icon
التغطية الحية

طائرات FPV المذخرة تفرض "معادلة جديدة" في إدلب.. ما آلية عملها وسر استخدامها؟

2024.02.19 | 05:57 دمشق

آخر تحديث: 25.02.2024 | 10:32 دمشق

صورة أرشيفية لجندي أوكراني يطلق طائرة مسيرة بدون طيار - رويترز
صورة أرشيفية لجندي أوكراني يطلق طائرة مسيرة بدون طيار - رويترز
تلفزيون سوريا - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

أحصى موقع تلفزيون سوريا 5 هجمات على الأقل خلال الأسبوعين الماضيين من قبل قوات النظام السوري، باستخدام الطائرات المسيرة "المذخّرة / الملغّمة"، على مناطق متفرقة ضمن نفوذ قوات المعارضة في أرياف إدلب وحماة، ما أدى لوقوع قتلى وجرحى، سواء من المدنيين أو العسكريين.

وفي شهر كانون الأول الماضي، نشر موقع تلفزيون سوريا تقريراً استعرض فيه تكثيف النظام السوري والميليشيات الإيرانية لاستخدام هذا النوع من الطائرات في الهجمات على منطقة شمال غربي سوريا، إلا أن تكرر الهجمات بشكل شبه يومي، يدعو للتعمّق أكثر في الحديث عن الأسباب والدوافع من وراء لجوء النظام للمسيّرات الانتحارية، وكشف الوحدات القتالية التابعة له، المختصة بتوجيه الطائرات، مع الحديث عن الميزات التي تتمتع فيها المسيّرات المذخرة، وإمكانية تفادي ضرباتها.

تكثيف الهجمات لفرض "معادلة جديدة"

عصر الأحد، استهدفت 3 طائرات مذخّرة عدة آليات في منطقة آفس شرقي إدلب، ما أدى لمقتل شخص، وفي 12 شباط الجاري، أفاد مراسل تلفزيون سوريا، بأن طائرتين ملغمتين استهدفتا 3 دراجات نارية في منطقة السنديان في سهل الغاب بريف حماة الشمال الغربي، ما أسفر عن مقتل عنصرين من فصائل المعارضة وإصابة 4 آخرين، وبعد يوم واحد، استهدفت طائرة ملغمة سيارة بالقرب من قرية كفرعمة غربي حلب.

وأعلن الدفاع المدني السوري، في 15 شباط عن إصابة مدنيين اثنين بجروح، إثر هجوم لقوات النظام بطائرة مسيرة انتحارية (ملغمة)، استهدفتهما بين قريتي الدقماق  والمنصورة في سهل الغاب شمال غربي حماة، أما بالعودة إلى السادس من الشهر نفسه، فقد أصيب سائق صهريج مياه من جراء استهدافه من قبل طائرة مسيرة مذخرة على أطراف قرية فريكة غربي إدلب، بالتزامن مع هجوم لطائرة ثانية استهدف في ذات الوقت سيارة رباعية الدفع على أطراف بلدة آفس شرقي إدلب.

وكان الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد عبد الجبار العكيدي، قد فسّر سببب لجوء النظام لاستخدام المسيرات المذخرة، بكونه ممنوعا من استخدام الطائرات الحربية منذ نحو عامين ونصف في المناطق التي تنتشر فيها قواعد عسكرية تركية شمالي سوريا، مضيفاً أن المسيرات سلاح فعال في الحرب الحديثة، وقادرة على تحقيق إصابات دقيقة، لكونها تُوجَه تحت أنظار العسكريين منذ انطلاقها حتى وصولها إلى الهدف.

ولا يُخفي النظام استخدام هذا النوع من الطائرات المسيرة، حيث عمل الإعلام التابع له في الفترة الأخيرة على نشر فيديوهات تُظهر بعض الاستهدافات، كما أنّ صحيفة "الوطن" التابعة له، قالت إنّ "المسيّرات الانتحارية" باتت تشكل سلاحاً نوعياً جديداً بيد جيش النظام، تمكن خلالها من قتل عدد من عناصر فصائل المعارضة في إدلب، وإعاقة تنقلاتهم وتعطيل طرق إمدادهم، ما فرض "معادلة جديدة أربكتهم"، حسب وصفها.
 

