليمات تنفيذية أهمها وجود طبيب أو طبيبة اختصاص جلدية كشرط أساسي لترخيص المركز، إذ تمنح الوزارة الترخيص للطبيب الذي يشغل المدير الفني للمركز والمشرف عليه، ولا تمنح الترخيص لغير الطبيب.

وأوضح أن جميع مراكز التجميل في إدلب هي خاصّة، وأن دور الوزارة يقتصر بالإشراف على عمل هذه المراكز ومتابعة التزامها بالبروتوكولات المعتمدة.

أسعار عمليات التجميل شمالي سوريا

بات انتشار عمليات التجميل في إدلب كالنار في الهشيم، وفقاً لما وصفه عاملون في المجال الطبي، وذلك بسبب الحالة الاقتصادية المتردية التي تعيشها البلاد منذ سنوات، وأشدّها قسوة منذ مطلع العام الذي رافقه غلاء على مستوى المعيشة بعد أن تجاوز سعر الليرة التركية الـ25 مقابل الدولار الأميركي الواحد.

تروي الشابة "رويدا العبد الله" (26 عاماً) وهو اسم مستعار، أنها أجرت عملية تجميل لصدرها وإزالة شعر جسمها بالكامل نهاية العام الماضي، بسبب عدم تناسق جسمها بالمطلق، ورغبة زوجها بذلك.

وأبدت العبدالله عن ارتياحها لإجراء هذه العملية، مشيرة إلى أنها قد تجري عمليات أخرى في المستقبل على فمها وأسنانها، إذ بلغت كلفة العمليتين 150 دولارا أميركيا، وفق قولها.

اقرأ أيضا: بأسعار بين 20 و700 ألف.. ما عمليات التجميل الأكثر طلباً في سوريا؟    

وبحسب استطلاع أجريناه على بعض مراكز التجميل في إدلب فإن سعر إبرة البوتوكس 50 دولارا أميركيا، والفيلر 100 دولار، فيما بلغ سعر جلسة الليزر لكامل الجسم 45 دولارا أميركيا، وسعر جلسة "كربوني" لنضارة الوجه وتبييض الأكواع والمناطق الحساسة 15 دولارا، وأمّا جلسة نحت الجسم الكامل 20 دولارا، فيما بلغ سعر جلسة الـ"هايفو" لشد التجاعيد 15 دولارا أميركيا، وجلسة "فراكشينال" لمعالجة الندبات والحبوب 15 دولارا، وتنظيف بشرة عميق 10 دولارات.

الحاجة أصبحت ملحّة

الصيدلانية "ريم كنجو" تدير مركزا للتجميل وترى أن الحاجة لمراكز التجميل أصبحت ضرورة ملحّة، إذ يتم فيها علاج كثير من تبعات الأمراض والأذيات الجلدية الناتجة عن الحروق، وما خلفته آلة الحرب من جروح وندوب وتشوهات، بالإضافة لأذيات الشمس التي يتعرض لها الناس عامة وقاطنو المخيمات خاصّة.

وأوضحت في حديثها لموقع تلفزيون سوريا، أن الخدمات التي يُقدمها المركز هي إزالة الشعر بالليزر وتصحيح عيوب البشرة من تصبغات وندبات وآثار حروق وما إلى ذلك من مشكلات يتعرض لها الجلد بشكل عام والبشرة بشكل خاص.

واسترسلت قائلةً: "يُعالج المركز أيضاً مشكلات تساقط الشعر وتقصفه، كما يحوي المركز على أقسام لمعالجة زيادة الوزن والوصول للوزن المثالي عن طريق الأنظمة الغذائية وبمساعدة الأجهزة".

ووفقاً للصيدلانية "كنجو" فإن الإقبال على المراكز غير متكافئ رغم الحاجة، وذلك بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان الشمال السوري، بالإضافة للظروف العائلية والاجتماعية التي تتحكم بالنساء خاصة.

وتضيف: "لا أنكر إقبال النساء والفتيات على كثير من الإجراءات التجميلية غير الجراحية، بسبب انفتاح الناس على مايجري بالخارج من هذه الأمور عن طريق السوشال ميديا".

وأكّدت في ختام حديثها لـموقع تلفزيون سوريا على أن المركز يُشرف عليه أطباء من الداخل السوري، بالإضافة إلى إلزام وزارة الصحة بضرورة وجود طبيب جلدية، لتفادي الأخطاء وأذية الناس.

"فاطمة الساري" (35 عاماً) تؤكد أنها خضعت لعملية إزالة شعر جسمها بالكامل لأسباب أجبرت عليها، بسبب أدوية تناوبت عليها أكثر من عام لمعالجة رحمها، الأمر الذي أدّى إلى ظهور الشعر بكثافة في جسمها، ما دفعها إلى إجراء جلسات ليزرية لإزالة الشعر.

ولا يختلف الأمر أيضاً على الشاب "سعد زيدان" الذي خضع لعملية جراحية مطلع العام الجاري في أحد المراكز التجميلية في إدلب - وهي عملية "نحت جسم وإزالة الدهون" - بسبب وزنه الزائد الذي بلغ 150 كيلو غراما.

وأبدى زيدان وفق حديثه معنا ارتياحه بشكل كامل بعد إجرائه العملية، معبراً عن سعادته بعد أن أصبح وزنه 85 كيلو.

أنواع الأجهزة

يقول الطبيب "أسامة العلي" وهو مدير مركز  تجميل لـ"تلفزيون سوريا" إن جميع الأجهزة المنتشرة شمالي سوريا تكون ذات منشأ ألماني وصيني، ولكن الأجهزة الألمانية تعطي نتائج مذهلة للزبائن، بسبب جودة التصنيع وصرامة الاختبارات الموجودة داخلها، وأبرزها "MG5" لإزالة السيوليت، و"MSK" لشد وتقسيم العضل، وليزر "Dair blue" ثلاثي الموجات لإزالة الشعر بالليزر، و"Cam Dila" لإزالة الوشم والتقشير الكربوني، بالإضافة إلى أجهزة أخرى من شأنها شد عضل المعدة، وأخرى لتكسير الدهون وإزالة الترهلات.

ولكن مدير مركز "آكار" الطبيب "صطوف" الذي حاورناه في بداية التقرير أكّد على أن الأجهزة في المركز منوّعة، إذ يتم الاعتماد على تجميع القطع لكل جهاز من عدة شركات، من أجل الحصول على جهاز متكامل بسعر منخفض وجودة عالية.

وطرح "صطوف" مثالاً  أن بعض الأجهزة المتوفرة تكون مثلاً  من منشأ ألماني وبعض القطع المركبة عليها ذات منشأ ياباني أو تركي.

وفرت هذه المراكز مساحة آمنة لبعض السيدات السوريات بعد مسيرة صراع  في سوريا منذ 2011، إذ جاء الاستقرار الأمني في إدلب فرصة للسيدات لتحقيق ما يرغبن به واستطعن كسر الحالة التي عانين منها من ضغوط اقتصادية واجتماعية وصحية في السنوات الماضية، وخاصّة أنهن كن الأكثر تهميشاً وحرماناً مقارنة مع مثيلاتهن في باقي المناطق العربية.