icon
التغطية الحية

عملية عسكرية تركية مرتقبة شمال سوريا.. مساومة سياسية أم تنفيذ للمنطقة الآمنة؟

2022.05.24 | 09:29 دمشق

combined_joint_u.s._turkey_patrols.jpg
الجيش التركي في سوريا (الأناضول)
تلفزيون سوريا - عدنان الحسين
+A
حجم الخط
-A

تتزايد يوماً بعد يوم بوادر شن الجيش التركي عملية عسكرية واسعة شمال شرقي سوريا وخاصة بعد التصريح الرسمي للرئيس رجب طيب أردوغان بنية أنقرة اتخاذ خطوات تتعلق بإنشاء منطقة آمنة على طول حدود بلاده الجنوبية بعمق 30 كيلومتراً مع سوريا و"القضاء على مصادر الهجمات والتهديدات الإرهابية" حسب وصفه.

ويرى محللون سياسيون وباحثون أن التحركات التركية السياسية أو ربما العسكرية في سوريا تأتي في ظل انعكاسات للتوتر المستمر بين واشنطن وموسكو على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، بينما يرى آخرون أن الأمر أكثر تعقيداً ويعود لديناميكيات مختلفة وجديدة خلقتها الحرب الروسية على أوكرانيا.

هل ستكون عملية عسكرية جديدة لتركيا؟

وتؤكد سيبيل دوندار الباحثة المساعدة في وحدة الدراسات الأمنية بمركز "الشرق الأوسط للدراسات" أن الحرب الروسية الأوكرانية زادت من أهمية ومكانة تركيا في حلف الناتو ومن خلال المخاوف الأمنية لأنقرة قد تتخذ الأخيرة خطوات رغم الضغوط المحتملة في منطقة توجد فيها كل من موسكو وواشنطن.

وتقول دوندار في تصريح لموقع "تلفزيون سوريا" إنه من خلال بحثنا في مواقف السويد وفنلندا تجاه حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب فإننا نعتقد أن هناك بعض الخطوات التي تتوقعها تركيا من هذه الدول ولكن ليس من الضروري أن يكون هذا الوضع هو القوة الدافعة الرئيسية في عملية عسكرية شمال شرقي سوريا.

ومن المتوقع أن تشن تركيا عملية عسكرية تستهدف عدة مواقع ذات أولوية كبيرة وتنطلق منها هجمات تسببت خلال الأشهر الماضية بمقتل وإصابة العديد من جنود الجيش التركي.

ولعل من أبرز تلك المناطق مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي ومدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي ومدينة تل تمر بريف الحسكة وبدرجة ثانية مدينة منبج ذات الأهمية الاقتصادية وبلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي.

وزادت خلال الأيام الماضية حركة الأرتال العسكرية وتحركات الطائرات المسيرة والقصف المتبادل خاصة بعد استهداف مخفر تركي داخل الأراضي التركية في منطقة قرقميش المحاذية لمدينة جرابلس وإصابة عدد من الجنود الأتراك.

عملية لها حساسية خاصة

ويقول كبير مراسلي وكالة الأناضول للشأن السوري ومرافق للجيش التركي في عمليات سابقة محمد مستو إن العملية العسكرية ستكون على الحدود التركية السورية  عدا مدينة القامشلي لأن لها حساسية خاصة، بينما ستشمل مدينة عين العرب (كوباني) ومدينة تل تمر وتل رفعت ومناطق في منبج.

وأردف في حديثه مع موقع "تلفزيون سوريا" أن "هذه العملية أمنية بحتة أكثر منها عملية طرد للتنظيمات الإرهابية وإنما لحماية المنطقة الآمنة وتأمين حدودها بشكل كامل مع اتباع أنقرة سياسة جديدة بما يسمى العودة الطوعية للاجئين".

وأضاف أن "الأشهر الماضية شهدت نقل الجيش التركي وحدات عسكرية كبيرة إلى مناطق نبع السلام ودرع الفرات وهي وحدات قتالية شاركت بعمليات سابقة كما نُفذت عمليات استخباراتية واسعة بمناطق سيطرة تنظيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وتحديد مواقع حساسة وحيوية لاستهدافها لاحقاً مع بدء العمليات.

