icon
التغطية الحية

اعتبار اللاجئين الفلسطينيين في سوريا "أجانب".. مآلات القرار وسياقه القانوني

2023.12.19 | 07:12 دمشق

صورة تعبيرية - إنترنت
صورة تعبيرية - إنترنت
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

تستمر ارتدادات القرار الصادر عن النظام السوري رقم 1011 لعام 2022 باعتبار اللاجئين الفلسطينيين في سوريا "أجانب"، حيث طالب حقوقيون فلسطينيون سوريون قبل أيام مجلس الوزراء في حكومة النظام بالتراجع عن القرار.

وعقد حقوقيون ومحامون فلسطينيون اجتماعاً في دمشق لبحث قرار مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري رقم (1011) لعام 2022، الذي عرف غير السوري ومن ضمنهم اللاجئون الفلسطينون، بأنه "أجنبي"، وبحسب "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" فإنه تم خلال الاجتماع، الذي حضره رئيس اتحاد الحقوقيين الفلسطينيين في سوريا، نور الدين سلمان، وعدد من الحقوقيين والمحامين الفلسطينيين، "إعداد مذكرة تطالب رئاسة مجلس وزراء النظام السوري بالتراجع عن قرارها، الذي "سينعكس بشكل سلبي على أوضاعه القانونية والاقتصادية والإنسانية".

ما السياق القانوني لقرارات النظام بخصوص تملك العرب والأجانب؟

ذكرت "رابطة المحامين السوريين الأحرار"، أن القوانين السورية لم تكن تسمح للعرب أو الأجانب بالتملّك العقاري في سوريا وقد صدر القانون رقم 189 لعام 1952 بحظر إنشاء أو تعديل أو نقل أي حق عقاري في سوريا لأي شخص غير سوري، ثم أصدر النظام السوري القانون رقم 11 لعام 2008، والذي يعتبر أول قانون يسمح بتملك العرب والأجانب ضمن شروط معقدة، من ثم أصدر النظام القانون رقم 11 لعام 2011 المتضمن السماح بتملك العرب والأجانب في سوريا بموجب شروط وهي:

  • أن يكون التملك لصالح الأسرة لا الأفراد وأن تكون إقامة الأسرة في سوريا مشروعة بصرف النظر عن مدتها.
  • أما بخصوص العقار، فيجب أن يكون عقاراً واحداً بقصد السكن الشخصي لتلك الأسرة، وأن يكون حاصلاً على التراخيص اللازمة وفقاً لنظام ضابطة البناء.
  • يجب أن يكون العقار بمثابة وحدة سكنية متكاملة لا تقل مساحته المبنية عن 140 متراً مربعاً.
  • يتوجب الحصول على ترخيص مسبق يصدر بقرار عن وزير الداخلية لإتمام عملية التملك.
  • منع غير السوري الذي اكتسب ملكية عقار من التصرف به قبل مضي سنتين على اكتسابه الملكية، إلا بموافقة وزير الداخلية.

وأصدر النظام السوري القانون رقم 12 لعام 2021 المتضمن تعديل القانون رقم 11 لعام 2011 وتضمن في أهم تعديلاته إلغاء حصر التملك بأسرة الأجنبي، بل أصبح بإمكان أي أجنبي تملك عقار واحد فقط، كما ألغت التعديلات شرط المساحة المطلوبة لتملك العقار، وأسقطت التعديلات الفقرة التي أجازت لمجلس الوزراء صلاحية منح استثناءات في هذا الخصوص.

الإشكالية القانونية للفلسطينيين المقيمين في سوريا

وقال المحامي في الرابطة عمار عز الدين لموقع تلفزيون سوريا، إنّ الإشكالية القانونية للفلسطينيين المقيمين في سوريا بصدور قانون تملك غير السوريين لا تكمن بالقانون رقم 11 لعام 2011 أو القانون رقم 12 لعام 2021 وإنما مكمن الجدل هو التعليمات التنفيذية التي يصدرها مجلس الوزراء في النظام السوري بموجب قرارات وتفسيرات خاطئة للقانون، وخاصة في تفسيره لعبارة "غير السوري".