وزعمت أنه لم يعد بمقدور عناصر الفصائل التنقل بحرية وأمان بين خطوط جبهات القتال الخلفية والأمامية ولا حتى مد الأخيرة عند خطوط التماس بالسلاح والذخيرة، بعدما عملت قوات النظام على استهداف الدراجات النارية في الطرقات الوعرة عبر "الطيران المسيّر الانتحاري".

وبحسب الصحيفة، فإن "المسيّرات الانتحارية" التي تستخدمها قوات النظام، محمّلة بمواد شديدة الانفجار مثل "تي إن تي" و"سي فور"، تنفجر بالهدف لدى ارتطامها به، كما أن الشظايا المنبعثة من المسيّرة قد تتسبب في إيقاع قتلى أو جرحى.

الهجوم عبر الرؤية من منظور الطائرة

معظم الهجمات تتم باستخدام طائرات FPV، والتي توفّر ميزة الرؤية من منظور الطائرة، إذ تسمح للمشغل بمشاهدة البيئة المحيطة بالطائرة نفسها، ويتم تحقيق ذلك من خلال نظام نقل الفيديو من الكاميرا المثبتة على الطائرة إلى نظارات الواقع الافتراضي (VR) أو شاشة مراقبة محمولة.

طائرة FPV والرؤية من منظور الطائرة - إنترنت
طائرة FPV والرؤية من منظور الطائرة - إنترنت

وشاعت تقنية FPV في هواية طيران الدرون والسباقات المتعلقة به، وتسمح للمشغل بالتحكم في الطائرة بشكل أكثر دقة وسهولة، حيث يشعر وكأنه جزء من الطائرة نفسها.

وعادةً ما تكون الطائرات FPV مجهزة بمجموعة من الأجهزة بما في ذلك الكاميرا عالية الدقة، ونظام نقل الفيديو، ونظام تحكم عن بعد متقدم، يتيح هذا للمشغل التحكم في حركة الطائرة ورؤية البيئة المحيطة بشكل واضح ومباشر.
 

ونشط استخدام هذه الطائرات خلال الأعوام الأخيرة، في الحرب الروسية الأوكرانية، لكن عندما يتعلق الأمر باستخدامها من قبل قوات النظام السوري، فتشير مصادر عسكرية إلى أن التقنيات تختلف بالتأكيد، لكنها في المحصلة تحقق جزءاً من أهدافها، إذ يعتمد النظام على التصنيع المحلي عبر تجميع القطع بأقل التكاليف.

من هي الفرق المسؤولة عن استخدام الطائرات المذخرة؟

أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا، بأن المجموعات التابعة لـ "الفرقة 25 مهام خاصة" في قوات النظام (ميليشيات النمر)، ممن ذهبت إلى روسيا للمشاركة في القتال إلى جانب الروس بأوكرانيا، تلقت تدريبات مكثفة على طائرات FPV، كما أن روسيا مدّت النظام بتجهيزات لوجستية ساعدته على استخدام الطائرات المذخرة.

وتشرف وحدات روسية وإيرانية على تدريب قوات النظام على استخدام الطائرات المذخرة، في حين يقول المرصد العسكري في شمال غربي سوريا "أبو أمين 80"، إنّ الطائرات FPV من تصنيع وتطوير مراكز البحوث العلمية في حماة، بالاستفادة من الخبرات الروسية الإيرانية.

وأضاف "أبو أمين" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن جيش النظام السوري هو المشرف حالياً على استخدام هذه الطائرات في جبهات شمال غربي سوريا، وتحديداً قوات الحرس الجمهوري، والفيلق الخامس، والفرقة 25 مهام خاصة.

وأشار إلى أنهم رصدوا تدريبات مباشرة لقوات النظام على استخدام الطائرات FPV، موضحاً أن الطائرات تحمل قنابل شديدة الانفجار بوزن كيلو أو كيلو ونصف، مثل الـ "تي إن تي" والبارود والسيليلوز.

