icon
التغطية الحية

كيف أثر كورونا على إعادة توطين اللاجئين الإيزيديين والسوريين في كندا؟

2022.02.23 | 15:36 دمشق

اللاجئون السوريون في كندا
لاجئون سوريون في كندا
ذا كونفيرزيشن - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كشفت جائحة كوفيد-19 تحديات ونقاط ضعف في نظام الهجرة الكندي، بل وعملت على زيادتها ومفاقمتها، وذلك لأنها حملت اللاجئين أعباء غير متساوية، كان من بينها عمليات الإيقاف المؤقتة لعمليات إعادة التوطين في كندا، كما زادت من خطر إصابتهم بكوفيد-19.

وبعيداً عن نسب الإصابات العالية، كيف أثرت عمليات الحجر وإغلاق المدارس والتراجع الاقتصادي على اللاجئين الذين تمت عملية إعادة توطينهم مؤخراً في كندا قبل بدء الجائحة؟

في دراستين نشرتا مؤخراً اعتمدتا على مقابلات أجريت مع أسر إيزيدية وسورية، تم التوصل إلى أن الخسائر العاطفية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على كوفيد-19 أشعرت تلك الأسر بعدم الاستقرار وعززت حالة صدمة ما قبل الهجرة لديهم.

ما بين ربيع وشتاء 2020، أجرت فرق البحث مقابلات مع 38 لاجئا سوريا و23 لاجئا إيزيديا في ثلاث مدن كندية، وهي كالغاري ولندن وفريدريكتون، فأظهرت النتائج بأن جائحة كوفيد-19 أدت إلى تفاقم حالة عدم المساواة البنيوية الموجودة بالأصل بالنسبة لغالبية الأسر اللاجئة، كما منعت الجائحة حدوث أي تقدم في مجال الحصول على وظيفة أو التواصل الاجتماعي أو تطوير اللغة أو الحصول على منزل ملائم، منذ وصول تلك الأسر إلى كندا.

التأخر والإحساس بعدم الاستقرار

تقول غولروز وهي أم إيزيدية عندما تتحدث عن الجائحة: "أحس بأني عدت إلى المربع الأول، وكأني أمضي أول شهر لي في كندا، فقد أمضيت ثلاث سنوات تقريباً حتى حققت كل هذا التقدم، ولكني فقدته الآن من جديد، ترعبني مسألة التفكير في مستقبل أسرتي".

وغولروز ليست وحدها في ذلك، بل إن معظم الأسر لديها ذلك الإحساس "بالعودة إلى المربع الأول".

كانت الأسر التي أجريت مقابلات معها تتعرض لمشكلات اقتصادية قبل الجائحة، لذا عندما تسببت الجائحة بخسارة البعض لعمله، وبالانقطاع عن الدراسة (بالنسبة للأطفال والكبار)، وبزيادة النفقات (بسبب ارتفاع أسعار الأغذية مثلاً)، زاد الإحساس بفقدان الأمل بين تلك الفئة من الناس.

كما سيطر الإحساس بالتأخر والتراجع بشكل أكبر على المشهد، لا سيما بالنسبة لتعلم اللغة، والحصول على وظيفة، وفرص تأمين السكن، وقد ظهرت تلك الآثار بشكل أكثر حدة لدى النساء اللواتي عشن تجربة تحمل مسؤوليات غير متكافئة.

العزلة الاجتماعية وظهور حالة الصدمة من جديد

أدى تطبيق عملية الحظر على نطاق محلي إلى ظهور إحساس عميق بالعزلة الاجتماعية بالنسبة للأسر اللاجئة التي وصلت مؤخراً إلى كندا، والتي عاشت ظروف سكن غير جيدة، منها عدم توافر السكن الكافي لأفراد الأسرة أو العيش في مسكن مزدحم بالأشخاص لا تتوافر فيه مساحة خضراء، كما هي حال إلهام، وهي لاجئة سورية شرحت لنا وضعها بالقول: "ليست لدينا شرفة... وخلال فترة الحجر، كنا نحلم بأن نتنفس بعض الهواء المنعش إلا أننا كنا دوماً داخل الشقة".

تعكس حالة الإحباط التي تعاني منها إلهام كيف يتسبب إغلاق الأماكن العامة الخضراء بظهور شعور رهاب الأماكن المغلقة بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في شقق صغيرة لا تتوافر فيها شرفات أو باحات أو مساحات خضراء.

