icon
التغطية الحية

محامو الشمال السوري.. كيف يمارسون مهنتهم وما الصعوبات التي تواجههم؟

2022.07.20 | 07:01 دمشق

نقابة المحامين الأحرار في سوريا
نقابة المحامين الأحرار في سوريا (فيس بوك)
إسطنبول - باسل المحمد
+A
حجم الخط
-A

لم يستطع المحامي علاء المحمد مزاولة مهنة المحاماة في تركيا، لأسباب عدة أهمها أن هذه المهنة محصورة بأبناء البلد فقط، إضافة إلى عوامل اللغة وتعديل الشهادة وغيرها من العوائق، فقرر بناء على ذلك العودة إلى الشمال السوري بعد عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، عله يستطيع مزاولة هذه المهنة.

ومما شجعه على  ذلك  حالة الاستقرار النسبي في تلك المناطق، إضافة إلى المحاولات الجادة لـ"مأسسة" القضاء، وتشكيل عدد من المحاكم بدعم من تركيا عام 2017 في مناطق سيطرة المعارضة السورية.

في هذا التقرير نتعرف إلى الحالة التنظيمية للمحامين في تلك المناطق، والمرجعيات القانونية التي يعتمدونها في مرافعاتهم، إضافة إلى الحديث عن أبرز المعوقات والضغوطات التي يواجهونها في عملهم.

الحالة التنظيمية

تشكل النقابة "المركزية للمحامين الأحرار" الإطار التنظيمي العام الذي يضم المحامين في مناطق سيطرة المعارضة، إذ تم تشكيل هذه النقابة بعد محاولات عدة لتنظيم العمل النقابي بين المحامين المنشقين عن النظام، لتتوج هذه المحاولات بالإعلان عن تشكيل هذه النقابة بتاريخ 21-12-2019.

وفي حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا، أكد نقيب المحامين المحامي محمود الهادي النجار، أن محاولات تنظيم العمل النقابي في المناطق التي سيطر عليها الثوار بدأت منذ العام 2013 تقريباً، إذ كان لكل منطقة في سوريا وضعها الخاص وتسميتها الخاصة بها، منها على سبيل المثال "هيئة محامي حلب الأحرار"، إضافة إلى عدد من التجمعات الأخرى للمحامين في حماة، والرقة، ودرعا.

ويضيف "النجار" أن كل هذه التسميات أصبحت تُسمى فروعاً بعد الإعلان عن تشكيل نقابة "المحامين السوريين الأحرار" عام 2019، والتي تمثل هيكلاً تنظيمياً مهنياً وطنياً، يجمع تحت لوائه كل محامي سوريا الأحرار، ويضم تسعة فروع للمحافظات الآتية: (حلب، حماة، حمص، دمشق وريفها، اللاذقية، الرقة، دير الزور، الحسكة، درعا).

نقابتان للمحامين شمال غربي سوريا

فرضت حكومة الإنقاذ في إدلب التابعة لهيئة تحرير الشام، وجود نقابة خاصة للمحامين العاملين في مناطق سيطرتها، إذ أكدت مصادر خاصة من فرع إدلب لموقع تلفزيون سوريا، أن سبب عدم انضمام فرع إدلب إلى النقابة المركزية رغم حضوره كثيراً من الاجتماعات التشاورية والتمهيدية قبيل إعلان تشكيل النقابة يتعلق بشخص رئيس الفرع المحامي عبد الوهاب الضعيف، والذي وصفته المصادر بالتابع لحكومة الإنقاذ، إذ بقي فرع إدلب وحيداً خارج نقابة المحامين الأحرار المركزية، 

ليتحول هذا الفرع بقرار من رئيس حكومة الإنقاذ في آذار من العام 2021 إلى ما سُمي أيضاً بـ "نقابة المحامين السوريين الأحرار".

النقابة المركزية لا تعترف بقرار "الإنقاذ"

من جهته يؤكد المحامي محمود الهادي النجار، أنه لا تنطبق على فرع إدلب للمحامين اسم "نقابة" لأسباب عدة أهمها: أن النقابة لا تقوم على أساس مناطقي كما هو الحال في منطقة إدلب، إذ إن المنتسبين وأعضاء المجلس لهذه "النقابة" هم من أبناء إدلب فقط، إضافة إلى أن "فرع إدلب" لا يتمتع بالاستقلال المالي والإداري بسبب سيطرة "الإنقاذ" عليه، وهذا بعكس النقابة "المركزية للمحامين السوريين الأحرار" التي تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي والسياسي التام، إذ إن أعضاءها مُنتخبون بشكل حر ومباشر من قبل أعضاء المؤتمر العام الذي يمثل كل محامي سوريا الأحرار.

ويبقى الفارق الأهم برأي "النجار" أن النقابة المركزية يُنظم عملها قوانين وأنظمة مهنة المحاماة في سوريا الممتدة إلى عام 1912 وهو تاريخ تأسيس أعرق نقابة في سوريا (نقابة المحامين)، وذلك بعد إسقاط المواد المتعلقة بحزب البعث وسيطرته على النقابات، أما ما يسمى بـ"النقابة" في إدلب فتدار بأوامر وتعليمات تصدر من حكومة "الإنقاذ" فقط.

