icon
التغطية الحية

صراع بين الوردة الدمشقية والزعفران تقوده أسماء الأسد

2024.02.05 | 05:50 دمشق

صراع بين الوردة الدمشقية والزعفران تقوده أسماء الأسد
صراع بين الوردة الدمشقية والزعفران تقوده أسماء الأسد
تلفزيون سوريا ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

تنضم سعاد المحمد كل صباح إلى ورشة للعمل ضمن حقول الزعفران التي بدأت حديثا بالانتشار في المناطق الزراعية لمدينة قارة بريف دمشق بالقرب من الحدود السورية اللبنانية.

تبلغ سعاد 43 عاما وتعمل ضمن ورشات زراعية منذ اندلاع الثورة السورية في 2011 بعد أن فقدت وظيفتها بالسجل العقاري بسبب انقطاعها "غير المبرر" عن العمل، إلا أنها للمرة الأولى تعمل في زراعة الزعفران رغم أنها لا تمتلك خبرة كافية لمثل هذا النوع من الزراعات، وليست سعاد وحدها بل جميع العملات معها في الورشة، لذلك يستعينون دائما بخبرة مهندس زراعي سبق له أن عمل مع بعثة حكومية زارت إيران بين عامي 2000 و2010  مرارا وكان الهدف إنشاء لجنة مشتركة لنقل تجربة زراعة الزعفران إلى سوريا إلا أن المشروع توقف لأسباب مجهولة.

مشروع إيراني سوري لزراعة الزعفران

حاولنا الحصول على معلومات من المهندس سعد الحسن حول الأسباب التي منعت إكمال المشروع المشترك بين النظام وإيران بتجربة زراعة الزعفران في سوريا، حيث أكد لـموقع تلفزيون سوريا، أن إيران أردات حينها أن تنشئ مشاريع خاصة لزراعة الزعفران تحت إشرافها بشكل كامل أشبه بالمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة "إيكاردا" في حلب، وذلك لمنع تحول زراعته إلى زراعة وطنية على مستوى سوريا أشبه بالقمح والقطن لكن وزير الزراعة الأسبق في حكومة النظام عادل سفر رفض المقترح.

وأكد المهندس الحسن بأن الفكرة عادت من جديد للظهور على يد بعض الخبراء ممن تكررت زياراتهم خلال السنوات السابقة إلى إيران، وأثبتت الدراسات بأن أغلب المناطق السورية وكذلك مناخها مناسب جدا لزراعة أصناف زراعية مختلفة ومنها الزعفران.

لكن المساحات لا تزال مقيدة جدا فمن أصل نحو 35 ألف دونم تصلح لزراعة الزعفران في مناطق مجاورة لمدينة قارة، أعطت الإرشادية الزراعة ترخصيا لزراعة أقل من 70 دونم فقط لأشخاص متنفذين فقط، وذلك بحسب المهندس الحسن.

ويقدر المهندس الزراعي بأن أرباح الدونم الواحد تعادل ثلاثة إلى أربعة أضعاف زراعته من محاصيل درجت العادة على زراعتها في نفس الأراضي الزراعية سواء من المحاصيل المروية أو البعلية، وهو بذلك يستحق لقب "الذهب الأحمر".

وحول توقيت زراعة الزعفران قال المهندس إن زراعة الزعفران تبدأ في أيلول، ويفضل شراء بصل الزعفران قبل زراعته بنحو عشرين يوما، ويصل إنتاج الدونم إلى كيلوغرام واحد بعد سنتين من زراعته.

ويزهر بصل الزعفران في السنة الأولى من زراعته بشكل ضعيف، ويتركز العمل على إكثاره وتكبير حجمه، ويبدأ الإزهار الجيد في السنة الثانية وما فوق، ويحتاج الزعفران إلى سقاية متوسطة إلى خفيفة، ويعتبر من الزراعات المعمرة في الأرض وتصل إلى نحو عشر سنوات في الظروف الجوية المواتية.

ويتراوح سعر الكيلو من محصول الزعفران من 3000  إلى 22 ألف دولار، ويتراوح سعر الكيلو من بصل الزعفران بين 20 و55 دولارا، ويحتوي على 11 إلى 14 بصلة، ويحتاج الدونم الواحد إلى نحو 511 كيلوغراما من البصل المتوسط الحجم، وكلما كبرت زادت الكمية المنتجة.زراعة مناسبة لتشغيل قوى بشرية بأعداد ضخمة.

وكانت وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا" قد نقلت عن خبراء أن "سهل الغاب والمناطق الساحلية تعطي بصلات أكثر عدداً وحجما بينما الزراعة في السويداء والزبداني وسلسلة جبال القلمون تعطي أزهاراً أكثر ومياسم ذات نوعية ممتازة ويكون تركيز المواد الفعالة فيها 20 في المئة زيادة عن الأصناف الخارجية باعتباره عضوياً ولا يستخدم في زراعته أي نوع من الأسمدة أو المبيدات الكيمياوية".

وعمل القطاع الخاص على نشر زراعة وإنتاج الزعفران في سوريا، حيث وصلت إلى سبع محافظات هي حماة وريف دمشق والسويداء وحمص وحديثاً اللاذقية وطرطوس وحلب وشملت زراعة 2 مليون بصلة "كورمة" زعفران فيها في العام 2020، وقالت أن زراعة 200 متر مربع فقط قد تدر 5 ملايين ليرة خلال 3 سنوات.

مشروع قد يوفر فرص عمل

وتقول سعاد محمد، في حديثها لـ"تلفزيون سوريا"، إن المساحات المزروعة في المناطق المجاروة لمدينة قارة ممكن أن توفر فرص عمل لجميع القوى البشرية العاملة في المدينة، وأن الأجور تعتبر مقبولة مقارنة بباقي المهن اليدوية.

