icon
التغطية الحية

لم يحصلوا عليها.. هل مول سائقو التكاسي بدمشق أجهزة GPS للآليات الحكومية؟

2024.05.18 | 16:29 دمشق

دمشق
شارع وسط العاصمة دمشق ـ رويترز
دمشق ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

أعاد تأخر رسائل البنزين إلى أذهان سائقي التكاسي بدمشق، الوعود بتركيب أجهزة التعقب GPS للتزود بالبنزين، بعد أن دفع بعضهم مئات الآلاف ودفع آخرون أكثر من 1.5 مليون ليرة كرسوم.

في أيار الماضي، هددت محافظة دمشق سائقي التكاسي بوقف تزويدهم بالبنزين إذا لم يسجلوا على خدمة GPS ويدفعوا الرسوم المفروضة لقاء ذلك خلال شهر فقط.

وقال عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات والتجارة بمحافظة دمشق قيس رمضان حينها، في تصريح لإذاعة "شام إف إم" المقربة من النظام، إنه سيجري تركيب الـ GPS للتكاسي خلال فترة شهر، موضحا أن من يرفض تركيبها لن يحصل على البنزين المخصص له.

لكن ذلك لم يتم حتى اليوم، وفي المقابل تم تركيب الأجهزة لجميع السيارات الحكومية. وقال سائق في أحد الوزارات لموقع تلفزيون سوريا إن الجهة المسؤولة ركبت نظام "الجي بي إس" على السيارات الحكومية، بدلا من تركيبها على التكاسي التي دفعت الرسوم لقاء ذلك.

وأشار السائق إلى أن الشكوك تدور حول قيام الحكومة بتمويل تلك الأجهزة لآلياتها من الرسوم التي دفعها سائقو التكاسي، وهذا ما يبرر ارتفاع الرسوم حتى وصلت إلى 1.5 مليون ليرة نهاية العام الماضي بحسب شكاوي السائقين.

يؤكد سائق آخر للموقع، أن الأجهزة تلك حرمت بعض السائقين في القطاع العام من مورد مهم حيث كانوا يعتاشون على بيع بعض البنزين من مخصصات السيارات الحكومية التي يقودونها نتيجة تدني رواتبهم، في حين كشف تركيب الأجهزة عن الكثير من التجاوزات لسيارات مركونة في المرائب ولا تتحرك، ويستفيد سائقوها من جميع المخصصات الشهرية التي تصل إلى 350 لتراً بعض الأحيان.

وأشار السائق إلى أن تلك التجاوزات الضخمة دفعت الحكومة لتأجيل تركيب الأجهزة للتكاسي مقابل آلياتها، مضيفاً أن الاستعجال في تركيب تلك الأجهزة للسيارات الحكومية بذات التوقيت الذي كان فيها سائقو التكاسي يهددون بحرمانهم من البنزين إن لم يدفعوا الرسوم حتى دون حصولهم على الأجهزة، أثار الشكوك عن مصدر تمويل أجهزة آليات للقطاع العام الذي يعاني أصلاً من ضائقة مالية ولم يرصد أي مخصصات لتلك الأجهزة في موازنته.

تسويف واضح

في تموز 2023، كشف مصدر لصحيفة الوطن  المقربة من النظام أن عدد السيارات التي دفعت رسوم التركيب المقدرة بحوالي 370 ألف ليرة وصل إلى نحو الـ 9 آلاف سيارة تكسي، مهدداً بأن الفترة القادمة سيتم إيقاف التزود بالمادة لكل سائق لم يدفع الرسم لقاء التركيب، متوقعاً أن يتم البدء بتركيب الأجهزة لمختلف السيارات التي دفعت الرسم خلال أيلول من ذات العام.

وفي تشرين الثاني من العام الماضي أي بعد الموعد المفترض بشهرين، أعلن قيس رمضان عن أن البدء بتركيب الأجهزة سيكون خلال أيام، متوقعاً انتهاء أعمال التركيب قبل نهاية العام 2023، مشيراً إلى أن 80% من التكاسي دفعت الرسوم.

