icon
التغطية الحية

صبح الشام.. سردية لدور إيران في سوريا على لسان وزير خارجيتها

2023.05.25 | 21:34 دمشق

آخر تحديث: 26.05.2023 | 09:58 دمشق

صبح شام حسين أمير عبد اللهيان
نشر وزير الخارجية الإيراني كتابه "صبح شام" بوصية من قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني
تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

نشر موقع "جاده إيران"، المتخصص بالشؤون الإيرانية، سلسلة مقالات عن مذكرات وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، عن سنوات الحرب الأولى في سوريا، الذي حمل عنوان "صبح شام" أو "صباح الشام" بالعربية، وقال إنه بوصية من قائد "فيلق القدس" السابق، قاسم سليماني.

الكتاب الذي صدر في العام 2020، تضمن مذكرات عبد اللهيان عن سوريا، خلال عمله مساعداً لوزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، حيث مثّل إيران في العديد من المحافل الدولية والدبلوماسية التي عقدت بشأن سوريا في العالم، فضلاً عن عمله آنذاك في الخط الدبلوماسي بين طهران ودمشق خلال السنوات الأولى من الحرب في سوريا.

ويعرض الكتاب في ثلاثة أجزاء سرداً للأحداث في سوريا، سلط الجزء الأول منه الضوء على علاقة إيران بأطراف الصراع المختلفين، والجهود السياسية، ومقترحات إيران لحل الأزمة السورية، والمساعدات التي قدمتها في المجالات الإنسانية والاجتماعية والسياسية.

كما تناول الكتاب قراءات للمعارضة السورية وفصائلها والتنظيمات المتطرفة، بالإضافة إلى ما وصفه "تحرك المدافعين عن المراقد المقدسة" من العراق وباكستان وغيرها.

وتناول الجزء الثاني الجهود واللقاءات الدبلوماسية التي أجريت فيما يتعلق بالتطورات في سوريا، في حين تناول الجزء الثالث دور قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، السياسي والعسكري في سوريا.

ويذكر أنه بعد عقدين من العمل في وزارة الخارجية، ارتبط حسين أمير عبد اللهيان بعلاقة وثيقة مع قاسم سليماني، لا سيما في ما يتعلق بالدول العربية والأفريقية، وعندما تسلم سليماني قيادة "فيلق القدس" كان عبد اللهيان خبيراً عراقياً في الخارجية الإيرانية، وعقب اضطرابات العراق بعد الإطاحة بالرئيس العراق السابق، صدام الحسين، أصبح عبد اللهيان مسؤولاً عن قسم العراق في وزارة الخارجية.

وفي تصريح سابق، قال عبد اللهيان خلال لقاء مع وفود ومسؤولين أوروبيين إنه "ينبغي عليكم شكر الجمهورية الإسلامية وسليماني، لأن سليماني ساهم في السلام والأمن العالميين، ولولا سليماني، لتفككت الدول الكبرى في المنطقة".

سليماني أوصى بنشرها

ويعتبر الكتاب أن الحرب في سوريا "رسمت خريطة المنطقة بشكل مختلف عما كانت عليه في السنوات التي سبقتها، حيث لم يقتصر التحوّل على التحالفات والعداوات، بل امتد عميقاً في بنية عقل شعوب المنطقة، من عرب وعجم وترك"، مضيفاً أن سوريا "أصبحت في لحظة صدام، مبتدأ الموقف وخبره، كل شيء يقاس إلى الموقف من الصراع فيها، وكل الصراعات الأخرى في المحيط مرتبطة بها".

في هذه الترجمة المنتقاة والممتدة على حلقات لكتاب "صبح شام" لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، تسلّط "جاده إيران" الضوء على نظرة طهران إلى صراع كبير، وقراءتها لمواقف الآخرين منه، وخلاصاتها التي فصّل فيها رأس الدبلوماسية الإيرانية.

ويعترف الكتاب بأرقام وإحصائيات الأمم المتحدة عن ضحايا الحرب وخسائرها في سوريا، لكنه يشير إلى أن "هذه الأرقام تستطيع أن تدفع ببلد ونظام سياسي إلى حافة الانهيار بشكل كامل".

وزعم الكتاب أن "ثبات واستقرار بشار الأسد، ومقاومة جيشه، ومساعدة مستشاري إيران السياسي والميداني، ومدافعي الحرم من قوميات مختلفة، إضافة إلى الجهود الجبارة لقائد فيلق القدس الفريق قاسم سليماني، ودور حزب الله اللبناني ودخول القوات الجوية الروسية في محاربة الإرهاب التكفيري، كل هذه العوامل أدت إلى هزيمة الجبهة الأميركية ـ الصهيونية، أو الجبهة الغربية ـ العبرية ـ العربية في مواجهة سوريا".

وقال عبد اللهيان في مقدمة كتابه إن "ما سأرويه الآن هو عبارة عن مذكرات من حرب الإرهاب على سوريا، بتوصية لتجميعها من بطل العالم في محاربة الإرهاب، الفريق قاسم سليماني"، مضيفاً أنه "قبل عام من استشهاد سليماني، وخلال لقائي به، أكد على نشر بعض الأحداث بشكل مكتوب، بغية إيصال رسائل الشجاعة والاستشهاد، وحتى الجرائم والخيانات التي حدثت في سوريا ومنطقة غرب آسيا"، وفق تعبيره.

