icon
التغطية الحية

قضية "الموز" تثير حوارا بين قطبي الخلاف حول الوجود السوري في تركيا

2021.11.02 | 12:30 دمشق

photo_2021-11-02_11-33-23.jpg
عضو حزب الجيد إيلاي أكسوي، ورئيس مركز أبحاث اللجوء والهجرة متين جوراباتر - إنترنت
إسطنبول - صالح عكيدي
+A
حجم الخط
-A

أثارت "قضية الموز" حوارا مثيرا للاهتمام بين قطبي الخلاف حول قضية الوجود السوري في تركيا، أولهم "متين جوراباتر": مناصر بارز لحقوق السوريين في تركيا، و"إيلاي أكسوي": السياسية المعروفة بمعاداتها الشديدة للوجود السوري في تركيا. 

وبدأ الحوار بعد قرار وزارة الداخلية التركية ترحيل سوريين بتهمة نشر فيديوهات بشكل "تحريضي استفزازي". 

قطبا الخلاف حول الوجود السوري

تكمن أهمية الحوار، الذي اتخذ من منصة تويتر ساحةً له، بطرفيه. فأولهم "متين جوراباتر"، رئيس "مركز أبحاث اللجوء والهجرة –İGAM"، ممثلاً أقصى جبهات الدفاع عن الوجود السوري في تركيا- حتى بات يلاقي اتهامات من أصحاب الفكر القومي المنغلق بـ "العمالة". وفي الطرف الثاني "إيلاي أكسوي"، السياسية العضو في "حزب الخير İYİ Parti –"، ممثلة أقصى جبهات معاداة الوجود السوري.

الترحيل يخالف القانون 

بدأ الحوار ببيان نشره "جوراباتر" على معرفه في منصة تويتر، اعتبر فيه قرار المديرية العامة للهجرة في تركيا بالبدء بإجراءات ترحيل "بعض من شارك محتوى على مواقع التواصل في إطار جدال الموز"، مخالفاً للمادة 32 من اتفاقية عام 1951 الدولية الخاصة بوضع اللاجئين، ومخالفاً للمواد 2 و54 من قانون رقم 6458 التركي الخاص بالحماية الدولية للأجانب. 

وبحسب ما أضاف، تنص المادة 32 من اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، تنص على أن ترحيل اللاجئين لا يمكن أن يتم إلا لأسباب تتعلق بالأمن القومي والنظام العام، على أن يكون الترحيل لدولة لا تشكل تهديداً لحياة وحريات اللاجئين، ذلك بعد إتمام الإجراءات القانونية، وبشرط قبول اللاجئ بالدولة التي سيرحل إليها مع إعطاء مهلة معقولة قبل إرساله.

 أما في إطار قانون رقم 6458 التركي، يلفت "جوراباتر" الانتباه إلى أن المادة رقم 2 من القانون تمنع الترحيل، بينما تشدد المادة 54 من القانون على مراعاة خطر "التعذيب"، "المعاملة السيئة" أو "المعاملة التي لا تراعي الكرامة البشرية" في أثناء إجراء علميات الترحيل. 

كما تطرق "جوراباتر" لغياب معلومات المكان الذي سيرحّل إليه اللاجئون، أو طبيعة الجريمة التي ارتكبوها، عن بيان المديرية العامة للهجرة. لينهي بيانه بتحميل مسؤولية أي ظلم قد يواجه اللاجئين المزمع ترحيلهم "ليس فقط لمن اتخذ القرار وسينفذه" بل أيضا لمن استغل "منشورات اللاجئين البريئة" لإطلاق حملة معاداة للاجئين، ذاكراً بالاسم كلاً من الصحفي "فاتح ألتايلي" المعروف بمعاداته السوريين أيضا، والسياسية "إيلاي أكسوي"، التي وصفها بمن وَقَفَ نفسَه في سبيل "تقديم اللاجئين للأسد الظالم".

