icon
التغطية الحية

عبر سرقة منظمة.. ريغارات مفتوحة تزيد من مخاطر العيش في سوريا

2023.09.15 | 16:05 دمشق

صرف صحي
فتحات صرف صحي
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

رغم أن سوريا تعد دولة غير آمنة للعديد من الأسباب المتصلة بالقتل والاعتقال والاختفاء القسري، إلا أن تفاصيل حياتية يومية أخرى تضاف إلى جعل مناطق سيطرة النظام السوري غير آمنة للسير في الطرقات في كثير من المدن والقرى والبلدات، مع انتشار الريغارات أو فتحات الصرف الصحي بلا أغطية.

وخلال العامين الماضيين أدى وجود "ريغارات" بدون أغطية إلى مخاطر كبيرة على الناس خصوصاً في ضواحي محافظتي دمشق وريفها، حيث تكررت حوادث سقوط أشخاص بينهم أطفال ونساء تعرضوا للإصابة أو الوفاة.

ومنذ حادثة وفاة الشابة التي تبلغ من العمر 25 عاماً في اللاذقية، غربي سوريا، التي توفيت على إثرها في تشرين الثاني عام 2022، زادت ظاهرة انتشار فتحات الصرف الصحي التي لا يوجد لها أغطية.

وتشهد مناطق سيطرة النظام سرقة غير متوقفة لأغطية "الريغارات" وكابلات الأعمدة الكهربائية وموتورات مياه "الصنبور" النظامي وغطاسات الآبار، إلا أن المخاطر الأساسية تتركز على الصرف الصحي وجُوَر الطرقات التي لا تقوم البلديات المحلية بصيانتها.

وتبع تلك الحادثة حملات شعبية كثيرة لإغلاق فتحات الصرف الصحي في كثير من المحافظات لإغلاق وتصليح الريغارات المفتوحة والتي تتبع لجهات مختلفة بلديات أو مقاسم هاتف أو مديريات مياه أو كهرباء.

خوف على الأطفال

ومع بدء العام الدراسي تخشى كثير من العائلات على أطفالها من الذهاب إلى مدارسهم في العديد من أحياء دمشق وريفها، نتيجة لغياب أغطية الريغارات، خصوصاً أن بعض تلك الفتحات خطيرة إلى درجة قد تؤدي إلى وفاة الأطفال إن لم يتم إنقاذهم بسرعة.

وتزيد مخاطر الفوهات المتروكة مفتوحة في عتمة الليل، خصوصاً مع طول ساعات التقنين وانقطاع التيار الكهربائي بشكل يصل إلى 20 ساعة أحياناً.

وقبل أيام فقط، تمكن أهالي الحجر الأسود جنوبي دمشق من إنقاذ طفلة (13 عاماً) سقطت في "ريغار" بحي الثورة المليء بفتحات الصرف الصحي التي لا توجد أغطية لها.

وقال أهالي الحي، إن الطفلة سقطت في الريغار وهي في طريقها إلى منزلها بجانب فرن الجولان القديم، ما أدى إلى إصابتها بإصابات خفيفة، بحسب موقع "أثر" المقرب من النظام.

بدوره، قال أبو أمجد (الذي ساهم بإنقاذ الطفلة) إنه سارع بانتشالها من الريغار قبل أن تختنق، مؤكداً أن هذه الحالة ليست الأولى من نوعها التي تحدث في الحي.

من جانبه، بيّن رئيس بلدية الحجر الأسود خالد خميس، أن الريغارات مفتوحة ولا توجد أغطية لها، مؤكداً أنه قدم على مشروع لتأمين أغطية للمحافظة منذُ شهر ونصف، ولم يتم الرد بالقبول أو الرفض منها، بحسب تعبيره.

وبحسب رئيس بلدية الحجر الأسود خالد خميس، فإن عدد الريغارات في المنطقة المذكورة يبلغ 80 وجمعيها بلا أغطية.

وقالت هيفاء عمر، إحدى السكان في جرمانا القريبة من دمشق، إن ابنها وقع بإحدى فتحات الصرف الصحي في أثناء طريقه إلى المدرسة صباحاً.

