أنهت كندا كامل تمويلها لمنظمة الخوذ البيضاء، بعد أن توقف معظمه نهاية العام 2019، إلا أن مدير الدفاع المدني رائد الصالح حصل على تطمينات بأن المسألة روتينية ولا تعكس سياسة كندا تجاه قضية الشعب السوري.
وقالت صحيفة The Globe and Mail الكندية إن الحكومة الكندية أنهت تمويلها والذي كان آخره قطع رواتب بقيمة 70 دولارا شهرياً لـ 43 شخصاً تٌركوا في مخيم للاجئين في الأردن، بعد إجلاء قادته، كندا صيف عام 2018 عندما سيطرت قوات النظام على الجنوب السوري وتمكنت حينذاك الخوذ البيضاء من إخلاء 98 متطوعا من العاملين في الدفاع المدني السوري إلى الأردن بالإضافة لعائلاتهم، ليصل العدد إلى 422 شخصاً، لإعادة توطينهم خلال فترة زمنية محددة في بريطانيا وألمانيا وكندا.
وبذلك انتهت آخر المدفوعات في تشرين الثاني من عام 2020، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 3010 دولارات شهرياً، لمن تبقى من متطوعي الدفاع المدني وعائلاتهم في الأردن.
وسبق أن أوضح رائد الصالح في لقاء مع تلفزيون سوريا أن الدول التزمت بوعودها في إعادة توطين المتطوعين رغم تأثير جائحة كورونا على العملية، وبقي 8 متطوعين فقط في الأردن مع عائلاتهم بانتظار إعادة توطينهم.
وقالت الصحيفة: "يُنسب للخوذ البيضاء الفضل في إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح، وتفاخرت الحكومة الكندية مراراً وتكراراً بملايين الدولارات من المساعدات السنوية التي قدمتها إلى المجموعة المرشحة لجائزة نوبل للسلام".
وأوضح فاروق حبيب، نائب المدير العام للخوذ البيضاء، للصحيفة أن التمويل الكندي لهم والذي يشمل التمويل المخصص لإزالة الألغام والذخائر الأخرى غير المنفجرة، وكذلك الأموال التي تستهدف جلب مزيد من النساء إلى المنظمة، توقف في نهاية عام 2019.
وتظهر المستندات التي قدمها الدفاع المدني للصحيفة أن الدعم الكندي لهم، كان يساوي نحو 4 ملايين دولار سنوياً، مع تقديم 900 ألف دولار في آذار 2020.
رائد الصالح: كندا تعمل على ترتيب استراتيجية جديدة ووصلتنا تطمينات
وقال رائد الصالح لموقع تلفزيون سوريا: "نعتقد أن قضية قطع الدعم تتعلق بتنسيق استراتيجيات الحكومة الكندية بالتعاطي مع الملف السوري والشرق الأوسط بشكل أعم".
وحصل الصالح على رسائل تطمين بأن المسألة روتينية ولا تعكس تخلي الحكومة الكندية والشعب الكندي عن التزاماتهما الإنسانية في سوريا.
وأضاف: "أعتقد أن الجائحة الحالية لعبت دوراً مهماً في إبطاء وتيرة العمل والتشاور، ومع ذلك أكدنا دائما على جميع أصدقاء الشعب السوري أن الظروف الحالية هي الأصعب على الشعب السوري نتيجة تأثير عدة عوامل على مناحي الحياة، منها الجائحة وعرقلة العجلة الاقتصادية وتردي البنى التحتية ومخاوف استمرار نظام الأسد بخرق اتفاقية وقف إطلاق النار وغيرها كثير".
وأكد مدير الدفاع المدني على أن الدعم الذي تلقته الخوذ البيضاء كان "محورياً" في بناء قدرات المؤسسة وتعزيز دور المتطوعات وتفعيل دورهم بشكل أكبر، وأشار إلى أنه "رافق هذا الدعم المالي دعم سياسي ثابت تجاه الشعب السوري والقضية الإنسانية التي يعمل لخدمتها الدفاع المدني السوري".
