icon
التغطية الحية

مجلة "الدار" مشروع ثقافي يطلقه لاجئ سوري في النرويج

2021.06.04 | 11:06 دمشق

مجلة "الدار" مشروع ثقافي يطلقه لاجئ سوري في النرويج
غلاف العدد الثاني من مجلة "الدار"
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

أطلق طبيب أسنان فلسطيني - سوري لاجئ في النرويج، وبمساعدة من أصدقائه، مجلة ثقافية ناطقة باللغتين العربية والنرويجية لتكون جسرا ثقافيا يربط بين اللاجئين والسكان المحليين في النرويج.

وذكر موقع "مهاجر نيوز" أن الطبيب الفلسطيني الأصل القادم من دمشق، أسامة شاهين، أطلق مشروعاً ثقافياً تحت مسمّى "مجلة الدار" لتكون مثل منزل "يتم فيه نقاش أمور متعددة تتعلق بالثقافة ومجريات الحياة لتعزيز التواصل وتخفيف وطأة المنفى" بحسب ما جاء في تعريف المجلة.

"الدار" ومضامينها

كتب شاهين بالخط العريض تعريفا للمجلة على غلافها، جاء فيه:

"الدار تعني البيت، وكل فضاء يشغله الساكن. ومجلتكم التي تحمل هذا الاسم ستحاول أن تكون دارا ً يتم فيه نقاش أمور متعددة تتعلق بالثقافة ومجريات الحياة لتعزيز التواصل وتخفيف وطأة المنفى. دار مجلة يقدمها المهاجرون والسكان المحليون معا".

ويقول شاهين عن المجلة: "الفكرة واتتني عندما لاحظت وجود صعوبات كبيرة لدى المهاجرين الجدد الذين لا يتقنون اللغة النرويجية، وأيضا لدى كبار السن في فهم الإجراءات الحكومية، وتفاقمت هذه الصعوبات لديهم مع بداية جائحة كورونا، وما رافقها من إجراءات حكومية تتعلق بالإغلاق والعلاج".

"بيننا".. أول وسيلة إعلامية للاجئين يطلقها سوريون في إسبانيا

ويضيف: "ناقشت مع أصدقاء مهاجرين ونرويجيين فكرة إصدار مجلة باللغتين العربية والنرويجية، لتكون جسرا بين ناطقي العربية والنرويجية. أصدرنا العدد الأول في شهر كانون الأول 2020 حيث أطلقنا موقعا إلكترونيا صمم بجهود ذاتية من أصدقاء متطوعين، كما أننا جمعنا من أنفسنا بعض المال لنقوم بطباعة العدد الأول".

وبحسب شاهين فإن كورونا كان الموضوع الرئيسي للعدد الأول من المجلة، فقد فرض الموضوع نفسه، "حاولنا ترجمة القرارات الحكومية وبعض المواضيع التي نشرتها الصحف النرويجية، كما حاولنا نقل كيف واجه اللاجئون كورونا، وما هي انطباعاتهم، وترجمناها إلى النرويجية، بالإضافة إلى ذلك فتحنا الباب لمن يرغب بالكتابة من خواطر وتجارب ذاتية وحتى بعض المواضيع السياسية التي يراها اللاجئون مهمة في حياتهم".

لقي النجاح الكبير للمجلة ترحيب العديد من النرويجيين، ولا سيما من قبل بعض الجامعات التي تدرس اللغة العربية بالنرويج، وبعض المؤسسات التي تدعم اللاجئين، والاحتفاء الكبير بهذا المشروع الذي يعد الأول من نوعه في النرويج، أسهم في سرعة إصدار العدد الثاني والحصول على منحة من مؤسسات ثقافية نرويجية هي (FrittOrd) "الكلمة الحرة"، وكذلك (Kulturrådet) "المجلس الثقافي" في النرويج لتغطية تكاليف المجلة والطباعة والنشر وذلك لمدة عام كامل، قابلة للتجديد.

مواجهة العنصرية بالكلمة

العنصرية كان الموضوع الرئيسي للعدد الثاني من المجلة، فبالرغم من وجود مؤسسات داعمة للاجئين في النرويج، فإن عنصرية بعض الأحزاب تجاه الهجرة واللاجئين هي مشكلة كبيرة أمام اللاجئين في النرويج، كما أن التضييق على اللاجئين والمطالبة بإرجاعهم كما هو الحال في الدنمارك، يلقى صدى كبيرا داخل المجتمع النرويجي من بعض الأحزاب التي تطالب بقوانين مماثلة.

