icon
التغطية الحية

للتنسيق على 3 مستويات وبلا قائد.. ما الهدف من تشكيل "القوة الموحدة" بريف حلب؟

2023.11.10 | 05:43 دمشق

عناصر من الجبهة الشامية في الجيش الوطني - تويتر
عناصر من الجبهة الشامية في الجيش الوطني - تويتر
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

في الخامس من الشهر الجاري، أعلنت فصائل الجبهة الشامية في الفيلق الثالث ضمن الجيش الوطني، وفرقة المعتصم في الفيلق الثاني، و"تجمع الشهباء" المقرب من "هيئة تحرير الشام"، عن تشكيل ما سمته "القوة الموحدة"، ضمن الجيش الوطني السوري في ريف حلب الشمالي.

وتنتشر الفصائل المذكورة ضمن نطاق جغرافي محدد، تلتصق فيه حدود السيطرة بين هذه الأطراف، إذ يتركز وجود الجبهة الشامية في مدينة اعزاز بريف حلب، بينما تعتبر مدينة مارع معقلاً لفرقة المعتصم، في حين ينقسم "تجمع الشهباء" إلى ثلاثة أقسام من ناحية التوزع، إذ تنتشر "الفرقة 50 - أحرار التوحيد" في ريف اعزاز، وحركة نور الدين الزنكي في ريف عفرين، و"أحرار الشام - القطاع الشرقي" بريف مدينة الباب.

مع الإعلان عن تشكيل "القوة الموحدة"، انهالت التهم عليها، بـ "التنسيق مع هيئة تحرير الشام"، للانقلاب على الجيش الوطني، وتمهيد الطريق أمام الهيئة للسيطرة على مناطق نفوذ الجيش الوطني في ريف حلب الشمالي والشرقي بشكل كامل، علماً أن "القوة" هذه قالت في بيان التأسيس، إن الهدف منها رفع الكفاءة العسكرية للتشكيلات المنخرطة فيها.

ومع الأخذ والرد الذي تبع الإعلان، ما زال هناك كثير من الأسئلة العالقة، والتي لم تجب عليها "القوة الموحدة" أو مسؤوليها، ولعل أبرزها: في أي سياق تشكّلت القوة؟ وما علاقتها بـ "هيئة تحرير الشام"، وما مدى رضا وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة بهذا التشكيل؟ على اعتبار أنها صنّفت "تجمع الشهباء" في وقت سابق على أنه خارج الجيش الوطني، فضلاً عن الأهداف التي تميزها عن سابقاتها من غرف العمليات المشتركة بين الفصائل، وآلية القيادة فيها، والنتائج المتوقعة لهذا التشكيل على الواقع العسكري والأمني في المناطق الخاضعة لسيطرته.

تعريف "القوة الموحدة" على لسان مسؤوليها

جاء في بيان الإعلان عن تشكيل "القوة الموحدة" أنها تعكس "إيمان الفصائل العاملة فيها بأهداف الثورة السورية المباركة، ودعم المؤسسات الثورية وتعزيز فاعليتها، والسعي لرفع الكفاءة العسكرية للتشكيلات، والحفاظ على السلم الأهلي وتمكينه، ومنع الاقتتال الداخلي"، بحسب نصّ البيان.

قائد الجبهة الشامية "عزام غريب" (أبو العز سراقب)، قال في بيان جرى تداوله على مجموعات التواصل الاجتماعي، إن "القوة الموحدة" نتاج جلسات تشاورية بين الفصائل الثلاثة، انتهت إلى صيغة نهائية للإعلان عن التكتل الجديد بهدف "تحقيق الأهداف الأساسية في الحفاظ على السلم الأهلي ورفع السوية العسكرية وضبط الجبهات والاستعداد الأفضل لأي استحقاق عسكري قادم، دفاعاً أو هجوماً، ودعم مؤسسة الجيش الوطني"، داعياً إلى "الاستعداد للمرحلة القادمة بكل ثبات وجدّية وتفاؤل وقطع الطريق على المشكّكين والمثبّطين".

