ما مصير (إليزابيث تسوركوف) المختطفة في العراق؟

2023.07.12 | 06:17 دمشق

ما مصير (إليزابيث تسوركوف) المختطفة في العراق؟
+A
حجم الخط
-A

ليس من الهين الكتابة في المواضيع الغامضة، وبالذات في دولة مثل العراق، حيث إن الأمور متشابكة ومرتبكة ولا يمكن بسهولة تمييز الأمور حتى في وضح النهار!

وقد تعودنا في العراق على سياسة الغموض بين القوى المالكة للسلاح والحكومة، وقد تكون الحكومة، أحيانا، آخر من يعلم بحقائق الجوانب الأمنية والاقتصادية.

والاختطاف من أبرز صور الغموض، وهو نوع من أنواع الاختفاء القسري وقد اعتاد العراقيون على سماع حكايات الاختفاء القسري بكل أنواعها للمواطنين والأجانب، والكثير من هذه العمليات انتهت إما بالقتل أو المقايضات المالية أو المصير المجهول!

ومنذ عدة أشهر لم نسمع بعمليات اختطاف معلنة في العراق، ولكن المفاجئة كانت بإعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في السادس من تموز/ يوليو الحالي، اختطاف باحثة إسرائيلية في العراق، تدعى إليزابيث تسوركوف، وتحمل أيضا الجنسية الروسية، وذلك بعد أربعة أشهر من عملية الاختطاف!

وتؤكد العديد من الصحف الإسرائيلية بأن تسوركوف باحثة مشهورة بشؤون داعش والشرق الأوسط، وذكرت مصادر عراقية بأنها زارت العراق أكثر من عشر مرات، وبجواز سفر روسي لترتيب بحثها لنيل شهادة الدكتوراه نيابة عن جامعة برينستون في الولايات المتحدة!

التسريبات غير الرسمية تشير إلى أن تسوركوف اختطفت من العاصمة العراقية بغداد، وقد كانت في مهمة بحثية قبل أسبوع من الاختطاف في محافظة ميسان جنوبي العراق، للقاء بعض قادة التيار الصدري!

وهذا يعني أنها روسية وإسرائيلية وتعمل لترتيب شهادة دكتوراه نيابة عن جامعة أميركية، بمعنى آخر فإن قضيتها مرتبطة بروسيا وإسرائيل وأميركا إضافة إلى الدولة التي وقعت فيها الحادثة، العراق!

وبعيدا عن التعقيدات التحليلية المتعلقة بهذه الحادثة الغامضة سنحاول هنا التركيز على قضية الاختطاف ومصير المختطفة، والمآلات المتوقعة لهذه الحادثة على الساحة العراقية حصرا!

التسريبات غير الرسمية تشير إلى أن تسوركوف اختطفت من العاصمة العراقية بغداد، وقد كانت في مهمة بحثية قبل أسبوع من الاختطاف في محافظة ميسان جنوبي العراق، للقاء بعض قادة التيار الصدري!

بداية، (أو نهاية)، حكاية تسوركوف كانت بمطعم في منطقة الكرادة ببغداد، وقد أظهرت بعض مقاطع الفيديو أن المختطفة كانت برفقة شخص عراقي ربما هو حارسها الشخصي، ويقال بأنه هو الذي نسق عملية اختطافها مع جهة مجهولة!

والغريب أن تسوركوف ركزت في بحثها على فصائل موالية لإيران وعلى التيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، وفقا لتسريبات إعلامية عراقية غير رسمية!

ومع ذلك فإن مكتب نتنياهو، أكد بأن جماعة "كتائب حزب الله" العراقية المصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، هي من اختطفت تسوركوف!

وهذا الكلام أكدته صحيفة "يديعوت" الإسرائيلية!

فكيف وقعت حادثة الاختطاف، وكيف حددت الحكومة الإسرائيلية والصحيفة الجهة الخاطفة، ومن الذي سرب لهم هذه المعلومة الأمنية الدقيقة، وكيف عرفوا بأنها على قيد الحياة؟

على العموم قد يكون موضوع بحث تسوركوف هو الذي سلط الضوء عليها، وأوقعها في هذا المطب؛ لأننا لم نسمع من قبل أن باحثا عراقيا أو أجنبيا امتلك هذه الجرأة للاقتراب من الخطوط الحمراء التي تمثلها فصائل الحشد الشعبي، والتي تعد دولة داخل الدولة، وكذلك اقترابها من أسوار التيار الصدري الذي يمتلك شعبية منقطعة النظير في بغداد والجنوب، وربما حصولها على معلومات، وفي زيارتها الأخيرة لميسان أراد الصدر من خلالها الانتقام من فصائل الحشد الأخرى!

