icon
التغطية الحية

سجاد أحمر ملطخ بالدم.. عودة بشار الأسد للساحة الدولية عبر الجامعة العربية

2023.05.25 | 15:04 دمشق

آخر تحديث: 25.05.2023 | 17:20 دمشق

قمة جدة
بشار الأسد في جدة لحضور القمة العربية ـ رويترز
Fox News - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ظهر بشار الأسد في القمة العربية بالسعودية يوم الجمعة لأول مرة منذ أكثر من عقد على طرده عام 2011 من الجامعة العربية بسبب قمع نظامه الوحشي للمظاهرات السلمية المطالبة بالديمقراطية مع توسع موجة الربيع العربي.

أتت عودة الأسد للحضن العربي ضمن الجهود التي رأستها السعودية والإمارات والتي سعت لإعادة دمج سوريا لصالح عدة دول في المنطقة.

التطبيع مع النظام.. رسائل أميركية مشوشة

غير أن إدارة بايدن ومسؤولي البيت الأبيض شجبوا هذه الخطوة، وتوعدوا بمواصلة سياسة عزل سوريا ومحاسبة الأسد على مقتل الآلاف من السوريين في الحرب التي امتدت لأكثر من عقد من الزمان.

يقول أحد الخبراء بالشأن السوري إن إدارة بايدن أرسلت رسائل مشوشة بخصوص سياستها مع سوريا خلال السنوات الماضية، إذ نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول رفيع لدى إدارة بايدن في تشرين الأول من عام 2021 بأن الإدارة الأميركية لن تدعم الأردن في بدء عملية التطبيع بعدما أجرى الملك عبد الله الثاني مكالمة هاتفية مع الأسد، بيد أن المسؤول ذاته ذكر بأن الإدارة الأميركية لن تعمل جدياً على منع أي دولة من التعامل مع الأسد، باستثناء إن كان القانون يفرض عليها فعل ذلك.

في حين ذكر تشارلز ليستر، وهو عضو رفيع لدى معهد الشرق الأوسط، بأن البيت الأبيض أعطى الدول الإقليمية ضوءاً أصفر في مواصلتها لمحادثات التطبيع مع دمشق، في الوقت الذي اتخذت فيه وزارة الخارجية الأميركية موقفاً مختلفاً علناً، وشرح ذلك بقوله: "بقيت وزارة الخارجية على معارضتها للتطبيع ودعمها للعزلة وللعقوبات وللإجراءات العقابية وغيرها، ولكن عندما تكون لديك حكومة، خاصة إن كانت أقوى حكومة في العالم، وترسل رسائل مشوشة، فليس من الغريب أن ينجم عن ذلك سياسة متناقضة لا فائدة ترجى منها على الإطلاق، والتي أوصلتنا في نهاية الأمر إلى ما نحن عليه اليوم، أي محاولة بعض دول المنطقة العودة للتعامل مع النظام، ولكن للأسف عند القيام بذلك، فإننا نصيب نفوذنا برمته في مقتل، هذا ما أراه من منظور أميركي، وبوصفي أميركياً.. لأنه إن كان علينا أن نختار ما بين محاولة دفع الدبلوماسية الخاصة بسوريا، فإن ذلك سينهي نفوذنا لأن بشار الأسد صار يعرف اليوم بأنه أجبر دول المنطقة على الرضوخ له، ولهذا، إن كان على الولايات المتحدة أن تتدخل فإنها ستقول: "حسناً، حان الوقت للتعامل مع الأزمة السورية، دعونا نطلق عملية دبلوماسية كبرى"، عندها سنكتشف بأن المنطقة قد تراجعت خمس خطوات عن هذا المسار، ومنحت النظام نفوذاً كبيراً في تلك العملية يفوق ما كان عليه في السابق".

التطبيع صفعة على وجه السوريين

أتى الإجماع العربي على عودة ديكتاتور سوريا للجامعة العربية كصفعة على وجه السوريين الذين نزحوا من بيوتهم قسراً بسبب القصف بالبراميل المتفجرة الذي نفذته قوات النظام فضلاً عن القصف الجوي الروسي.

ولهذا أجبر أكثر من 14 مليون سوري على النزوح من بيوتهم، وتحول سبعة ملايين منهم إلى نازحين في الداخل.

وحول ذلك يحدثنا خالد الصالح وهو سوري مقيم في محافظة إدلب، فيقول: "نرفض التطبيع مع نظام الأسد، ولا يمكننا أن نصالحه ويبقى رئيساً لنا، فلقد هجر النظام الإرهابي المجرم ملايين العائلات السورية إلى دول مختلفة في بقاع العالم، واعتقل الآلاف في السجون دون أن نعرف مصيرهم".

هجر الصالح وأسرته من بيته في معرة النعمان عام 2019 بسبب القصف المتواصل، وظلوا نازحين طوال سنين عديدة قبل أن ينتقلوا إلى شقة قريبة من الحدود السورية-التركية.