وتضيف سعاد بأن الأجور تتراوح بين 10 آلاف و15 ألف لليوم الواحد بحسب عدد ساعات العمل مقارنة بمهن تعتبر أصعب منها وبأجور أقل.

وتلفت سعاد إلى أن هذا المحصول مناسب جدا للوضع الراهن في سوريا حيث العمل في مجال زراعة الزعفران لا يحتاج إلى مكننة زراعية ولا إلى مصادر طاقة سوى الطاقة البشرية وبالتالي هو فرصة لتكثيف هذه الزراعة وجعلها منتجا وطنيا قابلا للتصدير، وهو ما يؤكده المهندس "الحسن".

صراع بين مشروعي الوردة الدمشقية والزعفران

لكن يبدو أن أمنيات ورؤية سعاد المنطقية تصطدم بمخططات "الأمانة السورية للتنمية" التي تديرها أسماء الأسد، ففي معلومات خاصة حصل عليها موقع تلفزيون سوريا، أقامت منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)، بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي التابعة لنظام الأسد، ورشة عمل حول زراعة وتسويق الزعفران، وذلك في مقر أكساد بريف دمشق.

ووفقا للمصدر الخاص فقد ناقشت الورشة دور "أكساد" في زراعة وإنتاج الزعفران في سوريا، وواقع وآفاق زراعته وإنتاجه والتحديات التي تواجهه والتدابير المتخذة لتجاوزها والعوامل المؤثرة في جودته ودور البحوث الزراعية في إكثار ونشر الزعفران وتسويقه داخلياً وخارجياً، إضافة لاستعراض تجارب محلية وعالمية في تسويقه.

لكن المفاجأة كانت أن عضوا من الأمانة السورية للتنمية عطل معظم القرارت التي كان قد اتفق عليها المجتمعون من طرف حكومة النظام ومن المنظمة الدولية بحجة أن "الزعفران لا يجب أن يزاحم الوردة الشامية التي بدأت تدخل في صناعات دوائية ويجب إيلاؤها الأولوية".

وختم المصدر بأن طرح عضو الأمانة كان مجافٍ للمهنية وغير علمي ولا يطابق المعطيات على الأرض، إلا أن أحدا لم ينبس ببنت شفة من المجتمعين، وهمس أحد موظفي الوزارة للمصدر بأن عضو الأمانة يمثل أسماء الأسد شخصيا في كل الاجتماعات المهمة للوزارة لذلك لا يمكن لأحد أن يخالف مقترحاته.

الزعفران.. إنتاج محدود وسعر مرتفع

والزعفران هو صبغ أصفر زاهي اللون ويضيف نكهة طيبة للطعام، يُنتَج عن طريق تجفيف مياسم وجزء من الأقلام في زهرة نبات زعفران الخريف البنفسجي، الذي يعرف علميا باسم الزعفران السوسني.

ما يقرب من 4 آلاف زهرة يمكن أن تنتج نحو 28 غراما من الزعفران التجاري. حيث تنزع المياسم من الزهور المتفتحة، وتجفف في الظل ثم على شبكة رفيعة أو دقيقة على نار هادئة. وهذه المادة لونها أحمر برتقالي وذات رائحة نفاذة وطعم مميز، وتحفظ في أوان محكمة لكي لا تفقد قيمتها كمادة ثمينة.

للزعفران رائحة طيبة ولكن مذاقه مر، يستخدم في الطهي ليكسب الطعام نكهة طيبة، كما يُستخدم في تلوين الحلوى، ويستخدمه الناس في أوروبا والهند لتتبيل أنواع من الطعام.

الجزء الفعال في الزعفران هو عبارة عن ميسم الزهرة (أعضاء التلقيح) التي تنزع من الزهور المتفتحة بدقة متناهية، وبأيدي أشخاص ذوو خبرة وفن في التقاطها وتجميعها. وتجفف في الظل ثم على شبكة رفيعة أو دقيقة على نار هادئة.

وتواجه السوق العالمية عجزا في محصول الزعفران بسبب ضعف المحصول في إيران،  ويعد الزعفران من أغلى أنواع التوابل في العالم، ومن المتوقع أن يكون محصول هذا العام في إيران، التي توفر أكثر من 90% من الزعفران في العالم، أقل من نصف محصول 2022، أي أن إجمالي الإنتاج انخفض إلى حوالي 170 طنًا من حوالي 400 طن للعام الماضي.

وأرجع المنتجون والتجار ضعف المحصول إلى تغير أنماط الطقس ونقص المياه، وخصوصا بعد درجات الحرارة المنخفضة للغاية في الشتاء الماضي والتي أعقبها ربيع حار وصيف جاف جدا، حيث كان لها تأثيرا مدمرا على المحصول، وتفاقم الوضع بسبب جفاف آلاف الآبار المخصصة للري تماما.

ويحذر الخبراء من أن الوضع قد يزداد سوءا بسبب تغير المناخ، الذي يغير أنماط الطقس، مضيفين أن إيران أكثر عرضة للخطر من المتوسط العالمي، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة حيث يزرع الزعفران، فالأمطار تتناقص، والتبخر ودرجات الحرارة ترتفع.

وتعد الصين أكبر مشتر أجنبي للزعفران الإيراني، حيث تمثل 45 في المئة من إجمالي الصادرات، ومن بين المشترين الرئيسيين الآخرين الدول العربية وإسبانيا وإيطاليا، حيث يستخدم الزعفران في مجموعة متنوعة من الأطباق.