صيغة "غامضة" للحل في سوريا.. هل اقترب موعد استقالة بيدرسن؟

2021.03.22 | 05:48 دمشق

0aa760_99237643134c4ee9bcbc05d8c442a5a2_mv2.jpg
+A
حجم الخط
-A

لعل دعوة المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسن إلى صيغة دولية جديدة من أجل حل الأزمة السورية، تتمثل بإشراك دول "مسار أستانا" إلى جانب دول "المجموعة المصغرة حول سوريا"، هي إعلان فشل دور المبعوث وكذلك تدهور مسار العملية السياسية ضمن إطار اللجنة الدستورية.

تبدو دعوة بيدرسن، في الخامس عشر من آذار الجاري، لإحداث تقارب في الرؤى بين الدول الضامنة لـ "أستانا" (تركيا، روسيا، إيران) و"المجموعة المصغرة" (الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، السعودية، مصر، الأردن)، أنها محاولة لرأب الصدع في مسار العملية السياسية بعد فشل ذريع للجنة الدستورية التي لا يستقيم مسار العملية السياسية خلال الفترة الحالية دون تحقيقها لخطوات تقدم ملموسة وحقيقية. هذا المسار الذي بات مرشحاً للتدهور أكثر وتعطيل جهود المبعوث الأممي الذي حذر أيضاً مطلع شهر شباط الفائت من فشل العملية السياسية في سوريا إذا لم توجد دبلوماسية دولية بناءة.

يقترب موعد إقامة الانتخابات الرئاسية في سوريا، دون بروز أية بوادر من موسكو أو دمشق توحي بتأجيل لازم لتلك الانتخابات التي ستشوه عملياً اللجنة الدستورية، وتؤكد التقسيم في سوريا، فضلا عن تسببها بإنهاء مهمة المبعوث الدولي الرابع إلى سوريا (بعد استقالة المبعوثين السابقين الثلاثة، كوفي أنان، الأخضر الإبراهيمي، وستيفان دي ميستورا).

يحاول بيدرسن تدوير الزوايا والنظر إلى أن عقدة حل المشكلة القائمة تقتضي بتقريب جناحي المسارات الدولية التشاورية حول سوريا

قد يتشابه مصير بيدرسن بالأخضر الإبراهيمي (استقال من منصبه في أيار 2014)، بعد أن تحدث الأخير عن التأثير السلبي لعقد الانتخابات الرئاسية في ذلك الوقت، في حين يرفض بيدرسن التدخل بالانتخابات غير أنه يشير صراحة إلى عدم الاعتراف بها وعدم شرعيتها. كانت دمشق قد دعت بيدرسن إلى أخذ دوره المحايد؛ في اتهام صريح وغير مبرر لمهمة المبعوث الدولي على لسان وزير خارجية النظام فيصل المقداد، ما ينبئ بذهاب المبعوث الرابع إلى الاستقالة في ظل عقد الانتخابات الرئاسية وتعطل مسار اللجنة الدستورية.

يحاول بيدرسن تدوير الزوايا والنظر إلى أن عقدة حل المشكلة القائمة تقتضي بتقريب جناحي المسارات الدولية التشاورية حول سوريا، غير أنه قد لا ينجح في هذه المهمة إذا ما بقي معتمداً خلال الشهرين المقبلين على هذه الرؤية "الطارئة".

بخلاف تقارب تركي خليجي "خجول" حاصل في الآونة الأخيرة، ومحاولة موسكو تعميق علاقاتها مع دول خليجية، إلا أن أياً من تلك التقاربات لا ترقى إلى مستوى نقل العلاقات المشتركة بين تلك الأطراف إلى مستوى متقدم من التفاهم حول سوريا في مثل هذه المساحة الضيقة من الزمن.

تُشكّل إيران عامل تعطيل رئيسي لمقاربة بيدرسن "الغامضة" و "غير المجدية"، فالجانب الإيراني لا يحوز على انسجام كامل حتى مع دول "أستانا"، فضلا عن وصول إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن وعدم اهتمام سياسته الخارجية بالملف السوري بشكل رئيسي -حتى الآن-، بالإضافة إلى توقعات واستقراءات تقول إن بايدن سينتهج سياسة مغايرة (ذات طابع سلبي) لما كانت عليه إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب مع كل من روسيا وتركيا، سواء في سوريا أو باقي ملفات المنطقة.

روسيا المتلهفة لإعادة إعمار قريبة في سوريا لا ترى ضيراً لاستخدام ورقة الانتخابات الرئاسية من أجل الضغط السياسي على واشنطن وبروكسل

وفي ظل توتر متصاعد متوقع من قبل واشنطن تجاه موسكو، فلا ترى الأخيرة أن احتمالات التقارب ممكنة في الفترة القصيرة المقبلة على سوريا دون إعلان "تطمينات" أميركية تجنح من خلالها للتهدئة المعلنة والدعوة للحفاظ على مخرجات التفاهمات الروسية التركية في سوريا، والالتفات لتحركات روسيا الد بلوماسية حيال تخفيف أثر العقوبات الأميركية على سوريا، والتقليل من وطأة الخناق على النظام السوري وكذلك روسيا في سوريا.

لا تحركات جدية متوقعة من قبل واشنطن، وبالمقابل أيضاً فإن روسيا المتلهفة لإعادة إعمار قريبة في سوريا لا ترى ضيراً لاستخدام ورقة الانتخابات الرئاسة من أجل الضغط السياسي على واشنطن وبروكسل. مراوحة في المكان محتملة في سوريا، دون تصعيد عسكري في الشمال، بمقابل استمرار التعاون التركي الروسي، وخطر يلوح في الأفق يتهدد سوريا، حيال تقسيم معلن بدرجة أعلى عما سبق من مراحل ماضية في سوريا، ما قد يدفع المبعوث الأممي إلى الاستقالة طالما بقيت الأزمة مستعصية وانعدمت الحلول لديه.

لا ننظر بتشاؤم إذا قلنا إن بيدرسن قد يستقيل، في ظل استمرار الأوضاع على ما هي عليه، وإصرار دمشق على المماطلة في اللجنة الدستورية والتعنت بإقامة انتخابات رئاسية مرشحها الوحيد خارج عن أية شرعية منذ سنوات. يجب على بيدرسن القول بجرأة وصراحة بضرورة التحرك وبالسرعة القصوى تجاه هيئة حكم انتقالي قد تضمن مصالح روسيا في مرحلة إعادة إعمار عاجلة، بغير ذلك فالاستقالة للمبعوث الدولي إلى سوريا باتت قريبة، وفي نفس الشهر الذي استقال فيه الإبراهيمي وبنفس الظروف، بعد أكثر من عامين على تولي الدبلوماسي النرويجي مهمته من أجل الحل "الغائب" حتى اللحظة في سوريا.