وأضافت هيفاء في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا" أن الطريق بات محفوفاً بالمخاطر، "يعني مو معقول تكون ماشي تصير تحت الأرض وما حدا يدرى فيك"، مؤكدة أن البلدية ومؤسسات الدولة لا تقوم بإصلاح الريغارات في المدينة.

سرقة منظمة

ومنذ سنوات تشهد دمشق وريفها بشكل كبير عمليات سرقة لأغطية الصرف الصحي "الريغارات" ليتم بيعها بملايين الليرات، إلا أنها زادت في الآونة الأخيرة بشكل أكبر.

وقال مصدر خاص في محافظة دمشق لموقع "تلفزيون سوريا" إن سرقة أغطية الريغارات منتشرة بشكل واسع في كثير من أحياء وضواحي العاصمة وفي أطرافها أيضاً، وأعتقد أن الأمر نفسه في محافظة الريف والمحافظات الأخرى.

وأضاف المصدر أنه توجد عصابات منظمة تسرق أغطية الريغارات وكابلات الأعمدة الكهربائية، إلى جانب سرقة البيوت، وهذه العصابات محمية من فروع أمنية لذلك لا تتوقف عن السرقة.

وأردف أن حادثة اللاذقية أوقفت سرقة أغطية الريغارات لفترة خوفاً من تضخيم الحادثة وملاحقة العصابات العاملة فيها، لذلك هدأت لشهرين أو ثلاثة ثم عادت بقوة أكبر.

ولفت إلى أنه لا يمكن أن تتم سرقة هذه الريغارات من دون غطاء أمني، لأنها تخرج صوتاً في أثناء فكها ليلاً، خصوصاً أنه لا تتم سرقة الغطاء فقط إنما تفك القاعدة كاملة.

ويصل وزن القاعدة مع الغطاء إلى ما بين 180 و 220 كيلوغراماً، لذلك لا يمكن سرقتها من دون سيارات قوية الأمر الذي يصدر جلبة خصوصاً بالليل، ما يؤكد أن هذه العصابات محمية من فروع أمنية أو جهات لها صلاتها بالنظام، بحسب المصدر.

مرابح من دون رأس مال

من جانبه، قال أبو عمر أحد العاملين في مجال الحديد، إن هذه الأغطية مصنوعة من حديد الفونت، وهذا الحديد يصل سعر الكيلو منه إلى ما بين 6 و 7 آلاف ليرة على أقل تقدير.

وأضاف أبو عمر لموقع تلفزيون سوريا، أن لصوص أغطية الريغارات يبيعون الحديد لتجار ضعاف النفوس بأسعار أقل تصل إلى نصف مليون للطن أحياناً، في حين أن كلفته على المحافظة قد تصل إلى ما بين 800 ألف و 1.2 مليون ليرة خصوصاً بعد ارتفاع أسعار المحروقات.

ولفت إلى أن هذه العصابات تسرق هذا الحديد من دون رأس مال تقريباً، ويتم تقاسم الأرباح بعد البيع بين الحرامية وداعميهم من الفروع الأمنية.

وأكّد أن وجود أي حديد رخيص في السوق يؤثر على عملنا باعتبار سيباع بسعر أقل لأي مشروع يحتاج إلى حديد فونت.

وحديد الفونت، حديد يعاد تدويره من الخردة والفونت ويستخدم بشكل أساسي في أغطية فتحات الصرف الصحي وفتحات تصريف مياه الأمطار.

مخاطر بيئية

ولا تقتصر سرقة أغطية الريغارات على مخاطر السقوط فيها، إنما لها تداعيات بيئية وتساهم في انتشار الأمراض أيضاً.

وقد تسبب فتحات الصرف الصحي بانتشار الأمراض والأوبئة، حيث يمكن أن تنتشر البكتيريا والفيروسات من مياه الصرف إلى البيئة المحيطة.

وقد تحدث تلوثاً بيئياً في التربة والمياه الجوفية مما يؤثر على البيئة والصحة العامة إن بقيت مفتوحة وهطلت الأمطار واختلطت مع مياه الشرب أو الري.