icon
التغطية الحية

"مدّاحو إيران".. حين تصبح القصائد والموسيقا أسلحة حرب في سوريا

2023.09.18 | 01:29 دمشق

لطم
+A
حجم الخط
-A

"المدّاحون: جيش الدعاية الإيرانية في سوريا" (Meddahlar, İran’ın Suriye’deki Propanda Ordusu) كتاب صدر حديثاً للكاتب والباحث التركي آدم يلماز، واستطاع أن يجذب اهتمام مختلف الأوساط التركية منذ الأيام الأولى من نشره قبل أقل من شهرين.

والمدّاحون أو "الرواديد" مسميات تُطلق على فئة من المنشدين الدينيين الذين ينشطون في مواسم ومراسم "العزاءات الحسينية" المرافقة لطقوس اللطم في إيران. وتحتل هذه الفئة مكانة كبيرة لدى نظام الملالي الذي أغدق عليها الأموال والامتيازات باعتبارها أداة ترويجية سياسية ودينية لذلك النظام.

يسلّط المؤلف الضوء في كتابه على تجاربه في إيران، التي توجّه إليها لدراسة اللغة في عام 2014. بالتزامن مع حرب النظام السوري، بكل ما تحمله من عنف، ضد المدن والبلدات الثائرة والمطالِبة برحيله، ما جعل المؤلف يطّلع عن قرب على ردود فعل الإيرانيين إزاء القمع الممارس بحق السوريين من الداخل الإيراني.

تحوّل الشعر والموسيقا إلى أسلحة حرب عبر الممارسات الدينية

 تعد "المدحيّات" من بين التقاليد ذات الجذور التاريخية العميقة في العالم الإسلامي بشكل عام، إلا أنها تعتبر واحدة من أقوى الطقوس الدينية والاجتماعية في إيران.

ولهذا السبب، يمثّل المداحون المرتبطون بشكل وثيق بأيديولوجية نظام الملالي، قوة ناعمة على قدر كبير من الأهمية، وخاصة في الظروف والأوقات الحرجة، مثال ذلك الثورة السورية المستمرة منذ عام 2011 ضد الحليف الأقرب لإيران، بشار الأسد.

مدّاح: كان للحرب السورية تأثير غني جداً في مجال الأدب بإيران. انعكس ذلك بالدرجة الأولى على القصائد التي يرددها المداحون.

وبعد أن وصف الكاتب الدور التاريخي للمداحين، منذ البويهيين والصفويين والقاجاريين والبهلويين والثورة الإيرانية، وصولاً إلى هذا اليوم؛ راح يحلل دورهم الحالي في تقديم الدعم للنظام السوري.

ما دور المداحين الإيرانيين في الحرب السورية؟

 في سعيه للإجابة على هذا السؤال، ركز المؤلف على تحليل القصائد التي يرددها المداحون. وبعباراته الخاصة، ومن خلال تسليط الضوء على القوة الدعائية للمداح، يكشف الكاتب عن مدى تأثير المداحين في زجّ الشباب للمشاركة في الحرب إلى جانب النظام، ضد خصومه من الشعب السوري.

وإضافةً إلى المراجعة القوية لأدبيات المدّاحين؛ كان الجانب الأكثر لفتاً للانتباه في الكتاب يتمثّل بالمقابلات التي عُقدت مع المداحين الإيرانيين. حيث أجرى المؤلف مقابلات مع 24 مدّاحاً مختلفاً من مدن: طهران وقم وشيراز وتبريز وأرومية وبوشهر وهمدان. بقيت أسماء أولئك المدّاحين سرّية، واختار لهم الكاتب أسماء مستعارة.

بعض التصريحات التي أدلى بها المداحون جاءت لافتة ومثيرة للجدل. يقول أحدهم: "مع التطورات في سوريا، تم إحياء ثقافة المداحين. لقد اكتسبت تلك الثقافة روحاً جديدة". ويضيف مدّاح آخر: "كان للحرب السورية تأثير غني جداً في مجال الأدب بإيران. انعكس ذلك بالدرجة الأولى على القصائد التي يرددها المداحون".

مداحون يقاتلون على الجبهات!

ويلفت الكتاب إلى أن بعض المداحين الذين توجهوا إلى سوريا، راحوا يشاركون بصورة مباشرة في الحرب ضد السوريين، نيابة عن نظام الأسد، ويقاتلون على خط المواجهة.

يبرر أحد أولئك المداحين مشاركته في القتال بالقول: "طوال حياتنا كنا ننادي أهل البيت ونقول: جعلني الله فداكم. الآن هذا هو الوقت المناسب". ويضيف: "في نهاية المطاف، قمة حبنا هي الذهاب والدفاع عن مقام أهل البيت"!

كثيرة هي التفاصيل الصادمة التي تُكشف لأول مرة من خلال الكتاب، والتي يعلّق عليها المؤلّف بالقول: "إن المداحين الذين يجعلون حججهم فعالة بالشعر والموسيقا؛ كالدفاع عن قبر السيدة زينب بدمشق على سبيل المثال، ينشطون تقريباً في كل جانب من جوانب المذابح المرتكبة بحق السوريين".