icon
التغطية الحية

سكين مقابل كتيبة.. ما حقيقة اختطاف لاجئين سوريين سفينة تركية متجهة إلى أوروبا؟

2023.06.14 | 17:54 دمشق

سفينة الشحن التركية "غالطة سي ويز - Galata Seaways" (تلفزيون سوريا)
سفينة الشحن التركية "غالطة سي ويز - Galata Seaways" (تلفزيون سوريا)
إسطنبول - خالد حمزة
+A
حجم الخط
-A

اتهم وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو، مجموعة من اللاجئين السوريين والعراقيين باختطاف سفينة شحن تركية خلال إبحارها في عرض البحر المتوسط متجهة إلى أوروبا، وتحدثت التقارير عن أن المجموعة مكونة من 15 شخصاً بينهم اثنان يحملون سكينا.

ونشرت وزارة الدفاع الإيطالية تسجيلاً مصوراً، في 10 حزيران الجاري، يظهر طائرتي هليكوبتر تابعتين للجيش الإيطالي تحلقان فوق سفينة الشحن التركية "غالطة سي ويز - Galata Seaways" ويهبط منها جنود مسلحون بينهم قناصون، على ظهر السفينة ويلقون القبض على نحو 15 شخصاً ويبدو عليهم علامات الذعر والخوف وهم يرفعون أيديهم عاليا للتفتيش وبينهم سيدتان إحداهن حامل.

وقالت صحيفة "il messaggero" الإيطالية إن عناصر القوات الخاصة الإيطالية هبطوا على ظهر سفينة الشحن التي كانت تبحر من تركيا إلى فرنسا بعد أن تعرض الطاقم للتهديد من قبل الخاطفين قبالة سواحل نابولي، حيث أُنزل العناصر على السفينة من مروحيات بعد أن استخدم بعض المهاجرين الذين كانوا مختبئين على متنها سكاكين لتهديد الطاقم.

وأعلن الوزير كروسيتو أن عملية الإنزال انتهت "بشكل جيد" وأن الجنود ألقوا القبض على جميع الخاطفين موجهاً الشكر إلى العناصر المشاركين في العملية وهم "كتيبة سان ماركو" مع عناصر من الشرطة الإيطالية.

وكانت سفينة الشحن المصممة لنقل المركبات، ترفع العلم التركي وعلى متنها 22 من أفراد الطاقم، قد غادرت تركيا في 7 حزيران متجهة إلى "Sete" في جنوب فرنسا.

ويظهر في التسجيل الملتقط على ظهر السفينة عدد من طالبي اللجوء، جاثمين على الأرضية وعلى وجوههم علامات الخوف، في حين يتم تفتيشهم من قبل العناصر.

كما يلاحظ وجود عدد من الأشخاص لا يرتدون زيّ شرطة أو جيش ويصورون اللحظات الأولى للإنزال وإيقاف طالبي اللجوء رغم عدم انتهاء إجراءات التوقيف وتفتيش طالبي اللجوء المتهمين باختطاف السفينة بقوة السلاح.

واعتقلت السلطات الإيطالية اللاجئين وعددهم 15 واحتجزت السفينة التركية مع طاقمها كاملاً ونقلتهم إلى إيطاليا (نابولي) للتحقيق في ملابسات الحادثة.

وأبلغت الشرطة القضائية عن ثلاثة من بين 15 مهاجرا كانوا على متن السفينة بموضوع يتعلق بحيازة سلاح وتم حجز سكينين ومقص كان بحوزة اللاجئين.

وقال موقع "Formiche" الإيطالي إن الرجال الـ13 نقلوا إلى مركز الاستقبال، أما السيدتان، (واحدة منهم حامل)، فنقلن إلى المستشفى لإجراء فحوصات. 

من جانبه، أفاد قبطان السفينة للمحققين برؤيته اثنين من اللاجئين مسلحين بسكاكين يتجولون في منطقة "الماكينة" في السفينة حيث لم يتمكنوا من الدخول، مما دفعه لطلب المساعدة.

