icon
التغطية الحية

دان ستوينسكو: سوريا ما زالت تواجه الآثار السيئة المترتبة على كارثة الزلزال

2024.02.06 | 22:16 دمشق

ءؤر
دان ستوينيسكو رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

في الذكرى السنوية الأولى للزلزال المدمر الذي ضرب شمالي سوريا وجنوبي تركيا وخلف آلاف الضحايا، أجرى تلفزيون سوريا مقابلة خاصة مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا دان ستوينسكو، تحدث خلالها عن الأوضاع الإنسانية في سوريا بعد عام من الزلزال والدعم المقدم من قبل الاتحاد الأوروبي للمتضررين.

سيد دان، كيف تقيّم الأوضاع الإنسانية في سوريا بعد مرور عام على الزلزال المدمّر في شمالي سوريا وجنوبي تركيا؟

بعد مضي عام واحد على الزلزال المدمّر في سوريا وتركيا، ما زالت الظروف الإنسانية في سوريا سيئة للغاية. بسبب الزلازل، تفاقمت التحديات الإنسانية القائمة في سوريا التي عانت فعلياً من أكثر من اثني عشر عاماً من الصراع المسلّح وعدم الاستقرار الاجتماعي والانكماش الاقتصادي. عام 2024، كشفت التقييمات عن حاجة 16.7 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية في جميع أرجاء سوريا، مقارنة بـ 15.3 مليون عام 2023. ومن بين المحتاجين إلى مساعدة والبالغ عددهم 16.7 مليون يوجد 5.5 ملايين نازح. ومن بين 15.3 مليوناً، يعيش نحو 8.8 ملايين شخص في المناطق المتضرّرة من الزلزال.

ما زالت سوريا اليوم تواجه الآثار المترتبة على هذه الكارثة، في حين شهدت المؤشرات الاقتصادية انخفاضاً آخر. استمر ارتفاع التضخّم وتدهور العملة وزيادة أسعار السلع في زيادة تفاقم الوضع الإنساني في سوريا. أدى هذا أيضاً إلى زيادة الفقر، كما أثر التدهور الاقتصادي تأثيراً تراكمياً في متاحية الخدمات والتي تأثرت أساساً بالزلزال. أدّت الأزمة الاقتصادية أيضاً إلى زيادة كلفة الاستجابة الإنسانية.

ماذا قدّم الاتحاد الأوروبي للمتضرّرين من الزلزال بعد مرور عام على وقوعه؟

للاتحاد الأوروبي مكانة رائدة بين مانحي المساعدة الإنسانية للأشخاص المتأثرين بالزلزال والصراع في سوريا. بعد الزلزال، عقد الاتحاد الأوروبي مؤتمر المانحين في مارس/آذار 2023 لجمع تمويل المجتمع الدولي بغية دعم شعبي تركيا وسوريا، وتعهّد بمبلغ إجمالي قدره 7 مليارات يورو. في عام 2023 خصصت المفوضية الأوروبية 186.5 مليون يورو للمعونات الإنسانية لمساعدة ملايين الأشخاص داخل سوريا. في العام الماضي، زاد الاتحاد الأوروبي تمويله الإنساني للاستجابة للحالات الطارئة. ويشمل هذا الزلازل في فبراير/شباط 2023، والمياه والصرف الصحي والنظافة، والاحتياجات الصحية وانعدام الأمن الغذائي المتفاقم.

مثال: استجابة للزلازل، أجرى شركاء إنسانيون على الأرض عمليات البحث والإنقاذ، ووفروا الخيام والبطانيات ومستلزمات النظافة والطهي وغيرها من الأدوات المنزلية الأساسية للذين فقدوا مساكنهم وزوّدوا المرافق الصحية بالأدوية. بعد مضي يومين على زلزال 6 شباط، قام الاتحاد الأوروبي بتفعيل القدرة الأوروبية للاستجابة الإنسانية (EHRC) لتوفير الإغاثة السريعة للأشخاص المتأثرين بالزلزال في سوريا. تم تحريك مخزونات الاتحاد الأوروبي لإيصال الإمدادات الطارئة إلى جميع أرجاء سوريا.

