icon
التغطية الحية

ذراع إعلامية جديدة لهيئة تحرير الشام في إدلب

2021.07.16 | 04:50 دمشق

hyyt-thryr-alsham.jpg
تلفزيون سوريا - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تواصل "هيئة تحرير الشام" تطوير أدواتها ووسائلها للتعبير بشكل أفضل عن وجهها الجديد، وتعمل على خلق جيش من الموالين العاملين في مؤسساتها المدنية الناشئة بكثافة هذه الأيام، وهو خيارها الاستراتيجي للمرحلة المقبلة كما يبدو، والذي من المفترض أن يستوعب الأعداد الكبيرة من المتبنين لمشروعها الإسلامي الذي تروج له وتعمل على أن يسود في مناطق سيطرتها في إدلب ومحيطها، وربما في كامل مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، ويبدو أن جيشها المفترض وتركيزها على بناء المؤسسات الخاصة والعامة والهيمنة من خلالها على الإدارة المدنية قد يكون بديلها الاضطراري إذا خسرت مضطرة زعامة الإدارة العسكرية لصالح تشكيلات معارضة مقبولة داخلياً وخارجياً.

التحكم بالإعلام

حرصت الهيئة منذ تأسيسها لحكومة الإنقاذ التابعة لها في إدلب أواخر العام 2017 على توسعة هيمنتها على مختلف القطاعات الحيوية في إدلب ومحيطها، وخلال فترة قياسية باتت تتحكم في المعابر الداخلية والخارجية، من أهمها معبر باب الهوى الحدودي، وعن طريقه احتكرت كامل الحركة التجارية (الاستيراد والتصدير) ما مكنها من التحكم في الأسواق الداخلية عبر واجهة واسعة من الشركات التجارية والشخصيات المقربة منها.

لاحقاً باتت قطاعات الزراعة والصناعة والبناء والمقاولات والصرافة والحوالات المالية والمخابز والمطاحن والمحروقات والنقل وغيرها من القطاعات، جميعها في قبضتها.

وفي مرحلة متأخرة بدأت التمهيد للتحكم بالواقع الإعلامي في مناطق سيطرتها بعد أن أعلنت عن تأسيس المديرية العامة للإعلام بداية العام 2019 لتصدر لاحقاً ما يسمى بقانون الإعلام الذي من المفترض أن يضبط ويتحكم بالعمل الصحفي في مناطق سيطرتها، والذي صدر مطلع العام 2021.

 

تدريبات على تقديم البرامج.jpg

 

مصادر إعلامية متطابقة في إدلب قالت لـ موقع تلفزيون سوريا إن "تحرير الشام نجحت فعلياً في التحكم بالواقع الإعلامي في مناطق سيطرتها، الأمر الذي مكنها من ضبط الأنشطة الصحفية التي قد تضر بسياساتها وتحولاتها البراغماتية، وصورتها التي لطالما جهدت في الترويج لها محلياً وخارجياً، واعتمدت في كثير من الأحيان على إرهاب الناشطين والإعلاميين واعتقالهم في حال خالفوا المحددات المكتوبة في قانون الإعلام، والحدود الشفهية التي يجب ألا يتم تجاوزها".

شركة Creative Inception

حتى وقت قريب كانت "شبكة إباء الإخبارية" ذراع تحرير الشام الإعلامية الرسمية والتي رافقتها في معظم محطاتها ومعاركها مع قوات النظام والفصائل والتنظيمات السلفية المناهضة لها، وصولاً إلى مرحلة التحولات البراغماتية والتي كانت متسارعة بشكل كبير خلال العام الماضي، لكن نشاط الشبكة بدأ ينخفض مع بداية العام 2021، ولم تعد الشبكة تنقل التصريحات الرسمية ولا ترافق جولات زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني التي كانت كثيرة خلال الأشهر الستة الماضية.

تزامن أفول نجم "إباء" بداية العام مع صعود نجم شركة Creative Inception الإعلامية، والتي يزعم القائمون عليها بأنها شركة خاصة، وورد في النص التعريفي المعلن أنها "شركة إنتاج إعلامي تأسست في الداخل السوري المحرر، تختص في صناعة البرامج التلفزيونية والأفلام والمسلسلات وفي مجال التسويق والدعاية الإعلانية، وتتيح الفرصة للشباب لكشف إبداعاته وتنمية مهاراته، وتسعى لتكون الرائدة في مجالها عبر فريق عمل متميز من الإعلاميين وأصحاب الاختصاصات".

تأسست الشركة بداية العام 2021، ويقع مقرها المركزي في مدينة سرمدا شمالي إدلب ولها مكاتب في مناطق إدلب وفي مناطق سيطرة "الجيش الوطني" في ريف حلب، وتصاعد ظهورها بشكل كبير أخيراً بعد أن أعلنت في 9 تموز/يوليو عن لقاء جمع مسؤولين في مكتب العلاقات العامة التابع لها مع وفد صحفي من صحيفة "واشنطن بوست" الأميركي، وأكدت الشركة في فيس بوك أن "اللقاء حصل في مقر الشركة الرئيسي الكائن بمدينة سرمدا، حيث تبادل الطرفان عدة أفكار وآراء حول الإنتاج الإعلامي والصحافة، وأبدت الشركة استعدادها لتقديم خدماتها الإعلامية للوفد الضيف" مؤكدة أن لها "عدة نشاطات في محافظة إدلب ومنطقتي عفرين واعزاز وريف حلب الشمالي الشرقي، وتسعى إلى أن تكون الرائدة في الشمال المحرر عبر كادر محترف مبدع".

