icon
التغطية الحية

مبادرة إلغاء نظام "الكفيل" وانعكاساتها على السوريين في السعودية

2021.03.26 | 08:20 دمشق

45qf.jpg
(إنترنت)
إسطنبول ـ تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أطلقت المملكة العربية السعودية "مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية"، أو ما يُعرف بمبادرة إلغاء نظام "الكفيل"، التي من شأنها تذليل عقبات كانت تقيّد حرّية الموظفين الأجانب العاملين على أرض المملكة في علاقتهم مع أصحاب العمل (الكفلاء) في السابق.

وكانت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمملكة، صرّحت في الـ 4 من تشرين الثاني الماضي، بأنها قررت تحسين العلاقة التعاقدية بين العامل ورب العمل، من خلال سياسات أبرزها، إلغاء نظام الكفيل، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في الـ 14 من آذار الجاري.

وتنصّ المبادرة السعودية على السماح للموظفين الأجانب بالخروج والعودة، أو الخروج النهائي، والتنقل الوظيفي من عمل لآخر، بمعزل عن موافقة صاحب العمل. كما تحدّد المبادرة آليات الانتقال خلال سريان العقد شريطة الالتزام بفترة الإشعار والضوابط المحددة.

وتشمل خدمات المبادرة، جميع العاملين الوافدين في منشآت القطاع الخاص ضمن ضوابط محددة تراعي حقوق طرفي العلاقة التعاقدية. ويستفيد العامل من الخدمة وفق شروط، أهمها أن يكون ضمن العمالة المهنية الوافدة الخاضعة لنظام العمل.

ما أهداف المبادرة؟

تشمل المبادرة جميع العاملين "الوافدين" في القطاع الخاص. ما عدا "العمالة المنزلية". وتهدف المبادرة، بحسب بيان لوزارة الموارد البشرية في السعودية الذي حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة منه، إلى:

  • حماية حقوق أطراف العلاقة التعاقدية
  • زيادة مرونة وفعالية وتنافسية سوق العمل
  • رفع جاذبية سوق العمل ومواءمته مع أفضل الممارسات العالمية ونظام العمل السعودي
  • تعزيز دور عقد العمل الموثّق كمرجعية تعاقدية في العلاقة العمالية.
01_7.jpg

 

02_4.jpg

 

03_5.jpg

 

04_1.jpg

 

الشروط الواجب توفّرها لتحقيق خدمة "التنقّل الوظيفي"

يُشترط على العامل الراغب بتغيير وظيفته أن يكون مسجّلاً رسمياً ضمن الوزارة، أي أنه يكون خاضعاً لنظام العمل، وأن يكون قد أمضى 12 شهراً لدى صاحب العمل الحالي، بالإضافة إلى وجود عقد عمل موثّق بينهما، وأن يقدّم إشعاراً لصاحب العمل إلكترونياً بطلب نقل الخدمة قبل 90 يومياً من الانتقال أو عند الرغبة في إنهاء العلاقة التعاقدية.

ولا يمكن للعامل نقل وظيفته قبل مضي 12 شهراً على قدومه للعمل أول مرة إلى المملكة لدى المنشأة الحالية، ولكن نصّت المبادرة على استثناءات لنقل خدمات العامل، وعلى العامل تقديم ما يثبت انطباق الحالات الاستثنائية عليه بالإضافة إلى وجود عرض وظيفي يُقدم عن طريق صاحب العمل الجديد من خلال منصة "قوى" التابعة للوزارة، مع استيفاء صاحب العمل الجديد شروط الأهلية ليتم استثناؤه.

كما يحق للعامل الانتقال بعد انقضاء الـ12 شهراً مع الالتزام بالشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد شريطة ألا يخالف نظام العمل، وأن يلتزم بفترة الإشعار المحددة (90 يوماً). وينطبق ذات الشيء على العامل الراغب بنقل خدماته خلال عمله الثاني والذي يليه أيضاً، حيث يلتزم بالشرط الجزائي وبمدة الإشعار.

