icon
التغطية الحية

سجال حول الحواجز في سوريا: بين إتاوات الحماية وتأثيرها على الاقتصاد

2023.09.01 | 06:22 دمشق

حاجز عسكري لقوات النظام السوري
حاجز عسكري لقوات النظام السوري
تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

يتداول السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ يومين، أنباء عن قرب صدور قرار بإزالة حواجز النظام العسكرية المنتشرة في مختلف المدن السورية، وما قد يتبعه من انخفاض أسعار المنتجات الغذائية في سوريا نتيجة التوقف عن دفع الإتاوات على البضائع.

كيف بدأ الحديث عن إزالة الحواجز؟

بدأ الحديث عن صدور قرار بإزالة جميع الحواجز في مختلف مناطق سيطرة النظام السوري من منشور بحساب "يوميات قذيفة هاون في دمشق" المقرب من أجهزة أمن النظام السوري وجاء فيه ما يلي: "أنباء عن صدور قرار يقضي بإزالة كل الحواجز على الطرق الرئيسية في مختلف أرجاء سوريا".

مواقع إخبارية محلية أشارت أيضاً إلى منشور لرئيس تحرير صحيفة الوطن المقربة من النظام وضاح عبد ربه والذي أعلن فيه قرار إزالة الحواجز بشكل كامل، إلا أنّه حذف المنشور أو ربما أخفاه عن المتابعين لأسباب غير معروفة.

ولم تتطرق وسائل إعلام النظام إلى الخبر نفياً أو تأكيداً. وامتنعت صحيفة الوطن التي عادة ما تروج لإجراءات النظام وقرارته قبل صدورها على قنوات إعلام النظام الرسمية بساعات، إلى أي إشارة عن رفع الحواجز أو تقليصها. 

وفتح المنشوران (قذيفة هاون ورئيس تحرير الوطن) سجالاً واسعا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حول إمكانية سحب الحواجز المنتشرة في مناطق سيطرة النظام وخاصة في دمشق المحاطة بعشرات الحواجز يضاف إليها حواجز داخل العاصمة.

الحديث عن قرار إزالة الحواجز في سوريا، فتح الباب لربطه مع الواقع الاقتصادي المتردي في مناطق النظام وانخفاض الليرة السورية مقابل الدولار.

وقال الخبير والمستشار بالشؤون المصرفية عامر شهدا في منشور على فيسبوك إن قرار إزالة جميع الحواجز الموجودة على الطرق الرئيسية في مختلف أرجاء سوريا، سيخفض الأسعار بنسبة 50%.

ويشير شهدا بذلك إلى أن الحواجز تلك كانت تفرض إتاوات على حركة البضائع خلال نقلها ضمن المدن والذي يؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع.

وتسيطر حواجز النظام وخاصة تلك التابعة للفرقة الرابعة على حركة نقل البضائع في سوريا وتفرض الإتاوات على مرور شاحنات نقل البضائع تبعا لنوع المنتج والكمية وتصل بعض الإتاوات إلى مئات الألوف من الليرات السورية.

تصريحات شهدا لاقت صدى بين أوساط السوريين على مواقع التواصل، خاصة أن آراءه يتم الاستناد إليها في وسائل الإعلام المقربة من النظام، كما دفعت بالعديد من الأشخاص لمهاجمته لكشفه الفساد في قوات النظام والإشارة بشكل مباشر إلى الإتاوات الباهظة التي يتم تحصيلها من القوافل التجارية على الحواجز.

الصحفي في قناة الإخبارية التابعة للنظام حيدر مصطفى هاجم شهدا نافياً أن تفرض حواجز "الجيش" أي إتاوات على البضائع وموجهاً أصابع الاتهام للتجار وأن المسؤول الأول عن ارتفاع الأسعار هو قطاع الأعمال فالعاملون فيه همهم الوحيد هو الربح.

وقال إن مشكلة ارتفاع الأسعار يمكن أن تُحَمّل على عدد من الأسباب أهمها بحسب تعبيره فشل الإدارة الاقتصادية والحصار والعقوبات وأخيراً يمكن الحديث عما سماه "الإساءات وعدم الانضباط" رافضاً تحميل عناصر قوات النظام المسؤولية الكاملة عن "فساد وقلة أخلاق ومسؤولية بعض المنتفعين وتجار الأزمة من رجال أعمال ومسؤولين".