تشكيك في الرواية الرسمية

ولم تلق الرواية الرسمية قبولاً لدى بعض وسائل الإعلام الإيطالية التي شككت بقدرة لاجئين عزّل لا يحملون سوى سكينين صغيرين على احتجاز السفينة وطاقمها المكون من 22 شخصاً وخاصة أنه لم يحصل أي هجوم من قبلهم سوى أن القبطان اكتشف وجودهم على السفينة ولاحظ أن  اثنين حمل كل واحد منهما سكيناً، مما دفعه للإبلاغ وطلب المساعدة، يضاف إلى ذلك أن اللاجئين لم يبدؤوا بأي هجوم عدائي كما أن التسجيلات المصورة لم تظهر منهم  مقاومة في أثناء عملية التوقيف والتفتيش.

موقع "Fanpage" الإيطالي كشف عن تفاصيل التحقيق الذي أجرته السلطات مع اللاجئين ومع طاقم السفينة معنونة المقال بـ " الشكوك حول قضية السفينة التركية (التي اختطفها) مهاجرون في نابولي".

وقال الموقع إن التحقيقات مع اللاجئين والطاقم بدأت فور وصول السفينة إلى نابولي وتولت نائبة المدعي العام إنريكا باراسكاندولو. استجواب قائد السفينة التركية واللاجئين الخمسة عشر الذين كانوا على متنها في مديرية الأمن، لكن أقوالهم أظهرت  نسخة مختلفة تماما عن تلك التي أوردها وزير الدفاع الإيطالي.

وصرح قبطان السفينة في التحقيقات أنه رأى شخصين مسلحين بسكينين يتجولان بالقرب من منطقة محرك السفينة، من دون أن يكونا قادرين على الدخول.

ولم يكن هناك اعتداء على ما أعاد المحققون بناءه من القصة، فبعد رؤيتهم عاد الاثنان لينضموا إلى الآخرين المختبئين، وأطلق القبطان في هذه المرحلة جهاز طلب النجدة ليبلغ عن وجود مسلحين على متن السفينة.

خفنا من الإعادة إلى وطننا 

"عندما تم اكتشافنا، كان لدينا خوف من أن يوقفونا ويعيدونا إلى بلادنا".. قال بعض اللاجئين خلال اعترافاتهم في التحقيقات، موضحين سبب اختبائهم - بين الشاحنات والحاويات - عند وصول القوات المسلحة الإيطالية.

وحول حملهم للسكينين، قال اللاجئون: "كانت تستخدم للاختباء تحت أغطية الشاحنات، وليس لإيذاء أي شخص". حيث إن اللاجئين المتجهين إلى أوروبا وبعد وصولهم إلى البر يضطرون أحيانا لإكمال طريقهم إلى وجهتهم النهائية داخل شاحنات نقل البضائع فيمزقون الغطاء القماشي للدخول والاختباء بين البضائع.

موقع "Fanpage" أشار إلى أنّ الجرائم المزعومة والتهم الموجهة للاجئين على الأقل في الوقت الحالي، ليست محاولة خطف ولا أعمال عنف أخرى ولا اختطاف.

أما المدعي العام في نابولي فاستبعد في الوقت الحالي عملية الاختطاف وأنه تم الإبلاغ عن ثلاثة من أصل خمسة عشر شخصا لحملهم سلاحا ناريا لأنهم كانوا يحملون سكينا.

وبحسب التقارير، فإن الخمسة عشر شخصا (ثلاثة عشر رجلاً، منهم قاصران وامرأتان) تسعة  منهم عراقيون وأربعة سوريين وإيراني واحد، بينما لا يزال شخص واحد مجهول المنشأ، كما نقلت وسائل إعلام أن بينهم أفغانيين.

لكن وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو رد على التقارير المشككة بنشر تقرير تفصيلي لمجريات الحادثة من لحظة إرسال قبطان السفينة التركية نداء إلى تركيا وصولاً إلى لحظة القبض على المهاجرين. وقال كروسيتو: "تتعكر بعض الصحف، وتصف حقائق سفينة غالطة سيويز بالمخترعة".

