icon
التغطية الحية

عارض صحي مفاجئ.. ارتفاع عدد المصابين بنوبات الهلع في الشمال السوري بعد الزلزال

2024.03.06 | 07:04 دمشق

بي
لوحة جدارية في جنديرس ضمن مبادرة لرسم جداريات في المناطق المتضررة من الزلزال شمالي سوريا - AFP
+A
حجم الخط
-A

استيقظت مبكراً، وأعتقد أنّي كنتُ بصحة جيدة - على الأقل عضوياً - قبل أن يفاجئني عارض صحي، كان ذلك في اليوم الثالث، بعد وقوع الزلزال. وبينما كنت أتجهز للانطلاق نحو مدينة جنديرس بريف عفرين، لإكمال تغطيتي الإعلامية للكارثة، هممت بالوقوف لأرتب المعدات قبيل الانطلاق، وإذ يضيق تنفسي شيئاً فشيئّا حتى كدت أختنق، استلقيت على الأرض وأنا أناجي عائلتي أن تفعل شيئاً من أجلي، لكن حتى الكلام كان يخرج بصعوبة.

 تجمعت عائلتي حولي، أمي وأبي وإخوتي، وأذكر تماماً وجوههم الخائفة، وكل ما قالوه لي في هذه اللحظات الصعبة، والصادمة: "لا تخاف لا تخاف".

شعور غريب، تملّكني، إنها الحادثة الأولى في عمري التي تفقدني توازني بهذا الشكل، فجأةً ومن دون سابق إنذار أو أعراض تمهيدية، ودفعتني للقول في نفسي، في تلك اللحظات، إن الأجل قد دنا، ونطقت بالشهادتين، ولم أصدق أنها مرت بسلام، لكن بعد معاناة استمرت لأيام.

استمرت الحالة لنحو عشر دقائق، واتجهت عند الظهيرة، لطبيب داخلية، شرحت له عن الأعراض، وكانت على الشكل الآتي:

  • ضيق تنفس شديد
  • فتور في الأقدام
  • إطباق شديد على منطقة الصدر
  • تسرع في دقات القلب

أكد لي الطبيب، سلامة القلب، بعد إجراء "تخطيط"  واعتبر أن الأعراض التي ذكرتها تشير إلى إصابتي بـ"بنوبة هلع"، مؤكداً أن كثيراً من الحالات وصلت إليه بعد وقوع الزلزال، ومن ثم سألني عن طبيعة عملي، وكان تفسيره أن الضغط النفسي الذي تعرضت له خلال اليومين الماضيين، قد يكون من أسباب الإصابة بالنوبة. تكررت الحالة خلال عشرة أيام نحو ثلاث مرات، لكن وطأة الأعراض كانت أقل في النوبتين الأخريتين، ربما لأنّي تعرفت إلى طبيعة النوبة، وتأكدت بالنوبة الأولى أنها ليست مميتة.

لا يمكن الحديث عن إحصائية تفيد بعدد الإصابات سواء في العالم أو حتى منطقة شمالي غربي سوريا - المنطقة التي أعيش فيها - والتي شهدت حرباً طويلة، وظروفاً أمنية قاهرة، وانتهت بكارثة الزلزال، وذلك بحسب غصون حجازي، وهي مسؤولة شعبة الصحة النفسية في مديرية صحة إدلب، على اعتبار "أن بعض الأشخاص يصابون بالنوبة ولا يعلمون بذلك، كما أن بعضهم يصاب بها ولا يراجع طبيباً أو عيادة متخصصة".

ما هي نوبة الهلع؟

يتحدث الطبيب موفق العموري، وهو اختصاصي نفسي، عن "نوبة الهلع" التي تبدأ فجأة، وهي نوبة ذعر وخوف شديد، تظهر من دون سبب واضح، وتظهر بأعراض جسدية شديدة على المريض، وهي:

  • ضيق تنفس وشعور بالاختناق
  • تسرع شديد بالقلب
  • إلحاح في التبول
  • دوران وشعور بالخروج عن السيطرة
  • شعور المريض أنه سيفقد حياته
  • رجفة بالجسم واليدين
  • ألم شديد في البطن

ويضيف في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" بأن النوبة "تتزايد أعراضها بشكل متسارع، وتنتهي فجأة، وغالباً ما تكون من دون سبب مباشر، ولا تكون متناسبة مع الحدث المحيط، أو استجابةً لموقف معيّن، وأي شخص طبيعي قد يصاب بنوبة هلع".