"ربيع عربي أم صحوة إسلامية؟"

في كتابه، يتحدث وزير الخارجية الإيراني عن رؤية طهران لما حصل في العالم العربي منذ ثورة تونس في العام 2011، وما رافقها من انتفاضات غيرت المشهد السياسي في الشرق الأوسط.

ويرى الكتاب أن ما جرى هو "صحوة إسلامية، لديها ما لديها من رسائل ضد السياسية الأميركية في المنطقة".

وأشار عبد اللهيان إلى أنه عندما تولى مسؤوليته كمدير عام في وزارة الخارجية للشرق الأوسط والخليج العربي، كانت أبرز قضايا الخارجية هو القضية الفلسطينية، وبعدها التطورات في العراق، إلا أنه بعد العام 2011 وبداية الاحتجاجات في تونس تغير كل شيء.

وقال الكتاب إن أحداث 2011 "جاءت بمثابة صدمة كبيرة للمنطقة، وللأسر الحاكمة، الأنظمة الملكية والرؤساء مدى الحياة، ورافقتها إنجازات، في تونس سقوط نظام زين العابدين بن علي، وفي مصر الإطاحة بالرئيس محمد حسني مبارك".

واعتبر عبد اللهيان أن "أحداث الثورات التي شهدتها الدول العربية أظهرت اختلافاً بين ظروف هذه الدول، خاصة سوريا والبحرين، خاصة لجهة وجود قائد للاحتجاجات في البحرين، وعدم سلمية التحرّكات في سوريا"، زاعماً أن الاحتجاجات السلمية التي بدأت في درعا في آذار 2011 جاءت ضمن مخطط أميركي إسرائيلي سعودي، من أجل توجيه ضربة لإيران وحلفائها في المنطقة، وإسقاط نظام الأسد وتغيير ميزان القوى في المنطقة.

وربط وزير الخارجية الإيراني ذلك بالظروف التي جاءت فيها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في العام 2012، مؤكداً أن الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية "سعوا لاستغلال الظروف السياسية التي خيّمت على المنطقة بعد انطلاق المعارك في سوريا للانقضاض على قطاع غزة، من أجل توجيه رسالة قوية إلى إيران وحلفائها، وهو المخطط الذي انتهى من دون تحقيق أي شيء"، وفق تعبيره.

لماذا لم تتخل إيران عن الأسد؟

يتطرق حسين أمير عبد اللهيان في كتابه إلى الجهود السياسية الإقليمية والعربية الهادفة لإسقاط النظام السوري، وبشكل خاص تركيا وقطر، والتي وصلت إلى محاولة إقناع طهران نفسها بالتخلي عن الأسد، وفق قوله.

وقال الكتاب إن "التحديات والمطالب السياسية في سوريا تحولت على الفور إلى صراعات مسلحة"، وزعم أن الحرب في سوريا بدأت بين "الإرهابيين الأجانب" إلى جانب بعض عناصر جيش النظام المنشقين ضد نظام الأسد وبين قوات النظام السوري، وامتدت إلى المدن السورية.

وأضاف أن السعودية وقطر وتركيا "حاولت تشكيل النموذج الذي تكوّن بشكل طبيعي في بلدان أخرى، حشود في إحدى ساحات العاصمة دمشق، لكن ذلك لم يحدث، وشوهدت مظاهرات قليلة ومتفرقة، فيما نشط الإرهابيون في جميع أنحاء سوريا".

وكشف عبد اللهيان أن "مؤيدي هذه الخطة سياسياً تحركوا على المستويين الإقليمي والدولي، وحاولت تركيا وقطر جاهدة في العام 2012 إقناع إيران بالتوقف عن دعم سوريا، وعملت مع المعارضة السورية مدفوعة برؤية الجهات الإقليمية والدولية بأن بشار الأسد سيسقط خلال أسابيع".

هل رغبت إيران بإجراء إصلاحيات في سوريا؟

أشار عبد اللهيان في كتابه إلى مبادرة إيران ذات البنود الأربعة التي قدمتها للأمم المتحدة في العام 2012، والتي قال إنها "المبادرة السياسية الوحيدة على طاولة المفاوضات الدبلوماسية، في الوقت الذي كانت فيه الجهات الفاعلة تفضل الحل العسكري".

وتنص المبادرة الإيرانية على التزام جميع الأطراف المعنية بوقف إطلاق النار، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى مناطق الصراع، ومراجعة الدستور السوري وإجراء استفتاء على دستور جديد، في حين تضمن البند الرابع إجراء انتخابات نيابية ورئاسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة جميع الأطراف.

وأكد عبد اللهيان أن قاسم سليماني لطالما أوصى الهيئات ذات الصلة بالتشاور المستمر مع رئيس النظام بشار الأسد، حيث نوقشت المبادرة معه عدة مرات، وعُقدت عشرات الاجتماعات والمحادثات مع مختلف الأطراف في طهران ومدن أخرى في المنطقة.

وقدم وزير الخارجية الإيراني نظرة طهران لمسألة الإصلاحات السياسية في سوريا، ورؤيتها للدور الذي كان يُطلب منها أن تلعبه، رابطاً بين الوضع الداخلي في المملكة العربية السعودية ودور الأخيرة في الأزمة السورية.

واعتبر عبد اللهيان أن "سقوط سوريا بالنسبة للسعودية يعتبر انهيار أحد الأجزاء الأساسية لمحور المقاومة، وقطع يد إيران من المنطقة"، مضيفاً أنه "على هذا الأساس، سعت السعودية بكل طاقتها لإسقاط النظام السوري".