إزالة الحواجز تزيد عمليات التهريب

من جهته، قال رجل الأعمال المقرب من النظام عاطف طيفور إن من يربط ارتفاع الأسعار بالحواجز يهدف إلى تخوين "الجيش"، مدعياً أنّ هذا الربط يتم لتحصيل مكاسب شخصية وأهداف سياسية.

ويرى طيفور في منشور على فيسبوك أن إزالة الحواجز بالرغم من أنها مؤشر "لاستقرار سياسي إقليمي وتفاهمات دولية" لكنها سترفع من نسبة تهريب المواد والعملة والتداول غير القانوني. معتبراً بذلك الحواجز خطوط دفاع عن الاقتصاد ضد محاولات تقويضه

رمي الكرة على التجار

الهجوم الواسع على شهدا دفعه إلى حذف المنشور ومحاولة رمي الكرة على التجار والاقتصاديين قائلاً إن صالونات غرف التجارة والصناعة كانت تبرر ارتفاع الأسعار والتكاليف بوجود الحواجز.

وأكد أن الصحف المحلية واظبت على استخدام هذا التبرير مشيراً إلى مذكرات قديمة تقدمت بها غرف التجارة والصناعة للمطالبة بإزالة الحواجز، مما يدل على أنّ اتهام الحواجز بتحصيل الإتاوات جاء من رجال الاقتصاد.

كما أشار إلى أن الحديث عن الإتاوات نوقش سابقاً في مقابلة أجرتها المذيعة في تلفزيون الإخبارية السورية ربى الحجلي مع رجل الأعمال المقرّب من النظام "فارس الشهابي" عام 2021 وانتقد فيها الشهابي الوضع في مناطق سيطرة النظام بسوريا، متحدثاً عن فضائح وفساد مالي وعمليات نصب وسرقة، وجرائم سلب يرتكبها عناصر النظام على الحواجز العسكرية.

اللافت أن تلك المقابلة أدت حينئذ إلى مغادرة الحجلي أو "استبعادها" عن الإخبارية السورية بحسب بعض المعلقين حيث تعرضت المقابلة للقص والتعديل عند النشر.

إزالة حواجز في دمشق

وكانت قوات النظام السوري أزالت عددا من الحواجز داخل العاصمة، في نيسان الماضي، بينها حاجز جسر الرئيس بالقرب من جامعة دمشق وآخر بالقرب من ساحة الأمويين وحاجز على طريق بيروت بالقرب من فندق الداما روز (الشيراتون سابقاً) إضافة إلى حاجز في باب مصلى عند الأمن الجنائي.

ووقتئذ، رُبطت عملية إزالة الحواجز بالتطبيع العربي مع النظام السوري إذ سلطت صحيفة الشرق الأوسط السعودية الضوء على رفع الحواجز في مقال، حمل عنوان "إزالة حواجز أمنية من مناطق حيوية في دمشق.. ساحة الأمويين تتنفس الصعداء في انتظار عودة العلاقات العربية".

وفي المقال، جرى الحديث عن تفاؤل في الشارع السوري، مع اعتقاد بأن إزالة الحواجز تلك تعني تخفيف القبضة الأمنية وتسهيل حركة المرور في أهم شوارع العاصمة والتي كانت تشهد حالة من الاكتظاظ المروري طوال السنوات الماضية من جراء عمليات التفتيش الأمني.

إلا أنّ الحواجز الأخرى الكثيرة في العاصمة دمشق ظلت مستمرة في عملها بالشكل المعتاد ولم يتم إزالة أي حواجز جديدة.

وخلال السنوات العشر الماضية، كانت الحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري، وبخاصة حواجز الفرقة الرابعة تفرض ضرائب ورسوما غير مبررة على سيارات نقل البضائع وبعض وسائل النقل وخاصة المتجهة إلى لبنان، وذلك تحت ذريعة التحصيل المالي والإتاوات. وعادة ما يضطر المواطنون إلى الدفع خوفاً من المضايقات أو الاعتقال في حال الامتناع عن الدفع.