خطة من أجل انتخابات في مناطق المعارضة

2020.07.22 | 00:14 دمشق

257587.jpeg
+A
حجم الخط
-A

استكمالاً للحديث السابق حول انتخابات الائتلاف الوطني، وما استتبعها من حدثي انتخابات مجلس الشعب في مناطق سيطرة النظام"، والبرلمان السوري الافتراضي أو الموازي، فإن التفاعل الواسع مع هذه الأحداث الانتخابية، يؤكد توق السوريين إلى تجربة انتخابية حرة ونزيهة، يعبرون من خلالها عن إرادتهم الحقيقية، وتفرز لهم ممثليهم.

اللافت أنه وبينما لا يقبل النظام بأي تأجيل للانتخابات التي ينظمها، رغم اعتراض الجميع عليها وسخريتهم منها، بما في ذلك المؤيدون وحلفاء النظام الروس، وبالرغم أيضاً من الظروف الصحية في ظل انتشار وباء كورونا، والظروف الأمنية غير المستقرة، فإن الائتلاف الوطني بالمقابل يصر، ومعه جميع المكونات السياسية التي يتشكل منها، على استحالة إجراء انتخابات في مناطق سيطرة المعارضة!

اللافت أكثر أن هذه الذريعة جعلت حتى المجالس المحلية في هذه المناطق تهمل تماماً إمكانية إجراء الانتخابات من أجل اختيار أعضائها، رغم الاستقرار النسبي الكبير الذي تعيشه المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني وحليفته تركيا.

والواقع أن إمكانية إجراء انتخابات لاختيار ممثلي السكان في المجالس المحلية، وكذلك لاختيار ممثلي المناطق المحررة والشعب السوري النازح والمهجر في مؤسسة المعارضة الأولى (الائتلاف) تبدو ممكنة جداً، على عكس الادعاءات أو التقديرات التي تقول بعكس ذلك.

ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، يحتاج الأمر إلى بعض الإجراءات الأمنية واللوجستية، بالإضافة إلى إحصاء مسبق للسكان في كل تجمع، وتحديد من يحق له الترشح والانتخاب، وهذه متطلبات من السهل توفيرها في النهاية.

يمكن للائتلاف الوطني أن يقود هذه التجربة التي ستسجل له، بدل تكريس حالة المداورة القائمة داخله وأبدية أعضائه، الأمر الذي جعل كثيرين يقارنون بين انتخابات الائتلاف وانتخابات النظام، وهو أمر مؤسف ومستفز بلا شك.

يستطيع الائتلاف الوطني أن يضع خطة ومشروع عمل من أجل إطلاق الانتخابات في الداخل أولاً، لتشمل المناطق المحررة ومخيمات النازحين، ثم ينتقل إلى دول الجوار التي تسمح بإجراء هذه الانتخابات، وفي مقدمتها تركيا بطبيعة الحال، ولاحقاً أو في الوقت نفسه أوروبا، حيث يوجد عدد كبير من السوريين المعارضين الذين يتوقون بالفعل لتحقيق إحدى أهم أمنياتهم، وهي المشاركة بانتخابات سياسية حقيقية.

إن الفائدة الكبرى التي يمكن أن يجنيها الائتلاف الوطني في حال تنفيذ هذه التجربة، ليست فقط بدخوله التاريخ الوطني الحديث كقائد للتحول الديمقراطي المنشود، بل وباستعادته الشرعية الشعبية التي افتقدها بمرور الوقت حتى باتت تكاد غير موجودة حالياً.

لقد أكدت تجربة انتخابات البرلمان السوري الافتراضي التي جرت على وسائل التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع انتخابات مجلس الشعب التي أجراها النظام يوم الاثنين، توق السوريين وتعطشهم لممارسة هذا الحق الذي حرموا منه على يد النظام طيلة خمسين عاماً، ورغم ما رافق هذه الانتخابات الافتراضية من حساسيات وما أدت إليه من انقسامات، إلا أن كل ما سبق أكد حقيقة واحدة، هي استعداد السوري للانخراط في أي تجربة انتخابية.

يعيش في مناطق سيطرة المعارضة نحو ٦ ملايين مقيم ونازح، وفي تركيا نحو مليونين ونصف، بالإضافة إلى عدد مماثل في أوروبا، وهذا رقم كبير جداً، ولعلنا لا نكون مبالغين إن توقعنا أن نسبة المشاركة بينهم في أي انتخابات تجريها المعارضة لن تقل عن الثمانين بالمئة، وهي نسبة ستكون وحدها كافية من أجل تعزيز شريعة المجالس المحلية والائتلاف والحكومة المؤقتة، التي تعاني اليوم على هذا الصعيد كما هو معلوم.