icon
التغطية الحية

قسد تغامر...ما دواعي التصعيد ضد المعارضة والجيش التركي شمالي حلب؟

2021.07.27 | 06:48 دمشق

thumbs_b_c_bbb3a6ed8c3c97e98cbd349a6b1a1600.jpg
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

أثار التصعيد العسكري الأخير لوحدات حماية الشعب الكردية ""ypg ضد المعارضة السورية والجيش التركي في ريف حلب تساؤلات عديدة حول الأهداف والمكاسب التي من المفترض أن يحققها مثل هذا النوع من التحركات العسكرية التي تبدو أشبه بمغامرة مكلفة إذا ما تتبعنا حجم الخسائر الهائلة التي منيت بها "الوحدات" خلال اليومين الماضيين بسبب القصف النوعي والمكثف الذي نفذه الجيش التركي والفصائل على مواقعها المتقدمة ونقاط تمركزها في خطي الدفاع الثاني والثالث.

فرضيات التصعيد

يفترض أن لدى تحالف "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تتزعمه وحدات "الوحدات الكردية" حساباته الجيوسياسية الخاصة فيما يتعلق بمصالح قواتهم المتمركزة في منطقة جغرافية مغلقة شمالي حلب، والتي تتطلب ربما تنفيذ عمليات هجومية بالوكالة لصالح النظام وروسيا لتحقيق مصالح معينة، أهمها الحماية وضمان بقاء القوات الروسية في قواعدها المنتشرة في المنطقة، والتي هددت مطلع العام الحالي بالانسحاب، وإن لم تصح الفرضية فقد يكون داعي التصعيد متعلقاً بمخاوف "قسد" الجدية من انطلاق معركة للمعارضة بدعم تركي بريف حلب، وبالتالي يندرج تحركها في إطار العمليات المستمرة للإبقاء على حالة التوتر وعدم الاستقرار في مناطق تمركز خصومها.

يرى الكاتب السوري المعارض حسن النيفي أن "التصعيد الذي بدأته قسد من خلال استهدافها لعربة عسكرية تركية في بلدة حزوان قرب الباب بريف حلب، وكذلك قصفها مارع ولمركز الدفاع المدني داخل مدينة عفرين له علاقة بالتصعيد الذي يقوم به الروس في جبل الزاوية جنوبي إدلب، وأعتقد أن روسيا تحاول دفع قسد لتوتير الميدان وإشغال تركيا والجيش الوطني في ريف حلب بهدف الضغط على تركيا واستفزازها"

وأضاف النيفي في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أن "روسيا ونظام الأسد ربما يرغبان جدياً بتسخين الجبهات للعودة إلى عملية خلط الأوراق من جديد وإشعال حرب قد تؤدي إلى كارثة إنسانية في المنطقة، ذلك أن الروس يسعون للمزيد من الضغط على تركيا من أجل فتح المعابر بين نظام الأسد والمناطق المحررة لفتح نوافذ اقتصادية من شأنها تخفيف أزمة النظام". وأضاف "أعتقد أن تركيا تحرص في الوقت الحاضر على الرد بالمثل، وهذا ما حصل بالفعل، ولا تريد الخوض في مواجهة عسكرية واسعة خوفا من تداعياتها الإنسانية ولكن هذا لا يمنع من رفع جاهزية الجبهات والتحضير لأي احتمالات".

الباحث السوري المعارض باسل معراوي يرى أن "الجيش التركي حافظ على وجوده وانتشاره الكثيف في منطقة جبل الزاوية وعموم مناطق جنوبي الطريق إم4 في إدلب برغم التصعيد العسكري العنيف لقوات النظام وروسيا وعلى مدى شهرين تقريباً، لذا عمدت روسيا إلى توسيع جغرافية الضغط على تركيا، فأوعزت لقسد لإشعال المنطقة واستهداف الجيش التركي بشكل مباشر" وأضاف معراوي خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن "تحركات قسد لن ينتج عنها في الغالب مواجهات واسعة، ومعركة مفتوحة، ما حصل يمكن إدراجه في باب الرسائل الروسية لتركيا، أن في إمكاننا خلط الأوراق والتسبب بالمتاعب في مناطق انتشاركم".