موضوع العنصرية لقي استحسانا كبيرا لمناقشته من قبل مهاجرين ونرويجيين، وأوضحت هيئة تحرير المجلة سبب هذه الأهمية بقولها:

"في إحدى المحادثات مع الكاتبة المغربية النرويجية رانيا برود، وسؤالها عن مواضيع تبدو أكثر أهمية للنقاش في الأعداد القادمة من مجلة الدار. أجابت رانيا دون تردد: العنصرية" وتم ذلك بالفعل.

واستقطبت المجلة العديد من الكتاب العرب والنرويجيين، يقول شاهين، ويشير إلى أنهم هم يكتبون بشكل تطوعي "بيد أن الأهمية التي تكمن في عملنا، هي أننا استطعنا أن نشيّد جسرا بين المهاجرين والمواطنين، وأن نتحدث عن مشكلاتنا وهويتنا، ومخاوفنا، وهو ما أعتقد أنها الأساس الصحيح في أية عملية اندماج داخل المجتمع".

صاحب "الدار"

غادر الطبيب أسامة شاهين سوريا متجهاً إلى روسيا عام 2014 قبل أن يتمكن بعدها من مغادرة الأراضي الروسية وتقديمه اللجوء في النرويج عام 2015 ليصبح أحد أفراد الجالية السورية الصغيرة والتي ازداد عددها في الآونة الأخيرة ليصبح نحو 35 ألفا ولتكون واحدة من أبرز الجاليات المهاجرة الواصلة إلى هذا البلد الإسكندنافي.

صعوبات اللجوء

يرى شاهين أن اللاجئين في النرويج يواجهون ظروفا قاسية جدا، إذ يحرم اللاجئ من ممارسة حياته العادية، في تعلم اللغة أو مواصلة التعليم أو حقه في لم الشمل أو حرية التنقل بين الولايات حتى البت في طلبه، وهي فترة تتراوح بين 8 ـ 24 شهرا. وهي ما يسميها الكثيرون "مرحلة الجمود".

وبحسب شاهين فإن هذه الفترة هي من أصعب الفترات التي يواجهها اللاجئ القادم إلى النرويج، حيث تعتبر مرحلة تغييب كامل له في حياته العامة. بعد هذه الفترة وفي حال قبول الطلب من قبل سلطات الهجرة، يدخل اللاجئ في المرحلة الثانية والمكونة من 4 فصول دراسية قابلة للتمديد، حيث يجب عليه دراسة اللغة، وأسلوب الحياة في النرويج، وأيضا يتاح له التدرب ضمن عدة مهن، ليسمح له بالعمل بعدها في هذه المهنة بعد إنهاء مرحلة الإعداد والتأهيل.

تحدي الذات بالقرب من المتجمد الشمالي

طبيب الأسنان الشاب وجد نفسه في مدينة بيرغن المطلة على بحر الشمال، والتي تأتي في المرتبة الثانية من حيث المساحة بعد العاصمة أوسلو، وتشتهر ببرودة طقسها. في مجتمع جديد ولغة جديدة، وعدد قليل من العرب والسوريين حوله، حيث تبلغ الجالية العربية حاليا زهاء 150 ألف شخص ينتشرون في جميع المدن النرويجية.

وبالرغم من رفض طلب لجوئه في المرة الأولى وطلب السلطات منه العودة إلى روسيا، فإنه لم يستسلم، وطعن في القرار وصمم على تعلم اللغة وإتقانها، حيث تم قبوله في برنامج الماجستير تخصص "تنمية صحية". بيد أن عمله في المستشفيات النرويجية في فترة التدريب، واختلاطه مع اللاجئين والنرويجيين على حد سواء مكنه من فهم المجتمع النرويجي بشكل أفضل كما أنه استطاع أن يرى المشكلات والصعوبات التي يواجهها اللاجئون في النرويج ولا سيما من لا يتقن اللغة أو من كبار السن. وتعمقت هذه الفجوة مع انتشار مرض كورونا، وعدم تفهم بعض اللاجئين لإجراءات الإغلاق الحكومية، ما دعاه وبمساندة عدد من أصدقائه ومتطوعين عرب ونرويجيين إلى إصدار مجلة باللغتين العربية والنرويجية لتكون جسر تواصل بين المواطنين واللاجئين ولإتاحة الفرصة لكل منهما في فهم الآخر بلغته بصورة أفضل.