ويتم تنفيذ إجراء طلب خدمة التنقّل الوظيفي من قبل المنشأة الجديدة، عبر منصة "قوى" أيضاً، التابعة للوزارة.

خدمات الخروج

خدمة "الخروج والعودة"، تسمح للعامل برفع طلب الخروج والعودة خلال سريان عقد العمل بشكل آلي عبر منصة "أبشر".

أما خدمة "الخروج النهائي"، فهي خدمة تسمح للعامل طلب الخروج النهائي خلال سريان عقد العمل أو بعد انتهاء العقد بشكل آلي أيضاً عبر منصة "أبشر".

العقوبات والتعويضات

يحدد عقد العمل الموثّق التزامات وحقوق الطرفين، والإجراءات المترتبة عند الإخلال بها بما يتوافق  مع نظام العمل، وعند الإخلال بالعقد من قبل العامل أو صاحب العمل، يتم اعتماد بنود تلك الالتزامات في الفصل بينهما في حال تقديم شكوى إلى الوزارة.

وحول تعويض صاحب العمل عن المقابل المالي الذي تم دفعه في حال طلب العامل الانتقال إلى عمل آخر، ذكرت الوزارة في بيانها أنها ستعتمد آلية تراعي عدم تحمّل صاحب العمل الحالي أي رسوم عن الفترات اللاحقة لانتقال العامل إلى منشأة أخرى.

وأضاف البيان أن المنشأة الجديدة لن تتكلّف بدفع أي رسوم حكومية (رخصة عمل- الإقامة- رسوم خدمة..) عند طلب الانتقال. أما "رسوم الاستقدام" فيتحملها صاحب العمل كما كان معمولاً به في السابق.

السوريون في السعودية

لا توجد إحصائية دقيقة بأعداد السوريين المقيمين داخل أراضي المملكة العربية السعودية. وورد في أحد التصريحات أن عدد السوريين (اللاجئين) بلغ نحو مليونين ونصف المليون، ولا شكّ أن التصريح قد قُصد فيه جميع السوريين المقيمين في السعودية، وغالبيتهم من الأسر التي يعمل أربابها في مختلف الشركات والمؤسسات السعودية الخاصة (ممن تشملهم المبادرة)، ويملكون "تأشيرات دخول" نظامية منذ ما قبل ظهور قوافل اللجوء التي أعقبت اندلاع الثورة في سوريا، في ربيع عام 2011، بسنوات طويلة.

وبحسب بيانات المؤسسة العامة للتأمينات السعودية، بلغ عدد المشتغلين -من مختلف الجنسيات- في القطاع الخاص السعودي، بنهاية 2020، نحو 8.02 ملايين فرد؛ منهم 6.27 ملايين أجنبي (78.2 في المئة). يشكّل العاملون السوريون نسبة مرتفعة تصل لنحو 20% من العمالة في السعودية (في حال اعتماد تعداد المليونين والنصف واستثناء النساء والأطفال وبقية الفئات غير العاملة).

انعكاسات المبادرة على العمالة السورية 

موظّف سوري فضّل عدم الكشف عن اسمه، يعمل في مركز لبيع العطورات بالمدينة المنورة، قال لموقع تلفزيون سوريا إن المبادرة "بلا شك هي الأولى من نوعها منذ بدء قدوم العمالة الأجنبية إلى السعودية، في منتصف القرن الماضي".

ويتابع: "حين تم الإعلان عن إطلاق المبادرة منذ نحو 5 أشهر، تفاءل الجميع بها، وهذا ما حصل أيضاً حين تم إقرارها رسمياً في منتصف هذا الشهر. فالمرونة التي توفرها المبادرة في التعامل مع الكفلاء من شأنها أن تزيح عن كاهل العاملين (المكفولين) حملاً ثقيلاً كان يعيق حركتهم وحرية خياراته، ليس في مسألة السفر فحسب بل في تغيير أماكن واختصاصات عملهم، وتطوير أساليب عيشهم أيضاً في حال الانتقال من عمل بأجر منخفض إلى عمل بأجر أعلى، وهنا تبرز خاصية التنافسية أيضاً على مستوى شركات السعودية ما يساهم في تطوير أدائها".