مغامرة مكلفة

قصفت ميليشيا وحدات الحماية ypg الأحد الفائت، مدينتي مارع وعفرين في ريف حلب بالمدفعية والصواريخ، وبدا قصفها العشوائي للأحياء السكنية ورصدها الناري لعدد من الطرق القريبة من خطوط التماس محاولة للتخفيف من كثافة النيران التي تعرضت لها مواقعها خلال 24 ساعة وبشكل متواصل، قال مدير المكتب الإعلامي للدفاع المدني "الخوذ البيضاء" في ريف حلب إبراهيم أبو الليث لموقع "تلفزيون سوريا" إن "عدة قذائف صاروخية ومدفعية استهدفت قلب مدينة عفرين، إحداها سقطت على مركز الدفاع المدني وسط المدينة ما أدى إلى تضرر كبير في آليات المركز والبناء الخارجي، ولم يتم تسجيل أي إصابة بين العاملين في المركز، لكن القذائف التي استهدفت الأحياء السكنية في مدينة عفرين أدت إلى تضرر كبير في الأبنية السكنية وإصابة 8 مدنيين بينهم 3 أطفال وامرأتان".

 

 

بعد استهدافها للمدرعة التركية وقتلها جنديين تركيين تعرضت مواقع وحدات الحماية ypg في ريف حلب لسيل من النيران التركية ونيران الفصائل المدفعية والصاروخية، وحلقت طائرات الاستطلاع والطائرات المسيرة بكثافة في سماء المنطقة وضربت خلال ساعات ليل السبت/الأحد أهدافاً ثابتة وأخرى متحركة للوحدات في جبهات الشيخ عيسى وكلجبرين وحربل وجنوبي اعزاز وصولاً إلى مشارف الباب شمال شرقي حلب، ودفعت شدة النيران عناصر الوحدات للفرار من مواقعهم المتقدمة في عين دقنة والعلقمية شمالي تل رفعت، واحتمت مجموعات أخرى في الأنفاق خوفاً من القصف، كما انسحبت قوات النظام المتمركزة في بعض المواقع المشتركة مع الوحدات من مواقعها شرقي تل رفعت.

مصدر محلي في مناطق سيطرة الوحدات بريف حلب قال لموقع تلفزيون سوريا إن "خسائر الميليشيا في أعدادها وعتادها العسكري كبيرة جداً بسبب القصف المركز الذي طال مواقعها في ريف تل رفعت، ونقلت الميليشيا العدد الأكبر من القتلى والمصابين إلى مشفى أفرين في بلدة فافين القريبة من كلية المشاة". وأضاف المصدر أن "التحركات العسكرية التي نفذتها الوحدات ضد الجيش التركي والفصائل منذ بداية شهر تموز اشترك فيها عناصر مدربون على حرب العصابات، وهم تابعون لمجموعة من مقاتلي قنديل الواصلين حديثاً إلى المنطقة بمساعدة النظام الذي سهل عبورهم من منبج نحو ريف حلب الشمالي وذلك لإدارة عمليات ميليشيا قوات تحرير عفرين ذراع الوحدات العسكرية في المنطقة بريف حلب".

قال مستشار إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني العميد أحمد حمادة لموقع "تلفزيون سوريا" إن "الرد المشترك بين الجيشين الوطني السوري والتركي على الوحدات في ريف حلب كان كاسحاً، وطال مواقع الميليشيات في كامل الجبهات الممتدة من ريف منبج وحتى ريف اعزاز"، ويبدو أن القصف تسبب أيضاً بتدمير عدد من مستودعات الذخائر والأسلحة التابعة للوحدات في ريف تل رفعت الشمالي وفي أطراف بلدة إحرص.

معركة محتملة

تخشى "قسد" على قواتها ومجموعات وحدات الحماية ypg شمالي حلب من معركة مفاجئة قد يخوضها الجيشان الوطني السوري والتركي لذا تواصل عملياتها الاستفزازية والاستطلاع بالقوة، وتحافظ على وتيرة متصاعدة من العمليات الهجومية المتنوعة في مختلف محاور التماس والتي تهدف أيضاً إلى الإبقاء على حالة التوتر والإشغال لخصومها. عملياً، يمكن القول إن هناك جاهزية عالية للمعارضة والجيش التركي في جبهات ريف حلب، ومسألة خوض معركة نحو تل رفعت وربما منبج لا تحتاج سوى لقرار جدي وتوافق مفترض مع روسيا أو الأميركيين، فالمنطقة شهدت دخول تعزيزات كبيرة للجيش التركي في الفترة الممتدة بين عيدي الفطر والأضحى.

