icon
التغطية الحية

روسيا تعمل على إعادة التوازن أمام تركيا في الملف السوري

2022.06.16 | 11:52 دمشق

ryf_mnbj_2018.jpg
آليات عسكرية تركية في ريف منبج 2018 ـ رويترز
إسطنبول ـ فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

وجه مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف رسائل للجانب التركي من العاصمة الكازاخستانية نور سلطان خلال المشاركة في الجولة 18 من مباحثات أستانا التي انعقدت في 15 من حزيران الجاري، أكد فيها أن بلاده "لن تغض الطرف عن العملية العسكرية التركية شمالي سوريا، مقابل موقف أنقرة من انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي".

واستبق المتحدث باسم الكرملين انعقاد الجولة الجديدة من مباحثات أستانا بالتأكيد على أن" العملية العسكرية التركية في سوريا لن تساعد على تحقيق الاستقرار".

رسائل عسكرية روسية قبيل انعقاد المباحثات

في 10 من حزيران الجاري أطلقت قوات النظام السوري جنوب إدلب مناورات عسكرية بالذخيرة الحية، تحت إشراف كل من وزير الدفاع في النظام السوري العماد علي محمود عباس وقائد الفرقة 25 المدعوم من روسيا سهيل الحسن، إلى جانب جنرالات في الجيش الروسي حضروا التدريبات.

وأكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن الجيش الروسي نشر 8 طائرات مروحية هجومية في مطار أبو الضهور العسكري شرق إدلب، بعد أن شاركت بالتدريبات العسكرية.

وتظهر هذه الخطوات رغبة روسية بإعادة توجيه الأنظار إلى إدلب مجدداً، والتذكير بأن هذا الملف لا يزال عالقاً وخلافياً بين الأطراف الفاعلة في الملف السوري.

وأفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن الوفد الروسي أعاد التذكير خلال الجولة 18 من مباحثات أستانا بمسألة انتشار "الفصائل المتطرفة" في إدلب، وضرورة إيفاء الدول الضامنة بالتزاماتها.

التصريحات الروسية والترتيبات العسكرية تعكس توجهاً روسياً لإعادة التوازن إلى موقفها أمام الجانب التركي في سوريا، عن طريق الفصل بين الملفات وعزل الملف السوري عن الواقع السياسي الذي فرضته الحرب الأوكرانية، والتي أتاحت لأنقرة هامش مناورة جيد في مواجهة روسيا، إذ إن موسكو تعمل حالياً على ضبط المباحثات مع تركيا على أسسها الأصلية، التي قامت على التزامات متبادلة بين روسيا وتركيا، تتضمن إبعاد العناصر "الإرهابية" من على الحدود التركية بعمق 32 كيلومتراً، مقابل تقويض سيطرة "التنظيمات الإرهابية" في إدلب وضمان إنشاء ممرات آمنة على جانبي طريق M4.

روسيا تستعيد زخم التنسيق مع إيران في سوريا

أكد كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر حاجي أن هناك رؤى مشتركة مع روسيا، وستنعكس في البيان الختامي لجولة أستانا الجديدة.

ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن "أصغر حاجي" تأكيده على تقارب وجهات النظر مع روسيا، وأن الاجتماعات بين وفدي البلدين في العاصمة الكازاخستانية كانت "ممتازة".

التصريحات الإيرانية تظهر رضا طهران عن الهامش الميداني والسياسي الكبير الذي أتاحته روسيا لإيران في الملف السوري مؤخراً، فقد عادت الميليشيات الإيرانية للنشاط في البادية السورية الغنية بالثروات الباطنية، وعلى الحدود الإسرائيلية دون قيود اعتباراً من آذار 2022.

وعزز تشكيلا الفرقة الرابعة وفوج قاسم سليماني المدعومان من إيران مواقعهما شمال غربي سوريا على مقربة من الحدود التركية في أيار 2022 تحت غطاء جوي روسي.

وحرصت موسكو منذ عام 2019 على خوض مباحثات ثنائية مع الجانب التركي بخصوص الملف السوري، مع شبه تحييد لإيران، وهذا انعكس على أهمية مسار أستانا الذي تحول إلى لقاءات روتينية بشكل تدريجي آخر عامين، لكن يبدو أن روسيا حرصت على إعطاء زخم جديد للجولة 18 من مباحثات أستانا، بهدف تعزيز موقفها في مواجهة تركيا بالتقارب مع إيران، خاصة وأن موسكو لم تعد ترى أنها مضطرة للوفاء بالتزاماتها تجاه الأطراف الدولية بما يخص ضبط النفوذ الإيراني في سوريا، في ظل ما تتعرض له روسيا من ضغوطات غربية جراء الحرب الأكرانية، وأيضاً عدم رغبتها في تيسير التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين طهران والدول الكبرى على اعتبار أنه لم يعد يخدم مصالحها، وسيتيح لإيران أن تقدم نفسها كمصدر بديل للدول الغربية لتوفير النفط والغاز.

ومن الواضح أن روسيا لا ترغب بإحداث أي تغييرات على أصل تفاهماتها مع تركيا في الملف السوري، وتريد الحفاظ على ربط ملف إدلب بشمالي وشمال شرقي سوريا، بهدف منع تركيا من تحقيق المزيد من المكاسب في الملف السوري بالاستفادة من الظروف الدولية وحاجة روسيا إلى تركيا في ظل الضغوطات والعقوبات الغربية، ويبدو أن ما شجع موسكو على هذا النهج المتمثل بإعادة ضبط التوازنات في الملف السوري إدراكها لحجم التوتر بين تركيا وأميركا، حيث لا تزال الأخيرة تبدي الاعتراض الشديد على العمليات العسكرية التركية ضد قسد، بالإضافة إلى الموقف الأميركي الداعم لليونان بما يخص الخلاف مع تركيا حول الجزر المتنازع عليها، والتسريبات التي تتحدث عن توجه واشنطن لزيادة عدد قواعدها في اليونان إلى 11 قاعدة، يضاف إلى هذا كله عدم موافقة الكونغرس حتى هذه اللحظة على صفقة الطائرات التي ترغب تركيا بعقدها.

وكانت تركيا قد نجحت منذ منتصف أيار الماضي بتصعيد الضغط على روسيا، من خلال التركيز على عدم وفاء موسكو بالتزاماتها المتعلقة بإبعاد عناصر حزب العمال الكردستاني وتنظيم قسد عن الحدود التركية، والمطالبة بإتاحة المجال أمام العمليات العسكرية بسبب فشل تنفيذ تفاهم سوتشي الموقع في تشرين الأول 2019.