icon
التغطية الحية

ما سياق وأسباب تشكّل "ثائرون للتحرير"؟ وهل يعكس ذلك خلافاً داخل "عزم"؟

2022.01.24 | 10:53 دمشق

غرفة عزم
حلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

طغت أخبار الاندماجات والانشقاقات داخل الجيش الوطني السوري خلال النصف الثاني من عام 2021، فبعد أن كانت فصائل الجيش تتوزع على ثلاثة فيالق، باتت الآن ضمن ثلاثة تشكيلات عسكرية، إذا ما استثنينا الجبهة الوطنية للتحرير العاملة في محافظة إدلب.

غالبية فصائل الجيش الوطني تعمل الآن ضمن غرفة القيادة الموحدة "عزم"، لكن التشكيل نفسه قُسّم إلى عدة أقسام، الأول يتمثل بالفيلق الثالث، والثاني بحركة ثائرون التي اندمجت مع الجبهة السورية للتحرير (فصيل خارج عزم) وأصبحتا كتلة واحدة، والقسم الثالث يجري العمل عليه ومن المقرر أن يرى النور قريباً.

الإعلان عن "هيئة ثائرون للتحرير"

أعلنت حركة "ثائرون" التابعة لغرفة عزم أمس الأحد عن الاندماج مع الجبهة السورية للتحرير، ضمن "تشكيل ثوري جديد" يحمل اسم "هيئة ثائرون للتحرير"، ويعمل تحت مظلة الجيش الوطني والحكومة السورية المؤقتة.

حركة "ثائرون" التي يقودها فهيم عيسى تضم خمسة فصائل، وهي: "فرقة السلطان مراد، فيلق الشام - قطاع الشمال، ثوّار الشام، فرقة المنتصر بالله، الفرقة الأولى بمكوناتها (لواء الشمال والفرقة التاسعة واللواء 112)"، وتتبع للقيادة العامة في "عزم"، التي قالت عن تشكيل الحركة إنّها "تأتي ضمن الخطط الرامية إلى توحيد مكوّنات الغرفة بشكل كامل"، وأما "الجبهة السورية للتحرير" التي يقودها المعتصم عباس، فتضم حالياً "فرقة الحمزة"، و"فرقة المعتصم"، و"فرقة القوات الخاصة".

وأثار الإعلان عن التشكيل الجديد جملة من الأسئلة، أبرزها فيما إذا كان سيبقى ضمن غرفة القيادة الموحدة "عزم"، لكون "ثائرون" تعمل في الغرفة، أم سيكون خارجها على اعتبار أن الجبهة السورية للتحرير لا تتبع لها ولم تنضم لها سابقاً.

في أي سياق يأتي الاندماج؟

يرى مراقبون أن الاندماج الجديد، جاء بعد تنامي قوة الفيلق الثالث ضمن "عزم" وسعي فصائله للانصهار بالفعل ضمن تشكيل واحد عبر دمج مختلف المكاتب الإدارية وتوحيد الجهد العسكري، حيث يعمل قادة "هيئة ثائرون" على موازنة الكفة مع الفيلق، وأن تكون نداً له عند أي استحقاق قادم.

والجدير بالذكر أن الفيلق الثالث تم الإعلان عنه في الثامن عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويضم الجبهة الشامية، وجيش الإسلام، وفيلق المجد، والفرقة 51، ولواء السلام، وفرقة ملكشاه.

وقال قائد الجبهة السورية للتحرير، المعتصم عباس، إنهم أكدوا مع تشكيل الجبهة أنها عبارة عن خطوة أولى وستتبعها خطوات تفضي إلى إنهاء الحالة الفصائلية، مضيفاً "اليوم نعلن عن اندماج كل من الجبهة السورية للتحرير وحركة ثائرون تحت اسم هيئة ثائرون للتحرير دعماً وتمكيناً للمؤسسة العسكرية والجيش الوطني السوري والحكومة السورية المؤقتة".