ويعتبر أن تكرار "نوبة الهلع" يذهب بالشخص إلى مرض يسمّى "اضطراب الهلع"، وهو مرض نفسي يحتاج إلى تدخل من طبيب متخصص".

ويحذر الطبيب "العموري" من أثر النوبة على حياة الشخص الاجتماعية والسلوك الوظيفي، على اعتبار أن الإصابة بالنوبة مرة أخرى، تصبح هاجساً لدى الشخص، مما يدفعه لتجنب كثير من جوانب الحياة الاجتماعية.

ويؤكد الطبيب موفق العموري، أن "العلاج الأساسي لنوبة الهلع، هو العلاج النفسي غير الدوائي ـ أي الجلسات العلاجية ـ ومن الممكن أن يصاحبها بعض مضادات القلق".

"الزلزال حدث صادم"

قد يكون الزلزال واحداً من الأسباب المحرّضة لإصابة الأشخاص في نوبات الهلع، وهو ما ذهب إليه الطبيب محمد العلي وهو اختصاصي نفسي، والذي اعتبره ـ أي الزلزال ـ "حدثاً صادماً تعرض له جميع سكان الشمال السوري المحرر، نتج عنه التوتر والأرق مع إجفالية مفرطة وأفكار اقتحامية عن ذكريات هذا الحدث، وهذا يساعد في حدوث خلل في النواقل العصبية المذكورة مما يحرض على حدوث اضطرابات نفسية ومنها نوبات الهلع".

محدثنا "العلي" قال لموقع تلفزيون سوريا إن "أسباب النوبة قد تكون "وراثية أو خللاً في النواقل العصبية كالسيروتونين والنورأدينالين".

ولا تتوقف الأسباب عند الحادث الصادم مثل "الزلزال"، إنما يجد الطبيب "العلي" أن "النزوح ـ مثلاً ـ وتغير ظروف السكن وتدني الأوضاع المادية له دور كبير في تحريض نوبات الهلع، وكذلك الظروف العامة للنزوح تعد من العوامل التي تزيد من نوبات الهلع وخصوصاً لدى النساء".

"نقص في الاختصاصيين"

توضح مسؤولة شعبة الصحة النفسية في مديرية صحة إدلب، غصون حجازي، أن "جميع المراكز الصحية التي تحوي خدمات صحة نفسية أو طبيب رأب الفجوة أو طبيب نفسي والبالغ عددها 59 مركزاً صحياً يتوفر فيها خدمات صحة نفسية وتوجد هذه الخدمة في نحو 50 مستشفى تقريبًا". 

وتشير في حديثٍ لموقع تلفزيون سوريا إلى أن "القطاع الصحي يعاني من نقص في أعداد الاختصاصيين النفسيين الأكاديميين المدربين والمؤهلين، في حين تقتصر الخدمات الصحية المقدمة على جلسات تثقيفية وتداخلات علاجية متخصصة عند بعض الاختصاصيين المدربين على تداخلات متخصصة لعلاج اضطراب الهلع وإحالة في بعض الأحيان إلى طبيب نفسي للحالات الشديدة غير المستجيبة".

نصائح

يضع الطبيب "محمد العلي" عدة نصائح عند الإصابة بنوبة الهلع وهي:

  • عدم التوتر الزائد
  • المحافظة على التفكير المنطقي بأن الأعراض الجسدية مصدرها نوبع الهلع وأنها ستزول بعد وقت قصير
  • بالتنفس العميق وتمارين الاسترخاء العضلي ريثما يتم السيطرة على الأعراض
  • التفكير الزائد بخطورة هذه الأعراض سيغرق المريض أكثر فأكثر في مستنقع الأفكار الكارثية
  • الإيمان بالقضاء والقدر له دور مهم في بعض الطمأنينة في نفوس المصابين