المفاجئ، أنه بعد شهر من الإعلان عن أن بدء التركيب سيكون خلال أيام، قام سائقو السرافيس بالاعتراض على الارتفاع الكبير في رسوم أجهزة الـGPS والتي أصبحت تكلف 1.5 مليون ليرة سورية، وقال أحد سائقي الأجرة في دمشق، لموقع نورث برس إن "الشكاوى تم تقديمها إلى وزارة النقل وشركة المحروقات في العاصمة دمشق، إلا أنها قوبلت بالتجاهل الكامل، على اعتبار أن هذه الرسوم الإضافية تساهم في إيرادات الخزينة السورية والاقتصاد الوطني".

وانقضى عام 2023، وحتى اليوم لم يتم تركيب سوى عدد بسيط من الأجهزة على سيارات الأجرة بحسب ما رصده الموقع، وقد تم تجريب التركيب مرتين ولعدد بسيط جداً من السيارات (العشرات) وحالياً أجهزتهم غير مفعلة ولا تعمل.

وبحسب السائقين، المرة الأولى تم تركيب دفعة صغيرة في أيلول 2023، والمرة الثانية في تشرين الثاني، وكانت التجربة سيئة للسائقين حيث انتظروا كثيراً لساعات طويلة، وبعضهم ركّب الجهاز والآخر لم يركّب وطُلب منه عدم الرجوع حتى يطلب منه.

تأجيل لعام آخر

في كانون الأول الماضي أي نهاية العام 2023، تبين أن المشروع متوقف بالفعل وأُعلن عن ذلك رسمياً بشكل غير مباشر، رغم تسديد السائقين للرسوم التي فرضت عليهم دون حصولهم على الجهاز، وبعد تهديدهم بحرمانهم من البنزين.

وقال مدير هندسة النقل والمرور في محافظة دمشق سامر حداد لموقع أثر برس المقرب من النظام حينها، إن مشكلة الشركة التي اتفقوا معها لتركيب الأجهزة، كانت في تأمين المكان من أجل تجميع السيارات؛ إذ طلبت الشركة أن يكون المكان في كراج الانطلاق ولكن لا يوجد أبداً أي إمكانية لذلك، قائلاً "عندما يتم إدخال 40 تاكسي مثلاً إلى الكراج هذا سيتسبب في فوضى وازدحام ومشاكل بين السائقين”، مضيفاً: “لذلك طلبنا من الشركة أن تحدد مكاناً ونحن نساعدها بكل الإمكانيات".

بحسب حداد، فإن الشركة بدأت بتركيب أجهزة التتبع لسيارات التاكسي أمس (تقريباً في 19 كانون الأول 2023) على مراحل على أن تنتهي خلال مدة أقصاها عام أي أن المدة تأجلت حتى نهاية 2024.

لماذا التأجيل؟

يؤكد سائقون من مديريات مختلفة الشائعات التي تقول إن حكومة النظام بدأت تستفيد من عائدات رسوم تركيب الـGPS الخاصة بالتكاسي لتمويل تركيبها على سياراتها الحكومية، وبحسب توجيه وزارة النفط في آذار الماضي، يجب الانتهاء من تركيب الأجهزة على المركبات الحكومية في حزيران 2023، لكن في بداية العام 2024 أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاع في محافظة دمشق قيس رمضان أن الانتهاء منها من المفترض أن يتم خلال الشهر كانون الثاني، أي أن مشروع الأجهزة الحكومية يسير بشكل سريع قياساً بسائقي التكاسي الممولين للمشروع.

كم جمعت الحكومة من السائقين؟

حداد قال لأثر برس إنه "لدينا ما يزيد على 30 ألف تاكسي وتحتاج إلى وقت وإجراءات لتركيب الأجهزة علماً أن إطلاق مشروع التركيب سيكون في كل سوريا".

في حال دفع السائقون فقط الرسوم التي قيل إنها 370 ألف ليرة مع بداية المشروع، فإن الحكومة ستجمع 11.1 مليار ليرة خلال عام، لكن الرقم هذا سيصبح مهولاً في حال دفع نصفهم فقط 1.5 مليون ليرة كما الشكاوى الأخيرة، ليصبح مجموع ما ستجنيه من 50% رسوم 370 ألف ليرة و50% رسوم أعلى 1.5 مليون ليرة، حوالي 22 مليار ليرة.