الدول الداعمة الأخرى مستمرة بتمويلها للخوذ البيضاء
وقال فاروق حبيب للصحيفة إن المسؤولين في "الشؤون العالمية الكندية" قد اقترحوا استئناف التمويل بمجرد الانتهاء من مراجعة واسعة لسياسة الشرق الأوسط، وأشار حبيب إلى أن الحكومات المانحة الأخرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والدنمارك)، تواصل دعمها للخوذ البيضاء، لكن توقف الدعم الكندي أجبر الخوذ البيضاء على الحد من بعض برامجهم.
و"الشؤون العالمية الكندية"، هي وزارة تابعة للحكومة الكندية، مهمّتها إدارة العلاقات الدبلوماسية والقنصلية الكندية، وتعزيز التجارة الدولية في البلاد، وإدارة شؤون التنمية الدولية والمساعدات الإنسانية في كندا.
وتوقف الجزء الأكبر من الدعم الكندي بعد فترة وجيزة من العثور على "جيمس لو ميسورييه" مؤسس ومدير منظمة "Rescue Mayday" الإنسانية إحدى المؤسسات الداعمة للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، ميتاً قرب منزله، يوم 11 من شهر تشرين الثاني 2019، حيث رجّح تقرير الطب الشرعي التركي فرضية انتحاره.
في وقت سابق من ذلك العام، بدأت السلطات الهولندية تحقيقاً في منظمة " Rescue Mayday" التي تلقت تمويلاً كندياً من أجل الخوذ البيضاء، وحصلت الصحيفة الكندية على وثائق تدل على أن أسئلة محاسبية تدور حول مبلغ قيمته 40 ألف دولار أميركي نقداً، سحبه "لو ميسورييه" من خزنة منظمته لتغطية نفقات إنقاذ المتطوعين وعائلاتهم من الجنوب السوري منتصف عام 2018.
تقول الصحيفة إن "لو ميسورييه" عاد من دون إيصالات لتغطية المبلغ الذي تم إنفاقه، مما أدى إلى ظهور أسئلة حول منظمته Mayday.
وأضافت الصحيفة بناء على مصادر مطلعة بشكل مباشر على الوضع، أنه بينما وجدت الحكومات المانحة الأخرى طرقاً لمواصلة دعم الخوذ البيضاء دون إشراك منظمة "Rescue Mayday"، انسحب المسؤولون في الشؤون العالمية الكندية من الملف. ولم ترد الشؤون العالمية الكندية على أسئلة الصحيفة عبر البريد الإلكتروني.
ونهاية العام 2019، أقر الرئيس الأميركي (دونالد ترمب)، تخصيص مساعدات تقدّر بـ 4.5 ملايين دولار كدعم للخوذ البيضاء.
وبدأت منظمة الدفاع المدني السوري العمل عام 2013، بعد تصاعد حدة قصف نظام الأسد على معظم المناطق الثائرة بهدف قمع ثورة سلمية انطلقت ضد استبداده، في آذار 2011، وتسبّب قصفه باستخدام مختلف أنواع الأسلحة بما فيها "المحرّم دولياً"- الكيماوي، إلى مقتل وجرح مئات آلاف المدنيين، ونزوح وتشريد أكثر مِن نصف سكّان سوريا داخل البلاد وخارجها.
ومنذ العام 2014، بات متطوعو الدفاع المدني السوري يُعرفون باسم "الخوذ البيضاء" نسبة إلى الخوذ التي يضعونها على رؤوسهم. وفي عام 2016، انضمت 78 متطوعة إلى المنظمة التي ما تزال تتعرض لـ حملة "تشويه" ممنهجة يسعى إليها "نظام الأسد" وحليفته روسيا، إلّا أنها لم تؤثر على سمعتها الحسنة عالمياً في إنقاذ المدنيين السوريين.
ونالت الخوذ البيضاء العديد مِن الجوائز العالمية تكريماً لـ جهودها، وأبرز تلك الجوائز "أوسكار" لـ عام 2017 عن أفضل فيلم وثائقي يروي تضحياتهم بإنقاذ المدنيين، وجائزة "رايت لايفليهود" المعروفة باسم "جائزة نوبل البديلة"، وجائزة "تيبراري الدولية للسلام".