طائرة بدون طيار أسقطتها الفصائل شمالي سوريا - إنترنت
طائرة بدون طيار أسقطتها الفصائل شمالي سوريا - إنترنت

وأكد المرصد تسجيل هجمات قبل سنوات بوساطة طائرات من دون طيار روسية من طراز "زالا/ZALA"، إلا أنه وقبل بدء استخدام طائرات FPV، غابات طائرات ZALA عن المشهد، وتحديداً منذ نحو عام ونصف.

الطائرة الروسية "زالا" - إنترنت
الطائرة الروسية "زالا" - إنترنت

وتطير المسيّرات FPV خلال الفترة الحالية على جبهات إدلب، بمدى تحكم يصل إلى 3.5 كيلومترات، بارتفاع 30 إلى 35 متراً، ووفق "أبو أمين"، فإن عملها يقتصر حالياً على الخط الأمامي، إذ تستهدف سيارات عسكرية ومدنية، ودشما على خطوط التماس، محذراً من إمكانية تطوير عملها مستقبلاً لتستهدف مواقع في العمق، سواء طرق الإمداد أو المقار ومحطات المياه والكهرباء وأبراج الاتصالات.

سر استخدام FPV وسبل تفاديها

ويعود تكثيف استخدام الطائرات المسيرة المذخرة إلى عدة أسباب، منها:

  • كلفة منخفضة: قد تكون الطائرات المسيرة الانتحارية بديلاً أقل كلفة مقارنةً بالأسلحة التقليدية أو الطائرات المقاتلة، وقد يكون إنتاج وتشغيل هذا النوع من الأسلحة أرخص بكثير من تطوير واستخدام الأسلحة التقليدية.
  • صعوبة الكشف: تعتبر الطائرات المسيرة الانتحارية صغيرة الحجم وعادةً تعمل بارتفاعات منخفضة، مما يجعلها أكثر صعوبة في الكشف بوساطة أنظمة الرادار والاستشعار الأخرى، وقد يسمح هذا الجانب بقوة الاختراق وزيادة فرص الوصول إلى أهداف حساسة.
  • القدرة على تجاوز الدفاعات الجوية: تتمتع الطائرات المسيرة الانتحارية بقدرتها على التحرك بسرعة عالية وتنفيذ مناورات متقدمة، كما تتميز بالقدرة على تجاوز وسائط الدفاع الجوي التقليدية، فغالباً ما تكون صغيرة الحجم لتفادي الكشف والتتبع، مما يتيح لها بعض الفرص للتلاعب بالدفاعات الجوية والتسلل إلى الأهداف غير المحمية بشكل جيد.

وعن سبل وخطوات الحد من تأثير هذه الطائرات، فقد أورد خبير في مجال الطائرات المسيرة عدة طرق لذلك، خلال حديث مع موقع تلفزيون سوريا، منها:

  • تمويه الخنادق ومداخل الأنفاق والدشم بشكل جيد، وإنشاء دشم كاذبة وأهداف وهمية، وعدم كشف الطرق المؤدية إلى نقاط الرباط (تجهيز خنادق أو فتح فتحات ضمن الأبنية)، وعدم دخول العربات والدراجات إلى جانب نقاط الرباط، والعمل على تأمين حاجيات النقاط من لوجستيات وذخائر خلال فترة الليل.
  • عدم تجمع الآليات بالقرب من غرف العمليات وانتشارها بشكل جيد ومموه، وإخفاء غرفة العمليات عن الناس القريبين من المكان خوفاً من المخبرين، وعدم وضع دلائل تدل على وجود مقر عسكري (ألواح طاقة، صحن نت، هوائي إشارة)، مع الحراسة الجيدة لغرفة العمليات.
  • في أثناء وجود طيران الاستطلاع بالجو، يتوجب إنهاء الحركة في قطاع الرباط (عدم إعطاء أي مشاهدة لطيران الاستطلاع)، وعدم تحرك الآليات إلى العمليات أو الرباط حتى انتهاء عمل الطيران المسير، والالتجاء إلى الخنادق والأقبية وإخفاء الآليات خوفاً من الطيران المذخر.
  • التكلم وفق قواعد التخاطب على أجهزة اللاسلكي (بالرموز والكلام المشفر مع التغيير الدوري للشيفرة)، وعدم الإطالة بالكلام على المحطة والقبضات، وتغيير الترددات بشكل مستمر ومشفر، وعدم التحدث في أثناء وجود الطيران المسير.