وأضاف: "عند صدور القانون رقم 11 لعام 2011 صدر قرار مجلس الوزراء رقم 11567 لعام 2011  فقرة (ب) من المادة الأولى من التعليمات التنفيذية للقانون رقم 11 لعام 2011 على أنه (يقصد بعبارة – غير السوري – أي شخص طبيعي أو اعتباري لا يحمل جنسية الجمهورية العربية السورية)، وبالتالي يطبق القانون رقم 11 لعام 2011 على الفلسطينيين ويعاملون معاملة الأجانب في تملك العقارات في سوريا.

بعد ذلك، تم تعديل الفقرة (ب) المذكورة أعلاه بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 2484 لعام 2013 ونصه (يقصد بعبارة غير السوري، أي شخص طبيعي أو اعتباري لا يحمل جنسية الجمهورية العربية السورية ولا تشمل أحكام هذا القانون الفلسطينيين الذين هم في حكم السوريين وفق أحكام القانون رقم 260 لعام 1956).

ويتابع عز الدين: "بالعودة إلى القانون رقم 260 تاريخ 10/7/1956 فقد نص في مادته الأولى على أن (يعتبر الفلسطينيون المقيمون في أراضي الجمهورية العربية السورية بتاريخ هذا القانون كالسوريين أصلا في جميع ما نصت عليه القوانين والأنظمة النافذة المتعلقة بحقوق التوظيف والعمل والتجارة وخدمة العلم مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية).

وبالتالي فإن الفلسطيني المستثنى من تطبيق أحكام قانون تنظيم تملك الحقوق العينية العقارية لغير السوريين رقم 11 لعام 2011 هو الفلسطيني المقيم في أراضي الجمهورية العربية السورية بتاريخ 10/7/1956 وما قبل فقط، وهذا الحكم ينطبق على الشخص وعلى فروعه مهما نزلوا (الأبناء والأحفاد …) ويتم إثبات تاريخ اللجوء الأول لرب الأسرة ببيان من المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين، أما الفلسطيني الذي لجأ إلى سوريا بعد تاريخ صدور القانون رقم 260 المشار إليه أعلاه فإنه يعامل معاملة (غير سوري) بالنسبة لجميع الحقوق ومنها قانون تملك الأجانب ويتطلب تثبيت ملكيته العقارية في سوريا لتوفر الشروط المنصوص عنها بالقانون رقم 11 لعام 2011".

وفي عام 2021 عندما صدر القانون رقم 12 لعام 2021 المتضمن تعديل القانون رقم 11 لعام 2011،  صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1555 تاريخ 19/9/2021 المتضمن التعليمات التنفيذية للقانون، وتضمن تعداد الحقوق العينية المقصودة بالقانون وتحديد المقصود بالإقامة المشروعة وتحديد مدتها بشرط الإقامة 3 سنوات متصلة أو 5 سنوات منفصلة على ألا تقل عن سنة وفي حال كان الأجنبي مولودا لأم سورية، يشترط فقط الإقامة مهما كانت المدة.

لذلك، الخلاصة القانونية لقرار مجلس الوزراء رقم 1555 لعام 2021 بخصوص تملك غير السوريين هي:

  • في حال كان الشخص غير سوري وغير فلسطينيي مقيم قبل عام 1956 وغير مولود من أم سورية، فهو بحاجة لترخيص وزارة الداخلية وشرط الإقامة 3 سنوات متصلة أو 5 سنوات منفصلة.
  • في حال كان الشخص فلسطينيا مقيما قبل عام 1956، فهو مستثنى ويحق له التملك شأنه شأن السوريين.
  • في حال كان الشخص غير سوري وغير فلسطينيي 1956 ومولود لأم سورية، فهو بحاجة لترخيص وزارة الداخلية وشرط الإقامة مهما كانت المدة.

وصدر حديثا  قرار مجلس الوزراء في النظام رقم 1011، عدل التعليمات التنفيذية للقانون رقم 11 لعام 2011، فقد نص القرار على تعديل الفقرة ب من المادة الأولى من التعليمات التنفيذية من القرار رقم 1555 تاريخ 12/9/2021 والمتضمنة للقانون رقم 11 لعام 2011  وتعديلاته، أي القانون رقم 12 لعام 2021 على أنه (يقصد بعبارة – غير السوري – أي شخص طبيعي أو اعتباري لا يحمل جنسية الجمهورية العربية السورية)، أي استثنى الفلسطينيين المقيمين منذ عام 1956 الذين استثناهم القانون رقم 260 لعام 1956، أي بموجب هذا القرار يعامل الفلسطينيون معاملة غير السوريين في تملك للعقارات وتطبق عليهم شروط وأحكام القانون رقم 12 لعام 2021 و بالتالي يجب توافر عدة شروط، منها أن يكون التملك لعقار واحد مبنيا بقصد السكن على وجه الاستقلال ويشكل وحدة سكنية متكاملة، ومرخصا وفق نظام ضابطة البناء.

