لماذا وماذا يعني لقاء جاويش أغلو والمقداد؟

2023.01.13 | 05:59 دمشق

لماذا وماذا يعني لقاء جاويش أغلو والمقداد
+A
حجم الخط
-A

بعد تصريح الرئيس أردوغان واقتراحه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيل لجان ثلاثية تركية روسية سورية لتسريع عجلة الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق، دارت هذه العجلة بأسرع مما كان يُتوقع لها فبعد أقل من أسبوعين التقى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بنظيره السوري علي محمود عباس تحت سماء موسكو برعاية روسية، لتخرج بعدها تصريحات عن إيجابية اللقاء بين الطرفين وتكثر بعدها التداولات الصحفية والإعلامية عن لقاء مرتقب بين وزيري خارجية كلا الطرفين إما منتصف هذا الشهر أو آخره أي بفترة أقل من شهر من لقاء وزيري الدفاع، وهنا تكثر التساؤلات لماذا هذا التسارع في لقاءات على هذا المستوى العالي وماذا سيجني الطرفان منها؟

المغريات الروسية تحو تركيا في ملفي الغاز والحبوب يمكن اعتبارها من ضمن الأسباب التي جعلت الموقف التركي يتغير نحو الملف السوري

لا شك أن اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا كان أحد الأسباب الرئيسية في هذا التسارع في اللقاءات السياسية بين الطرفين، فالكل يعلم أن المعارضة لجأت لملف اللاجئين السوريين كورقة رابحة لها ضد الائتلاف الحاكم مستغلة التململ في المجتمع التركي من تدهور الأوضاع الاقتصادية، بل حتى إنها ربطتها بشكل رئيسي بوجود اللاجئين السوريين وكلا الورقتين (اللاجئين والاقتصاد) كانتا سلاحين فاعلين في تقليب فكر الناخب التركي من أجل الفوز بالانتخابات بعد عدة أشهر، لكن هذه المعادلة بالنسبة للمعارضة تطبيقها على أرض الواقع أمر غير منطقي فكيف لها تطبيع العلاقات مع دمشق وسط رفض أميركي لهذا الأمر، وخاصة أنها محسوبة على الطرف الأميركي سواءً على الصعيد السياسي أو حتى الاقتصادي، لذلك سيحاول الائتلاف الحاكم سحب هذه الورقة قدر الإمكان من المعارضة قبيل الانتخابات.

المغريات الروسية تحو تركيا في ملفي الغاز والحبوب يمكن اعتبارها من ضمن الأسباب التي جعلت الموقف التركي يتغير نحو الملف السوري، فالحرب الروسية الأوكرانية جعلت الدور التركي يزداد أهمية بشكل ملحوظ لروسيا على الصعيد الإقليمي والدولي، ولهذه المغريات متطلبات بلا شك لموسكو ولا بد أن الملف السوري المُتعب لروسيا وحتى تركيا لا بد من الوصول لنقطة وسط على الأقل تُريح روسيا من أعبائه دون تناسي الضغوطات الأميركية التي ستفرضها على تركيا لمنعها من الانجراف نحو روسيا عدوة الغرب بسبب حربها التي شنتها على أوكرانيا.

الخلاف التركي الأميركي في مسألة قسد في الشمال السوري يمكن اعتباره الشعرة التي قسمت ظهر البعير بين واشنطن وأنقرة في الملف السوري، فحتى الآن تطالب الأخيرة بسحب سلاح قسد وإنهائها لأنها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف على لائحة الإرهاب في أوروبا وأميركا، وهذا ما ترفضه واشنطن لأنها تعتبر تلك القوات ذراعها البشري في سوريا لتنفيذ أجندتها ومصالحها هناك، ويمكن عد رفض الولايات المتحدة الأميركية للعملية العسكرية التركية في الشمال السوري ضد قسد قراراً عمق الخلاف بين الحليفين في الناتو، وجعل تركيا تتجه نحو المحور الروسي الأمر الذي ترفضه واشنطن جملةً وتفصيلاً.

من بين كل الدول المتداخلة في الملف السوري وحدها تركيا التي لديها حدود مع سوريا ولديها كثير من المفاتيح الاقتصادية التي ممكن أن تنعش نوعاً ما الاقتصاد السوري المتهالك

لعل المصاعب الاقتصادية التي يعاني منها النظام السوري وما تسببه من اختناقات حقيقية على جميع الأصعدة سواء العسكرية منها أو المدنية وغيرها تجعل من تركيا بوابة اقتصادية حقيقية له، فمن بين كل الدول المتداخلة في الملف السوري وحدها تركيا التي لديها حدود مع سوريا ولديها كثير من المفاتيح الاقتصادية التي ممكن أن تنعش نوعاً ما الاقتصاد السوري المتهالك، فإذا أضفنا الاقتصاد علاوة على ما تملكه تركيا من أوراق أخرى على صعيد المعارضة السورية يمكن اعتبار ذلك زيادة للنفوذ التركي غير الخشن (سياسي اقتصادي) في سوريا، وهذا بالتأكيد سيكون مصلحة مهمة للطرفين ولعله أهم للطرف السوري الذي سيكسب بذلك مكاسبَ سياسية واقتصادية تساعده في التخلص من العقوبات الأميركية المفروضة عليه.

التقارب التركي السوري أو حتى التطبيع لا شك أنه أهم حجر عثرة يتم إزالته بالنسبة للنظام السياسي في دمشق، لأنه ببساطة سيتخلص من الخصم الحقيقي الذي تحارب معه لعدة سنوات على كل الأصعدة العسكرية منها والاقتصادية والأمنية والسياسية، على عكس قسد وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية التي سمحت لها بالتفاوض والتعاون مع دمشق لذلك لم تكن قسد خطراً حقيقياً على دمشق كما هو حال المعارضة التي تدعمها تركيا ولكن السؤال إلى أي مدى سيتم هذا التقارب، وما مدى التفاهمات بين أنقرة والمعارضة السورية وماذا ستفعل واشنطن حيال ذلك؟ ولعل لقاء وزيري خارجية كلا الطرفين سيرسل تلك الرسائل وربما يزيدا عليها.