الباحث في مركز جسور للدراسات محمد السكري يرى أن "احتمال اندلاع معركة وتغيير في خريطة السيطرة غير وارد حالياً، ولا يبدو أنّ هناك مؤشرات تلوح في الأفق في هذا التوقيت تدل على ذلك، ولكن هذا لا يلغي الرغبة التركية المتعاظمة بتطبيق مثل هذا السيناريو، والارتباك الدائم لدى وحدات الحماية من صفقة روسية - تركية أو أميركية - تركية يؤكد وجود مخاوف من هذا النوع".

وأضاف السكري خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا أنه "بالعموم تذهب كل الأطراف بالرغم من هذا التصعيد الذي يعتبر ضمن المعقول إلى تجميد النزاع ومن المتوقع أن تقل حدة الاستهدافات المتبادلة على الأقل في محافظة إدلب كلما اقتربنا من تطبيق الفترة الثانية - الستة الأشهر الثانية من القرار الأممي ٢٢٨٥ الخاص بالمساعدات الإنسانية".

وأشار السكري إلى أن "استهداف وحدات حماية الشعب مدن ريف حلب الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني والنفوذ التركي أتى بغطاءٍ من قبل روسيا وبالتزامن مع ما يحدث من محافظة إدلب، فكل الأطراف العسكرية المحلية غير قادرة على التحرك بمفردها دون العودة إلى الدول التي تحوز النفوذ والقرار، فروسيا لا تريد للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة أن تكون مستقرة أمنياً ما يعطل إمكانية تقدمها تنموياً، كذلك تؤكد روسيا من خلال هذا الاستهداف قدرتها على إحداث فوضى في جغرافية حساسة كتلك المدن التي تقع على الحدود السورية - التركية وهذه بكل تأكيد رسالة إلى تركيا للضغط عليها أكثر في الملف السوري وملفات أخرى".

رد محدود وآخر واسع

عتبت الأوساط الشعبية المعارضة على الجيش التركي بعد أن رصدت حجم الرد العسكري على اعتداءات وحدات الحماية في ريف حلب، والذي قارنته بالرد التركي على قصف قوات النظام على مناطق جنوبي إدلب في جبل الزاوية، حيث كان الأخير بمستوى منخفض وأقل جدية، هذا ما تداولته الأوساط الشعبية.

المحاضر في العلوم السياسية محمد بقاعي يرى أن "من حق الأهالي في إدلب وجبل الزاوية تحديداً المطالبة بالحماية، وإيقاف المجازر التي ترتكب بحقهم، وبالتالي عتبهم على الجيش التركي ومقارنتهم تعامله المختلف مع اعتداءات وحدات الحماية بريف حلب وقوات النظام جنوبي إدلب أمر متوقع، لكن يجب أن نعلم بأن الدماء في كلا المنطقتين غالية".

وأضاف بقاعي لموقع تلفزيون سوريا أن "الموقف جنوبي إدلب يحتم على الجيش التركي بأن يكون رده مدروساً ومحدوداً بالشكل الذي لا يؤدي إلى اندلاع معركة واسعة، والتي ينتظر النظام مبررات إطلاقها، بينما يتمتع الجيش التركي بحرية الرد وبشكل أعنف على ميليشيا الوحدات ولا يخشى تغيراً في خريطة السيطرة في حال زاد من وتيرة التصعيد المضاد".

العقيد المنشق عن جيش النظام مصطفى بكور قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن "الأتراك أكدوا أكثر من مرة في لقاءاتهم مع المدنيين والفعاليات الثورية في المناطق التي يوجدون فيها أنهم سيحمون المدنيين من القصف الروسي والأسدي لكنهم لم يوفوا بوعودهم فسقطت مناطق ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي وهم موجودون فيها لذلك لا يتوقع منهم أن يكون موقفهم حاليا مغايرا لموقفهم السابق" وأضاف العقيد بكور " العتب الحقيقي يجب أن يكون على الفصائل التي انخرطت في أستانا وأعطت لنفسها أحقية تمثيل الشعب السوري وتمتلك الأدوات للرد وهي تتفرج على الشهداء والجرحى في جبل الزاوية دون أي رد حقيقي يردع العدو ويوقفه عند حده".