icon
التغطية الحية

محافظة دمشق.. فساد يتفاقم وقطع "أرزاق العباد" دون إنذار

2024.02.08 | 07:24 دمشق

محافظة دمشق.. فساد يتفاقم وقطع "أرزاق العباد" دون إنذار
محال في سوق الهال بالعاصمة دمشق - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تتراكم ملفات الفساد والسرقة في محافظة دمشق عاماً بعد عام، ولا تتعلق قضية الفساد بالمحافظ بصورة مباشرة بل بالصلاحيات المتاحة لمنصب المحافظ علناً ومن تحت الطاولة وبما تمنحه من إمكانية السرقة وملء مخازن أمواله، إلا أن وصول الأمر إلى قرارات عشوائية وتعسفية ضاعفت من حالة المجاعة والفقر في مناطق النظام، هو ما أخرج الناس عن صمتهم في الآونة الأخيرة.

تجويع عائلات كاملة دون بديل أو تعويض

تظهر "سياسة التجويع" التي يمارسها النظام ضد السوريين في مناطق سيطرته في كل القرارات المتتالية، بدءاً برفع الدعم عن آلاف العائلات بحجج واهية، والزيادة الشهرية في أسعار المواد الأساسية كالخبز والمحروقات، وليس انتهاءً بقرار إزالة الأكشاك والإشغالات "غير النظامية" في محيط الجامع الأموي والبرامكة وجسر الرئيس وصولاً إلى شارع الثورة؛ الأمر الذي يعني تجويع مئات العائلات دون منحهم بديلا.

وحتى الأكشاك العائدة لعائلات قتلى النظام، أو تلك التي يملكها جرحى جيشه، لم تَسلَم من قرارات المحافظة القاضية بإزالتها بحجة انتهاء العقود و"مظاهر غير حضارية" و"تعديات على الأملاك العامة".

سوق الهال.. كل يوم قرار!

اشتكى عمال سوق الهال في الآونة الأخيرة من قرار إخلاء إحدى الساحات في السوق وترحيلهم المفاجئ إلى ساحة أخرى ما يعني تعطيل أعمالهم وإحالتهم إلى البطالة دون رحمة.

واستطاع موقع تلفزيون سوريا تقصي الأمر باستطلاع الواقع داخل سوق الهال في منطقة الزبلطاني وأخذ شهادات مباشرة من العمال والتجار فيه.

1

وبسؤال أحد العمال داخل السوق أخبرنا بترحيل الخيم والبسطات قبل قرابة الخمسة أشهر من "ساحة النص" بسوق الدوامنة إلى ساحة التحميل (ساحة البرادات) بحجة أن "ساحة النص" هي مرآب تابع لهندسة المرور وأيضاً من أجل تسهيل عمليات التنظيف داخل السوق؛ الأمر الذي عطّل أشغالهم، فترك بعضهم السوق وبعضهم الآخر انتقل مُجبراً -رغم ضيق المكان- إلى ساحة البرادات.

يقول: "بإزالة الخيم ونقلنا إلى ساحة البرادات لم يعد هناك مكان للتحميل، وكان القرار مفاجئاً بالنسبة إلى بعض أصحاب الخيم الذين اضطروا إلى ترك أعمالهم داخل السوق بشكل كامل لكونهم لا يملكون تكاليف استئجار المحال في ساحة البرادات فوق الديون المتراكمة عليهم أصلاً!".

1

مصدر خاص من لجنة التجار داخل السوق تحدث لموقع تلفزيون سوريا عن مآلات هذا القرار، يقول: "كان التقسيم واضحاً بأن ساحة النص مخصصة للتنزيل بينما ساحة البرادات مخصصة للتحميل، وبعد نقل خيم ساحة النص إلى ساحة البرادات لم يعد لدى العمال والتجار مكان مخصص وكافٍ لعمليات التحميل، فاقترحنا على محافظ دمشق طارق الكريشاتي نقل ساحة التحميل إلى ساحة الضيعة الواقعة على يمين جسر عين ترما، وبعد طرح مزاد ساحة الضيعة بقيمة 500 مليون ليرة سورية، لم يقبل أحد الدخول فيه نظراً لقيمته العالية، فبقيت ساحة البرادات للتحميل والتنزيل معاً".

1

ويُعد ذلك معرقلاً لعمل التجار وسيارات الشحن، بسبب الحاجة إلى الالتفاف حول السوق ما يعني قطع مسافة أكبر وبالتالي كلفة إضافية على مصاريف النقل والمحروقات، إلى جانب الازدحام وضيق المكان بعد جمع الساحتين في ساحة واحدة.

