icon
التغطية الحية

في مدراس ألمانيا.. غزة حاضرة بقوة بين أبناء اللاجئين السوريين والعرب

2023.11.11 | 12:58 دمشق

سوق العرب في برلين
سوق العرب في برلين ـ تلفزيون سوريا
برلين ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

منذ "طوفان الأقصى" وبشكل شبه يومي يتظاهر الآلاف في العاصمة الألمانية برلين، كما جلّ العواصم الأوروبية، تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، التي يتعرض لعدوان إسرائيلي من السابع من الشهر الماضي.

وتحضر عائلات كثيرة من المهاجرين العرب مع أطفالهم ويتم رفع لافتات عادة ما يكتب عليها عبارات مثل "فلسطين حرة" "أنقذوا غزة" و"أوقفوا الإبادة" و"أوقفوا إطلاق النار".

ويرتدى المتظاهرون الكوفية الفلسطينية ويتجمعون عادة في الساحات العامة مثل ساحة ألكسندر بلاتز بوسط برلين وبوابة "براندنبورغر تور" وتظللهم الأعلام الفلسطينية، وسط هتاف "فلسطين حرة".

إلا أن الشرطة الألمانية فرضد قيودا صارمة، مؤكدة أن أي "إنكار لحق إسرائيل في الوجود أو الإدلاء بمواقف معادية للسامية، تحض على الكراهية وتشيد بالعنف والإرهاب" يستدعي ملاحقات جنائية.

شارع العرب يكتسي بالأعلام و"الكوفية"

تنتشر على طول شارع "Sonnenallee" أو شارع العرب، الأعلام والكوفيات، كما ألصق ناشطون صورا بعبارات مثل "لا لقمع المظاهرات.. أوقفوا المجزرة في غزة"، حيث يشتهر الشارع بتواجد كبير للمحال التجارية العربية إلى جانب مدرسة "قرطبة" لتعليم اللغة العربية.

يقول أبو قاسم، وهو صاحب محل بيع أزياء وألبسة شعبية وسط شارع العرب، لموقع تلفزيون سوريا: "بعد طوفان الأقصى باتت زيارات الشرطة شبه يومية لمراقبة انتشار أي ألبسة تحمل عبارات مخالفة للقانون المنحاز كليا لإسرائيل، ويتم سؤالنا بشكل غير مباشر عن العبارات باللغة العربية، علما بأنهم يصطحبون معهم من يجيد قراءة العبارات المكتوبة بالعربية".

ويتابع أبو قاسم، وهو شاب فلسطيني-سوري قدم قبل نحو عشر سنوات إلى ألمانيا، : "بالنسبة لي لا توجد أي مشكلة وبإمكاني التعامل مع هذا النوع من الاستفزازات، فالخبرة التي اكتسبتها للتعامل مع مخابرات الأسد في دمشق طيلة حياتي تجعل من هذه الممارسات مجرد تهريج".

شارع العرب في برلين

ويضيف أبو قاسم بأن المشكلة الحقيقة تكمن بالتضييق الذي يتعرض له طلاب المدراس من أبناء الجالية العربية: "تعرض ابني لمضايقات كثيرة حيث نال إنذارين بسبب معارضته لمعلمة حاولت أن تروج بروباغندا الإعلام الألماني خلال حصة دراسية وقال لها إن الحقيقة مغايرة تماما لما يتم  طرحه في الإعلام الغربي، فما كان من المعلمة إلا أن اصطحبته إلى الإدراة ليتم توجيه له إنذار رسمي".

"وبعد نحو أسبوع، حصلت مشكلة بين عدد من الطلاب الألمان والمهاجرين، فكانت ذريعة المدرسة بتوجيه الانذار الثاني للطلبة المهاجرين بأنهم يحملون في حقائبهم "كوفيات" علما بأن الطلبة كانوا يخططون للمشاركة في مظاهرة ولكن بعد انتهاء دوامهم في المدرسة".

ويذكر أن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر إنه يجب ترحيل داعمي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من البلاد طالما كان ذلك ممكنا، مضيفة أن السلطات ستراقب عن كثب المهاجمين الإسلاميين المحتملين، على حد تعبيرها.

وتابعت فيزر في تصريحات للصحفيين بعد محادثات مع مسؤولين في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية "إذا كان بوسعنا ترحيل داعمي حماس، فإن علينا فعل ذلك". بحسب وكالة رويترز.

تضييق على الطلاب في المدارس

ومنتصف تشرين الأول الفائت، حظرت سلطات ولاية برلين الألمانية ارتداء الكوفية الفلسطينية في المدارس، قائلة إنها قد تشكل "تهديداً للسلام".

وقالت النائبة عن التعليم كاثرينا غونثر- فونش، في رسالة إلى المدارس، إن "أي سلوك توضيحي أو تعبير عن الرأي يمكن فهمه على أنه تأييد أو موافقة على الهجمات ضد إسرائيل، أو دعم المنظمات الإرهابية التي تنفذها، مثل حركة "حماس" الفلسطينية أو جماعة "حزب الله" اللبنانية، يمثل تهديداً للسلام المدرسي في الوضع الحالي، وهو محظور".

