icon
التغطية الحية

فرص قليلة ودخل محدود.. تحديات مضاعفة تواجه كبار السن السوريين في مصر

2024.05.31 | 05:38 دمشق

آخر تحديث: 31.05.2024 | 05:42 دمشق

مصر
معاناة مضاعفة لكبار السن من السوريين في مصر (صورة تعبيرية)
القاهرة - آمنة رياض
+A
حجم الخط
-A

"الغربة مرارتها مثل العلقم"، بهذه العبارة اختصر "محمد أبو أيمن" الرجل الستيني معاناته في مصر، التي لجأ إليها خوفاً من القصف والوضع الاقتصادي المتدني، وبعد خسارة كل أملاكه في وطنه سوريا.

ينحدر "أبو أيمن" من مدينة داريا في ريف دمشق، التي حاصرها النظام السوري لسنوات عدّة ودمّرها بالبراميل المتفجرة وصواريخ الطائرات الحربية وشتى أنواع القذائف، ما أجبره على اللجوء مع أبنائه إلى مصر بحثاً عن حياة ومستقبل أفضل.

ولكن لم تكن الحياة في مصر سهلةً كما تخيّل "أبو أيمن" (65 عاماً)، فالصعوبات بدأت تزداد تدريجياً بعد وصوله إليها، عام 2013، ومع مرور السنين وتردي الوضع الاقتصادي، زاد الخناق على السوريين عامةً وفئة كبار السن خاصةً، أولئك الذين تكاد تنعدم فرص العمل أمامهم وإن وجدوها تكون الأجور قليلة.

يقول "أبو أيمن" خلال حديثه مع موقع تلفزيون سوريا، إنّه يعمل في مطعم سوري يديره أحد أقاربه بمنطقة العبور قرب العاصمة القاهرة، وقد وظّفه "شفقةً" عليه ويعطيه مرتباً وصل مؤخراً إلى 7 آلاف جنيه، لا تكفيه لدفع إيجار المنزل والفواتير، في ظل الغلاء الحاصل.

"أبو أيمن"، الذي يعيش مع زوجته وابنته و2 من أبنائه (أحدهما أصيب بشظايا القصف في سوريا، وفقد قدرته على الحركة)، يجد نفسه مسؤولاً مع ابنه البالغ من العمر 18 عاماً، عن تأمين كلّ احتياجات المنزل، ويعاني كثيراً في عمله ويشتكي من آلام في ظهره وكتفه ويده، ولكن ليس باليد حيلةً، كما يقول موضحاً: "لا أجد خيارات كثيرة يتوجب عليَّ العمل أعيش كل يوم بيومه، وأتمنى أن تعود مدينتي كما السابق لأعود إليها، فأنا حالياً لا أملك شيئاً فيها، القصف دمّر كل ممتلكاتي".

حال "أبو أيمن" كحال "أبي عصام" الستيني أيضاً، والذي يعمل "ديلفري" (تسليم الطلبات للزبائن) في مطعم سوري بمدينة ستة أكتوبر، حيث اعتاد هذا العمل مجبراً.

في كلّ مرّة، يقف "أبو عصام" خلف نافذة في المطعم ويرمق المنتظرين بعيون تملؤها الحزن والحسرة، فقد كان يملك محلاً في بلدته بريف حمص لبيع الخضراوات والفاكهة ومنزلاً يؤويه هو وأسرته، لكنّه اليوم بات يعاني الأمَرَين في الغربة ويركضُ جاهداً طوال النهار ليأخذ في نهاية الشهر، 7500 جنيه مصري، ليتدبر أمور عائلته المكوّنة من زوجة وابنتين.

يقول "أبو عصام" إنه راتبه في الآونة الأخيرة لم يعد يكفيه، ما دفع واحدة من بناته إلى العمل في عيادة طبيب أسنان، لتساعده في تأمين احتياجات المنزل، فهي تدفع الإيجار وهو يجلب  المستلزمات: "أشعر بكسر في قلبي عندما أرى ابنتي تعمل، أريدها أن تعمل لأنها تحب ذلك وأن تجنّي الأموال لنفسها، لا أن تُنفِقها على المنزل، ولكن ما باليد حيلة".