وتابع عباس في حديث مع موقع تلفزيون سوريا "بالنسبة للفيلق الثالث هم إخواننا، ونحترمهم ولهم منا كل التقدير، اندماجنا هو تكميل لمشروع الاندماج الذي هو أساساً تحت مظلة واحدة وهي الجيش الوطني".

وعند سؤالنا لـ"عباس" عن مستقبل حركة ثائرون ضمن غرفة عزم، أجاب بالقول "الاندماج تحت مظلة الجيش الوطني، الإخوة في حركة ثائرون ما زالوا ضمن غرفة عزم، أما نحن كجبهة فلم ندخل عزم".

إجابة قائد الجبهة السورية للتحرير تعطي انطباعاً بأن فصائل التشكيل الجديد غير متناغمة، وأن الاندماج سيكون جبهوياً وليس انصهاراً كاملاً بين قطبي "هيئة ثائرون".

لكن عباس أكد أنهم عينوا قائداً عاماً واحداً للهيئة، وهو "فهيم عيسى" (قائد السلطان مراد) على أن يكون نائبه الأول "سيف بولاد أبو بكر" (قائد فرقة الحمزة) ونائبه الثاني "النقيب أبو جلال" (قائد الفرقة الأولى) ورئيس الأركان "المعتصم عباس" (قائد فرقة المعتصم).

هل تعكس الخطوة خلافاً داخل "عزم"؟

عادةً كانت حركة "ثائرون" تنشر بياناتها الرسمية مع ذكر اسم غرفة القيادة الموحدة في أعلى البيان، لكن بيان الاندماج مع الجبهة السورية للتحرير لم يتضمن أي ذكر أو إشارة لغرفة "عزم"، فهل من الممكن أن يعكس ذلك خلافاً داخل مكونات الغرفة؟

قياديٌ في عزم - فضل عدم الكشف عن اسمه - قال لموقع تلفزيون سوريا إن أهداف غرفة القيادة الموحدة كانت وما زالت تجميع التشكيلات داخل الغرفة للوصول الى جسم واحد، وهذا الاندماج يأتي ضمن نفس السياق.

وأضاف أن حركة ثائرون ما زالت ضمن غرفة القيادة الموحدة، نافياً أن يكون الاندماج قد يعكس خلافا داخل عزم، وإنّما خطوة من خطوات مماثلة حصلت سابقاً. وأشار إلى أن "جلسات عديدة عقدت بين مكونات هيئة ثائرون استمرت لأسابيع تمّ الاتفاق فيها على الخطوات النهائية بين الفصائل المندمجة وصولاً للإعلان".

وترافق الإعلان عن "هيئة ثائرون" مع حديث عن أن الاندماج جاء استجابة لضغوط خارجية لمواجهة الفيلق الثالث ومنعه من أن يكون صاحب الكلمة العليا في المنطقة، لكن القيادي لم يجزم بذلك، وقال: "ربما هناك إملاءات عليهم، لكون هذه التشكيلات مبنية وقائمة على ذلك".

عزم: ثائرون ليست منافساً للفيلق الثالث

أفاد مدير العلاقات في "عزم" عبد الله الشيباني بأن قيادة عزم تسعى لكل ما يعزز الاندماج ووحدة الصف والعمل الجماعي الذي يؤمل منه أن يخدم الثورة المباركة، وتعتبر أن هذه الخطوة في الاتجاه نفسه.

وأشار الشيباني لموقع تلفزيون سوريا، إلى وجود اتفاق منذ بداية تشكيل غرفة القيادة، ينص على توحيد ودمج مكونات عزم والفصائل العاملة خارج الغرفة وصولاً إلى قيادة موحّدة وفاعلة، مؤكداً أنّ ثائرون مستمرة بالعمل ضمن غرفة القيادة.

وأضاف "بعد جلسات عديدة بين مكونات هيئة ثائرون استمرت لأسابيع تمّ الاتفاق على الخطوات النهائية بين الفصائل المندمجة، والوقت طبيعي، ونحن نعتبر كل تأخر في الاندماج هو غير الطبيعي".

