icon
التغطية الحية

فلسطينيو سوريا يعيشون مخاوف من احتمالية توقف خدمات الأونروا

2024.02.16 | 06:48 دمشق

فلسطينيو سوريا يعيشون حالة من الذعر حول احتمالية توقف خدمات الأونروا
وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

يعيش فلسطينيو سوريا حالة من الخوف من عجز وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، عن تقديم المساعدات المالية والغذائية لهم هذا العام، ومن تخلفها عن دفع رواتب الموظفين في مستوصفاتها ومدارسها وباقي مراكزها، ما يهدد بتوقف تقديم الخدمات الطبية وتهديد مسيرة تعليم عشرات آلاف الأطفال.

يوجد في سوريا 102 مدرسة تابعة للأونروا فيها أكثر من 47 ألف طالب، ويوجد 23 مركزاً صحياً يزورها سنوياً 810 آلاف مريض، بحسب موقع "الأونروا" التي تؤكد أن أكثر من 95%  من لاجئي فلسطين في سوريا بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية من النقد والغذاء والمواد غير الغذائية.

سبب المخاوف

ومن المفترض أن تبدأ الأونروا توزيع الدورة الأولى من مساعداتها المالية على فلسطينيي سويا قبل نهاية هذا الشهر، لكن في بداية شباط الجاري، حذّر المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني، من أن الوكالة الدولية قد تضطر إلى وقف عملياتها في نهاية الشهر الجاري، في حال استمر تعليق 16 دولة تمويلها على رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

وقال لازاريني إن الدول المانحة التي علّقت تمويلها، حرمت الأونروا من 440 مليون دولار، (نصف ميزانيتها لعام 2024 كاملاً) ما قد يضطر الوكالة إلى إيقاف عملياتها ليس فقط في قطاع غزة، بل في جميع أرجاء المنطقة (تقدم الأونروا المساعدة للاجئي فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا).

الأونروا خفضت المساعدات قبل أحداث غزة

وقبل إيقاف بعض الدول الغربية دعمها لوكالة الأونروا على خلفية تقارير إسرائيلية بمشاركة بعض الموظفين في غزة بأحداث 7 أكتوبر، كانت الأخيرة قد خفّضت بالفعل دورة المساعدات السنوية الخاصة بالفلسطينيين في سوريا.

يقول جهاد لموقع "تلفزيون سوريا" وهو فلسطيني في مخيم اليرموك "كانت الأونروا توزع 4 مساعدات مالية في السنة أي كل 3 أشهر (مبدأ ربع السنة) لكنها العام الماضي قامت بتخفيض المساعدات المالية إلى 3 فقط والمساعدات الغذائية إلى مرة واحدة".

الدفعة الثالثة من المساعدات المالية للعام الماضي كانت في شهر تشرين الثاني، وهي دفعة المساعدات الأخيرة، كانت قيمتها 506 آلاف ليرة للشخص، وهي تساوي تقريباً 33 دولاراً فقط وتغطي 4 أشهر بحسب إعلان الأونروا حينئذ، أي نحو 8.25 دولارات في الشهر للشخص ما يعني نحو 123 ألف ليرة.

دفع نحو التهجير ومخاوف صحية

يقول كفاح وهو نازح من مخيم اليرموك إلى قدسيا، إنه ينتظر مساعدات الأونروا بفارغ الصبر، فهو مضطر إليها ويعتمد عليها اعتماداً كلياً في دفع إيجار منزله، حيث يدفع لصاحب المنزل الذي يسكن فيه دفعة المساعدات كاملة لقاء 3 أشهر، مضيفاً "عملي كسائق سرفيس بالكاد يؤمن لي قوت يومي، وفي حال توقفت خدمات الأونروا من طبابة وتعليم ومساعدات فلن يكون لدي خيار سوى الهجرة".

ليس كفاح فقط، بل كثير من فلسطينيي سوريا يعتمدون على مساعدات الأونروا في تأمين إيجارات منازلهم أو طعامهم وشرابهم، وبعضهم يعتمد عليها في سداد ديونهم كما قالت أم عثمان من مخيم خان الشيح "أعيش 3 أشهر بالدين ثم أقوم بتسديد ديوني من مساعدات الأونروا، ومن يقومون بتقديم الدين لي اعتادوا ذلك، ومن دون هذه المساعدات سأموت من الجوع مع أطفالي الـ3 بعد موت زوجي في الحرب"، مشيرةً إلى أن خيار الهجرة بالنسبة إليها صعب جداً لأنه مكلف وخطير، لكنها ستبذل جهداً للهجرة إلى أي مكان وبأي ثمن لو توقفت المساعدات.

