icon
التغطية الحية

قمة أردوغان بوتين.. تقارب تركي أوكراني ومناكفة عابرة للحدود السورية

2021.09.25 | 06:48 دمشق

2096.jpeg
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
إسطنبول - حمزة خضر
+A
حجم الخط
-A

تجدد تراشق البيانات والمواقف بين موسكو وأنقرة حول شرعية سيطرة روسيا على جزيرة القرم قبل أيام من القمة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في الـ 29 من الشهر الجاري في سوتشي والتي سيبحث فيها الرئيسان الملف السوري وإدلب، فيما يبدو أنه محاولة من تركيا لتعزيز أوراق التفاوض وتحصيل مكاسب عبر مناكفة عابرة للحدود السورية التي تعلو فيها اليد الروسية على اليد التركية، وفق موازين القوى الموجودة.

وعادت الخلافات التركية الروسية لتطفو على السطح مجدداً بعد التصريحات التركية حول شرعية سيطرة روسيا على جزيرة القرم باعتبارها أراضيَ أوكرانية، وأكدت تركيا ذلك من خلال إعلانها عدم اعترافها بشرعية انتخابات مجلس الدوما الروسي على أراضي شبه جزيرة القرم.

وجاءت هذه التصريحات قبل اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي أردوغان والرئيس الروسي بوتين في سوتشي نهاية الشهر الحالي لبحث التصعيد الروسي الأخير في إدلب شمال غربي سوريا.

حيث أعرب المتحدث باسم الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، عن دعم تركيا لوحدة الأراضي الأوكرانية، مضيفاً أن تركيا لا تعترف بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، واصفاً إياه بـ "غير القانوني".

وأشار بيلجيتش إلى أن نتائج انتخابات مجلس الدوما للاتحاد الروسي، التي أجريت في شبه جزيرة القرم بين 17 - 19 أيلول الحالي، ليس لها أي شرعية قانونية بالنسبة لتركيا.

أوكرانيا تشكر أردوغان

في بيان صادر عن الرئاسة الأوكرانية، شكر الرئيس الأوكراني الرئيس التركي على موقفه الواضح بالاعتراف بغزو روسيا لشبه جزيرة القرم، وتطرق في البيان المنشور إلى الإفراج عن تتار القرم المحتجزين في روسيا.

وجاء البيان بعد لقاء جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الموجود في نيويورك لحضور الاجتماع الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت التركي الموجود مقابل مبنى الأمم المتحدة، حضره وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ووزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرسوي، ووفد الرئيس الأوكراني المرافق له.

وجاء الرد الروسي على التصريحات التركية حول جزيرة القرم على لسان المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، يوم الثلاثاء الماضي، بأن روسيا لن تترك تصريح تركيا بعدم الاعتراف بانتخابات مجلس الدوما في شبه جزيرة القرم الروسية، من دون اهتمام، مضيفة أن: "تركيا تعلم جيداً أن القرم هي جزء سيادي من الاتحاد الروسي".

ويرى الكاتب الصحفي إيلتر توران في مادة نشرها على أوراق صحيفة Dünya التركية، أن التقارب التركي الأوكراني يثير قلق روسيا، إذ لطالما شهدت العلاقات التركية الروسية صعوداً وهبوطاً، لكن ترى روسيا أن المشكلة الأوكرانية - بحسب وصفه - تشكل عائقاً أمام التقارب التركي الروسي.

ويشير الكاتب أن عدم اعتراف تركيا بضم روسيا شبه جزيرة القرم، وشراء أوكرانيا طائرات من دون طيار من تركيا وتوسيع التعاون الدفاعي متعدد الأوجه مع أوكرانيا يغطي إنتاج الأسلحة؛ أثار قلق روسيا إلى حد كبير.

تعاون عسكري في مجال الطائرات

بحسب وكالة الأناضول، أعلنت شركة الدفاع الأوكرانية "Ukrspetsexport"، مطلع الشهر الحالي، عن توقيع اتفاق مع شركة "ASELSAN" التركية لتحديث أنظمة الدفاع الجوي.

وأفاد بيان صادر عن الشركة الأوكرانية، أن التوقيع على الاتفاق تم خلال فعاليات معرض الصناعات الدفاعية الدولي "IDEF’21" في إسطنبول.

واعتبر المدير العام للشركة الأوكرانية فاديم نوزدريا، الاتفاق خطوة جديدة من أجل تطوير التعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية بين البلدين، إذ يتضمن العقد تحديث أنظمة الدفاع الجوي الفردية ودمجها في أنظمة التحكم في القيادة التي تنتجها شركة "ASELSAN".

فضلاً عن بدأ بناء أول كورفيت من نوع جديد للقوات البحرية الأوكرانية في حوض بناء السفن في إسطنبول. والذي سينتهي في عام 2022، ليتم نقله إلى كييف لتركيب الأسلحة عليه، إذ من المرجح أن يتم تزويده بصواريخ كروز بحر- أرض، وصاروخ نبتون بالإضافة إلى أنظمة أخرى، وفي عام 2024 سيصبح جزءًا من البحرية الأوكرانية.