كذلك نشر قائد "تجمع الشهباء"، حسين عساف، تغريدة على منصة "إكس"، قال فيها: "‏الحمد لله  الذي وفقنا في أولى الخطوات في السعي لتوحيد المحرر في (القوة الموحدة)"، بينما ذكر المعتصم عباس قائد فرقة المعتصم، أن "اجتماعنا هذا سيكون بادرة خير وبارقة أمل في سبيل الارتقاء بالواقع العسكري والأمني، ومنع الاقتتال والاحتراب الداخلي وحفظ السلم الأهلي"، بحسب وصفه.

من "مجلس عسكري" إلى "قوة موحدة"

قبل أنّ يُعلن عن تشكيل "القوة الموحدة"، نشر موقع تلفزيون سوريا تقريراً، شرح من خلاله مصدر مطلع على كواليس ومراحل المباحثات بين الفصائل، الآلية التي وصلت بموجبها هذه التشكيلات إلى توافق على العمل ضمن "قوة موحدة"، إذ قال المصدر في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إن "الفكرة كانت في البداية تتمحور حول تشكيل مجلس عسكري يضم الجبهة الشامية وفرقة المعتصم وتجمع الشهباء، مع احتمالية انضمام جيش الشرقية".

ووفق المصدر، فإن المسؤول التركي عن منطقة "درع الفرات" بريف حلب، أخبر قائد الجبهة الشامية برفض تشكيل مجلس عسكري مع تجمع الشهباء المقرب من "هيئة تحرير الشام"، وإنما العمل على التقارب مع "الفرقة 50" ضمن "الشهباء" (معظم أفرادها من مدينة تل رفعت وكانوا سابقاً ضمن الجبهة الشامية)، ومحاولة إعادة دمج الفرقة مع "الشامية"، وبالتالي إضعاف "الشهباء".

بالمقابل، رفض قائد الجبهة الشامية المقترح، واتجه للعمل المشترك والتنسيق مع "تجمع الشهباء" المقرب من الهيئة، ولكي لا يواجَه قائد الشامية بإجراءات معاكسة من الجانب التركي، قرر تغيير التسمية من مجلس عسكري إلى قوة موحدة.

تنسيق على 3 مستويات وبلا قائد

قال مسؤول في "القوة الموحدة" - طلب عدم الكشف عن اسمه لكونه غير مخوّل بالتصريح لوسائل الإعلام- إنّ "القوة الموحدة" ليست اندماجاً بين الفصائل الثلاثة، إنما عبارة عن آلية للتنسيق حول ثلاثة ملفات (العسكري - الأمني - منع الاقتتال).

وأضاف المسؤول في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن "القوة" غير معنية بأي ملف آخر خارج هذه المسائل، مضيفاً أن التشكيل غير قادر وحده على إدخال هيئة تحرير الشام إلى منطقة ريف حلب الشمالي - كما انتشرت الأنباء - فالأمر يتعلق بفصائل أخرى ووزارة الدفاع، والأهم، الجانب التركي، الذي يدير المؤسسات المدنية والعسكرية بشكل مباشر، بالتالي فإن أي تدخل للهيئة، يعني الصدام مع تركيا، بالتالي لا تملك فصائل "القوة الموحدة" الصلاحية أو التأثير الذي يمكّنها من تسليم "ملفات سيادية" للهيئة.

وأشار إلى أن الملف الاقتصادي لم يُناقش بالمطلق خلال الاجتماعات التمهيدية للإعلان عن تشكيل "القوة الموحدة"، مضيفاً أن انخراط الجبهة الشامية على وجه التحديد ضمن التشكيل برفقة تجمع الشهباء، لن يمنحها ميزات اقتصادية أو أموالا من واردات معبر الحمران بريف حلب الشرقي الخاضع لسيطرة الهيئة وحلفائها من تجمع الشهباء.

في ما يخص قيادة "القوة الموحدة"، نفى المسؤول الأنباء التي تشير إلى أنها بقيادة حسين عساف (قائد تجمع الشهباء)، مضيفاً أن "القوة" ليس لها قائد واحد كما جرت العادة في التحالفات العسكرية، على اعتبار أنها ليست اندماجاً، إنما مجرد تنسيق.

ولفت إلى أن قادة الجبهة الشامية وتجمع الشهباء وفرقة المعتصم يتشاركون في القيادة، مع تعيين ثلاثة مستشارين لكل واحد منهم، والاتفاق على أن آلية اتخاذ القرار في التكتل تعتمد على التوافق المطلق وليس الأكثرية، بمعنى أن رفض قائد واحد لقرار ما، مقابل موافقة القائدين الآخرين، يعني عدم تمرير القرار ما لم توافق الأطراف الثلاثة عليه.

