icon
التغطية الحية

طلب اللجوء حق إنساني وقانوني فلِمَ يتم التعامل معه بخلاف ذلك؟

2023.01.24 | 16:18 دمشق

ئءؤ
لاجئ سوري يصلي بعد وصوله إلى شواطئ جزيرة ليسبوس اليونانية - AFP
The Global and Mail- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

سارة ويسرى مارديني شقيقتان سوريتان ظهرت قصتهما الشيقة في فيلم أنتجته منصة نيتفلكس في عام 2022 تحت اسم: "السباحتان"، حيث ظهرت الفتاتان اللتان تعلمتا السباحة وبرعتا فيها منذ نعومة أظفارهما عندما ترعرعتا في دمشق، لكنهما اضطرتا للهرب بسبب الحرب السورية في عام 2015. وخلال عملية عبور خطرة إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، بدأ قاربهما المطاطي بالغرق في بحر إيجة، فما كان منهما إلا أن قفزتا إلى الماء وسبحتا إلى جانب القارب لساعات، حيث جعلتاه يبقى طافياً وبذلك أنقذتا حياة كل من كانوا على ظهر ذلك القارب. استقرت الشقيقتان في ألمانيا في نهاية المطاف، حيث تابعتا تدريباتهما هناك، وحققت يسرا حلمها في السباحة في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بريو في عام 2016 ضمن أول فريق للاجئين نظمته اللجنة الأولمبية الدولية.

في حين عادت سارة إلى ليسبوس لتساهم في عمليات البحث عن المهاجرين وإنقاذهم، فما كان جزاؤها على ذلك؟ تم إلقاء القبض عليها في 2018 إلى جانب 23 عاملا آخر في المجال الإنساني ووجهت لهم تهم ترقى لجرائم وتتصل بمساعدة المهاجرين، وأودعوا في السجن قبل أن تتم محاكمتهم لمدة تجاوزت مئة يوم. وعلى الرغم من إسقاط المحكمة اليونانية لكثير من التهم خلال الأسبوع الماضي، إلا أن سارة وغيرها مايزالون عرضة للحكم بالسجن كعقوبة على تهم أخرى نسبت لهم، وفي ذلك ما قد يؤثر على العمل الإنساني في اليونان بشكل جسيم، بما أن كثيرا من المنظمات غير الحكومية قد قلصت من عملياتها هناك في الوقت الراهن.

البيئة الأوروبية المعادية للمهاجرين

عبر تجريم العمل الإنساني، تضيف اليونان بعداً شائناً جديداً للبيئة المعادية التي يعيشها المهاجرون وطالبو اللجوء في عموم أرجاء أوروبا.

ففي إيطاليا، يقوم النظام اليميني المتطرف فيها برئاسة جورجيا ميلوني بتغريم المنظمات الإنسانية لمساعدتها للاجئين، كما شرع باحتجاز السفن التابعة لتلك المنظمات. في حين وقفت إسبانيا في وجه دخول المهاجرين إلى الجيوب التابعة لها في شمالي أفريقيا، حتى بعدما تسبب ذلك بعواقب وخيمة. أما هنغاريا فما تزال الحصن الحصين الذي تورط فيما وصفه منتقدوها بسياسة الفصل العنصري للمهاجرين، بعدما حاولت تجريم عملية تقديم المساعدة بل حتى عرضها على طالبي اللجوء. كما رفضت فرنسا استقبال العشرات من طالبي اللجوء الذين تم إنقاذهم من البحر المتوسط. واستأنفت المملكة المتحدة رحلاتها إلى رواندا وعلى متنها مهاجرون طلبوا اللجوء على أراضيها، إلا أن طلباتهم قوبلت بالرفض اليوم.

عوامل تضاعف من أعداد المهاجرين

في نصف الكرة الغربي من العالم، ماتزال أسر تعيسة فرت من العنف في جنوب ووسط أميركا تحتشد على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأميركية، في الوقت الذي أخذت فيه إدارة بايدن تجرب العديد من الحلول التي أوصلتها إلى النتيجة عينها، ألا وهي رفض حق المهاجرين الذين يشملهم قانون اللجوء الدولي.

