icon
التغطية الحية

مخيمات منسية.. نازحو شمالي اللاذقية يعانون الإهمال وضعف المساعدات

2024.01.12 | 06:18 دمشق

مخيمات اللاذقية
مخيمات عشوائية في منطقة جبل التركمان بريف اللاذقية (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

في منطقة جبلية ووسط درجات حرارة دون الصفر في الشتاء، تنتشر عشرات المخيمات العشوائية قرب الجدار الحدودي مع تركيا في أقصى ريف اللاذقية الشمالي، حيث يعاني النازحون فيها، منذ سنوات، من الإهمال وسوء الخدمات وضعف المساعدات.

وبداية من قرية اليمضية في منطقة جبل التركمان شمالي اللاذقية وصولاً إلى قريتي عين البيضا وخربة الجوز في منطقة جسر الشغور القريبة غربي إدلب، يمكن للزائر ملاحظة حالة الفقر والعشوائية التي بُنيت عليها هذه المخيمات، حيث معظم أسقفها عبارة عن أكياس ونايلون لا تقي سكّانها المطر والبرد.

إياد الحردان -مدير مخيم "صلاح الدين" أكبر مخيمات المنطقة- قال لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ معظم سكّان هذه المخيمات من الطبقة المعدمة، وفيها الكثير من النساء الأرامل والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.

وأضاف أنّ "معظم الخيم لم تجدّد منذ سنوات، رغم أنها مهترئة وغير قابلة لمقاومة الأمطار والرياح، في حين تغيب المساعدات عن سكّان هذه المخيمات باستثناء بعض المساعدات المالية البسيطة التي تقدمها منظمة (أكتد) بين فترة وأخرى".

وأشار "الحردان" إلى أنّ "درجات الحرارة في المنطقة الجبلية التي أقيمت فيها المخيمات منخفضة والناس يحرقون ما تيسّر لهم من كراتين وإطارات وألبسة، حيث وصل سعر كيلو الحطب إلى 5 ليرات تركية وكيس البيرين بـ150 ليرة، والأسعار لا تناسب أبدا أوضاع النازحين المادية".

وبحسب مدير المخيم، فإنّ مخيمات ريف اللاذقية تفتقر لكل شيء من ناحية الخدمات، كما أن فرص العمل ضعيفة جداً، حيث الأسواق بعيدة والمنظمات غائبة عن هذه المنطقة، منذ سنوات، بسبب اعتبارها "غير آمنة".

من جانبه، شكا أحمد الطويل -أحد النازحين في مخيم "خربة الجوز"- من سوء الصرف الصحي، مؤكّداً أنّ "معظم المخيمات تقتصر على حفر فنية خاصة بكل خيمة، وهو ما يسبّب انتشار الأمراض".

وأضاف "الطويل" لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ النازحين في مخيم خربة الجوز يعانون من قلة الدعم الغذائي وتردي الوضع التعليمي،  بينما تقتصر فرص العمل على قطع الحطب وبيعه.

وتساءل عن سبب غياب الدعم عن مخيمات ريف اللاذقية وعزوف المنظمات عن تقديم المشاريع، منذ سنوات طويلة، أسوة بغيرها، حيث تغيب عن هذه المنطقة مشاريع الطوب، والصرف الصحي وشبكات المياه النظيفة، كما أنّ الخدمات الصحية ضعيفة وتقتصر على الإسعافات الأولية.

هذا الواقع المستمر، منذ سنوات، عزاه عبد العزيز قدور -مسؤول سابق في عدة منظمات دولية- إلى صعوبة العمل في المنطقة، موضحاً في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ معظم المنظمات تقدم مشاريعها التنموية والكبيرة في مخيمات تصنّف بأنها آمنة ومستقرة، وهذا الأمر غير متوفر في مخيمات ريف اللاذقية القريبة من خطوط التماس.

وأشار "قدور" إلى الوضع المأساوي للمخيمات، وقال إنّه زارها مراراً، مؤكّداً أنّ طول فترة الإهمال وضعف المساعدات فيها جعلها واحدة من أكثر المناطق فقراً وحاجة.

ويصل عدد النازحين في مخيمات ريف اللاذقية إلى نحو 150 ألفاً يقيمون في أكثر من 20 مخيماً، إضافة إلى عشرات الخيام العشوائية والمتفرقة.

النازحة أم عمار (41 عاماً) وهي أم لأربعة أيتام توفي زوجها في معارك جبل التركمان، تجسّد صورة مصغّرة عن أوضاع هذه المخيمات، حيث تعمل يومياً على ماكينة خياطة صغيرة داخل خيمة مهترئة، بينما يخرج ابنها الأكبر (17 عاماً) لجمع ما تيسر له من العيدان والحطب.

تؤكّد "أم عمار" أن مدخولها البسيط الذي يوفره لها عملها بالكاد يكفيها ثمن الخبز وطبخة بسيطة تطعم بها أطفالها، ومع غياب السلة الغذائية التي كانت توفّر لهم الأساسيات، منذ سنوات، باتت الحياة أكثر صعوبة.

وتشير المراة الأربعينية بألم إلى خيمتها المشقّقة وقطرات المطر التي تتسلّل إلى داخلها، قائلةً: "أحتاج لتغييرها، نحن منذ عامين نبرد في الشتاء ونحترق في الصيف، ونغرق بالوحل فور هطول الأمطار، أوضاعنا لا يعلم بها إلا الله".

"مخيمات منسية"

أحمد شيخاني -نازح من سكّان جبل الأكراد ويقيم في مخيم "الزوف" حالياً- وصف الوضع بأنّه غير محتمل وغير مقبول، مضيفاً في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا: "هذه المنطقة منسية منذ سنوات، لا منظمات ولا حكومة ولا فصائل ولا أي أحد يساند الأهالي، فالطرق طينية وضيقة وكل شتاء تطوف المخيمات ويغرق نازحوها مع متاعهم".

وأضاف أنّ "هناك الكثير من الأطفال وُلدوا في هذه المخيمات وكبروا فيها، ولا أمل قريب، فنحن محاصرون بين جدار تركيا الإسمنتي وقوات النظام على بعد عدة كيلومترات، لكن ما يقتلنا أكثر هو الإهمال والفقر والحاجة منذ سنوات".

يذكر أنّ هذه المخيمات الملاصقة للشريط الحدودي مع تركيا، أقيمت بشكل عشوائي، منذ العام 2016، بعد نزوح آلاف السكان من جبلي الأكراد والتركمان، إثر عملية عسكرية شنتها قوات النظام السوري بدعمٍ روسي وإيراني على المنطقة.