icon
التغطية الحية

ما أسباب السقوط السريع لبلدة كفرنبودة أمام ميليشيات الأسد؟

2019.05.08 | 20:05 دمشق

بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي
+A
حجم الخط
-A

سقطت بلدة كفرنبودة، البلدة التي استعصت على قوات الأسد سنوات طويلة، وسيطرت عليها ميليشيات النظام عصر اليوم، الأربعاء، وسط مقاومة خجولة لا تذكر، مقارنة بمعارك شهدتها جبهاتها في العامين 2013 و2015 على التوالي، لتبدأ ميليشيات "النمر" عمليات "التعفيش" في أحيائها المدمرة كلياً إثر قصف جوي وبري مركّز طيلة عشرة أيام بلياليها.

تقع كفرنبودة في ريف حماة الشمالي الغربي، في منطقة استراتيجية للغاية، إذ تعتبر صلة الوصل بين ريف حماة الشمالي ومنطقة سهل الغاب، وتعد بوابة ريف إدلب الجنوبي، باعتبارها تجاور بلدة الهبيط التابعة لمدينة خان شيخون، ما جعلها خط الدفاع الأول عن مناطق المعارضة في المحافظتين.

البلدة التي خرجت عن سيطرة النظام أواخر عام 2011، حاول استردادها مراراً، لا سيما في العام 2013 حينما فشل العقيد سهيل الحسن في حملة استعادتها، وبرزت آنذاك "جبهة حق المقاتلة" التابعة للجيش الحر والتي أسسها يوسف الحسن ابن كفرنبودة، كفصيل بارز ذو تدريب وتسليحين جيدين في المنطقة، قبل أن تقضي عليه جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حالياً) أواخر عام 2014.

الحملة الأبرز على كفرنبودة كانت في تشرين الأول لعام 2015، حينما دعمت روسيا حملة برية وجوية واسعة لاجتياح الريف الحموي، فكانت مجزرة الدبابات التي نفّذتها فصائل الجيش الحر بقوات النظام وميليشياته، فانكسرت الحملة وفشلت في تحقيق أهدافها، وبرزت آنذاك قدرة الفصائل الدفاعية في منطقة وعرة يصعب على النظام وحلفائه دخولها. فما الذي تغير الآن؟

بالعودة سريعاً إلى خبر سقوط كفرنبودة عصر اليوم، فإن الفصائل التي شاركت في الدفاع عنها خلال الأيام الثلاثة الفائتة، كانت مزيجاً من الجبهة الوطنية للتحرير وجيش العزة، مع تواجد خجول لهيئة تحرير الشام، لكن المفارقة تكمن في أن المعارك اكتسبت طابعاً عشوائياً في ظل غياب غرفة عمليات مركزية تنظم العمل الدفاعي كما جرت العادة.

 كذلك فإن وجود "تحرير الشام" يعدّ الأول من نوعه في هذه المنطقة بعد معركة إقصاء فصائل الجيش الحر التي قادتها الهيئة مطلع العام الجاري، وبسطت من خلالها هيمنتها رسمياً على ريفي إدلب وحماة، ووصولاً إلى ريف حلب الغربي، وساهمت، كما فعلت سابقاً، في تشتيت مركزية الفصائل وإضعاف نفوذها شمال حماة وفي سهل الغاب، وهو ما ينسحب على جيش النصر وحركة أحرار الشام، المكونين الرئيسيين في الجبهة الوطنية للتحرير، الأمر الذي انعكس مباشرة على نتائج معركة كفرنبودة.

اقتتال "الهيئة" مع فصائل "الحر" لم يكن السبب الوحيد في السقوط السريع لكفرنبودة، فسياسة روسيا التي اتبعتها في الغوطة الشرقية وحلب سابقاً، من خلال القصف الجوي المكثف، طبقته في ريفي حماة الشمالي والغربي وإدلب الجنوبي، منذ الثامن والعشرين من نيسان الفائت، الأمر الذي تسبب بإفراغ مدن وبلدات المنطقة من سكانها، وتدمير الأحياء والبنى التحتية بشكل كامل، وهو ما انعكس بشكل سلبي على معنويات الفصائل المحلية.

ما زالت المعارك على أطراف البلدة بأوجها، إذ تحاول فصائل الجيش الحر كبح جماح الميليشيات المدعومة روسيا، في ظل تخوف من سيناريو أكثر سوداوية، من خلال تطويق مدينتي كفرزيتا واللطامنة في ريف حماة الشمالي، وبالتالي سقوط محتّم لمدينة مورك المجاورة والمطلة على الاوتستراد الدولي، وذات المصير قد تواجهه بلدة قلعة المضيق في سهل الغاب، وهو ما يعني فعليًا سيطرة النظام على كامل الريف الحموي، ليبدأ النظام بمرحلة جديدة تهدف إلى تطويق واقتحام مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي.

لكن هذا السيناريو، ورغم كونه الأقرب من حيث المعطيات الميدانية والظروف السياسية المحيطة، قد يفشل فيما لو نجحت فصائل الجيش الحر بترتيب أوراقها مجددًا، وربما ترتكب، هذه الفصائل مجتمعة، مجزرة جديدة بدبابات الأسد ومدرعاته، كما فعلت قبل نحو أربعة أعوام.