بل حتى أكثر الدول وداً مع اللاجئين صدمتنا بعدم اكتراثها بمحنة المهجرين وابتعادها عن حشد الدعم من أجل حقوقهم.

إن الرقم القياسي للنازحين قسرياً في العالم اليوم (والذي وصل تقريباً إلى 100 مليون نسمة) ما هو إلا مؤشر لأمور أخرى ستحدث مستقبلاً، إذ لا بد للفقر الذي انتشر على نطاق واسع وللنزاعات العنيفة ولتسارع آثار التغير المناخي أن تجتمع لتتسبب بظهور مستويات أعلى من النزوح تفوق الأعداد الحالية بأشواط (إذ تتوقع التقديرات الحالية ظهور مليار نازح على مستوى العالم بحلول عام 2050). ولذلك صار المجلس العالمي للاجئين والهجرة يؤيد فكرة اتخاذ المزيد من الإجراءات الفعالة والإنسانية لإدارة مشكلة النزوح على المستوى العالمي. ولكن في هذه الأثناء ماتزال دول كثيرة تبدي ردة فعل عدائية تجاه اللاجئين وتعاملهم كأنهم نوع غريب متطفل من المخلوقات.

احتجاز المهاجرين في كندا

وهنا لا يحق لكندا أن تفاخر أو أن تحس بالرضا تجاه ردة فعلها فيما يخص الهجرة القسرية، إذ على الرغم من أنها دولة يحق لها أن تفخر بما موله مجتمعها وقدمه للاجئين، وأن تعتز بنفسها لكونها دولة تحترم حقوق الإنسان، إلا أنها ماتزال تتغاضى عن مشكلات خطيرة نجمت عن السياسة التي تنتهجها. إذ كما وثقت منظمة هيومان رايتس ووتش، فإن آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء قد تعرضوا للاحتجاز من قبل وكالة خدمات الحدود الكندية خلال السنوات القليلة الماضية، في ظل ظروف تسودها انتهاكات في معظم الأحيان، فضلاً عن نقل المهاجرين إلى سجون في الولايات، حيث احتجز كثيرون في مراكز مخصصة لاحتجاز المهاجرين لفترات طويلة، دون أن يرتكبوا أي جرم، وظلوا هناك ينتظرون البت بوضعهم القانوني. ولهذا ظهرت حالات وفاة في تلك المراكز، كان من بينها حالة عبد الرحمن حسان الذي فُتح في ملفه تحقيق جنائي مايزال جارياً في ولاية أنتاريو، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اليأس والمعاناة التي يعيشها المهاجرون وطالبو اللجوء في أغلب الأحيان. وقبل شهر من الآن، وتحديداً في يوم عيد الميلاد، توفي شخص آخر في مركز لاحتجاز المهاجرين بولاية سوري.

والأنكى من ذلك اتفاقية الدولة الثالثة الآمنة التي وقعتها كندا مع الولايات المتحدة الأميركية والتي تحرم المهاجرين الذين وصلوا إلى الحدود الكندية من جهة الولايات المتحدة من دخول كندا، مع إعادتهم بشكل قسري إلى الدولة التي تخلت خلال السنوات الماضية عن مسؤوليتها الدولية المتمثلة باستقبال من يطلبون اللجوء لديها.

ولهذا لا بد من إنهاء سياسة الاحتجاز بحق المهاجرين وطالبي اللجوء في سجون الولايات الكندية، وإجراء مراجعة نقدية لها. وبمجرد أن يتم ترتيب البيت من الداخل، يتعين على كندا أن تحشد تحالفاً دولياً لتؤكد من جديد على حق طلب اللجوء القديم قدم التاريخ، ولتطالب كل من أنكره بصورة مخالفة للقانون أو جرم أي مساعدة تقدم للاجئين بتغيير نهجه، وذلك لأن الريادة على هذا الصعيد لا بد أن تغير الكثير من الأمور، ويمكن لكندا أن تتبوأ هذا المركز، والآن هو الوقت المناسب لفعل كل ذلك.

المصدر: The Global and Mail