مهن قليلة ومرتبات ضئيلة 

يعمل كبار السن في مهن مختلفة، بعضهم في مطاعم سورية وبعضهم كمحاسبين في محال تجارية، واختار البعض منهم شراء سيارة صغيرة والعمل عليها في توصيل طلاب المدارس وتلبية متطلبات العائلات.

وتتراوح مرتبات كبار السن، بحسب ما رصد موقع تلفزيون سوريا، بين 4000 جنيه (نحو 80 دولاراً أميركياً) وبين 8000 في حال كان الحظ جيداً.

ويلجأ البعض إلى بيع ممتلكاتهم في سوريا من منازل أو شقق سكنية أو أراضٍ زراعية، لم تتضرر بالقصف في سوريا، ووضع أموالها في مشاريع تجارية أنشأها سوريون بمصر، لتعود عليهم بمرود مادي يسد احتياجاتهم آخر كل شهر. 

العمل كسائق خيار كثير من كبار السن

بات من المعتاد عندما يسأل السوري عن سائق يقل أطفاله إلى المدرسة خلال العام الدراسي، أن يجد كل الخيارات تتمحور حول أشخاص كبار في السن، فجزء كبير ممن لديهم رؤوس أموال قليلة، ذهبوا إلى خيار شراء سيارة والعمل عليها.

والبعض اقتنى سيارة "تكسي"، وآخرون اشتروا سيارة "سوزوكي" تتسع لـ7 ركاب، يعملون عليها في إيصال الأطفال إلى المدارس، وعلى خطوط السير الرئيسية ضمن المدن التي يعيشون فيها لإيصال الركاب.

ولم تتوقف خدمات كبار السن على ذلك، فهم يخلقون جواً من الأمان لدى كثير من العائلات، حيث باتت بعض النساء تعتمد اعتماداً مطلقاً في شراء احتياجات المنازل على بعضهم ممن يملكون سيارات مقابل مبالغ مادية مناسبة.

البعض قرّر العودة 

وفي وقت يحارب فيه بعض كبار السن لتأمين احتياجات عائلاتهم، اختار قسم منهم العودة إلى سوريا رغم قساوة الظروف، حيث يرون أن أمر ترميم المنازل ومحالهم التجارية المتواضعة بات ممكناً، وربما تكفيهم حوالات أولادهم التي تصلهم من الخارج.

وأخذ "أبو معن" قرار العودة إلى سوريا، قبل عام، عندما زوّج آخر أبنائه، المقيم معه في مصر، فحجز ضمن أول رحلة إلى سوريا، ومن ثم توجه إلى بلدته في غوطة دمشق الشرقية.

عاد "أبو معن" مع زوجته ورمّم غرفةً في منزله وحماماً ومطبخاً متواضعاً، وافتتح محلاً صغيراً لبيع الخضراوات والفاكهة كان يملكه سابقاً، حيث يرى أن ذلك أفضل من البقاء في مصر التي تتوفّر فيها كل مقومات الحياة على عكس سوريا.

ويُعتَبر "أبو معن" واحد من عشرات كبار السن الذين عادوا إلى سوريا، مؤخّراً، في ظل الغلاء الذي تعيشه مصر، وعدم إيجاد فرص عمل مناسبة تسد احتياجاتهم، أو خيارات أخرى مناسبة لهم.

يشار إلى أنّ السوريين في مصر والذين يبلغ عددهم مليوناً ونصف المليون، وفق آخر إحصائية، ينتشرون في مناطق مختلفة أبرزها: "ستة أكتوبر، العبور، العاشر من رمضان، الرحاب، القاهرة، الإسكندرية"، وغالبيتهم اندمجوا في سوق العمل، وبعضهم افتتح مصانع ومعامل ومحال ومراكز تعليمية وغير ذلك.