icon
التغطية الحية

"عيدية النظام" للموظفين والمتقاعدين.. ماذا تشتري؟

2021.05.12 | 10:52 دمشق

146251895_3973427889363691_1236013060041478625_n.jpg
سوق الحميدية في دمشق (إنترنت)
ريف دمشق - سيلا عبد الحق
+A
حجم الخط
-A

أصدر رئيس النظام بشار الأسد مرسوماً تشريعياً بصرف منحة لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 50 ألف ليرة سورية لكل العاملين في الدولة من مدنيين وعسكريين وتشمل هذه المنحة المشاهرين والمياومين والدائمين والمؤقتين وبمبلغ قدره 40 ألف ليرة سورية للمتقاعدين من المدنيين والعسكريين ويستفيد منها أسر أصحاب المعاشات ومعفاة من ضريبة دخل الرواتب والأجور وأية اقتطاعات أخرى.

مرسوم منحة للموظفين العاملين بالدولة

لاقى المرسوم الذي أصدره الأسد بالمنحة المالية المصروفة بمناسبة قدوم عيد الفطر موجة سخرية بين الأهالي إذ إن المنحة المالية لا تكفي لشراء 2 كيلو من حلويات العيد بحسب ما قاله السيد "محمد" (اسم مستعار لأسباب أمنية) وهو موظف بالمجلس المحلي لمدينة دوما مضيفاً أن "حلاوة المرسوم طغت على قيمته، لقد ضحكت كثيراً، طبعا لوحدي لأنني لا أريد أن أكمل بقية حياتي في المعتقلات، نسي الأسد أن المنحة بالليرة السورية وليست بالدولار وسعر الصرف اليوم 3040 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد فماذا سوف أفعل بـ 16 دولاراً وأنا لدي أربع أطفال وأمي وأبي يعيشون معي بنفس المنزل... () لولا سلة المعونات التي حصلت عليها لما استطعت أن أصنع حلويات العيد المنزلية لعائلتي".

أما أميرة وهي معلمة في مدرسة القابون فقالت في حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا "لم أنتظر أي مبلغ من وظيفتي لأستعد لاستقبال العيد فقد وصلني تبرعات من صديقة لي وهي زكاة الفطر عن عائلتها فأنا أم لثلاثة أطفال وزوجي معتقل من سبع سنوات ولا أعلم عنه شيئاً وعائلة زوجي ظروفهم المادية صعبة جداً وأغلب معارفنا يرسلون لي مبالغ مالية كل فترة أعتمد عليها بشكل أساسي حتى أستطيع أن أربي أبنائي .. كلفني إكساء أبنائي الثلاثة للعيد نصف مليون ليرة سورية تقريبا فالأسعار مرتفعة للغاية ولأنني حصلت على الحوالة المالية عن طريق وسيط بالسوق السوداء وليس بشكل نظامي لم أخسر من قيمتها كثيراً بالتحويل وتمكنت من شراء مستلزمات حلويات العيد وصنعتها بالمنزل".

رغم قلتها.. منحة مستثنى منها قسم كبير من الشعب

"صبحي" وهو أحد أهالي بلدة المليحة، قال خلال حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا "من قبل الثورة كان النظام يقوم بصرف منح مالية للموظفين فقط وترتفع الأسعار عند صرف المنح متناسين أن قسما كبيرا من الشعب السوري غير موظف ولا تشمله هذه المنحة والآن في هذه الأوقات الصعبة تبقى الساحة مفتوحة فقط أمام التبرعات القادمة من خارج وداخل البلد لتعين فقراءها لاستقبال العيد".

بدروها أضافت "دعاء" التي تنحدر من مدينة حرستا "أن البيجامة القطنية البسيطة للطفل الواحد بلغ سعرها 10 ألاف ليرة سورية والحذاء بلغ سعره أكثر من ستة آلاف، والطقم الولادي من 55 ألف ليرة وما فوق للنوعيات المتوسطة، وكلما حسنت جودة البضاعة ازداد سعرها، لم أشترِ شيئا لأبنائي وسأكتفي بإغلاق باب منزلي في العيد والجلوس مع عائلتي".