"الإنقاذ" تمنع المحامين الأحرار من العمل في إدلب 

تشترط حكومة الإنقاذ على المحامين الراغبين بالعمل في مناطق سيطرتها الانضمام إلى "النقابة" التابعة لها؛ مما يحرم مئات المحامين في باقي المناطق من العمل في منطقة إدلب وريفها، أما في مناطق "المؤقتة" فالأمر مختلف، إذ يؤكد المحامي "النجار": أنه كخطوة لتسهيل عمل المحامين ومن منطلق وطني وثوري ونقابي أصدرنا تعميماً لكل فروع النقابة المركزية بالسماح للزملاء محامي إدلب بتنظيم الوكالات والعمل في محاكم مناطقنا، إضافة إلى تقديم كل التسهيلات اللازمة لهم في فروع النقابة من دون أن نلزم أياً منهم بنقل قيده إلى فروع النقابة المركزية للمحامين الأحرار.

ما هو القانون الذي ينظم عمل المحامين؟

اعتمدت النقابة المركزية للمحامين الأحرار في مناطق "المؤقتة" القانون رقم 30 لعام 2010 لتنظيم مهنة المحاماة، مع تعطيل المواد التي تتعارض مع كونها نقابة حرة، من خلال حذف المواد المتعلقة بهيمنة حزب “البعث” والسلطة في سوريا على النقابة، ويضيف المحامي "النجار" أن هناك مواد تكمّل “القانون 30” من القانون المدني، مهمتها تنظيم حقوق والتزامات طرفي الوكالة، ومسألة الأتعاب يحكمها قانون تنظيم المهنة، ويراقب ذلك مجلس الفرع من خلال دعاوى الأتعاب.

أما في مناطق سيطرة "الإنقاذ" فقد أكد أحد المحامين في إدلب -رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية- أنه لا توجد قوانين واضحة تحدد آلية عمل المحامين، ولا توجد مرجعية قانونية لعملهم، وأضاف المحامي لـموقع تلفزيون سوريا أن عمل المحامين يتم وفق الظروف المتاحة، إذ يصدر التوكيل عن "نقابة المحامين الأحرار" في إدلب، وتحدد الأجور باتفاق المحامي والموكل، وفي حال الخلاف تُحل المسألة عن طريق "نقابة المحامين".

صعوبات تعيق ممارسة المهنة

فرضت الحالة الفصائلية في تلك المناطق، إضافة إلى عدم وجود سلطة مركزية، إلى جانب الضغوط الأمنية والاقتصادية، جملة من التحديات والعقبات التي تعيق، وأحياناً تمنع المحامين من متابعة عملهم، إذ يلخص المحامي محمود الهادي النجار هذه الصعوبات بالنقاط الآتية:

  • عدم وجود جهة تشريعية لسد الثغرات وسن تشريعات جديدة تواكب الحياة والتطورات التي حصلت.
  • عدم وجود سلطة تنفيذية مركزية تفرض هيبة الدولة والقانون وتنفذ أحكام القضاء.
  • عدم وجود مجلس قضاء أعلى يعين القضاة ويشرف ويراقب عملهم، إذ لا توجد معايير وأسس قانونية واضحة لتعيين القضاة الذين يشغلون مواقعهم حالياً.
  • عدم أخذ رأي النقابة وتقييمها عند تعيين المحامين في مناصب القضاء، علماً أن النقابة هي مؤسسة وطنية ثورية، ورائدة وهي من أعرق وأكثر المؤسسات تنظيماً وتقوم على الانتخابات الدورية الحرة والمباشرة.
  • مخالفة القوانين من قبل بعض المحاكم؛ من حيث توصيف بعض الجرائم، ومن حيث فرض الغرامات لجهة حجمها والعملة التي تفرض بها.
  • صعوبة زيارة المحامين للموكلين وعدم تأمين مكان لائق للزيارة في السجون التي تتبع للعدليات.
  • احتجاز وتوقيف بعض الموكلين في سجون وأمنيات عائدة لبعض الفصائل والمجموعات العسكرية والأمنية خلافاً للقانون، وصعوبة زيارتهم ومقابلتهم والتأخير في إحالتهم إلى القضاء.
  • عدم تخصيص مكاتب الوكالات التابعة لنقابة المحامين بأماكن لائقة في العدليات.
  • العائق الأهم هو تشكيل حكومة "الإنقاذ" نقابة خاصة بهم، وعدم اعترافهم بالأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم مما يجعل المتهم مُداناً مثلاً في مناطق "المؤقتة" وبريئاً في مناطق "الإنقاذ".

يشار إلى أن مناطق سيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا شهدت عدة عمليات ومحاولات اغتيال واعتداء طالت محامين وقضاة، آخرها محاولة اغتيال وزير العدل السابق في "حكومة الإنقاذ"، إبراهيم شاشو، في 4 من كانون الثاني الماضي، وقبلها اغتيال القاضي عز الدين رضوان في نيسان من العام 2020.