ما الآثار المترتبة على قرار النظام؟

ذكر عز الدين، أن القرار ينعكس بأثر سلبي يكمن من الناحية القانونية في تغير المركز القانوني للفلسطينيين المقيمين في سوريا وتقويض الحقوق المدنية التي كانوا يتمتعون فيها، كالمركز القانوني الذي يعطيهم حقوقا قريبة للمواطنة في التملك وتولي الوظائف العامة، ما عدا حق الانتخاب والترشيح للبرلمان والإدارات المحلية، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.

وتمتد انعكاسات هذا القرار على الجانب الاقتصادي، حيث يفرض القرار واقعا بالسماح بتملك عقار سكني واحد فقط ضمن المخططات التنظيمية، وبالتالي لا يمكن تملك العقارات خارج المخطط، إذ كان ذلك ممكناً بموجب وكالة كاتب بالعدل أو بموجب حكم قضائي، كما لا يمكن أيضاً تملك عقار تجاري، فقد أوقفت دوائر السجل العقاري جميع معاملات شراء العقارات من قبل الفلسطينيين وتثبيتها في السجل العقاري.

وألغت الدوائر أيضاً موضوع وكالات الكاتب بالعدل والحكم القضائي بتثبيت البيع، وذلك لوجود شرط موافقة وزير الداخلية على عملية البيع، في حين عملت المحاكم على إصدار أحكام بالإقرار بالبيع فقط دون متابعة خطوات تنفيذ هذا الإقرار مما يجعل الوضع القانوني لشراء العقارات السابقة لصدور قرار مجلس الوزراء، والتي كانت غير مفرغة لدى السجل العقاري عرضة للفقدان، وخاصة في حال كان الفلسطيني مشتر لأكثر من عقار سكني أو عقار تجاري، فلا يمكن في ظل القرار الحالي إتمام عملية الفراغ في السجل العقاري، وهذا له أثر بالغ على الوضع الاقتصادي.

ومن الناحية الإنسانية، يقدر عدد الفلسطينيين اللاجئين في سوريا بحوالي 560000 لاجئ يتوزعون على 12 مخيماً وضمن تجمعات في المدن السورية، وبصدور قرار مجلس الوزراء في النظام السوري باعتبار الفلسطينيين المقيمين في سوريا غير سوريين وتطبق عليهم قانون تملك غير السوريين، فإن ذلك يعد تعزيزاً لسياسة النظام السوري في نهجه لحرمان الفلسطينيين من ممتلكاتهم، وخاصة في ظل التعقيدات القانونية التي ستفرض عليهم بموجب القانون.

اللاجئون الفلسطينيون في سوريا

ويخضع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، المسجلون في قيود "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب"، للقوانين السورية، من حيث المساواة مع المواطن السوري في كل المجالات، ما عدا حق الانتخاب والترشح للبرلمان السوري وللإدارات المحلية.

وساوى القانون رقم 260، الصادر في 10 تموز 1956، اللاجئ الفلسطيني بالمواطن السوري وفق القانون السوري على أنهم "ومن في حكمه"، من حيث الأنظمة المدنية والمتعلقة بحقوق التوظيف والعمل والتجارة وخدمة العلم، مع الاحتفاظ بالجنسية الفلسطينية.

وفي 2 تشرين الأول 1963، صدر القرار رقم 1311، الذي قرر بموجبه وزير الداخلية إعطاء اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الجمهورية العربية السورية وثائق سفر، على أن يكونوا مسجلين لدى "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب"، ويتمتع صاحب وثيقة السفر هذه بحق العودة إلى سوريا من دون تأشيرة دخول.

وتشرف على شؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب"، التي تأسست بموجب القانون رقم 450 تاريخ 25 كانون الثاني 1949، وكانت تتبع لوزارة الداخلية، وبعد العام 1958 أصبحت تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ونص القرار رقم 1011 لعام 2022، على اعتبار "غير السوري" هو "أي شخص طبيعي أو اعتباري لا يحمل جنسية الجمهورية العربية السورية"، بعد أن كان القانون يستثني اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ويطلق عليهم "من في حكمه".