وهل عملية الاختطاف وقعت بالدرجة الأولى في ميدان التناحر بين القوى العراقية المالكة للسلاح، وذلك كون أن الاختطاف جرى بعد لقاء قيادات من التيار الصدري بمحافظة ميسان الجنوبية؟

وهل أراد الخاطفون أن تتوجه أصابع الاتهام للتيار الصدري، والانتقام منه سياسيا وأمنيا، وبالذات مع تنامي الخلافات بين الصدر والفصائل المسلحة التي يطالبها بتسليم أسلحتها للحكومة؟

وأيضا ربما تهدف خطوة الاتهام لزيادة العزلة التي يعاني منها التيار منذ أن أعلن زعيمه ترك العمل السياسي منتصف حزيران/ يونيو 2022 على الرغم من فوزه بغالبية مقاعد البرلمان، وكذلك إضعاف احتمالية عودته للانتخابات المحلية نهاية العام الحالي؟

صحيفة يديعوت كشفت أيضا بأن إسرائيل تجري مفاوضات من وراء الكواليس في محاولة للإفراج عنها عبر عدة قنوات بما في ذلك الحكومتان الروسية والأميركية وغيرهما، وهذا، ربما، دليل قاطع على أن المختطفة معلومة المكان، وإلا لا يمكن أن تكون المفاوضات حول أمر مجهول وبآليات مجهولة، ومع أطراف مجهولة؟

اللافت للنظر أنه، وبالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية علنية بين العراق وإسرائيل، فإن مكتب نتنياهو أكد على أنه يرى بأن "العراق مسؤول عن مصيرها وسلامتها"!

واللافت للنظر أن كتائب حزب الله العراقية سارعت بعد ساعات من الإعلان الإسرائيلي للتأكيد، في بيان، بأن "رئيس وزراء الكيان الصهيوني اعترف بوجود عنصر أمني إسرائيلي في العراق هو مؤشر خطير للغاية، يجب الوقوف عنده والتعامل معه بدقة وحزم".

وقد حمل البيان في طياته العديد من الرسائل الغريبة وأشار إلى أنهم سيبذلون "جهداً مضاعفاً للوقوف على مصير (الأسير أو الأسرى) الصهاينة في العراق، خدمة للصالح العام ولمعرفة المزيد عن نوايا تلك العصابة الإجرامية ومن يقوم بتسهيل تحركاتهم في بلد يحظر ويجرم التعامل معهم"!

هل ستدخل قضيتها ضمن ملفات التناحر الأميركي – الإيراني، ومنها الملف النووي، على اعتبار أن القوة الخاطفة (حزب الله العراقي) معلومة الولاء والقرب من إيران؟

وهذا تلميح بعدم معرفتهم بالحادثة، فكيف جزم مكتب نتنياهو بمعرفة الجهة الخاطفة، والجزم بهذه المعلومات الخطيرة؟

ويبقى أمامنا عشرات الأسئلة الغامضة، ومنها:

  • هل "تسوركوف" روسية أصالة أم إسرائيلية، ولمَ لمْ تطالب روسيا بالكشف عن مصيرها، وما الذي جعل إسرائيل تصمت لأكثر من أربعة أشهر على حادثة الاختطاف؟
  • وهل حاولت إسرائيل خلال الأشهر الماضية معرفة مصيرها وبعد أن وصلت إلى طرق مسدودة أو نهايات غامضة أعلنت عن الحادثة؟
  • ولا ندري لماذا تقول إسرائيل بأن "تسوركوف" ليست عميلة للموساد، وأن من خطفها فعل ذلك على أساس كونها أجنبية وروسية وإسرائيلية، وهم يعرفون أساسا أنها إسرائيلية"؟
  • وهل أرادت إسرائيل عبر الإعلان عن الحادثة تصفية تسوركوف من قبل الخاطفين، على اعتبار أنها مواطنة إسرائيلية وليست روسية؟
  • وهل "تسوركوف" موجودة الآن في العراق، أم أنها وصلت إلى إيران أو لمكان آخر؟
  • وهل ستدخل قضيتها ضمن ملفات التناحر الأميركي – الإيراني، ومنها الملف النووي، على اعتبار أن القوة الخاطفة (حزب الله العراقي) معلومة الولاء والقرب من إيران؟
  • وهل تمتلك حكومة محمد شياع السوداني القدرة على معرفة مصير "تسوركوف"، أم أن هذه الحادثة ستكون سببا في تأزيم علاقاتها مع فصائل الحشد الشعبي، وقد تكون القشة التي ستقصم ظهر الحكومة وتخرجها مبكرا من الملعب السياسي؟

وفي محاولتها لتجنب الإحراج السياسي الداخلي والخارجي فتحت حكومة السوداني تحقيقا بشأن "تسوركوف"!

وأكد المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي "بما أن هذه القضية على هذا المستوى ومتداخلة، بالتالي لا يوجد أي تصريح رسمي بهذا الخصوص إلى أن تكمل الحكومة العراقية تحقيقاتها الرسمية وتصل إلى نتائج"!

ولا ندري متى تُكْمل الحكومة تحقيقها؟

ولا ندري ما هو المصير المرتقب لها، وهل سيتم مبادلتها بأسرى من جنسية ما لدى الكيان الصهيوني أم ستستخدم كورقة ضغط ضد واشنطن أم أن النهايات الغامضة هو المصير المرتقب للمواطنة الروسية والإسرائيلية؟

كل السيناريوهات قائمة، والترقب يفرض نفسه على الجميع إلى أن تقول بغداد كلمتها في هذه الحادثة الغامضة!