ما علاقة اللواء رحمون؟

كانت ساحة النص قبل إخلائها تضم ثلاث خيم يعود إيجارها السنوي لصالح عائلات قتلى جيش النظام، وقد أوضح أحد العمال (فضل عدم ذكر اسمه) لموقع تلفزيون سوريا، أن قيمة إيجار كل خيمة سنوياً هي 12 مليون ليرة سورية، وتلك الخيم الثلاث معروفة بأنها "للواء رحمون" وزير الداخلية في حكومة النظام، يقول: "36 مليون ليرة سورية كانت تصل إلى جيبة اللواء سنوياً بحجة ذوي الشهداء (قتلى النظام)".

ساحة الفلين.. مئات العائلات المتضررة

أخلت محافظة دمشق قبل قرابة أسبوعين ساحة الفلين المعروفة سابقاً بساحة المواسم؛ الأمر الذي تسبب بتعطيل أعمال ما يقارب 250 عاملاً داخل الساحة من باعة الصناديق وعمال النقل و"العتالة" دون سابق إنذار.

وقد أكد أحد أعضاء نقابة العمال داخل السوق لموقع تلفزيون سوريا أن إخلاء هذه الساحة جاء بحجة عرضها للاستثمار ووقوع المناقصة بيد أحد أصحاب الدولار "جماعة الدفع بالأخضر" -بحسب وصفه- من أجل إقامة مركز صحي فيها.

الجدير بالذكر أن هذه الساحة كانت مخصصة لاستقبال البرادات الواردة من الأردن ودرعا وغيرها، في مواسم الخضراوات مثل موسم البندورة، وقد تم تحويلها منذ قرابة الأربع سنوات إلى ساحة تُجمع فيها "الفوارغ" المخصصة للتعبئة فسميت بساحة الفلين؛ إذ يقوم باعة الفوارغ في هذه الساحة ببيع الصناديق البلاستيكية والفلينية للتجار وأصحاب سيارات النقل، ويصل سعر الفلينة المستعملة إلى 1700 ليرة سورية بينما الفلينة الجديدة بـ 3500 ليرة سورية.

أحد عمال العتالة السابقين في ساحة الفلين وجد منفذاً ومتنفساً بالحديث لموقع تلفزيون سوريا عن وضعه المعيشي الصعب، يقول (أبو مصعب): "كنا نسترزق ببيع الفوارغ في الساحة، أما الآن فصرت مضطراً إلى تمنن بعض التجار في المحال القريبة للعمل لديهم... لدي طفلان أحدهما في المدرسة الابتدائية والثاني في الإعدادية، ولم أعد قادراً على إرسالهم إلى المدرسة فأصبح أكبرهما يعمل معي الآن في السوق لتأمين رغيف الخبز!".

1

للتخبط عنوان.. إغلاق أبواب السوق وفتحها

تفاجأ التجار والعمال في سوق الهال بتاريخ 16 من كانون الثاني 2024، بتطبيق قرار إغلاق أبواب السوق الخمسة مع ترك بابي "القبان" فقط، أحدهما للدخول والآخر للخروج؛ وهو قرار صادر منذ الثمانينات دون تطبيق، وفق شهادة عضو نقابة العمال آنف الذكر.

وقررت المحافظة إغلاق الأبواب فجأة بعد عشرات السنوات؛ الأمر الذي تسبب بأزمة حقيقية للتجار والعمال والعَتَّالة وسيارات الشحن لعدة أسباب:

إجبار المشترين والسيارات على الالتفاف حول السوق لنقل البضاعة المُحمَّلة إلى باب الخروج؛ الأمر الذي يستغرق ساعات إضافية لقضاء الأعمال نتيجة الازدحام وطول المسافة من شرق السوق إلى غربه.

زيادة أجور النقل على المشتري وعلى الشاحنات

تعطيل عمل عربات النقل "الكراجات" وعمال العتالة داخل السوق؛ فالأمر أصبح بحاجة إلى سيارات لا نقَّالات يدوية.

ضعف حركة البيع والشراء نتيجة امتناع السيارات عن الدخول وإعراض المستهلكين عن قطع المسافة كلها لأخذ احتياجاتهم من السوق.

وكما قرارها المفاجئ بإغلاق منافذ السوق بين ليلة وضحاها، تراجعت المحافظة أيضاً بشكل مفاجئ عن قرارها وأعادت فتح الأبواب جميعها بعد أيام معدودة، وما تزال الأبواب مفتوحة حتى الوقت الحالي.