وأردف "لا تعد هيئة ثائرون منافساً للفيلق الثالث وإنّما هي مع الفيلق يعدّان أكبر مكونين في غرفة القيادة الموحدة عزم، وتتطلع الغرفة إلى أن يثمر هذا الاندماج بخطوة متقدّمة أكثر خلال الأيام القادمة".

اندماج آخر مرتقب

في وقت سابق ذكر قائد "عزم" أبو أحمد نور خلال لقاء مع عدة صحفيين، أنهم يعملون على إنشاء نموذجين أو ثلاثة نماذج للاندماج الكامل داخل غرفة القيادة الموحدة (على سبيل المثال انصهار كل 3 أو 4 فصائل ضمن تشكيل واحد)، إلى حين الوصول إلى جسم موحد.

وبعد ذلك تم الإعلان عن اندماج عدة فصائل باسم حركة "ثائرون" ضمن عزم، وكذلك اندماج فصائل أخرى باسم الفيلق الثالث، فيما بقيت فصائل أخرى ضمن القيادة الموحدة خارج كلا التشكيلين الجديدين.

وأكد الشيباني وجود خطوات لاندماج فصائل الشرقية تحت اسم "الجبهة الشرقية"، وتضم أربعة فصائل هي: جيش الشرقية، أحرار الشرقية، الفرقة 20، صقور الشام قطاع الشمال، مع تشكيل مجلس قيادة للجبهة ضمن ترتيبة القيادة الموحدة.

علاقة الاندماج بملف "العمشات"

أُعلن عن "هيئة ثائرون" بعد أيام من تأكيد غرفة "عزم" التزامها بتنفيذ القرارات الصادرة بحق فرقة "السلطان سليمان شاه" التي يقودها محمد الجاسم "أبو عمشة"، حيث أشار الناطق باسم الغرفة الرائد يوسف حمود إلى أن "عزم ملتزمة بتنفيذ القرارات الصادرة عن اللجنة الثلاثية المشكلة للنظر في القضايا المتعلقة بفرقة السلطان سليمان شاه"، وأنّ اللجنة استأنفت عملها وتحقيقاتها في القضية للوصول إلى القرار النهائي.

وقبلت "عزم" في 11 من تشرين الثاني الماضي، عودة فرقة "السلطان سليمان شاه" إلى صفوفها، وعملها ضمن حركة "ثائرون"، مقابل عدة شروط، من ضمنها تعاون الفرقة مع القضاء، وتسليم كل من يثبت عليه تجاوزات وانتهاكات لتسويتها.

وربما يُفهم من الاندماج الأخير أنه محاولة لتجميع القوى ودعم "أبو عمشة" العامل ضمن "هيئة ثائرون" بوجه أي قرار قد يصدر ضده بعد انتهاء اللجنة من عملها، إلا أن قادة عزم ينفون ذلك بشدة.

وشدد الشيباني على عدم وجود أي ترابط بملف فرقة سليمان شاه وتشكيل الهيئة، لكون إعلان الاندماج سبقته عدة اجتماعات قبل فتح ملف الفرقة بفترة، كما أن الجميع ملتزم بقرار اللجنة التي شكلتها عزم، كما أن المعتصم عباس أوضح أن "الجميع ارتضى اللجنة الثلاثية، ونحن أيضاً لا نرى أي خلاف على اللجنة".

يذكر أن موقع تلفزيون سوريا كشف في تقرير سابق عن طرح عدد من أعضاء المجلس الإسلامي السوري مبادرة لتوحيد فصائل الجيش الوطني على أسس متينة، يمكن من خلالها تفادي عمليات الانشقاق المتكررة من قبل بعض الفصائل، وكان من المخطط أن تنضم الجبهة السورية للتحرير إلى عزم بشكل رسمي، ويبدو أن تلك المحاولة لم يكتب لها النجاح، حيث ما زالت عمليات الاندماج تتم بشكل غير مدروس، ما يزيد من فرص فشلها مستقبلاً.