أما أبو الوليد من سكان مخيم جرمانا متقاعد في الـ65 من عمره، ويعتمد في معيشته كلياً على الأونروا وخدماتها، حيث يحصل على أدوية الضغط والسكري بشكل مجاني من مركز الأونروا الطبي ويعالج أسنانه ويتطبب هناك مجاناً، ويقول "خفّضت الأونروا قبل حرمانها من الدعم، الكثير من خدماتها الطبية إلى الحدود الدنيا، فلم تعد تغطي شريحة واسعة من العمليات الجراحية، وكثير من العمليات التي بقيت تغطيها لم تعد تصرف من تكاليفها أكثر من 20 – 25%،  باستثناء بعض العمليات الكبيرة، فضلاً عن أنها باتت أكثر تحفظاً بقبولها فواتير العمليات أصلاً، وبات الحصول على تغطية مالية لعمل جراحي بحاجة لخضوع المريض لأشبه بالتحقيق مع المسؤولين".

ويضيف "في حال توقفت الأونروا عن العمل في سوريا، فسيكون مصيري ومصير كثيرين مهدداً بقدرتنا على شراء الأدوية ومتابعة علاجاتنا في عيادات خاصة فأنا غير قادر نهائياً على ذلك، ولو حدث لي مكروه سأموت ولن أستطيع إجراء أي عملية لا تقدمها المشافي الحكومية السورية مجاناً".

مخاوف الموظفين

المخاوف طالت أيضاً موظفي الأونروا سواء من الفلسطينيين أو السوريين الذين توظفوا عبر ضغوط من جهات سورية ومعظمهم أقارب مسؤولين ومتنفذين في الدولة، والذين ينظر إليهم اللاجئون الفلسطينيون على أنهم من أصحاب الحظوظ الوفيرة، حيث يتراوح راتب المدرسين والأطباء بين 400 -  700 دولار، والموظف العادي أو المتعاقد الموسمي بين 200 – 400 دولار. قال فوزي وهو فلسطيني من مخيم الحسينية يعمل كموظف في أحد مراكز توزيع المساعدات الغذائية "الجميع خائف، ونحن مهددون بخسارة مصدر رزقنا الوحيد حيث تعتمد على رواتبنا أكثر من أسرة"، مضيفاً "أعيل براتبي أسرتي وأسرة أخي ووالدي وأمي، فجميعهم ينظرون إلي على أنني مصدر رزقهم، لكن يبدو أن هذا سيتبدد قريباً".

شائعات

يقول فوزي إن الشائعات التي تدور بين موظفي الأونروا لا تتوقف وهي كثيرة ومتناقضة من دون وجود أي شيء رسمي، فبعضهم يقول إن هذا الشهر هو الأخير للعمل، وبعضهم يقول إنه سيتم تسريح عدد كبير من الموظفين لضمان بقاء أهم الخدمات، وبعضهم يقول إنه سيكون هناك تخفيض في الرواتب، وآخرون يقولون إن الأمور ستبقى على حالها لأن دولاً عربية قدمت أموالاً كافية لدعم الوكالة.

أكثر من موظف في الأونروا التقى بهم الموقع أكدوا أن الأونروا ستستمر حالياً بحسب مصادرهم، وستوزع الدفعة الأولى من المساعدات المالية قريباً وبمبلغ سيكون أفضل من السابق، مستندين إلى تأكيدات الإمارات وقطر والكويت والسعودية على دعمها للأونروا.

ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث كانت الإحصاءات قبل الحرب تشير إلى نحو 520 ألف شخص وصولاً إلى 570 ألف، لكن العدد انخفض كثيراً إلى نحو النصف حالياً، حيث أكدت هيئات فلسطينية لموقع "تلفزيون سوريا" أن العدد لا يتجاوز 250 ألف شخص، في حين تؤكد الأونروا وجود 438 ألف لاجئ مسجل لديها، ما يراه فلسطينيون أنه رقم مبالغ فيه ولا يعكس العدد الحقيقي لمن بقي بظل الهجرة غير الشرعية.

مصادر في فصائل فلسطينية أشارت لموقعنا أن معظم الفلسطينيين في سوريا يعيشون في وضع معيشي مأساوي وظروف سكن صعبة في مخيمات مدمرة بدون بنى تحتية مثل مخيم اليرموك.

وتقدر الأونروا أنّ أكثر من 40% من الفلسطينيين في سوريا، يعيشون نزوحاً داخلياً بسبب تدمير مخيماتهم ويضطر هؤلاء لدفع إيجارات منازلهم وسط تكاليف باهظة.

ويوجد في سوريا العديد من المخيمات للاجئين الفلسطينيين، مثل مخيم اللاذقية (الرمل)، ومخيم النيرب، مخيم اليرموك، مخيم جرمانا، مخيم حماة، ومخيم حمص، ومخيم خان الشيح، ومخيم خان دنون، مخيم درعا، مخيم سبينة، مخيم عين التل، ومخيم قبر الست.