وقال في تغريدة على تويتر: "بما أن وزارة الدفاع والوزير يتصرفان بمسؤولية ودقة، فمن الصواب إثبات صحة هذه التقارير (أو) عدم وجود أساس لها، لحماية نظام الدولة".

ونشر الوزير التقرير التفصيلي لعملية القبض على اللاجئين في السفينة وقبلها نداءات قبطان السفينة التركية وطلبه المساعدة.

فيما يلي تلخيص لما ورد في تقرير وزير الدفاع الإيطالي مع الترتيب الزمني للأحداث:

  • في 9 يونيو 2023 الساعة 11.04، أبلغ مركز تنسيق الإنقاذ البحري الإيطالي مركز العمليات متعدد المجالات التابع للبحرية بالطلب العاجل للمساعدة الذي أعلنه السيد أجاركان أوجكلي من الجنسية التركية قائد السفينة غالطة سي ويز، في المياه الدولية على بعد نحو 95 ميلا بحريا جنوب غرب نابولي والتي تبحر من ميناء توبكولار (تركيا) إلى ميناء سيتي..
  • في الساعة 14.01، أبلغ مركز تنسيق الإنقاذ البحري التركي (TRMRCC في أنقرة، تركيا)، في إشارة إلى طلب المساعدة العاجلة المعلن من قبل السفينة، مركز تنسيق الإنقاذ البحري التركي بأن القبطان وشركة الشحن قد طلبا عملية الصعود إلى الطائرة لتكون قادرة على إدارة الوضع على متن السفينة.
  • ونتيجة لذلك، صدر الأمر بالتدخل السريع إلى كتيبة سان ماركو (BMSM).
  • في الساعة 15.00، أقلعت طائرتا هليكوبتر من محطة الطائرات لمرسى غروتاجلي (TA) تحملان  الكتيبة، المكونة من 15 فردا، وقناصين وقائد فرقة واحد.
  • في الساعة 17.05، وصلت قوات إلى جانب السفينة التي كانت تبحر في المياه الدولية وأجرت اتصالات أولية معها عبر وظيفة راديو VHF لتأكيد الحاجة إلى إجراء تدخل على متن السفينة، وأكد قائد السفينة شفهياً على الحاجة إلى فحص السفينة لاستعادة الأمان على متنها، نظراً لوجود مهاجرين غير شرعيين، بحسب قوله، مسلحون بأسلحة حادة ويشكلون تهديداً.
  • في الساعة 17.15، تم وضع الكتيبة على السفينة في منطقة العمليات، بالقرب من السفينة كما وصلت أيضا زوارق دورية من هيئة الميناء - خفر السواحل لتقديم المساعدة في حال تطلب الأمر.
  • في الساعة 18.15، وضعت الكتيبة السفينة التجارية "في أمان"، وجمعت جميع أفراد الطاقم في المناطق الخاضعة للرقابة.
  • في الساعة 21.15، رست السفينة في ميناء نابولي، حيث صعد على متنها أيضا، بموافقة القبطان أفراد من شرطة الولاية.
  • في الساعة 00:55 يوم 10 حزيران 2023، تم التعرف إلى 15 مهاجرا غير شرعي على متن السفينة، وتم نقلهم لاحقا إلى الشاطئ.

عودة السفينة التركية

وكانت السلطات الإيطالية قررت احتجاز السفينة التركية في نابولي اعتبارا من وقت وصولها في 10 حزيران الجاري وحتى انتهاء التحقيقات بالحادثة.

ولم تعلن السلطات نتائج التحقيق النهائية ولم يعرف مصير اللاجئين وخاصة أولئك المتهمين بحمل سلاح من دون ترخيص.

في حين تشير بيانات تطبيق تتبع حركة السفن "MarineTraffic" إلى أن السفينة غالطة سي ويز تتحرك حالياً عائدة إلى تركيا بعد أن تحركت من ميناء SET الفرنسي في 12 حزيران الجاري، في مؤشر قد يدل على انتهاء الأزمة.

حركة السفينة "غالطة سي ويز - Galata Seaways"