بيد أنه يخبرنا بأنه على الرغم من الجوع والنزوح الذي عاشته أسرته، فإنهم يفضلون مواصلة المعاناة على مصالحة النظام، وهذا ما دفعه للقول: "بشار الأسد مجرم حرب وقاتل أطفال وأكبر إرهابي، وزعيم عصابات المخدرات، نحن شعبه ونعرفه جيداً".

عودة مشروطة!

لكن الدول العربية تصف هذه الموجة التي رأستها السعودية والتي تسعى للعودة للتعامل مع النظام السوري بالمشروطة.

وهذا ما دفع ليستر ليقول: إن دول المنطقة مثل الأردن والإمارات ميالة للتطبيع في سعيها لدفع النظام لحل المشكلات التي تضررت منها تلك البلاد، ومنها إنهاء عمليات الاتجار بالمخدرات، وتسهيل عودة اللاجئين إلى سوريا، ومحاربة الفساد والتطرف والإرهاب داخل سوريا.

يخبرنا ليستر بأنه على الرغم من ظهور المحادثات على شكل مقايضات، هنالك آليات تم وضعها لضمان التزام سوريا، حيث يقول: "لم يتطرق أي بيان رسمي أو خطي أو عام على لسان أي مسؤول لذكر آلية فرض واحدة، ولهذا من المستحيل معرفة إن كان النظام يخرق تلك الشروط أو يقبل بها، وأعتقد أن ذلك يطلعنا على كل ما يجب أن نعرفه، أي أن هذا ليس بتطبيع مشروط، وهو ليس بتطبيع بهدف التطبيع وحسب".

وأضاف بأن لسوريا تاريخاً طويلاً في اجتراح مشكلات ثم التحكم بحجم تلك المشكلات بهدف التهديد أو لاستخدامها كأداة للإكراه في وجه دول المنطقة.

الكبتاغون.. أداة للإكراه

ولعل تجارة الكبتاغون أهم أداة للإكراه بيد النظام، إذ يخبرنا أحد من شاركوا في تلك العمليات على أرفع المستويات بأن كلفة إنتاج حبة واحدة من الكبتاغون تعادل سنتاً واحداً، ويمكن أن يصل سعر الحبة إلى 15 دولاراً في الخليج، ما يعني بأنها تجارة مربحة جداً بالنسبة للنظام، ويخبرنا ليستر بأن دول الجوار صادرت خلال الأسابيع القليلة الماضية كميات من الكبتاغون صنعت في سوريا وصلت قيمتها تقريباً إلى مليار دولار أميركي.

ويتابع ليستر بالقول: "من عادة سوريا أن تفتح صنبور تدفق الكبتاغون عندما تريد أن تزيد الضغط ومن ثم تغلق الصنبور عندما تريد أن تظهر نفسها بمظهر من يسدي معروفاً، وأعتقد أننا سنشهد شيئاً من هذا القبيل، كما أرى بأن النظام السوري أدرك بأن أهم طريقة لفرض سيطرته على السعودية حصراً تتمثل بتجارة المخدرات، ولهذا أتوقع أن يسهم ذلك في تسريب معلومات أو بيانات استخبارية حول مصدر ووجهة بعض الشحنات على الحدود الجنوبية للحكومة السعودية أو الأردنية، أو معلومات تتصل بشخصيات معينة متورطة بتجارة المخدرات لكنها تحاول أن تبدي استعدادها لتقديم خدماتها ولإيقاف الصنبور من جديد وذلك حتى تعطي إيحاء للسعودية وأمثالها بأن النظام السوري مستعد للعب لعبة كر وفر".

لا تطبيع بلا عواقب

قدّمت ثلة من النواب الأميركيين من كلا الحزبين، برئاسة جو ويلسون، مشروع قانون يهدف إلى منع أي وزارة أو وكالة أميركية من الاعتراف بنظام الأسد أو تطبيع العلاقات معه، إذ سيعمل قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد لعام 2023 على تشديد العقوبات الاقتصادية على من تورطوا في سرقة المساعدات الإنسانية المخصصة للشعب السوري وعلى كل من تورط في سرقة ممتلكات السوريين لأسباب سياسية أو لتحقيق مكاسب شخصية".

وفي تصريح له، أكد ويلسون بأن التطبيع مع الأسد سيترتب عليه عواقب، وقال: "إننا نقدر شركاءنا وحلفاءنا في الخليج وفي العالم العربي، لكن ينبغي على الجامعة العربية أن تنتبه لأن التطبيع مع الأسد الذي قتل الناس بشكل جماعي لا يمثل الطريق الصحيح للمضي قدماً، ويبين مشروع القانون هذا بأن تصرفات كهذه لابد أن تقابلها عواقب".

المصدر: Fox News