هذا ولقد استخدمت غالبية الأسر صورة السجن، والاختناق والأسر لوصف حالة الحجر، إذ قالت بيري وهي أم عازبة إيزيدية: "كان الأمر أشبه بما عشته عندما كنت في غرفة صغيرة احتجزني فيها الوحش الذي اختطفني، وقيدني بالسلاسل، إذ لا أستطيع أن أتنفس في بعض الأحيان، كما أن كل التقدم الفكري الذي حققته حتى أخرج من تلك الحالة وأتحسن ذهب هباء منثوراً الآن. ولذلك أشعر وكأن هذا اليوم أول يوم أصل فيه إلى هنا، أي عندما كانت تراودني أحلام وكوابيس عن حالة الأسر التي عشتها".

كانت قيود كوفيد وغيرها من الإجراءات التي طبقتها الحكومة الكندية ضرورية لاحتواء الجائحة، إلا أن التداعيات غير المقصودة التي ترتبت عليها تمثلت في أن عمليات الحجر زادت من مشكلات الصحة النفسية بالنسبة لغالبية الأسر اللاجئة، إذ عادت تلك المشاعر للأشخاص الذين أجريت مقابلات معهم بمجرد أن انثال شريط الذكريات التي تعود لصدمة ما قبل الهجرة أمامهم.

الأمل والتأقلم

بالرغم من التحديات الكثيرة التي واجهت اللاجئين، إلا أن الفئة التي تحدثنا إليها صممت على مواصلة السعي لتحقيق أحلامها التي تتمثل بالحصول على وظيفة مناسبة وبامتلاك بيت. كما عبر اللاجئون عن امتنانهم وإحساسهم بالأمان في "الملاذ الآمن" الذي يعيشون فيه داخل كندا، ويعتقد غالبيتهم بأن العيش في كندا يحميهم من الآثار الشديدة للجائحة، والتي تنتشر في بلدهم الأصلي.

وكثير من الشخصيات التي أجريت معها مقابلات تشارك في برامج للمشاركة الاجتماعية التي تفسح المجال لعملية التأقلم حتى تفعل فعلها في حياتهم خلال فترة الجائحة، فقد شاركت بعض النسوة اليزيديات في كالغاري بمشروع للزراعة في المدينة، تحت عنوان: أرض الأحلام، إذ يؤمن ذلك المشروع مساحة لإقامة علاقات جديدة خلال فترة الجائحة. وبسبب تواصل النساء وتفاعلهن مع الأرض، تقوم كل منهن بمشاركة ما زرعته في المزرعة مع الأخريات كما يتبادلن المعارف الثقافية مع غيرهن من نساء الجاليات اللواتي وصلن حديثاً إلى البلاد.

تقول فيان، وهي أم إيزيدية: "أتينا من قرية صغيرة حيث كنا نستيقظ في الصباح الباكر كل يوم، ثم نذهب إلى الحقل، لنزرع الخضراوات، ثم نسقيها ونطعم الحيوانات. كانت حياة جميلة وبسيطة وكنت أحبها كثيراً. لذا، عندما ذهبت إلى أرض الأحلام، تذكرت تلك الأيام وشعرت وكأني مازلت أعيش تلك اللحظات قبل أن يصيبنا أي مكروه".

 يبين لنا مشروع أرض الأحلام بأنه بوسع المقاربات التي تترأسها الجاليات أن تدعم اللاجئين خلال فترة الجائحة وما بعدها. فقد أظهرت النتائج وجود حاجة لظهور حكومات تعمل على مشاركة اللاجئين في استجابات التعافي من كوفيد، والتي تهتم بمعالجة العبء الذي حملته الجائحة للاجئين ولغيرهم من الفئات المهمشة بشكل ظالم وغير متكافئ. إذ يشعر غالبية اللاجئين بأن الجائحة تسببت في تأخرهم وهم على دراية بالتغيرات البنيوية اللازمة التي تساعدهم على اللحاق بالركب.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه يتعين على كندا العمل على مشاركة اللاجئين والواصلين الجدد بشكل أكبر في رسم السياسات التي تعنى بمعالجة الضوابط البنيوية التي تؤثر عليهم خلال فترات الأزمات.

المصدر: ذا كونفيرزيشن