ويؤكد مستو أن الإعلان عن بدء عملية عسكرية قريباً في هذا الوقت رغم إمكانية حدوثه إلا أنه يأتي من باب المساومة السياسية في محاولة لنيل أكبر قدر من المكاسب السياسية وربما العسكرية لاحقاً؛ فتركيا لم تشن عمليات عسكرية في سوريا من قبل إلا بموافقة أميركا أو روسيا أو كليهما.

الضربات بدأت منذ أشهر

من جانبه قال مصدر تركي رفض الكشف عن اسمه لموقع "تلفزيون سوريا" إن "العمليات ضد حزب العمال الكردستاني وجناحه السوري (وحدات حماية الشعب) بدأت منذ أشهر عبر تصفية قادته في سوريا سواء بضربات عبر طائرات مسيرة وتفجيرات أو عمليات اغتيال حيث تم على الأقل اغتيال 5 قادة بارزين من حزب العمال من رجالات قنديل كما يطلق عليهم في عين العرب وفي القامشلي والرقة وكل هذا باتفاق تركي أميركي".

ويضيف أن "الهجمات ضد الجيش التركي بدون رادع وسقوط قتلى وجرحى من القوات التركية خلال الفترة الماضية كان دافعاً لشن عملية عسكرية حتى ما قبل حسابات الحرب الروسية الأوكرانية لكن هذه الحرب مهدت لتركيا لنيل مكاسب دون الخوض في غمار التنازلات".

ومن وجهة نظر عسكرية فإن "تركيا تملك من الإمكانيات والقدرات العسكرية الكبيرة التي تمكنها من القيام بعمليات واسعة على طول الحدود السورية بعمق 30 كيلومتراً إن كان ذلك في منطقة منبج أو في شرقي الفرات ووصل مناطق نفوذها أي بعد ضم منطقة عين العرب" وفقاً للمحلل العسكري العقيد فايز الأسمر.

ويؤكد الأسمر في تصريحات لـ"تلفزيون سوريا" أن "القوات التركية سيطرت على عفرين وتل أبيض ورأس العين سابقاً خلال فترات زمنية لافتة، ولكن يجب أن لا ننسى أن شرقي الفرات لا يقتصر على وجود وقتال ميليشيات قسد فالمنطقة مزدحمة بأصحاب النفوذ من نظام الأسد والروس والأميركان، ولذلك يحتاج الأمر إلى الحسابات التكتيكية المعقدة".

الفصائل السورية رأس حربة

ويضيف الأسمر أن "فصائل الجيش الوطني ستكون رأس حربة في أي عمليات قادمة وخاصة أن هناك بعض الفصائل أرسلت مقاتلين خلال الفترة السابقة لداخل تركيا لرفع سويتهم القتالية وتدريبهم على أيدي قوات الكوماندوز الخاصة التركية وأن العملية العسكرية سيسبقها بطبيعة الحال تشتيت لقواعد ميليشيات قسد الدفاعية حتى السيطرة على المراكز ووصل بعضها ببعض.

وتأتي تصريحات الرئيس التركي بتنفيذ عملية عسكرية في ظل مشاورات مستمرة بين فنلندا والسويد من جهة وتركيا من جهة أخرى وبقية أعضاء حلف الناتو الذي تقدمت كل من هلسنكي وستوكهولم بطلبات رسمية للانضمام له وسط معارضة تركية واضحة ومحاولة للاستفادة من رفع الدعم الذي يتلقاه حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية من بعض الدول الأوروبية وتحديداً السويد وفنلندا.

وتأتي معارضة أنقرة لانضمام السويد وفنلندا وفقاً للرئيس التركي  نتيجة سياسة تلك الدول بتقديم الدعم للجماعات الإرهابية وأن الشروط التي وضعتها تركيا لن تتنازل عنها ما لم تنفذها كل من الدولتين.

وتبدو انعكاسات العملية الروسية في أوكرانيا وتأثيرها على دول أوروبا ومحاولة انضمام دول جديدة للحلف مخافة توسيع روسيا لعملياتها العسكرية في العمق الأوروبي ألقت بظلالها على الوضع السوري وجلبت لتركيا ما كانت تطمح إليه منذ سنوات من تنفيذ منطقة آمنة بدعم من الناتو أو الاتحاد الأوروبي وكذلك التخلص من أزماتها السياسية الداخلية ومشكلة اللاجئين المتنامية في البلاد والتي تستغلها المعارضة بشكل كبير ما قبل الانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2023.