icon
التغطية الحية

تركيا تنفي تسليمه لـ تل أبيب.. "نقش سلوان" ومزاعم مملكة إسرائيل التاريخية

2022.03.14 | 06:15 دمشق

90ld8.jpeg
نقش سلوان
إسطنبول ـ تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

نفت تركيا صحة ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، عن تسليم القطعة الأثرية المعروفة باسم "نقش سلوان" إلى تل أبيب، بحسب وكالة الأناضول.

ونقلت الوكالة أمس الأحد عن مصدر دبلوماسي تركي نفيه لما نُشر في موقع "تايمز أوف إسرائيل" من أنّ أنقرة قررت منح تل أبيب "نقش سلوان" بعد نقله إلى إسطنبول من القدس خلال العهد العثماني، واصفاً تلك المزاعم بأنها "أنباء "كاذبة".

كما حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من تداول مزاعم إعلامية إسرائيلية "كاذبة" حول نيّة تركيا منح النقش الأثري لسلطات الاحتلال الإسرائيلي. وأكدت في بيان لها أن "تركيا نفت بشدة وبشكل رسمي وعلني ما تناقلته وسائل إعلام عبرية بشأن حجر سلوان".

الخبر المنفي

وكان موقع "تايمز أوف إسرائيل" قد نشر خبراً ذكر فيه أن نقش سلوان المكتشف عام 1880 في القدس والموجود حالياً في متحف الآثار بإسطنبول، من أهم النقوش العبرية القديمة وأنه سيُمنح إلى إسرائيل. لكنه نفى وجود تأكيد من تركيا بهذا الخصوص.

ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي زعمه أن تركيا وافقت على إرسال النقش مقابل عرضٍ إسرائيلي يتضمّن إرسال قطعة تاريخية ودينية قيّمة إلى تركيا موجودة حاليًا بمتحف إسرائيلي، يرجّح أن تكون شمعداناً قديماً يعود إلى أيام الحكم العثماني لفلسطين الذي استمر لنحو 4 قرون.

محاولات للحصول على النقش

الموقع الإسرائيلي ادّعى أن النقش الأثري يعود تاريخه إلى ما قبل 2700 عام، وبأنه دليل مباشر على صحة رواية وردت في الكتاب المقدس (العهد القديم)، تتناول تفاصيل بناء نفق حزقيا (أحد ملوك مملكة يهوذا) في القدس.

وقوبلت بالرفض جميع محاولات الحكومة الإسرائيلية في الحصول على النقش، كان آخرها عام 2017. وذكر الموقع أن الرئيس السابق شمعون بيريز طلب عام 2007 من الرئيس التركي آنذاك عبد الله غل أن يعير إسرائيل النقش لعرضه فقط أمام الجمهور في احتفالات الذكرى السبعين للدولة، ولكن التوترات بشأن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة حال دون ذلك.

كما عرض رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في عام 1998 مقايضة الآثار التركية الموجودة في المتاحف الإسرائيلية بالنقش، وقوبل طلبه بالرفض أيضاً.

 نقش سلوان ومضمونه

النقش المذكور عبارة عن كتابة كانت منقوشة على حائط نفق في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، يخلد مشروع حفر ذلك النفق الذي استُخدم لجر مياه نبع أُمّ الدرج إلى داخل أسوار مدينة القدس.

عُثر على النقش عام 1880 عندما كانت القدس جزءاً من الأراضي العثمانية، وفي عام 1891 قَطَع مجهول ذلك النقش من الحائط وأخرجه من النفق. وُجِد مكسوراً فتم ترميمه ثم نقله إلى متحف إسطنبول.

 

سلوان نفق
نفق سلوان

 

الاحتلال الإسرائيلي يزعم أن النقش أثر تاريخي يهودي وأنه مكتوب بالعبرية القديمة؛ وهو ما ينفيه المختصون الذين يؤكدون على أن الحروف المنقوشة عليه ترتبط باللغات الكنعانية التي أفرزت العبرية أيضاً. وظلت الخلافات تدور بين الباحثين حول أسئلة تتعلق بزمان كتابته وطريقة اكتشافه.

ويسعى الاحتلال منذ سيطرته على فلسطين، إلى تدعيم روايته الدينية حول ملكية القدس، من خلال إيجاد أدلّة ووثائق تاريخية قديمة تربطه بالمنطقة. ومن هنا برزت مزاعم الإسرائيليين القائلة إن نقش سلوان يتطابق مع الرواية التوراتية التي تشير إلى نفق تم حفره خلال حكم الملك حزقيا (بين القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد).

ويقول الباحث أحمد الدبش في مقال له حمل عنوان: "نقش سلوان.. ارتباك التأريخ التوراتي"؛ إنه منذ اكتشاف ذلك النقش المسمّى نقش سلوان "أُثيرَت أسئلة لم يُعْثَر لها على إجابة حتّى اليوم. مثلًا متى كُتِب ذلك النقش؟ ولماذا عُثِرَ عليه في عمق النفق وليس عند مدخله؟ ولماذا لم يُذْكَر اسم الحاكم الّذي أمر بحفر النفق؟"، معتبراً أنه دليل على زيف الرواية الإسرائيلية.

لم تحدد نصوص النقش تاريخاً أو عاماً أو حتى اسماً لأحد ملوك الحقب القديمة، ما يشكك في علاقة النقش بنفق حزقيا المذكور في الكتاب المقدس. كما أن العديد من الباحثين رجحوا أن يعود النقش إلى القرن الثاني أو الثالث الميلادي.

ليس ذلك فحسب، بل إن باحثين إسرائيليين أعدوا دراسة لمؤسسة إسرائيلية تهتم بآثار القدس اسمها (عمق شبيه) كتبوا فيها: "لو أن حاكماً أو ملكاً أمر بنحت نقش يمجد اسمه لكان من المفترض أن يأمر بنصب النقش عند مدخل النفق. لو وضعنا القصة التوراتية للحظة جانباً، نجد أننا أمام قصة مميزة هي أن مجموعة مهندسين عملوا ووثقوا نجاحهم بعيداً عن أعين الحاكم".

 

سلوان
نسخة تقليدية من النقش وضعتها إسرائيل مكان النقش المكسور

 

ويروي النص بحسب الباحثين، حكاية عمال بنوا النفق وحرصوا ألا ينظر إليه كمشروع ملكي، ما ينفي ربطه بالقصة التوراتية. كما أن كتابة النص، باستخدام الكنعانية التي انشقت عنها العبرية، كان أسهل بكثير من استخدام الهيروغليفية المصرية أو المسمارية في العراق السائدتين آنذاك.

وأطلق باحثو التوراة مسمّى "مملكة إسرائيل الموحدة" على إسرائيل القديمة، للتمييز بينها وبين المملكتين المنفصلتين: يهوذا الجنوبية والسامرا الشمالية. بينما ينفي مؤرخون وعلماء آثار بينهم البروفيسور بجامعة تل أبيب "إسرائيل فينكلستاين" وجودها التاريخي، ويراها دعاية سياسية ودينية مبالغ بها.

وحتى اليوم، لم يتم الكشف عن أي مبنى ملكي أو شبيه به يعود إلى فترة الملكية المذكورة في النص التوراتي الذي يفترض أن تكون القدس عاصمة لمملكة غنية ومليئة بالقصور والمعابد والأبنية العائدة لتلك المملكة المزعومة.