بالإضافة إلى ذلك، تم تفعيل آلية الاتحاد الأوروبي للحماية المدنية استجابة للزلزال في فبراير/شباط، وقد قامت 15 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ودولة واحدة مشاركة بإيصال الأدوات الإغاثية بما في ذلك البطانيات والأسرّة الميدانية والخيام والمدافئ ومولّدات الطاقة الكهربائية والمستلزمات الطبية ووحدات الرعاية الصحية وغيرها. تمّ تصميم العمليات لضمان وصول المساعدة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة وغير الواقعة تحت سيطرتها، مع مركز في بيروت للشحنات إلى دمشق وآخر في غازي عنتاب للشحنات إلى شمال غربي سوريا.

علاوة على ذلك عقب الزلزال، التزم الاتحاد الأوروبي بتأمين 10 ملايين يورو تقريباً لتوفير الدعم لاحتياجات الأمن البشري ومتطلبات الصمود بعد الزلزال، وخاصة للأطفال والشباب ومقدّمي الرعاية المتأثرين بالصدمة. تهدف هذه المشاريع والمداخلات من قبل المنظمات المحلية إلى التركيز على إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير مساحات أكثر أماناً حيث يمكن للأفراد المستضعفين الوصول إلى الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والعافية وسبل العيش. كما تهدف إلى زيادة قدرة الفاعلين المحليين ومقدّمي الاستجابة الأولى على التعامل مع التخطيط والاستجابة للكوارث على نحو مراعٍ للمجتمعات وحسّاس للصراع، بالإضافة إلى التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي.

مثال: تقوم Solidarités International بتنفيذ مشروع لإعادة تأهيل المرافق التعليمية والصحية المتضرّرة من الزلزال. الهدف هو تعزيز الوصول إلى الخدمات التعليمية والصحية في شمال غربي سوريا عقب الزلازل من خلال دعم استعادة النظم التعليمية والصحية في شمال غربي سوريا. حسّن المشروع متاحية التعليم لنحو 8000 طالب و 300 إداري مدارس وكذلك الخدمات الصحية لنحو 90000 فرد.

مثال: تنفذ War Child Holland مشروعاً يعزز أنظمة حماية الأطفال والوعي، وزيادة قدرة الفاعلين المحليين، وتوفير التعليم الجيد والآمن، وتقديم خدمات الحماية الخاصة بالأطفال والدعم النفسي الاجتماعي. يستهدف 10860 طفلاً وشاباً و 1975 بالغاً من بين النازحين داخلياً والعائدين وسكان المجتمعات المضيفة المتأثرين بالزلزال في حلب وإدلب. إلى الآن، أعاد تأهيل 4 مدارس وقدّم التعليم التعويضي لـ 1903 أطفال ووصل إلى 3885 طفلاً من خلال حملة العودة إلى التعلّم.

مثال: في سبتمبر/أيلول 2023، أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم تمويل يزيد على 4 ملايين يورو لـلخوذ البيضاء، وهي منظمة رئيسية للدفاع المدني في سوريا، مع التركيز على معالجة التحدّيات التي تواجه المجتمعات المتضررة في حلب وإدلب. يهدف المشروع إلى تعزيز متطلبات صمود المجتمعات من خلال تحسين إدارة الأنقاض والبنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي للمجتمعات المحلية، وتحسين استعداد المجتمع للتخطيط والاستجابة للكوارث. سيقدّم المشروع دعماً للنساء من خلال توفير مُتاحية الخدمات النفسية والاجتماعية، وتخفيف آثار الزلزال النفسية والجسدية طويلة الأمد، كما سيحسّن الظروف الآمنة للأطفال في المدارس وزيادة وعيهم إزاء طرق التكيّف والإعداد المجتمعي.