 

وفد من صحيفة واشنطن بوست في سرمدا.jpg
وفد من صحيفة واشنطن بوست في سرمدا

 

يبدو أن دعم الشركة كبير فعلاً، ولديها من التمويل ما يكفي لتشغيل أعداد كبيرة من المختصين في الدعاية والإعلان والعمل الإعلامي والتقني، هذا ما بدا على الأقل من خلال كثافة شواغر التوظيف التي أعلنت عنها بشكل متكرر خلال الشهرين الماضيين، تنتج الشركة عدة برامج وتدعم عدداً من المنصات، من أهمها بودكاست سوريا، وبرنامج كوميدي باسم فاصل منشط، وبرنامج سياسي باسم سوريا ماذا قالوا، وبرامج اجتماعية وثقافية أخرى كالعود وقشره وحارتنا ديئة وثورة قلم، وتقيم الشركة المسابقات وتقدم برامج تدريبية وتعد بتبني مشاريع وبرامج إعلامية، كما أنتجت الشركة بالشراكة مع قناة حلب اليوم أنشودة "قولوها للعالم أجمع" التي أداها الدكتور عبد المنعم زين الدين.

الوجه الجديد للهيئة؟

تواصل موقع "تلفزيون سوريا" مع أحد المسؤولين في مكتب العلاقات العامة التابع لشركة Creative Inception، وتم توجيه مجموعة من الأسئلة إلى المسؤول، من أهمها، ما تفاصيل الصفقة أو التعهد الإعلاني الذي حصلت عليه الشركة من حكومة الإنقاذ؟، ومتى تأسست الشركة وأين يقع مقرها وأين تنتشر مكاتبها، وكم عدد العاملين فيها أو المتعاقدين معها، وما قطاعات العمل الصحفي والإعلامي والإعلاني التي تعنى بها الشركة، وما مشاريعها الحالية والمستقبلية، وما مدى صحة الحديث عن تبعية الشركة لتحرير الشام أو حكومة الإنقاذ، وماذا تضمن الاجتماع مع صحفيي واشنطن بوست؟

اكتفى المسؤول في مكتب العلاقة الإعلامية التابع للشركة بنفي تبعية الشركة لأي جهة، وأكد أنها "شركة تجارية خاصة تأسست بمال خاص لا تنتمي لأي حزب أو فصيل أو تيار أو حكومة وتعمل تحت قبة الثورة السورية"، ولم يجب عن باقي الأسئلة التي وجهت إليه.

 

تمويل برامج.jpg

حصلت الشركة في 7 تموز على مناقصة من وزارة الإدارة المحلية والخدمات التابعة لـ "حكومة الإنقاذ"، والصفقة تتيح للشركة بتعهد الإعلانات الطرقية وتنظيمها وبموجب الاتفاق تعتبر الشركة الجهة الوحيدة المخولة بتعليق وتنظيم اللافتات في عموم مناطق سيطرة الهيئة في إدلب ومحيطها.

 

صفقة الانقاذ مع الشركة.jpg

 

ذكر المنشق السابق عن تحرير الشام، أبو يحيى الشامي في موقع تلغرام أن "شركة الدعاية والإعلان تتبع للإعلام المركزي في الهيئة بشكل مباشر، وقد تم تأسيسها منذ سنة تقريبا بناء على خطة وضعتها مركزية الإعلام للتغلغل في الوسط الشعبي عن طريق استقطاب الإعلاميين من شبابنا في المحرر، كالعادة تذكرنا أفعالهم بأفعال النظام المجرم حيث إنهم يسعون للسيطرة على رؤوس الأعمال في المحرر وخداع الشعب الثائر للسيطرة عليه فكريا واقتصاديا، وللمعلومة فمزاداتهم خفية مثلها مثل محاكماتهم مثل باقي أفعالهم الشنيعة ولا تشارك حكومة الإنقاذ جهة ما أو تدعمها بحرف إلا بعد أخذ الموافقة من الهيئة".

تواصل موقع "تلفزيون سوريا" مع عدد كبير من الناشطين والإعلاميين في إدلب وريف حلب معظمهم أكد تبعية الشركة لتحرير الشام، وقالوا إن "الشركة تحاول استقطاب العدد الأكبر من الناشطين والإعلاميين المحليين، وقد انضم إلى صفوفها بالفعل عدد كبير منهم، بعضهم من خريجي معاهد الإعلام الجدد، وآخرون اضطروا إلى العمل معها برغم معرفتهم بتبعيتها لتحرير الشام وذلك بسبب حاجتهم إلى العمل".

 

تدريبات التقديم التلفزيوني.jpg

 

وقال الصحفي محمد رشيد لموقع "تلفزيون سوريا" إن "مزاعم الشركة بخصوص استقلاليتها تبدو سخيفة، هل يمكن أن تعمل شركة بكل هذه الإمكانات وفي أكثر القطاعات حساسية بالنسبة لتحرير الشام بشكل مستقل، الشركة واجهة جديدة لتحرير الشام والتي ستروج لها بشكل غير مباشر محلياً وخارجياً، وذراعها التي ستعمل على التمدد إلى مناطق سيطرة الفصائل في ريف حلب".

بالنظر إلى الإمكانات المفترضة التي تتمتع بها شركة Creative Inception، وتنوع أنشطتها الإعلامية والإعلانية، وسعيها الواضح لبناء كوادر مختصة في مختلف مجالات العمل الصحفي، قد يؤسس لإطلاق محطة تلفزيونية تكون وسيلة أكثر تطوراً وأسرع انتشاراً للترويج لمشروع تحرير الشام بشكلها وأدائها الجديدين. الشركة تكرس أيضاً فكرة تفوق تحرير الشام على فصائل المعارضة في خلق نموذج إداري منظم يتحكم في جميع قطاعات العمل المدني.