icon
التغطية الحية

مجلة بريطانية تستعرض تطورت قوة حماس منذ تأسيسها

2023.10.11 | 17:35 دمشق

عناصر من كتائب القسام أي الجناح العسكري لحركة حماس
عناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

خلال الساعات الأولى من يوم السابع من تشرين الأول، أطلقت حماس التي تحكم غزة أكثر من ألفي صاروخ باتجاه إسرائيل، وعبر أكثر من ألف مقاتل من حماس الحدود الفاصلة بين إسرائيل وغزة، وبعضهم أتى على متن طائرات شراعية آلية. وخلال الساعات الثماني والأربعين التالية، قتل هؤلاء أكثر من 900 إسرائيلي، أي إن عدد القتلى تجاوز أعداد كل من قتلوا خلال السنوات التسع عشرة الماضية من النزاع، ناهيك عن الأسرى الذين بلغ عددهم 150 أسيراً. فوجئت إسرائيل بما حدث نظراً لأن حماس لم تنفذ هجوماً كبيراً كهذا من قبل، إذ افترضت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأن حماس قررت خلال السنوات الماضية الإحجام عن أي مواجهة واسعة النطاق مع إسرائيل، وبأن قدرة حماس على تنفيذ ذلك ماتزال محدودة، إلا أن إسرائيل أخطأت في ذلك، ولكن ما مدى القوة التي تتمتع بها حماس الآن؟

النشأة

أسست حماس في عام 1987 على يد الشيخ أحمد ياسين، عقب الانتفاضة الأولى التي حارب فيها الآلاف من الفلسطينيين الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. انضم ياسين لحركة الإخوان المسلمين التي تعتبر أقدم حركة إسلامية في العالم، عندما كان في القاهرة، ولهذا أراد أن يجعل من حماس فرعاً سياسياً لجماعة الإخوان في غزة.

وفي الميثاق الأول للحركة والذي نشر في عام 1988، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية والتي يشار إليها بالأحرف الأولى فتصبح حماس، بأن مهمتها تحرير فلسطين من إسرائيل التي لا تتمتع ككيان بأي شرعية. ثم نفذت الحركة أولى هجماتها على مواقع عسكرية إسرائيلية في عام 1989 وأسست رسمياً جناحاً عسكرياً لها في أوائل تسعينيات القرن الماضي، ثم أعلنت معارضتها لاتفاقيات أوسلو التي سعت لإقامة سلام بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، وذلك عبر تنفيذ عمليات انتحارية في الداخل الإسرائيلي.

الوضع قبل الحرب الأخيرة

كانت الحركة في بداياتها ضعيفة على المستويين السياسي والعسكري، ولكن قوتها السياسية تعاظمت بين صفوف الفلسطينيين، إذ في عام 2006، أي بعد عام على الانسحاب الإسرائيلي من غزة، فازت حماس بأغلبية المقاعد في الانتخابات الفلسطينية، وشكلت بعد ذلك حكومة وحدة وطنية جديدة مع حركة فتح التي تعتبر منافستها القومية. في حزيران 2007، وبعد حرب أهلية قصيرة، فرضت حماس سيطرتها على غزة، وتركت لفتح إدارة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ورداً على ذلك فرضت إسرائيل ومصر حصاراً خانقاً على القطاع الساحلي في عام 2007، خنقتا من خلاله الاقتصاد، وهذا ما حبس أهالي غزة بالنتيجة ضمن سجن مفتوح. ومنذ ذلك الحين لم تجر أي انتخابات، فأصبحت حماس تدير غزة من خلال دولة ظالمة تضم حزباً واحداً، الأمر الذي خلف حالة إحباط وخيبة أمل بين بعض الفلسطينيين تجاه قيادات حماس، بيد أن أغلب الشعب الفلسطيني يعتبر حماس أكثر كفاءة من السلطة الفلسطينية الفاسدة المعتلة.