وإلى جانب الرموز المباشرة لـ"حماس" أو "حزب الله"، فإن الحظر يشمل أيضاً "الرموز والإيماءات والتعبير عن الرأي الذي لا يصل إلى حد المسؤولية الجنائية، بما في ذلك الكوفية".

كما حظرت المسؤولة ملصقات "فلسطين حرة" التي تحمل نقوشاً، أو خريطة إسرائيل بألوان علم فلسطين.

ويقول المنتقدون إن الإجراءات التي اتخذتها السلطات تنتهك الحقوق الدستورية، والحرية، والحق في التظاهر.

من جهته قال المستشار الألماني أولاف شولتز، الإثنين 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن بلاده تعتبر أن "كل من يهاجم اليهود في ألمانيا كأنه يهاجمنا جميعاً". ودعا شولتز، في تصريح صحفي، الألمان إلى "حماية اليهود في مواجهة الحوادث المعادية للسامية"، على حد قوله.

تصريح المستشار الألماني يأتي بعد أن تظاهر آلاف الأشخاص بالعاصمة برلين، الأحد 5 نوفمبر/تشرين الثاني، دعماً للفلسطينيين وتنديداً بالقصف المتواصل للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي دمر أحياء سكنية فوق رؤوس ساكنيها، وأوقع آلافاً من القتلى المدنيين، أغلبهم من النساء والأطفال.

ألمانيا تدعم فلسطين "بالمال"

في مدرسة أخرى حاولت الطالبة السورية رجاء (طلبت عدم ذكر اسمها كاملا) أن تشرح لزميلاتها الألمانيات سياق القضية الفلسطينية، بعد أن كثرت الأحاديث الجانبية بين طالبات من خلفيات مهاجرة والطلاب الألمان، فسمحت لها مدرّستها أن تستعرض سياق الصراع بشكل متوازن، لكن المعلمة رغم كل موضوعيتها التي يشهد لها الطلاب المهاجرون، لم تسمح لها بإكمال ما حضرته عبر "سلايدات" والرسومات التي تحفظها عن ظهر غيب لخارطة فلسطين والتحولات عبر السنين وتقلص الأراضي الفلسطينية على حساب الاحتلال.

واعتبرت المعلمة أن ما قدمته رجاء يعتبر انحيازا ضد ألمانيا، لأن ألمانيا قدمت "دعم مالي" للفلسطينيين ولا تزال تقدم، وأن بلادها غير منحازة إطلاقا ضد الفلسطينيين وحقهم بإقمة دولة إلى جانب الإسرائيليين.

لكن رجاء أصرت أن تختم محاضراتها بإقتباسات لرؤساء حكومات إسرائيلية وقالت: "بن غوريون قال سابقًا قَبلَ حتى أن يجيءَ جدي وأبي إلى هذه الدنيا، قال الكبار يموتون والصغار ينسون، لكننا هنا نحن أبناء الجيل الثالث والرابع ما نسينا ولن ننسى، وكذلك قالت غول دمائير العرب أمة نائمة، أقول لها أنت محظوظة جدا أنك رحلتي ولم تشاهدي كيف أن نبض القضية يهز العواصم الأوروبية، وأن طوفان الأقصى أثبتت ان القضية تخبو أحيانا لكنها لا تموت إطلاقا".

قانون "معاداة السامية" يكمم أفواهنا

تقول اللاجئة هاجر المصري لا يمكننا إبداء تعاطفنا الكامل مع غزة خوفا من قانون معاداة السامية والتي تعد تهمة كبيرة في ألمانيا، فنحن كسوريين نرغب بتنظيم مظاهرات أشبه بالتي نظمناها ضد نظام بشار الأسد منذ قدومنا إلى ألمانيا، "نحن أكثر من يشعر بمعاناة أهلنا في غزة، فالجناة لهم نفس العقلية في القصف والقتل والتهجير".

وفقا للبيانات الألمانية الرسمية فإن ظاهرة معاداة السامية لم تختف من ألمانيا، ففي عام 2020 سجلت الدوائر الرسمية أكبر عدد من جرائم معاداة السامية منذ البدء بتوثيقها عام 2001. كما أن إنكار المحرقة ممنوع في ألمانيا، والشتم أو الاعتداء على اليهود يمكن معاقبته كجريمة تحريض، وكذلك حرق العلم الإسرائيلي في مظاهرة معادية لإسرائيل يعتبر جريمة يمكن ملاحقتها قانونيا.

وتقول هاجر "للأسف لا يوجد خط فاصل بين الديانة اليهودية كديانة مثلها مثل أي مجموعة إثنية أخرى وبين دولة الاحتلال الاسرائيلي التي أكثر ما تشبه بشار الأسد بقتل الأطفال وقصف المشافي وتجير الآمنين من منازلهم".

وتختم هاجر قائلة إن "سياسة كم الأفواه بخصوص انتقاد إسرائيل وأفعالها الشنيعة تجعل من حريتنا منقوصة أمام مسألة لا تقل أهميتها عن قضيتنا في التحرر من بشار الأسد، لأن تحرر أي من البلدين مرتبط حتما بتحرر الآخر".