ووقعت تركيا وأوكرانيا اتفاقية إطارياً بشأن إنشاء قاعدة في تركيا، لإصلاح طائرات Mi-17 الروسية، علماً بأن أوكرانيا لديها بالفعل خبرة في العمل مع طائرات الهليكوبتر.

ففي عام 2018، حصلت أوكرانيا على عقد بقيمة 40 مليون دولار لإصلاح وتحديث 17 طائرة هليكوبتر من طراز Mi-17 تابعة لقوات الدرك التركية. حيث سيتم إصلاح طائرات الهليكوبتر التركية من قبل متخصصين في شركة Aviacon بالتعاون مع Motor Sich.

وفي سياق التعاون العسكري المتبادل، تخطط أوكرانيا لشراء المزيد من Bayraktar TB2 SİHAs من تركيا. حسبما صرح رئيس الأركان العامة لأوكرانيا فاليري زالوجني.

وقال رئيس الأركان العامة  لأوكرانيا، فاليري زالوجني، الذي تولى منصبه حديثاً في الأشهر الماضية، في مقابلة مع وكالة الأنباء الأذربيجانية إنه يوجد حاليًا 12 طائرة من Bayraktar TB2 SİHAs في جرد القوات المسلحة الأوكرانية، وأنهم يخططون لشراء 24 أخرى من Bayraktar TB2s في الفترة المقبلة، مع تحديد العدد النهائي لشراء  Bayraktar TB2 إلى 48 وحدة.

تبادل تجاري كبير

ومن ناحية ثانية، لا تقتصر العلاقات التركية الأوكرانية على العنصر العسكري، فالتعاون الاقتصادي مهم أيضا بين الجانبين، إذ إنه بمجرد إعلان الحصار على قطر في حزيران 2017 وخلو أرفف السوبر ماركت في الدوحة، جاءت أوكرانيا لمساعدة الحليف الاستراتيجي لتركيا - ولعدة أشهر - قامت أوكرانيا بتسليم كميات كبيرة من المنتجات الأوكرانية إلى قطر.

وبالحديث عن التبادل التجاري، فإن حجم التجارة بين الدولتين في عام 2018 بلغ 4 مليارات دولار، وفي عام 2020 بلغ حجم التجارة الثنائية 5 مليارات دولار ويستمر في النمو للوصول إلى 10 مليارات دولار حسبما صرح الرئيس التركي في زيارته إلى أوكرانيا في شباط 2020.

نتيجة لذلك، نشأ التعاون السياسي على أساس متين من العلاقات الاقتصادية والتعاون العسكري التقني، يجعل من اجتماع سوتشي بحضور الرئيسين التركي والروسي يحمل كثيرا من التوترات والملفات الإقليمية، الملف السوري وملف شبه جزيرة القرم، بعد أن أصبحت أوكرانيا الورقة الرابحة التي تسمح للجانب التركي باللعب مع موسكو على قدم المساواة.

أوكرانيا ورقة تركيا وإدلب ورقة روسيا

في الوقت نفسه، أشار الكاتب الصحفي، وعضو الهيئة التدريسية في جامعة ابن خلدون التركية، البروفيسور برهان الدين دوران، في عموده بصحيفة صباح في 20 أيلول، إلى أن الهجوم الأخير نُفذ للضغط على تركيا قبل اجتماع أردوغان وبوتين، وكتب أن هدف موسكو الرئيسي هو بدء حوار بين أنقرة ودمشق.

ويُعتقد أن مهمة أنقرة الصعبة فيما يتعلق باللاجئين السوريين، والضغط المتزايد من المجتمع التركي على حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتصعيد الضربات الجوية على إدلب بشكل متكرر، يعد أسلوباً جديداً تتبعه موسكو للضغط لإجبار أنقرة على تقديم تنازلات كبيرة في الشأن السوري.

بينما يعتقد بأن التقارب التركي الأوكراني خلال الفترة الأخيرة هي لزيادة الضغط على روسيا في تخفيض سقف مطالبها خلال الاجتماع المقبل، خاصة بأن قضية شبه جزيرة القرم والتعاون العسكري التركي الأوكراني يهدد مصالح الأمن القومي الروسي في البحر الأسود.

وكان قد صرح المتحدث باسم الكرملين "دميتري بيسكوف" أن الاستعدادات للزيارة قد تمت وأضاف: "جدول الأعمال (للمحادثات) سيكون واسعًا للغاية، لأن العلاقات بين بلدينا متعددة الأوجه. هناك العديد من القضايا التي سيتحدث عنها القادة، بدءًا من العلاقات الثنائية. وأضاف أن "الأزمات الإقليمية ومن بينها سوريا ستكون بالتأكيد على جدول أعمال الاجتماع".

وتم تفسير الهجوم الذي استهدف القوات المسلحة التركية (TSK) في 10 أيلول على أنه تطور ملحوظ حدث قبل الاجتماع بين الرئيس رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي المقرر نهاية الشهر.