الإمكانيات العسكرية

على الرغم من الحصار، تمكنت حماس من بناء قدراتها العسكرية رويداً رويداً، إذ بحلول عام 2008، عندما شنت حماس أولى حروبها ضد إسرائيل، كانت قد طورت هيكلها العسكري ودربت الآلاف من المقاتلين، بفضل الدعم الإيراني والسوري ودعم حزب الله الذي يصل إليها تهريباً، ولذلك صارت حماس تطلق صواريخها المحلية طوال عام من الزمان، بيد أن تلك الهجمات الصاروخية لم تحقق الكثير على الصعيد العسكري، لأن الضربات الإسرائيلية التي أتت رداً عليها قتلت في غزة ما يقرب من 1200-1400 فلسطيني.

منذ ذلك الحين صارت حماس تبتكر وتبدع، إذ في عام 2014، عندما شنت حربها الثالثة ضد إسرائيل (بما أن حربها الثانية قامت في عام 2012)، أصبحت لديها سلسلة أوسع من الإمكانيات القتالية، إذ زاد عدد صواريخها ومداها، وتحسن أداؤها في إخفاء بنيتها التحتية العسكرية، كما طورت منظومة أنفاق تصل إلى إسرائيل لتشن هجماتها عليها، إلى جانب إقامتها لمنظومة أنفاق أخرى يتم من خلالها نقل السلاح القادم من مصر، وهذا ما زاد من كفاءة مقاتليها على الأرض، إذ استمروا في القتال طوال خمسين يوماً. وبحلول عام 2021، تمكنت حماس من إطلاق 4300 صاروخ على إسرائيل في هجوم استمر 11 يوماً. (في عام 2014 أطلقت نحو 4500 صاروخ خلال خمسين يوماً)، بيد أنه مايزال من الصعب مقارنة حماس بعدوّها، إذ بعد الهجمات التي شنتها حماس في عام 2021 وقتلت نحو عشرة أشخاص، قصفت الطائرات والمروحيات الحربية الإسرائيلية غزة المتداعية بالأصل، في رد انتقامي على هجمات حماس، فقتلت أكثر من مئتي مدني فلسطيني.

تجنبت حماس تصعيد النزاع مع إسرائيل طوال عامين، وهذا ما جعل بعض الناس يفترضون بأن القوى المهيمنة ضمن قيادات حماس أصبحت تركز على ترسيخ حكمها في غزة، إلا أنهم أخطؤوا في ذلك، لأن الهجوم الذي نفذ في السابع من تشرين الأول كان أكثر تطوراً بكثير من أي هجوم سبق لحماس أن شنته، وذلك لأن حماس شنت هجومها هذه المرة على مراكز الاستشعار الإسرائيلية وعطلت كاميرات المراقبة لديها، كما استفادت من الحرب الإلكترونية المتطورة فاعترضت نظم الاتصالات الإسرائيلية بحسب ما ورد في تقرير نشرته رويترز. أي إن كل ذلك يشير إلى أن حماس بقيت تعزز تقنياتها العسكرية لبعض الوقت، إلى جانب حصولها على بعض الدعم الخارجي الذي يرجح أنه وصلها من إيران.

استطاعت حماس أن تشن هجومها على الرغم من وجود حالة عدم تكافؤ كبيرة، وذلك لأن القوات الإسرائيلية تتفوق عليها بالعدد والعدة بأشواط، إذ تقدر إسرائيل القوة العسكرية لحماس بنحو 30 ألف مقاتل، ولهذا استدعت 300 ألف جندي احتياطي  يوم الاثنين الماضي، وذلك حتى ينضم هؤلاء للمئة والسبعين ألف جندي إسرائيلي نظامي في الخدمة حالياً. كما أن لدى الجيش الإسرائيلي ترسانة أكبر من الأسلحة تضم زوارق ودبابات مخصصة لإطلاق الصواريخ، ما يعني أن على أهالي غزة البالغ عددهم مليونين أن يستعدوا للأسوأ.

 

 المصدر: The Economist