  السوريون ليسوا لاجئين

لم يتأخر رد "إيلاي أكسوي" على بيان "متين جوراباتر". وجاء ردها مختصرا وبأربع نقاط:

  1. "السوريون ليسوا لاجئين، لذا تربطهم القوانين التركية" – نافيةً صلتهم بالقوانين الدولية.
  2. "ليكن قلبك مطمئنا فسيتم إرسالهم للمكان الذي يذهبون إليه فيه للعطلة" – معقبةً على تساؤله عن مكان ترحيلهم بإثارتها لجدلية ذهاب السوريين للشمال في الأعياد.
  3. "الموضوع هو سخرية كتلة مؤقتة من قيم المجتمع المضيف وحالته الاقتصادية" – وتقصد السوريين الموجودين بصفة "مؤقتة".
  4. " الفرع D من المادة 54 لقانون الحماية الدولية للأجانب دخل حيز التنفيذ" – وهو الفرع الذي ينص على جواز ترحيل من يشكل تهديداً للنظام أو الأمن العام. 

وأرفقت "أكسوي" ردها بصور تتضمن نصوص المادة 54 والمادة 4 من قانون الحماية الدولية للأجانب. وتنص المادة 4 على منع ترحيل كل من يحمل هذه الصفة لمناطق تشكل تهديدا لحياته أو حريته. ربما لتمرر رسالة مفادها أن ترحيل السوريين لهذه المناطق يعني اعترافاً بأنها آمنة. 

كما أتبعت "إيلاي أكسوي" ردها بتغريدة أخرى ذكرت فيه حادثة مقتل طفل تركي عمره 15 عاما على يد آخر سوري عمره 17 في خلال احتفاليات عيد الجمهورية في مدينة أضنة التركية. لتسأل "متين جوراباتر" عمّن يتحمل مسؤولية هذه الجريمة. ولتختم التغريدة بعبارة "السوريون أصبحوا مشكلة أمن قومي".

 أجوبة حاسمة

لم يترك "متين جوراباتر" النقاط التي أثارتها "أكسوي" بلا جواب، إذ شارك عبر معرفه على تويتر، وبلغة دبلوماسية: هادئة ومحترمة، مذكرة مطولة يرد في كل قسم منها على واحدة من النقاط. لخصت أدناه: 

"السوريون ليسوا لاجئين، لذا فتربطهم القوانين التركية": 

استهل "جوراباتر" رده على هذه النقطة بمعلومة تفيد بأن تركيا إحدى أربع دول فقط في العالم ممن لا يقبل بمن يأتي من خارج حدود أوروبا بصفة "لاجئ". وهم بالإضافة إلى تركيا: الكونغو، ومدغشقر، وموناكو. ثم استشهد بتعريف القانون التركي لأصحاب صفة "الحماية المؤقتة"، إذ تعطى هذه الصفة لمن يدخل الحدود التركية، ضمن موجات هجرة، ممن "أجبر على ترك بلاده، ولا يستطيع العودة إليها، وقدم طلباً للحماية"، إذ وبحسب ما يضيف يتطابق هذا التعريف مع تعريف اللاجئ في اتفاقية عام 1951 الخاصة بشؤون اللاجئين. كما ذكر أن الأساس القانوني لإقامة السوريين لمدة عشر سنوات الآن هو فرضية أنهم أجبروا على ترك البلاد ولا يمكنهم العودة إليها.   

يذكر أن "جوراباتر" كان قد صرح في حوار خاص لتلفزيون سوريا بأن اللاجئ يعرف بحسب "سبب تركه لبلده وليس بحسب الصفة التي تطلقها عليه الدولة المستضيفة".

"المكان الذي يذهبون إليه للعطلة": 

تحدى "جوراباتر"، الذي يدرك ما ترمي إليه أكسوي بالترويج لـ "العطلة" في سوريا من إظهار البلاد كآمنة للعودة، الأخيرة بأن تزوده بمعلومات عن شخص سوري واحد دخل مناطق النظام السوري لـ "العطلة" وعاد لتركيا. وأفاد: يذهب السوريون للمناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش التركي فقط، لرؤية أقربائهم وبيوتهم ومزارعهم، وليحكموا بالعين المجردة إن كانت تلك المناطق مناسبة من الناحية الأمنية والخدمية للعودة الطوعية أم لا. كما استند "جوراباتر" إلى تصويت حزب الخير التي تنتمي إليه "أكسوي" بـ نعم لتمديد عمليات الجيش في تلك المناطق لإدراكهم لهذه الحقائق، ليعتبرها قد اعترفت بطرحها لهذه النقطة بـ "تجاهلها الحقائق عمدا لأسباب سياسية". 

