"عملية القضية العادلة" الأميركية.. ونورييغا السوري!

2022.12.31 | 07:20 دمشق

"عملية القضية العادلة" الأميركية.. ونورييغا السوري!
+A
حجم الخط
-A

لم يكتف النظام السوري وحكوماته البعثية على مدى خمسين عاماً بالتنكيل بالسوريين وإهدار دمهم وتعذيبهم وقتلهم في سجونه وتهجيرهم قسرياً وتدمير بيوتهم ومشافيهم ومدارسهم وبنيتهم التحتية وبيع ثرواتهم لحلفائه وإثقال الشعب السوري بالديون الإيرانية والروسية، وسلب السوريين أموالهم ومصادرتها، بل زاد عليها تشويه سمعة بلدهم، التي كانت منارة للحضارة في العالم يوم كانت سوريا عاصمة الأمويين منذ 14 قرناً، وكانت قبلة العالم وذات سمعة حضارية ناصعة، وممراً أساسياً لطريق الحرير وأسهمت في حضارة العالم وقدّمت الكثير من العلماء الذين حفروا أسماءهم في صفحات التاريخ التنويري والعلمي المشرق، وتحولت على يد جلاوزة النظام وميليشياته المساندة وحلفائه إلى عاصمة الكبتاغون والتي تقدر قيمتها السوقية في سوريا بـ 3-5 مليار دولار. ناقشت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في 29 يوليو 2022 مقترح قرار النائب فرينش هيلز بعنوان كبتاغون (اختصارا لجملة: مكافحة نشر الأسد لتهريب المخدرات)،

Countering Assad’s Proliferation Trafficking and Garnering of NarcoticsText, letter

Description automatically generated

 

والذي قدمه السيد هيل عن نفسه والسيد بريندان ف. بويل من ولاية بنسلفانيا في 14 ديسمبر 2021، حيث يطالب القرار 6265 الحكومة الاتحادية بوضع استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها والشبكات المرتبطة بنظام بشار الأسد في سوريا

قانون الكبتاغون الأميركي يضع الملف السوري أو ملف بشار الأسد شخصياً -الذي ذكر اسمه 11 مرة في القرار- في مساحة جديدة وهي مساحة محاربة الاتجار بالمخدرات في سوريا، بمعنى أنه يقلّص هامش حرية الرئيس وطاقمه السياسي في المناورة السياسية مع نظام الأسد، وينهيه كورقة سياسية لأن ملفه بات مع الهيئات والمؤسسات الأميركية الخاصة بمكافحة الاتجار بالمخدرات حتى لو قدم أي تنازل سياسي، حيث سيكون الملف السوري الخاص بالكبتاعون في مكتب شؤون إنفاذ القانون والمخدرات الدولية

Bureau of International Narcotics and Law Enforcement Affairs (INL)

الذي يقود جهود وزارة الخارجية لمكافحة الجريمة المنظمة عابرة للحدود، ويتركز عملها على تعزيز قدرة الحكومات الأجنبية على إنفاذ القانون وأنظمة العدالة الجنائية، ومكافحة إنتاج المخدرات والاتجار بها، ومحاربة الفساد، وربما إذا اعتبر السياسيون أن هذا الاتجار يؤثر على الأمن القومي الأميركي سيكون هنالك مساندة من برنامج فرق عمل مكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات

The Organized Crime Drug Enforcement Task Forces (OCDETF)

الذي أسس في عام 1982 لشن هجوم شامل وتقليل المعروض من المخدرات غير المشروعة في الولايات المتحدة وتقليل العنف والأنشطة الإجرامية الأخرى المرتبطة بتجارة المخدرات، وهذا ملف يستدعي للذاكرة ملف نورييغا.Panama’s General Manuel Antonio Noriega كان جنرال بنما مانويل أنطونيو نورييغا، المولود في بنما عام 1938، جنديًا مخلصًا للجنرال عمر توريخوس، الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1968، وترأس حينها نورييغا جهاز المخابرات سيئ السمعة ج2، الذي قمع الشعب البنمي، وفي نفس الوقت كان نورييغا موظفاً في وكالة المخابرات المركزية الأميركية حيث يتلقى دخله منهم، وكذلك زاد ثراؤه بسبب تهريب المخدرات.

