icon
التغطية الحية

فرنسا ترفض منح حق اللجوء لعشرات العائلات السورية.. ما الأسباب؟

2021.06.16 | 06:16 دمشق

dcw9hq3xkaa5ckg.jpg
باريس - إيلاف القداح
+A
حجم الخط
-A

مع تنامي ظاهرة العنصرية ضد المهاجرين واللاجئين في عموم أوروبا وارتفاع أصوات الأحزاب اليمينية المتطرفة المطالبة بطرد اللاجئين السوريين وعودتهم إلى بلادهم التي يصفونها بـ "الآمنة" كما يجري حالياً في الدنمارك؛ بدأ المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين والأشخاص عديمي الجنسية (الأوفبرا - OFPRA) منذ نحو العامين بتغيير طرق تعامله مع الملف السوري وإسقاط صفة الأولوية عنه.

ووصل منذ عام 2019 عشرات طالبي اللجوء السوريين إلى فرنسا عن طريق الحصول على تأشيرات لجوء من السفارات الفرنسية في دول الجوار السوري كلبنان والأردن وتركيا، بعد دراسة أمنية طويلة أخذت شهوراً لملفاتهم وملفات عائلاتهم.

وبالرغم من امتلاك السوريين لتلك التأشيرات، يصرّ مكتب حماية اللاجئين على رفض طلبات لجوئهم بحجج مختلفة لم تكن مطروحة قبل هذه الفترة، إذ كان لطالب اللجوء السوري أولوية في الحصول على حق اللجوء السياسي لمدة 10 سنوات أو الحماية الإنسانية لمدة 4 سنوات على أقل تقدير.

أسباب متعددة للرفض

ويقول محمد العبدالله وهو طالب لجوء من محافظة درعا لموقع تلفزيون سوريا إنه حصل على تأشيرة لجوء من السفارة الفرنسية في العاصمة الأردنية عمان، وبعدها وصل لفرنسا وانتظر شهوراً طويلة لإجراء مقابلة اللجوء ليتفاجأ مؤخراً بقرار الرفض له ولعائلته.

ويضيف العبدالله: "سبب الرفض بحسب مكتب حماية اللاجئين أنني لم أتحدث بشكل عفوي، وقدمت معلومات مضللة ولم أتطرق لأي معلومة تؤكد حدوث خطر لي في حال العودة إلى سوريا".

وأكد محمد أنه معارض للنظام منذ بداية الثورة وعمل بالطواقم الطبية وتنظيم المظاهرات، إلا أن موظف مكتب اللاجئين الفرنسي تعامل بشكل سيئ مع قصته ولم يهتم للوضع الإنساني لعائلته بحسب وصفه.

ريما أحمد طالبة لجوء من العاصمة دمشق، تؤكد لتلفزيون سوريا أن قرار رفضها كان بسبب قدومها من دمشق بعد عام 2019، إذ اعتبر المحقق الفرنسي دمشق ومحيطها مناطق آمنة خاضعة لسيطرة النظام ولم يقتنع بأن فيها أشخاصاً معارضين للنظام.

ولفتت الأحمد لوجود أخطاء كثيرة خلال المقابلة في عمليات الترجمة للمعلومات من قبل المترجمين، دون معرفة السوريين عموماً بتلك الأخطاء باعتبار أن معظمهم لا يتكلمون اللغة الفرنسية.

ويوضح برهان الحلبي طالب لجوء من ريف حلب الشرقي، جانباً آخر لأسباب الرفض وهو عدم اقتناع الموظفين الفرنسيين أن وجود شبان مطلوبين للخدمة العسكرية هي فكرة توجب منحهم حق اللجوء، فضلاً عن التشكيك بجنسية الشبان واعتبار جوازات سفرهم مزورة لسهولة شراء جوازات سورية من قبل أي شخص خلال السنوات الأخيرة.
 

معايير اللجوء الجديدة بعيون فرنسية

الناشطة في الحزب الشيوعي الفرنسي كريستيان غايري تعتقد أن مسألة منح مكتب حماية اللاجئين حق اللجوء لعشرات السوريين الواصلين مؤخراً هو أمر معقد للغاية ويخضع لعدة معايير جوهرية.

