icon
التغطية الحية

شهادات من ليلة الزلزال.. جبلة المكلومة تودّع نحو 300 من أبنائها

2023.02.24 | 05:59 دمشق

ركام من جراء الزلزال في جبلة ـ رويترز
ركام من جرّاء الزلزال المدمّر في مدينة جبلة بريف اللاذقية (رويترز)
+A
حجم الخط
-A

ما تزال مدينة جبلة جنوبي اللاذقية تعيش تحت وطأة الزلزال المدمّر الذي ضربها، في السادس من شهر شباط الجاري، حيث تحمّلت الحصة الكبرى من الدمار وأعداد الضحايا في المنطقة الساحلية السوريّة.

وبحسب مصادر محلية لـ موقع تلفزيون سوريا فإنّه من اللافت في جبلة، سقوط عدد من الأبنية السكنيّة بشكل متفرق في أحياء متباعدة وبعضها غير قديم، كما أن عدد الوفيات فاق عدد الجرحى، الذين عجزت فرق الإنقاذ والأهالي عن إنقاذ معظم مَن بقي تحت الأنقاض، وما تزال بعض الجثامين التي انتُشلت من تحت الركام، مجهولة وتعذّر الوصول إلى أقربائها.

وأعلن رئيس مجلس مدينة جبلة أحمد قناديل لـ وسائل إعلام محلية مقرّبة من النظام السوري، أنّ 19 بناءً انهار في جبلة، وأن عدد الوفيات حتى 9 شباط، وصل إلى 283، وعدد المصابين إلى 173. في حين يُرجّح أن يصل العدد إلى 300 وفاة، بسبب تعذر الوصول إلى بعض الجثامين حتى اليوم.

وأوضح أنّه في بناية الغزالات (الأطباء كما تُعرف وسط مدينة جبلة) على مقربة من الكورنيش البحري، توفي أكثر من ثمانية أطباء مع عائلاتهم، ووفق شهادات لبعض أهالي المدينة، وُجدت معظم الجثامين على أسرّتها نائمة، ما يُرجّح سقوط البناء بشكل سريع مع بداية الزلزال.

وفي هذا الصدد، قال مسؤول لجان التنسيق المحلية في جبلة "أبو يوسف جبلاوي" لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ أكثر الوفيات التي سُجّلت في المدينة هي بانهيار مبنيين في شارعي "الغزالات والريحاوي"، كونهما من أكثر الأبنية المنهارة اكتظاظاً.

وأوضح "جبلاوي" أنّ المدينة لم تشهد دماراً كبيراً في أحياء كاملة، إنما سقطت أبنية متفرّقة في بعض الأحياء، مرجعاً الأمر إلى قِدم بعضها وفساد الإعمار ومخالفته للمواصفات في بعضها الآخر، لا سيما "بناء الأطباء".

وفي ريف جبلة كانت مناطق الرميلة والعسيلة وحميميم هي الأكثر تضرراً، وشهدت وفاة عائلة كاملة لم ينج منها إلا شابة (جنى مروان حلبي) في منطقة الرميلة.

يروي "عبد الله" - أحد المتطوعين الذين عملوا على مدار الأيام السابقة في مساعدة العالقين تحت الأنقاض - قصة الشابة جنى مروان حلبي التي نجت وحدها ومات جميع أفراد عائلتها.

ويقول "عبد الله" لـ موقع تلفزيون سوريا: "كان هناك صوت خافت يأتي من زاوية بناء، لم يكن هناك بداية سوى شبّان متطوعين من دون آليات، بقينا نحفر بأيدينا للوصول إلى الشابة، ساعات تحت المطر ولحسن الحظ كان الجدار المتهدّم بعيدا عن الشابة سنتيمترات قليلة، وخرجت سالمة، لكن قضت عائلتها بالكامل".

اقرأ أيضاً: إيقاف عمليات الإنقاذ في حي العسلية بجبلة واستمراره في باقي المناطق

ووسط شكاوى من تأخّر وصول فرق الإنقاذ إلى المنطقة، أكّد "عبد الله" أنه "في اليوم الأوّل من الزلزال كان الإنقاذ يقتصر على جهود متطوعين، وما زاد من حصيلة الخسائر هو عدم وجود آليات حفر ورافعات، مع قلة المحروقات لتشغيلها".

ويضيف: "في (بناء الأطباء) لم نجد أغراضاً منزلية، كان المنظر مخيفاً، البناء انهار للأسفل بشكل سريع ومحا كل ما كان في داخله. هناك سُجّلت الحصيلة الأكبر من الوفيات".

ومن ضحايا مدينة جبلة، كان اللاعب الدولي السوري السابق (نادر جوخدار) الذي توفي عن عمر 45 عاماً، وذلك بعد انهيار البناء الذي يسكنه، كما توفي الشاعر السوري (ناظم مهنّا) ابن مدينة جبلة.

الرعب يتواصل في جبلة

ومنذ ليلة الزلزال المدمّر، ما يزال سكّان المدينة يعيشون حالة خوف وانتظار مع استمرار الهزات الارتدادية وكثرة الشائعات.

سناء (45 عاماً) التي تقيم في ضاحية المدينة، ترفض منذ ليلة الزلزال العودة للمبيت في منزلها بالطابق الرابع، وتقيم الآن مع عائلتها عند أقاربها في منزل أرضي مستقل.

وتقول في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا: "كانت ليلةً لن أنساها طوال عمري، بقي البناء يتمايل بنا لأكثر من دقيقة سمعت أصواتاً مخيفة لا تفارق مخيلتي ولم أصدق أنني سأخرج حية مع عائلتي".

وتضيف سناء: "لا أستطيع النوم منذ تلك الليلة المخيفة، أتخيل دائماً أنّ الأرض تهتز، أخاف على عائلتي ولا أعتقد أنني سأعود قريباً إلى منزلي".

وعلى مدار الأسبوعين الفائتين، قضى عدد كبير من سكّان مدينة جبلة ليلتهم في أماكن مفتوحة أو على الكورنيش البحري، لا سيما مع كثرة الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها كان يحذّر من ساعات محدّدة لوقوع زلزال جديد.

نزوح جديد

في حي الفيض العشوائي أقصى جنوبي مدينة جبلة، تعيش عشرات العائلة النازحة، منذ سنوات، بعضهم خسر في الزلزال الأخير مسكنه وبدأ رحلة نزوح جديدة بعد سنوات من استقراره.

"أبو محمد الحلبي" (الرجل الأربعيني النازح من مدينة حلب إلى جبلة) يقول لـ موقع تلفزيون سوريا إنّه "نجا وعائلته من الزلزال المدمّر، لكنّ منزلهم لم يعد صالحاً للسكن، لذا قرّر العودة إلى حلب بعد أكثر من 10 سنوات قضاها في جبلة.

ويبرّر قراره بالقول: "أشعر اليوم أنني عدت إلى الصفر، مثل اليوم الذي خرجت منه من حلب تحطمت كل أغراض منزلي ولا مكان لدي لأقيم فيه، تشرّدنا من جديد ولهذا سأعود إلى مدينتي لأبدأ من جديد".