icon
التغطية الحية

"فاجعة دركوش".. تشتت في المشافي ومأساة نزوح تنتهي في مياه العاصي

2024.06.08 | 06:28 دمشق

 "فاجعة دركوش".. مأساة النازحين لم تنته في مياه العاصي
أعلن الدفاع المدني وفاة 7 أشخاص بينهم أطفال في مأساة غرق الحافلة
إدلب ـ عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

يمسك "بلال" هاتفه، أمام المستشفى الجامعي في مدينة إدلب، يحاول التواصل مع مستشفى "الرحمة" في دركوش، إذ تشتت عائلته بين 3 مستشفيات، الأم (مدرّسة في مدرسة سراج) في جناح العناية المشددة في مستشفى دركوش، إلى جانب طفليها، وطفلة في المستشفى الجامعي، وطفل في مستشفى "الشفاء" في مدينة إدلب. عقب حادثة الحافلة التي سقطت في نهر العاصي.

يقول بلال محمد لموقع تلفزيون سوريا: "تركت طفلين وزوجتي في مستشفى دركوش، وتوجّهت بالإحالة إلى إدلب، مع طفلتي التي يعتبر حالها الصحي هو الأخطر،   إثر كسر بالجمجمة ونزيف دماغي.. حالياً وضعها صعب جداً بحسب كلام الممرضة".

وعقب مرور ساعات على الحادثة، ما زال "بلال" وهو مهجّر من قرية "طعومة" في جبل "الأكراد" بريف اللاذقية، يحاول ألا تعود به الذاكرة إلى أي مشهد يجمعه بأطفاله وعائلته التي أصبحت نزيلة فراش المستشفيات، ويردف: "عم حاول ما أتذكر شي.. ما لحقت شوفهم قبل ما يطلعوا.. طلعت بكير وعلى أساس أرجع بكير بس ما قدرت شوفهم".

فقد بلال في مأساة حافلة دركوش طفلا يبلغ (عاما واحدا) وأصيب أطفاله الأربعة وزوجته بجروح بالغة ومتوسطة".

وهز تدهور حافلة مدرسية تضمّ طلاباً ومدرسين خلال توجههم لرحلة "نهاية العام الدراسي" أهالي إدلب، عقب سقوطها على جرف صخري في مياه نهر العاصي. واستنفر الحادث الطواقم الطبية والإنقاذية، قبل أن يعلن "الدفاع المدني السوري" انتهاء عمليات الإنقاذ بحصيلة بلغت 7 وفيات (4 طالبات وسيدة من كادر المدرسة وطفلان من أبناء المدرسات)، بينما بلغت حصيلة الإصابات (12 طالبة ومدرّستان و4 أطفال من أبناء مدرّسة).

وينتظر "بلال" الملقّب بـ"أبو علي"، خبراً عن طفلته "غنى" التي ما زال وضعها الصحي حرجا.

هُجّرت عائلة "بلال محمد"قبل نحو 10 سنوات من جبل "الأكراد"، وتقطن اليوم في مخيم "الجنان" قرب قرية "الزوف" بريف إدلب الغربي.

وغص مستشفى "الرحمة" في دركوش بالإصابات مع الساعات الأولى للحادثة، والذي يعاني أصلاً من توقف الدعم، بينما كانت الطرقات إليه تعج بسيارات الإسعاف وذوي الضحايا وأهالي المدينة الذي هرعوا من كل حدب وصوب للمساهمة في عمليات الإنقاذ والإسعاف.

"آخر العنقود"

"حرقتي قلبي يا سلسبيل.. كانت سندا لأمها وتواسيها وتخفف عنها آلام الفقد.. الله يصبر قلبك يا أم محمد"، بهذه الكلمات نعى خالد الصباح، الطفلة سلسبيل،  في "فيس بوك" وهو أحد أقاربها.

تحمل قصة سلسبيل التي قضت بحادثة تدهور الحافلة، تكثيفاً للوجع السوري، ولذلك كانت علامة فارقة في حادثة الأمس، فهي مهجّرة مع عائلتها منذ نحو 10 سنوات من ريف اللاذقية، وذلك بعد أن قضى والدها بشار الصباح تعذيباً في سجون النظام السوري.

"سلسبيل" البالغة من العمر (14 عاماً)، هي "آخر العنقود" في عائلتها وتنحدر من قرية "كفردلبه" في جبل الأكراد، وفقاً لما يقول "حاتم الصباح" وهو عمها، شقيق والدها، في حديث لموقع تلفزيون سوريا، وعندما اعتقل النظام والدها لم تكن قد بلغت من العمر السنتين.

يقول "حاتم" إن "الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، اعتقلت والدها إلى جانب خالها، في مدينة جسر الشغور، حين قدم إليها لتأمين عائلته في الوقت الذي كانت فيه المعارك في منطقة سلمى بريف اللاذقية على أشدها.. وتحول بعدها إلى اللاذقية ومن ثم سجن صيدنايا ـ سيئ الصيت ـ إلى أن وصل خبر استشهاد والده في العام 2014 بشهادة وفاة وبعض الأغراض الشخصية فقط".

مرت سلسبيل في محطات تهجير كثيرة، وذلك بسبب حملات القصف المستمرة من قبل قوات النظام وحلفائه، من ريف اللاذقية إلى تركيا وصولاً إلى إدلب، الأمر الذي زاد من معاناة الأسرة المفجوعة بمعيلها وسندها، بحسب "حاتم"، وقبل 3 سنوات، فقدت سلسبيل، شقيقها الكبير ومعيل الأسرة، محمد (19 عاماً) في جبهات ريف اللاذقية.

ولم تنته مأساة سلسبيل، إلا بحادث أنهى حياتها التي ملئت بمرارة "النزوح والتهجير وفقدان الأب والأخ".

رحلة تنتهي بمأساة

مصطفى حمودي، وهو والد الطفلة "تسنيم" إحدى المصابات بالحادثة، يقول "عندما قرأت على مجموعة إخبارية الخبر، توجهت مباشرةً إلى دركوش قبل أن أعلم أن الحافلة هي ذاتها التي تستقلها ابنتي تسنيم، أنبأني إحساس بذلك.. وعلى الطريق إلى دركوش وصلني أن ابنتي بالمستشفى ومصابة.. لكن حالتها مستقرة وجيدة".

ويردف لموقع تلفزيون سوريا: "كانت تسنيم وصديقاتها، متوجهات لقضاء رحلة نهاية العام الدراسي.. ودعتها صباحاً للرحلة وهي بغاية الفرح والسعادة ـ قدر الله وما شاء الله، الحمد لله على كل حال ـ إصابة ابنتي خفيفة قياساً بباقي الإصابات.. مع الأسف فاجعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لأن الحادث لئيم ".

"لم أتوقع أن تبقى على قيد الحياة"

أميرة ضميرو، وهي والدة الطفلة مريم، إحدى الناجيات من الحادث، تقول: "ما كانت حابة تطلع اليوم.. أنا قلتلها طلعي شمي هوا وانبسطي شوي.. الدنيا شوب".

وتضيف لموقع تلفزيون سوريا: "وقت وصل الخبر عن طريق المراصد.. أخذت سيارة طلب (أجرة) من الزوف لدركوش، ما كنت متوقعة تكون عايشة بعد ما شاهدنا أهوال الحادث بالصور.. والله ماني مصدقة أنها عايشة ـ ألف الحمد لله الك يا رب ـ الكسور بتتجبّر المهم طلعت عايشة".