وتفند غايري لتلفزيون سوريا تلك المعايير بالقول: "المعيار الأول هو جيو سياسي، فبالنسبة للحكومة الفرنسية الحرب انتهت والانتخابات سارت بشكل جيد وخريطة الحلفاء والأعداء تغيرت، وتم إعادة تصنيف سوريا كدولة آمنة وبالتالي انخفض استقبال القادمين منها وهناك رغبة بعدم استقبال المزيد، فضلاً عن عدم إمكانية فرنسا مخالفة الرغبة الإسرائيلية  في بقاء بشار الأسد بالحكم".

وتتابع غايري: "المعايير الأخرى هي وباء كورونا الذي يصيب السوريين في بلادهم ويُبطّئ استقبال مزيد من طالبي اللجوء، والقرار الفرنسي في إرسال موظفي مكتب اللاجئين إلى المخيمات في تركيا ولبنان والأردن لاختيار وانتقاء الأشخاص التي تود الحكومة استقبالهم على الأراضي الفرنسية، إضافة إلى رفض السوريين أنفسهم القدوم إلى فرنسا بسبب تخوفهم من العنصرية مقارنة بدول أوروبية وغربية أخرى أكثر انفتاحاً على المهاجرين".

تحديث ملف اللجوء السوري

تشير تقارير صحفية فرنسية إلى وجود اختلاف حاد في تعريف طالب اللجوء بين وزارتي الخارجية التي تمنح تأشيرات اللجوء ووزارة الداخلية التي تقرر منح حق اللجوء، وبين هذه وتلك تعيش عشرات العائلات السورية الواصلة حديثاً مصيراً غامضاً، بعد إجراء عدة مقابلات لجوء أو الحصول على قرار الرفض أو انتظار قرار محكمة اللجوء بعد تقديم طلب الاستئناف.

وأوضح المستشار القانوني بقضايا الهجرة باسم سالم لموقع تلفزيون سوريا أن فرنسا لم تعد تتعامل مع السوري كأولوية ويجب الآن أن يكون هناك سبب للجوء والعودة للقانون العام لطلبات اللجوء وهو وجود خطر حقيقي على الحياة في حال العودة لسوريا، خطر سياسي أو عرقي أو طائفي، بغض النظر إن كان الشخص معارضا النظام أو مواليا له.

ويستطرد سالم: "حتى الحصول على حماية إنسانية هو أمر بات صعباً لأن الحماية تُمنح للأشخاص القادمين من دول تعيش حرباً، ولكن حالياً تعتبر فرنسا كثيرا من المناطق السورية آمنة ولا تتعرض للقصف والمعارك، وبالتالي مكتب حماية اللاجئين إما أن يمنح حق اللجوء السياسي أو يرفض طلب اللجوء".

ويتابع سالم في الخيارات المتاحة لطالب اللجوء السوري بعد قرار الرفض: "الخيارات المتاحة إما التخلي عن طلب اللجوء والبحث عن أنواع إقامات أخرى (إقامة دراسية أو إقامة عمل أو إقامة صحية)، أو أن يُكمل بالاعتراض إلى محكمة اللجوء وهنا يجب أن يحصل الشخص على كل الإثباتات الرسمية، حتى لو اضطر لجلبها من سوريا تثبت أن له الحق باللجوء، ولكن بالمحصلة هناك جو عام في فرنسا يقول إن اللجوء انتهى والهجرة أُغلقت أمام السوريين".

ويركز المستشار القانوني على مسألة تقديم طالب اللجوء للإثباتات والتحدث بطريقة مقنعة أثناء مقابلات اللجوء وعدم الكذب أو نسخ قصص مشابهة لأشخاص حصلوا سابقاً على حق اللجوء، لأن مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية يُجري مسحاً شاملاً على كل معلومة ويقوم بمقاطعة المعلومات مع الملفات السابقة بحسب قوله.

والجدير بالذكر أن محكمة اللجوء في باريس تعيد النظر بكل قرارات الرفض الصادرة، ومنحت سابقاً العديد من العائلات السورية المواقفة على اللجوء السياسي بعد اقتناع القضاة بعدم قدرة تلك العائلات العودة إلى سوريا مطلقاً في ظل وجود النظام الحالي.