icon
التغطية الحية

"شامبليون" وقرنان على فك رموز حجر رشيد والكتابة الهيروغليفية

2022.04.10 | 14:57 دمشق

hjr_rshyd-_tlfzywn_swrya.jpg
إسطبنول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بعد انقضاء قرنين على اكتشاف "حجر رشيد" الذي مهّد لفكّ رموز الكتابة الهيروغليفية في مصر القديمة، تطلق مكتبة فرنسوا ميتران الوطنية الفرنسية في العاصمة باريس اعتباراً من الثلاثاء المقبل، "عام شامبليون" بالتزامن مع إطلاق معرض يسلّط الضوء على الإنجازات الفكرية لعالم اللغات الفرنسي الشهير "جان فرنسوا شامبليون" المولع بالحضارة المصرية.

ونجح شامبليون (1790- 1832) في عام 1822 في فك ألغاز الكتابة الهيروغليفية، وألّف قاموساً ووضع قواعد لغوية "للكتابة الفرعونية". كما درس العربية والعبرية والسريانية والآرامية والكلدانية والأمهرية والفارسية والسنسكريتية، إلا أنه صار يعدّ "الأب" لعلم المصريات بسبب حله لرموز الكتابة المصرية القديمة.

 

شامب.jpg
نصب شامبليون في فرنسا

 

المعرض سيعرّف الجمهور بصورة أفضل على أهمية حجر رشيد، وهو نصب حجري حُفر عليه نصّ بثلاث لغات هي: الهيروغليفية (لغة الطبقة الحاكمة والكهنة في مصر القديمة) والهيراطيقية (لغة الشعب في مصر القديمة) والإغريقية التي دخلت مصر في العصر الهلنستي (حقبة البطالمة). وتم اكتشاف الحجر في مدينة رشيد الواقعة على دلتا النيل شمالي مصر.

إلا أن هذا الحجر الذي أحضره البريطانيون إلى لندن ولم يره شامبليون يوماً، موجود اليوم في المتحف البريطاني. وتعرض المكتبة الوطنية الفرنسية نسختين من هذا الحجر، إحداهما بطريقة الصبّ والثانية بالحفر اليدوي.

 

حجر رشيد في المتحف البريطاني.jpg
حجر رشيد الأصلي في المتحف البريطاني

 

واستطاع شامبليون فك رموز الحجر من خلال قراءة النص الأقرب تاريخياً والأكثر تداولاً، وهو النص المكتوب باللغة الإغريقية، ومن ثم ترجم النصّين الآخرين استناداً إلى عبارات النص الأول، فنجح في الوصول إلى المقاطع الصوتية التي تشتمل عليها الرموز الصورية في الهيروغليفية.

وبعد 1822، حرص شامبليون على نشر اكتشافاته ونقلها، وخاصة بعد تأليفه القاموس الذي وضع قواعد لغوية للكتابة الفرعونية، وأعطى دروساً في كلية فرنسا، إضافة إلى دوره كمهتم وحافظ لآثار مصر القديمة في متحف اللوفر. كل ذلك والعالم الفرنسي توفي في ريعان شبابه، حيث لم يعش أكثر من 41 عاماً.

مديرة جناح الآثار المصرية في متحف اللوفر "غيميت أندرو لانويه" تقول بأنه "بعد مرور قرنين، نرى كيف أن شامبليون لم يخطئ سوى قليلاً. فقد أنجز هذه الاكتشافات ولم يترك نفسه يوماً أسير مشكلة ما، وقد كان حدسه نافعاً لآخرين".

وسيتخلل "عام شامبليون" سلسلة نشاطات ثقافية وفنية فرنسية ستقام لتكريم العالم الفرنسي وإحياء ذكرى اكتشافاته، من بينها معرض في متحف اللوفر/ مدينة لنس في شمالي فرنسا اعتباراً من 28 من أيلول المقبل. كما تعتزم مدينة فيجاك بمنطقة لوت في جنوب غربي فرنسا، مسقط رأس شامبليون والتي تضم متحفاً مخصصاً له، تنظيم أحداث ثقافية وفنية مختلفة اعتباراً من شهر أيار المقبل.

حجر رشيد وقصة اكتشافه

اكتشف الحجر على يد جندي فرنسي يدعى بيير فرانسوا بوشار خلال حملة نابليون على مصر (1798- 1801). ويعتقد أن الحجر كان معروضاً في الأصل داخل معبد مصري، وربما بالقرب من قرية (صا الحجر) شمال غربي مصر.

العديد من النسخ الحجرية والجصّية تداولتها المتاحف واستخدمها العلماء الأوروبيون (من بينهم شامبليون نفسه). فبعد أن هزمت القوات البريطانية الفرنسيين في مصر عام 1801، وأصبح الحجر الأصلي في حوزة البريطانيين بعد استسلام الحملة الفرنسية، نُقل الحجر إلى لندن. وعرض على الملأ في المتحف البريطاني منذ عام 1802.

ويرجّح أن يكون الحجر قد نقل من مكانه في فترة المسيحيين الأوائل/ العصور الوسطى، واستخدم في نهاية المطاف كمادة بناء في بلدة (طابية رشيد) بالقرب من مدينة رشيد في الدلتا.

نُقش الحجر عام 196 ق.م بمرسوم ملكي صدر في مدينة (منفيس) عام وقد أصدره الكهان كرسالة شكر لـ "بطليموس الخامس" لأنه رفع الضرائب عنهم، باللغات الثلاثة التي ذكرناها. وكان وقت اكتشافه لغزاً لغوياً لا يفسر منذ مئات السنين، لأن اللغات الثلاثة كانت وقتها من اللغات الميتة. حتى جاء شامبليون وفسر هذه اللغات بعد مضاهاتها بالنص اليوناني ونصوص هيروغليفية أخرى.

 

220px-Tetradrachm_Ptolemy_V.jpg
بطليموس الخامس (210- 180 ق.م)

مضمون حجر رشيد

ومما جاء في مطلع النص بحسب الترجمة الإنجليزية: "خلال حكم الملك الصغير الذي خلف والده كجلالة الملك صاحب التيجان العظيم الذي أنشأ مصر ومخلص للآلهة المنتصر على أعدائه والذي أعاد الحياة الكريمة للناس المشرف على احتفال الثلاثين عام العادل مثل (هيفايستوس) الأكبر ملك مثل الشمس. ملك القطرين الشمالي والجنوبي العظيم نجل الإله (فيلوباتوريس) المعترف به من قبل هيفايستوس الذي أيـّدته الشمس بالنصر، الصورة الحية لـ زيوس ابن الشمس بطليموس. فليعش محبوبا (بتاح). في السنة التاسعة (أنا) أيتوس ابن أيتوس كاهن الإسكندرية والآلهة سوتيريس وأدولفي والآلهة أبورجاتي وفيلوباتوريس...".