مثال خاص بالخوذ البيضاء: على سبيل المثال، ميشيل مواس أحد المستفيدين من الخوذ البيضاء، يقطن بقرية القنية في الريف الغربي لإدلب، وتمّت إعادة بناء منزله وترميمه بعد أن دمّره الزلزال. أخبرنا ميشيل عن أهمية منزله الكبيرة، حيث نشأ وعاش معظم سني حياته، إنه إرث قيّم آل إليه من أجداده ووالده. لم تمكّنه إزالة الأنقاض من إعادة تعمير منزله وحسب، بل شملت أيضاً جهود التعاون مع فرق فرز الأحجار الأثرية للهيكل المنهار، وعمر بعض هذه الأحجار مئات السنين. بعد أشهر من العمل الدؤوب، انتهى ترميم منزل ميشيل بنجاح، محافظاً على سماته الأصلية، ويخالجه شعور عميق بالفخر والارتباط بتراثه.

وأخيراً، اعتمد الاتحاد الأوروبي أيضاً في الجزء الثاني من عام 2023 حزمة مساعدات غير إنسانية بقيمة 57 مليون يورو للشعب السوري. ستركز هذه الحزمة أيضاً على دعم المناطق المتضررة من الزلزال. وسيكون لها ميزانية أكبر مقارنة بحزمة 2022 (46 مليون يورو في عام 2022). ما يعني أن استجابة الاتحاد الأوروبي للزلزال مستمرة.

مثال: بتمويل من الحزمة، يعتزم الاتحاد الأوروبي الشراكة في عام 2024 مع المنظمات المدنية المحلية والدولية: لتشجيع أطفال المناطق المتضرّرة من الزلزال على إعادة الاندماج، أو البقاء في مدارسهم، ولتزويد المزارعين في هذه المناطق بالمُدخلات والبنى التحتية والمعدّات لزيادة إنتاجهم وتقوية قدراتهم في مجال معالجة المنتجات الزراعية، ولتحسين مُتاحية الخدمات الصحية والأدوية الأساسية.

أنتم داعمون رئيسيون لكثير من المنظمات السورية. ألديكم أية خطط لمعالجة تداعيات الوضع الإنساني في سوريا؟

بعد مضي ثلاثة عشر عاماً على الصراع، يعيد الاتحاد الأوروبي تأكيد التزامه بالشعب السوري. تستمر سوريا في شغل مركز الأولوية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. يبقى الاتحاد الأوروبي على قناعته بأن المسار الوحيد لتحقيق السلام المستدام في سوريا هو حلّ سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254. يلتزم الاتحاد الأوروبي بحزم بهذا الهدف، ويدعم الجهود المستمرة للمبعوث الخاص للأمم المتحدة بيدرسن للتقدّم في جميع جوانب قرار مجلس الأمن 2254. قام الاتحاد الأوروبي بحشد أدواته السياسية بينما يقدم المساعدة الإنسانية وغير الإنسانية لدعم السوريين وتسليط الضوء باستمرار على سوريا، خاصةً مع التصاعد الحالي للصراعات والأزمات في جميع أرجاء العالم.

سيبقى تركيز الاتحاد الأوروبي في سوريا منصبّاً على الأمور التالية:

  • الدفع نحو وضع حدّ للحرب من خلال انتقال سياسي حقيقي، وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254، برعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، بيدرسن، وبدعم من جهات فاعلة دولية وإقليمية رئيسية. يشمل هذا أيضاً دعمنا لجهود المبعوث الخاص في مقاربته، خطوة مقابل خطوة، في تعزيز العملية السياسية واستئناف عمل اللجنة الدستورية في وقت مبكر.
  • التعامل مع الاحتياجات الإنسانية الملحّة للسوريين الأكثر ضعفاً في جميع أرجاء البلاد.
  • تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي من خلال تعزيز منظمات المجتمع المدني السورية.
  • تعزيز المساءلة عن جرائم الحرب بهدف تيسير عملية المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.
  • دعم متطلبات صمود السكان والمجتمع السوري.