بعد أن توفي عمر توريخوس 1981 في حادث تحطم طائرة وبعد صراع على السلطة دام عامين، ظهر نورييغا كقائد للقوات العسكرية في بنما، وأصبح الزعيم الفعلي للبلاد، وتميز حكم نورييغا بالفساد والعنف.

لم يكتف نورييغا بكونه عميلا للمخابرات الأميركية بل باع أسرار المخابرات الأميركية لكوبا وحكومات أوروبا الشرقية، في عام 1987 ، ثار الشعب البنمي ضده فقمع نورييغا الانتفاضة ونفى السياسيين.

قطعت الولايات المتحدة مساعداتها عام 1987 عن بنما ولم تنفع محاولتها إقناعه بالاستقالة، وفي عام 1988، كذلك ألغى نورييغا الانتخابات الرئاسية في مايو 1989، والتي شملت مرشحًا تدعمه الولايات المتحدة، وأعلن أن بنما في حالة حرب مع الولايات المتحدة.

بدأت الولايات المتحدة في التفكير في استخدام العمل العسكري لوضع حد لتهريب المخدرات من بنما.

كانت اللحظة الفارقة هي يوم قتل جنود بنما جنديًا من مشاة البحرية الأميركية، وعندها قام الرئيس جورج بوش بـإعلان "عملية القضية العادلة" في 20 ديسمبر 1989، حيث تم إرسال 13000 جندي أميركي لاحتلال بنما، إلى جانب 12000 جندي هناك بالفعل، تم تنفيذ المهمة لضمان التشغيل الآمن لقناة بنما، وحماية المواطنين الأميركيين في البلاد، والقبض على مانويل نورييغا، الذي وجهت إليه محكمة اتحادية لائحة اتهام جنائية.

خلال الغزو، قُتل 23 جنديًا أميركيًا وأصيب أكثر من 300 آخرين، وقُتل ما يقرب من 450 جنديًا بنميًا؛ وتتراوح تقديرات عدد القتلى المدنيين من عدة مئات إلى عدة آلاف، بالإضافة إلى آلاف الجرحى.

 

Mr. Noriega after being taken into custody. He surrendered after a standoff at the Vatican Embassy in Panama City, where he had gone into hiding.في 3 كانون الثاني (يناير) 1990، استسلم الجنرال مانويل أنطونيو نورييغا، بعد أن ظل لمدة 10 أيام في سفارة في مدينة بنما، للقوات العسكرية الأميركية لمواجهة اتهامات بتهريب المخدرات، ثم تم نقل نورييغا جوا إلى ميامي في اليوم التالي.

في 10 يوليو 1992، أدين نورييغا بتهمة الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والابتزاز وحكم عليه بالسجن 40 عامًا.

توفي نورييغا في 29 مايو 2017، الملقب بـ "وجه الأناناس" في إشارة إلى جلده المصاب بالبثور.

قد لا يشهد السوريون عملية أميركية مشابهة لـ"عملية القضية العادلة" عقب توقيع القرار 6265 من الرئيس الأميركي الخاص بمحاربة تجارة الكبتاغون والسموم التي يتم اتهام نظام بشار الأسد أن تجارة الكبتاغون بإشرافه، بسبب حماية الروس له، ولكن قد لا تعدم أميركا الحيلة في القبض على  نورييغا "السوري" ولو كلفها صفقة مع روسيا لتقوم هي نفسها بالمهمة، وتتصالح مع الغرب على حساب "وجه الأناناس" السوري.