تقليل من أهمية "القوة الموحدة"

قلل المسؤول نفسه من أهمية "القوة الموحدة"، معتبراً أنها أعطيت أكبر من حجمها، وفُهمت في غير سياقها، حيث إن الأطراف انخرطت ضمنها لمصالح آنية، كما أشار إلى أن مدى تماسك القوة لا يُعرف الآن، إنما يُختبر عند الأحداث المصيرية والتهديدات التي قد تواجه "القوة الموحدة" أو بعض تشكيلاتها.

ما علاقة تحرير الشام بالقوة الجديدة؟

ترافق الإعلان عن "القوة الموحدة" مع اتهامات لها من قبل مناهضين لـ "هيئة تحرير الشام"، بأنها "نواة مشروع بديل للجيش الوطني السوري، صُنع على أعين الجولاني"، بينما وصفها آخرون بـ"مشروع ضرار"، ذلك دون أي رد من مسؤولي القوة على تساؤلات الرأي العام بهذا الخصوص.

وفي سياق تعليقه على هذه الجزئية، قال مصدر من الجبهة الشامية لموقع تلفزيون سوريا، إنّ الجبهة ما زالت تعتبر هيئة تحرير الشام عدواً، مشيراً إلى عدم تنسيق الفصيل مع الهيئة بخصوص القوة الموحدة، إنما جرى التنسيق مع تجمع الشهباء الذي تتشارك الشامية معه السيطرة الجغرافية.

وأقرّ المصدر بعمق التنسيق بين هيئة تحرير الشام وتجمع الشهباء، قائلاً: "تشكّل تجمع الشهباء بتخطيط مباشر من قبل الهيئة، ولكون التجمع يتقاسم السيطرة على منطقة محددة مع الجبهة الشامية، ولكون مقاره تقع في مناطق ضمن السيطرة المباشر للشامية، كان لزاماً على الطرفين إيجاد آلية تنسيق حول بعض الملفات ومنها الأمنية، بعدما تكررت حوادث الخطف في مدينة اعزاز لأشخاص على خلاف مع الهيئة".

اتفاق مصلحة مشتركة

وصف الباحث في الشأن السوري، وائل علوان، الإعلان عن تشكيل القوة الموحدة بأنه "اتفاق مصلحة مشتركة"، لمواجهة تحالف قادة الفيالق الثلاثة، أو القيادة الرسمية للجيش الوطني ووزارة الدفاع.

وفي الوقت نفسه، ذكر علوان في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن هذه الفصائل ذاتها تتنافس فيما بينها بشدة، خاصة ما بين الجبهة الشامية وفرقة المعتصم من جهة، وبين الجبهة الشامية وتجمع الشهباء من جهة أخرى.

وتوقع علوان أن تشكل "القوة الموحدة" تهديداً مباشراً لفرقة السلطان مراد، مضيفاً أن غرفة العمليات الجديدة تشكلت خارج وزارة الدفاع التي يتبع لها الجيش الوطني وفيالقه، لتثبت مجدداً أن الوزارة وفيالقها "ديكور لا أكثر"، وفق وصفه.

وأوضح أن ‏تشكيل "القوة الموحدة" خارج قيادة الجيش الوطني الرسمية يؤكد عدة نقاط، منها عدم الاستقرار، وأن الفوضى التنظيمية تحكم فصائل المعارضة شمالي حلب، وأن تحالفات الفصائل مبنية على مصالحها الأمنية ومواردها الاقتصادية، إضافة إلى أن القوة تعني نهاية الفيلق الثالث وتفككه، وتوسع نفوذ الهيئة.

استمرارية "القوة الموحدة" مستبعدة

استبعد "علوان" أن يستمر التحالف بين التشكيلات الثلاثة ضمن "القوة الموحدة" لفترة طويلة بالنظر إلى المعطيات المذكورة والتنافس الشديد بين هذه المكونات، مرجحاً أن تسعى فصائل القوة لتشكيل ضغط على قادة فيالق الجيش الوطني ووزارة الدفاع، وربما قادة المعارضة بشكل عام، لتحقيق مكاسب معينة.