فوارق طبقية بين عائلات الغوطة الشرقية

"لم يكن هذا وضعنا قبل خمسة عشر عاما تقريبا .. فمنذ وصول بشار الأسد للسلطة بدأت ظاهرة الفقر وعجز الاقتصاد بالانتشار والطبقة المتوسطة تتلاشى نوعاً ما ومع بدء الثورة السورية وظهور تجار الحرب والمرتزقة الجدد ازداد الشرخ الاجتماعي في سوريا فتجد عدة أشخاص زادت ثروتهم ونفوذهم بشكل كبير وأشخاص من الطبقة المتوسطة أصبحوا فقراء وليصبح شكل المجتمع السوري طبقة الأغنياء وأصحاب السلطة والنفوذ وطبقة الفقراء والتي باعتقادي تشكل ما يزيد على سبعين بالمئة من نسبة الشعب السوري، فعلى الرغم من غلاء الأسعار الكبير لا تجد السوق خاليا من البضاعة الجديدة والمشتريين المحملين بأكياس البضائع ، عندما بدأت تزداد الأسعار اعتقدت أنه لن يشتري أحد ثياب للعيد ولكن صدمت بالواقع حيث يوجد نسبة لا بأس بها تشتري وتستطيع أن تمتلك ثمن وقود للسيارات تذهب بها للأسواق، مشكلتنا أكبر بإقناع أبنائنا بالصبر وهم يرون البضاعة المفرودة في السوق، سابقاً وفي ظل حصار النظام للغوطة الشرقية كنا نستطيع الصبر كونه لا توجد بضاعة يراها الأطفال أما الآن فكل شيء موجود ولكن قلة من تستطيع الشراء والأغلب ينظر ويحزن وربما يحقد"، بهذه الجمل اختتم عمار مداخلته و هو ابن كفرطنا من الغوطة الشرقية.

وتكمل الحديث "أم محمد" وهي سيدة من مدينة دوما تقول "بشارع الجلاء أو شارع السوق كما يسميه البعض في مدينة دوما، امتلأت المحلات بالبضاعة ولم يكتظ السوق كعادته بالأعياد فترى أناساً يمشون بالسوق فقط بحكم العادة دون أن يشتروا وهناك أناس يشترون وهم إما أغنياء أو وصلهم حوالة مالية خارجية وقسم لم يأتِ أساساً، بنفس هذا السوق يدخل أشخاص ليشتروا ملابس وحلويات العيد وبآخر الشارع توجد حاوية قمامة تجد عليها عدة أطفال ينبشون محتوياتها علهم يحصلون على شيء".

كاميرا التلفزيون الرقابية

أغلق "عمر" محله بسرعة ومشى بعيداً عنه وذلك بعد أن وصله خبر سريع أن كاميرا التلفزيون السوري التابع للنظام تتجول بالسوق والمذيعة تقوم بدور مؤسسة الرقابة والتموين محاسبة الباعة متجاهلة السبب الرئيسي في هذا الغلاء ويقول "قمة السخف ما يحدث يحاول إعلام النظام أن يشوه الحقيقة ويدعي أننا سبب هذا الغلاء، مهنتي هي بائع في السوق ومحلي ورثته من عائلتي، أسعار البضاعة ازدادت بسبب فرق سعر تصريف الليرة ، أغلب زبائني هم من يحصلون على أموال من خارج سوريا أما الناس التي ليس لديها أحد فلا يشترون من السوق.. الله يفرج عن الناس و يرجع السوق متل الأول".

العيد قبل عشر سنوات

يستنفر الباعة في شهر رمضان، البضاعة الجديدة والديكورات المتناسبة مع موضة هذا العيد الطاولات الممدودة أمام المحلات، وبعد صلاة التراويح يخرج الناس إلى السوق ليشتروا حاجياتهم لرمضان والعيد فمحلات الطعام بدأت تحجز التواصي المعمول وحلويات العيد وأنواع السكاكر والموالح والشوكولاته المختلفة منتشرة أمام المحلات وسوق الملابس لا تكاد تجد به موضع قدم من كثرة الزبائن ومع قرب انتهاء رمضان تقطع الشرطة المواصلات عن السوق ليصبح فقط للمتسوقين الذين جاؤوا في هذا الوقت.

التقى معد المادة مع "عبد الرحمن" وهو صاحب محل تجاري في مدينة حرستا وقال خلال حديثه إنه في "وقفة العيد لا يقفل السوق 24 ساعة نبقى لنلبي الزبائن، لقد كان موسم العيد هو الاعتماد الأساسي لنا كباعة في الأرباح، عيدنا الآن لا يقال له عيد هي أيام فقط تأتي لتذكرنا بمرارة عيشتنا، فقدنا الأهل والأحباب والأموال نقضي يومنا فقط لنحصل على أساسيات الحياة".