icon
التغطية الحية

كيف تنقل روسيا استراتيجية "الممرات الآمنة" من سوريا إلى أوكرانيا؟

2022.03.08 | 11:56 دمشق

f9fbf279-25e9-4c01-80ad-ed5120c87cb8.jpg
أشار التقرير إلى أن تكتيك "الممرات الإنسانية" كان فعالاً في تحقيق أهداف روسيا ونظام الأسد - رويترز
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

أعلنت موسكو عن إنشاء ممرات آمنة للسماح للمدنيين الأوكرانيين بالمغادرة من البلدات والمدن التي تتعرض للحصار من عملية موسكو العسكرية في أوكرانيا، إلا أن طرق الإخلاء الروسية كانت تقود المدنيين في الغالب إلى روسيا وحليفتها بيلاروسيا، مما أثار اتهامات لروسيا بنقل التكتيكات التي استخدمتها في سوريا إلى أوكرانيا.

ووفق تقرير لوكالة "رويترز"، فإن "الممرات الإنسانية" تنشأ عندما يقع السكان في منطقة حرب، ولا سيما عندما تكون مدينة أو بلدة تحت الحصار، والهدف من هذه الممرات هو وقف الأعمال العسكرية لفترة معينة للسماح للمدنيين الذين يحتاجون إلى الفرار بالقيام بذلك على طول الطرق المحددة، أو السماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين المقيمين في هذه المناطق.

وتم استخدام مصطلح "الممرات الإنسانية" لأول مرة خلال حرب البوسنة في التسعينيات، واستخدمت أيضاً في الحرب بإثيوبيا، حيث يخضع ملايين الأشخاص في منطقة تيغراي لحصار الجيش الإثيوبي.

تكتيك "الممرات الإنسانية" في سوريا

وخلال الحرب السورية، انتهج جيشا روسيا والنظام السوري استراتيجية محاصرة منهجية للمدن والبلدات والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بعضها استمر لأشهر وبعضها الآخر لسنوات، فيما أدى حصار بعد المدن إلى تدمير شامل للمناطق المحاصرة، حيث قصفت الغارات الجوية والمدفعية والصواريخ الأحياء السكنية والمستشفيات والبنية التحتية.

وفي نهاية الأمر، كان نظام الأسد وروسيا يعلنون عن إمكانية المدنيين، وحتى بعض المقاتلين، أنه يمكنهم المغادرة، عبر "ممرات إنسانية"، تم توجيه معظمها إلى محافظة إدلب شمال غربي سوريا، التي ما تزال حتى اليوم آخر معقل للمعارضة في سوريا.

ومن أبرز المناطق التي اعتمد النظام وروسيا فيها هذا التكتيك هي الأحياء المحاصرة حول دمشق، وأجزاء من مدينتي حمص وحماة، فيما كان أكبرها وأشهرها تهجير أهالي حلب الشرقية أواخر العام 2016، بعد أربع سنوات من الحصار المدمر.

هل كانت الممرات فعلاً "آمنة"؟

كثيراً ما اتُّهمت القوات الروسية وقوات النظام بخرق وقف إطلاق النار المحيط بالممرات الإنسانية، مع استمرار قصف المدن المحاصرة.

ونقلت "رويترز" عن الناشطة عفراء هاشم، التي نجت من حصار حلب وتقيم الآن في لندن، قولها إنه "عندما تحدثوا عن هذه الممرات الإنسانية، أو وقف إطلاق النار، لم نصدقهم أبداً"، مضيفة أنه "كيف يمكن الوثوق بشخص ما في إيقاف من يقصفك طوال الوقت؟".

وأشارت إلى أنه خلال الإعلان عن ممر إنساني في حلب، في 14 كانون الأول من العام 2016، أصيب المنزل الذي كانت تقيم فيه مع أسرتها بقنابل حارقة.

وأكدت الناشطة السورية على أنه "بعد أربع سنوات من القصف، أجبرونا على المغادرة، هذا ما حدث"، موضحة أنه "لم ينقذونا، بل وضعونا في منطقة أخرى يقصفونها بالقنابل"، في إشارة إلى مدينة إدلب حيث تم تهجير أهالي حلب الشرقية.

كما وثّقت تقارير عدة حالات لمدنيين أو مقاتلين اعتقلتهم قوات النظام في أثناء محاولتهم استخدام الممرات الآمنة، على الرغم من الوعود بممر آمن، وفي بعض الحالات، ورد أن مقاتلي المعارضة فتحوا النار على الممرات، إما لمنع الناس من المغادرة أو لإثارة الاشتباكات.

ولكن على الرغم من ذلك، استخدم عشرات الآلاف من الأشخاص الممرات الإنسانية للخروج من مناطق القتال، وهم الآن يشكلون الجزء الأكبر من ثلاثة ملايين سوري يقيمون في محافظة إدلب، التي تحيط بها اليوم قوات النظام، وما تزال تتعرض للغارات الجوية الروسية.

هل كانت "الممرات الإنسانية" فعالة؟

ووفق تقرير "رويترز"، فإن تكتيك "الممرات الإنسانية" كان فعالاً في تحقيق أهداف روسيا ونظام الأسد، حيث استعاد النظام السيطرة على مناطق المعارضة.

في حين يقول خبراء إن روسيا والنظام "استفادا بطريقة أخرى من الممرات الإنسانية، حيث تم إجراء تغيير ديمغرافي جماعي، وإزالة أعداد كبيرة من المعارضين، الذين لم يتمكن الكثير منهم من العودة إلى ديارهم".

تؤكد منظمات حقوق الإنسان والوكالات الإنسانية على أنه "بموجب القانون الدولي، يجب بذل كل جهد لضمان سلامة المدنيين بغض النظر عن مكان وجودهم"، مضيفين أن "تكتيك الحصار بالإضافة إلى الممر الإنساني يمنح السكان بشكل أساسي خياراً وحشياً بين الهروب إلى أحضان مهاجميهم أو الموت تحت القصف".

وتضيف المنظمات إن "العرض عن ممرات آمنة يعطي أيضاً وهماً بالشرعية للمذابح الجماعية للمدنيين، الذين يتخلفون عن المغادرة، بمجرد استئناف الحصار بكامل قوته".

ونقل تقرير "رويترز" عن الباحثة في الشأن السوري في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سارة كيالي، إن "الأمر ليس كما لو أن روسيا تستطيع إنشاء ممر إنساني لمدة يومين، ثم تقول: حسناً، لقد قمنا بعملنا، والآن يمكننا تدمير كل شيء".