وأضاف "جوراباتر" أن قلبه لن يكون مطمئنا ما دام احتمال ترحيل 11 لاجئاً حاضرا، داعيا لعدم الترحيل إلا في الأوضاع الاستثنائية المتعلقة بالأمن القومي، وأنه كما "تلزم العادة، والقوانين الدولية التي وقعت عليها البلاد" بعد انتهاء الإجراءات القانونية، ولبلد ثالث آمن. كما قال: "متأكد أن الأمم المتحدة ستطلب معلومات عن هذا الموضوع من الوزارة" ويقصد وزارة الداخلية. 

كما سأل "أكسوي" إن كان قلبها سكون مطمئنا من ترحيل ما يبدو على معظمهم سن الشباب وتفرقتهم عن عائلاتهم بلا أي مقدمات. 

 "كتلة مؤقتة" 

استند "جوراباتر"، في رده على الصفة "المؤقتة" للاجئين السوريين، إلى التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا والذي اعتبر سوريا غير آمنة للعودة. وأضاف أن عضوَ اللجنة التي عرضت التقرير لأعضاء الأمم المتحدة صرحت بأنه ليس مناسبا لـ "أي أحد" بأن يفكر بأن سوريا آمنة للعودة، متسائلا عن إصرار "أكسوي" باعتبار نفسها استثناءً من الـ "لا أحد". 

ويكمل: "السوريون وعلى مدار 10 سنوات، ورغم كل الحقد والكراهية التي واجهتهم، أظهروا الشكر والاحترام للشعب التركي". وذكّر "أكسوي" بأن اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب تعرف التعذيب بالتسبب بالألم النفسي أيضا، داعيا إياها ألا تكون جزءاً من الضغوط التي يتعرض لها السوريون منذ سنوات من الأطراف الإعلامية والأكاديمية والسياسية. 

"ترحيل من يشكل تهديداً للنظام أو الأمن العام": 

وفي رده على ما قالته "أكسوي" حول دخول المادة القانونية التي تنص على ترحيل من يشكل تهديدا أمنيا حيز التنفيذ، حمل "جواراباتر" المسؤولية لمنفذ المقابلة الذي "يستفز الناس"، كما ألقى اللوم على المواطن التركي صاحب مقولة "يأكلون الموز ونحن لا" والذي يجاهر بعنصريته في البث – بحسب ما أضاف. 

لا منصة لاجئين ليسموا صوتهم ويدافعوا عن أنفسهم، إلا مواقع التواصل الاجتماعي، يقول "جوراباتر". قبل أن يختم بيانه بانعكاسات هذا القرار على الإعلام العالمي الذي "سخر من سبب الترحيل". 
ختاما، كانت "أكسوي" قد سألت عمن يتحمل مسؤولية جريمة مقتل طفل تركي في أضنة على يد آخر سوري، والتي استندت إليها لتعتبر أن السوريين خطر على الأمن القومي.  ليرد "جوراباتر" بالآتي: 

"حزنت جدا (لسماع الخبر). أسأل الله أن يرحمه. لكن كيف بدأ هذا الحادث؟ بشتيمة أو سرقة؟ هل هناك استفزاز؟ هل كانت دفاعا عن النفس؟ لا أحد يعرف. إذا كان القاتل سورياً تجعلون من كل السوريين قلتة! 

الجريمة شخصية، هذا مبدأ أساسي في الحقوق. استنتاج من جريمة نفذها شخص عمره 17 عاما ولا يُعرف تفاصيلها أن هناك مشكلة أمن قومي تخالف هذا المبدأ. هناك يكمن لب الموضوع... جعل من الأحداث الفردية مشكلات أمن قومي، فتح الطريق للخوف والذعر عند الشعب، خلق بيئة تحول هذا الخوف والذعر لعنف ... في سبيل الانتخابات...

وبهذا (بهذه التصرفات) تكونين قد أجبت عن السؤال الذي طرحتِه، عن المسؤول. شكرا".