بات العامل على "كفالة الحكومة"

أما المقيم السوري "علي رمضان"، فيؤكّد لـ موقع تلفزيون سوريا أن "إلغاء نظام الكفالة إيجابي، لجميع العاملين وليس للسوريين فقط، حيث كان بعض الكفلاء يتحكّمون بمصير العاملين من خلال استصدار (بلاغات هروب) بحقّهم أو (خروج نهائي) من دون وجه حق".

كما أن نقل الكفالة كان صعباً جداً، يقول رمضان مشيراً إلى أنه "الآن أصبح العامل على كفالة حكومة المملكة، وما يربطه بالكفيل هو عقد العمل فقط وما يتضمنه من بنود بين الطرفين".

ويضيف أن المبادرة تصب أيضاً في صالح السعوديين أيضاً، حيث إنها تحول دون حالات "التسيّب في العمالة والتستّر التجاري، فكثيراً ما كان بعض العاملين يزاولون مهنة ثانية غير المهنة التي تم استقدامه على أساسها، فعلى سبيل المثال نجد عاملاً مسجّلاً كسائق سيارة يعمل بمهنة تجارة العقارات أو يفتح مطعماً، وهكذا. بالتالي أتصور أن المبادرة ستحدّ كثيراً من تلك المخالفات".

رأي مخالف

بينما كان لأحد الأطباء السوريين العاملين في مركز طبّي سعودي، قول آخر في المبادرة حيث أوضح لموقع تلفزيون سوريا أن المبادرة "ليست بالضرورة أن تنعكس إيجابياً على العاملين أو الكفلاء في المملكة" لافتاً إلى أن البند المتعلّق بما يطلق عليه "إخلاء الطرف" من قبل الكفيل قد ألغي في المبادرة المطروحة "لكنه لا يُعدّ حلاً جذرياً سواء للمكفولين أو للكفلاء".

ويُضيف الطبيب أن آلية تنفيذ المبادرة وانعكاساتها "لم تتّضح تفاصيلها بعد، بالإضافة إلى أن بعض أفراد الطرفين، الكفيل والمكفول، استغلّ المبادرة لإلحاق الضرر بالآخر. ونظراً لعلاقاتي مع العديد من مواطني المملكة ومسؤوليها وموظفيها، وصلتني أنباء تفيد بأن الشكاوى التي صارت تَرِد يومياً لوزارة العمل بالسعودية تضاعفت كثيراً عقب صدور قرار المبادرة".

ويُرجع الطبيب سبب تضاعف أعداد الشكاوى الواردة، سواء من قبل الكفيل أو المكفول، إلى "طبيعة النفس البشرية" على حد وصفه. وقال: "استغلّ بعضهم القرار بهدف الإيذاء. أحد الكفلاء على سبيل المثال، وضع شرطاً جزائياً في عقد جدّده مع بعض عماله السوريين، تضمّن دفع مرتّبات 6 أشهر في حال ترك العمل قبل انتهاء المدة المتفق عليها في العقد، والعامل هنا ليس أمامه كثير من الوقت للتفكير، فإما أن يوافق على توقيع العقد بشرطه الجزائي أو يلغى مباشرة، وبالتالي يتم تسفيره!".

ويتابع: "وبالمقابل، فإن بعض العمال السوريين، استغلّوا صدور المبادرة وعدم اطّلاع الكفيل على بنودها وتفصيلاتها، فأنهوا عقودهم فوراً ونقلوا إلى أعمال جديدة أخرى دون الالتزام ببنود الشروط الجزائية أو حقوق الكفيل الأول. كل ذلك أسهم في ارتفاع أعداد الشكاوى وإحداث فوضى داخل سوق العمل السعودي، ومن غير المعروف متى ستتضح آلية تنفيذ المبادرة بالصورة الصحيحة التي تحفظ حقوق الطرفين".