كثير من المنظمات الدولية أوقفت أو خفّضت مساعدات سوريا. كيف يقرأ الاتحاد الأوروبي هذا الأمر؟

يُعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه بشأن تخفيض المانحين مساهماتهم في عملياتهم داخل سوريا في ظلّ التحديات العالمية والاحتياجات الإنسانية المتزايدة. لم يقلّص الاتحاد الأوروبي تمويله في سوريا ولن تنخفض المساعدات الإنسانية في عام 2024. في الواقع، منذ بدء الصراع، كان التمويل مستقراً تتخلّله مؤشرات ارتفاع طفيفة. زادت مساهماتنا في عمليات الأمن الغذائي بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي خلال السنوات الثلاث الماضية. جمع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أكثر من 30 مليار يورو منذ عام 2011، ويبقى ملتزماً بالشعب السوري كأكبر مزوّد للمساعدة للشعب السوري.

هل سيمدّد الاتحاد الأوروبي إعفاء النظام السوري من العقوبات فيما يتعلق بالاستثناء الصادر بعد الزلزال المدمّر؟

تمّ العمل بنظام العقوبات الأوروبي في عام 2011 ردّاً على القمع العنيف للسكان السوريين من قبل النظام السوري. تستهدف العقوبات الأوروبية المفروضة بشأن سوريا النظام وداعميه، بالإضافة إلى قطاعات الاقتصاد التي كان النظام يتربّح منها. لا تهدف العقوبات الأوروبية المفروضة بشأن سوريا إلى عرقلة توفير المساعدة الإنسانية لأي جزء من القطر.

لا يحظر نظام العقوبات تصدير الأغذية أو الأدوية أو المعدّات الطبية من قبل الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، ولا يستهدف نظام الرعاية الصحية في سوريا. يتضمّن نظام العقوبات استثناءات إنسانية واسعة النطاق لضمان توفير المساعدة الإنسانية لأي جزء من القطر. بعد الزلزال المأساوي في 6 شباط 2023، تمّ تعزيز الاستثناءات الإنسانية الموجودة أساساً لزيادة تسهيل إيصال المساعدة الإنسانية إلى السوريين على نحو سريع.

تمّ تطبيق التعديل لمدة ستة أشهر. مع هذا التعديل، أعفى الاتحاد الأوروبي المنظمات الإنسانية من الحاجة إلى استصدار إذن مسبق من السلطات المختصة الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي لإجراء التحويلات أو تقديم السلع والخدمات المخصصة للأغراض الإنسانية للأشخاص والكيانات المدرجة. عقب ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي تمديد مدة هذا الاستثناء الإنساني إلى 1 حزيران 2024 من أجل الاستمرار في الاستجابة في الوقت المناسب للأزمة الإنسانية في سوريا، ومواصلة تسهيل التسليم السريع للمعونات.

حشد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أكثر من 30 مليار يورو منذ عام 2011، وظلّ أكبر مزوّد للمساعدات الدولية ومساعدات ترسيخ الاستقرار ومتطلبات الصمود داخل سوريا وفي الدول المجاورة. منذ عام 2017، يستضيف الاتحاد الأوروبي مؤتمر بروكسل السنوي لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، للحفاظ على سوريا على أعلى الأجندة السياسية الدولية، وجمع التعهدات لمساعدة المحتاجين والحوار مع المجتمع المدني السوري. تستمر سوريا في كونها أولوية كبرى بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. بعد أكثر من عقد من الزمن، ما زال الصراع بعيداً عن الانتهاء ويبقى مصدراً للمعاناة وعدم الاستقرار للشعب السوري والمنطقة. يؤكد الاتحاد الأوروبي أن المسار الوحيد لتحقيق السلام المستدام في سوريا هو حلّ سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254.